شركات تقيم موظفيها عن طريق باحثين يرصدون أخطاءهم بـ«كاميرا خفية»

يتم وضعها في النظارة والقميص.. ومصادر قانونية تعتبر ذلك تعديا على الحقوق الشخصية

عينة من أحد الأجهزة التي تستخدم في التسجيل («الشرق الأوسط»)
TT

يواجه موظفو الشركات الكبرى في السعودية طرقا حديثة لتقييم أداء عملهم، وقياس مستوى رضا العميل عنهم، وذلك من خلال ممثلين متخفين في صورة عملية أو ما يطلق عليه في شركات البحث «المستكشف الخفي»، وذلك بإعداد تقارير مصورة ومسجلة عبر كاميرا خفية في عدة مواقع كالنظارة، والقميص، والساعة.

وفي حين اعتبرت مصادر قانونية هذا الإجراء تعديا على الحرية الشخصية، وأن التصوير أو التسجيل من دون إذن مخالفة قانونية صريحة، ذهب مسؤول في غرفة جدة إلى أن المستكشف الخفي أحد الطرق المستقلة التي تعطي تصورا واضحا لصناع القرار بالمنشآت الخاصة أو الحكومية بأماكن الخلل في تقديم الخدمة.

ورغم أن طريقة عمل «المستكشف الخفي»، كما تطلق عليه شركات الموارد البشرية، ليست بالجديدة في السعودية، فقد سبق أن قام الكثير من الشركات والجهات الحكومية بالتعاقد مع شركات الاستشارات، حيث كان يقتصر عملها على كشف أسباب الخلل في الفروع والمقرات الموزعة للشركات الكبرى، من خلال مؤشرات يتم تحديدها كالتسويق وسرعة إنجاز الخدمة، إلا أن التوسع في القطاع الخاص والتنافس فيما بينهم، بالاهتمام بمؤشرات إضافية تهتم رضا العميل بالدرجة الأولى، الأمر الذي دعا مكاتب الاستشارات الاستعانة بكاميرا وتسجيل صوتي مخفي لتسهيل التوثيق والرجوع إلية لكثرة قياس وعناصر مؤشرات التقييم، والتي تصل إلى 30 مؤشرا.

دافع الخبراء الإداريون عن عمليات التصوير والتسجيل وأن ذلك نوع من التوثيق، وإعطاء صورة للمختص لكتابة تقريره للمنشأة مع تقديم الدليل لعمليات التقييم.

وأوضح الدكتور محمد فداء محمد بهجت، المستشار وعضو لجنة المكاتب الاستشارية، لـ«الشرق الأوسط»، أن قياس كفاءة العاملين في أي منشأة يمثل إحدى الوظائف الرئيسية، التي يجب أن يقوم بها مديرو شؤون الموظفين، بالتنسيق والتعاون مع مديري الإدارات الأخرى بالمنشأة، التي تؤدي بدورها إلى تحقيق الرضا التام بين العاملين، واستقرارهم النفسي، وثقتهم الكاملة بالإدارة، وولائهم لها وحرصهم على تحقيق أهدافها، ويعتبر مساندة مراكز البحوث والمكاتب الاستشارية المتخصصة في إعداد دراسات ميدانية أحد الحلول الجيدة في تقييم والموظفين الذين يعتبرون الخط الإنتاجي الأول في أي شركة، وقد تلجأ المنشآت إلى هذا الأمر عند وجود اختلاف في فروعها، وانخفاض ملحوظ في مبيعات وإنتاجية الموظفين في أعمالهم.

وأضاف «أكثر ما تهتم به المنشآت الخاصة التي ترغب في التوسع والانتشار هو قياس مدى رضا العميل عن الخدمة المقدمة من قبل عامليها، وخاصة الموظفين في العاملين في خدمة العملاء، وخدمة الهاتف، وغيرها من المهن التي تعرف بخدمات الجمهور».

ودافع بهجت عن تسجيل وتصوير الموظفين من قبل الباحثين الميدانيين من قبل شركات الاستشارات، بأن هذا الأمر نوع من التوثيق ويسهل على الباحث الرجوع للتسجيل، حيث يتعذر على المستكشف أو الباحث كتابة ورصد الملاحظات عند مقابلة الموظفين على اعتبار أن الأمر يتم بطرق سرية وتمثيل لصورة عميل أو زبون للمنشأة.

وتلجأ الشركات الخاصة وبعض الجهات الحكومية إلى التعاقد مع شركات الاستشارات ومراكز التدريب لإعداد زيارات ميدانية لشركاتها في صورة عميل، بعد أن يتم وضع بيانات وهمية للعميل المتخفي، لتسهيل عملية الزيارة وكانت تتم عملية التقييم، في البداية على تقييم الخدمة المقدمة، ورصد مواقع الضعف لدى الموظفين من الجانب الإداري والسلوكي، ومع الإقبال وحرص الشركات على المنافسة والتمييز في الخدمة للعملاء، خلق مؤشرات جديدة في عملية التقييم للموظفين، لتتم الاستعانة بكاميرات وأجهزة تسجيل صوتي يتم رصد الزيارة بالتاريخ والوقت، ويمكن الاستعانة بهذا التوثيق للمنشأة في عمليات الترقية والحوافز.

وفي حين يتم جلب هذه التجهيزات من خارج البلاد في الغالب عن طريق شركات متخصصة في هذه الكاميرات والعدسات، وخاصة عبر المواقع الإنترنت التي باتت تعرض مختلف أنواع الكاميرات المطورة والصغيرة التي يمكن استخدامها في مثل هذه التسجيلات والتصوير، إذ يشير أحد العاملين في الشركات المتخصصة في الموارد البشرية، والذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن شركتهم لا تستخدم هذه الطريقة، إلا أنه اعتبر أن الحصول على هذا النوع من الكاميرات الدقيقة سهل جدا في ظل وجود الأسواق المفتوحة عبر الإنترنت.

إلى ذلك، قدر الدكتور سمير محمد حسين، عضو لجنة الموارد البشرية في غرفة جدة، نسبة احتياج الموظفين العاملين في المهن المتعلقة بخدمات الجمهور بالتدريب بـ60 في المائة، وأن غالبية الموظفين يتم زجهم في تلك المهن من دون خضوعهم لدورات سلوكية أو مهنية.

وقال الدكتور سمير لـ«الشرق الأوسط»، إن «المستكشف الخفي أحد الطرق المستقلة التي تعطي تصورا واضحا لصناع القرار بالمنشآت الخاصة أو الحكومية بأماكن الخلل في تقديم الخدمة، كسرعة إنجاز الخدمة، والتميز في الخدمة والتعامل الحسن مع العميل، ومدى تأثر ذلك في الربحية، ويمكن قياس الخدمة مع الخدمات المقدمة للمنافسين».

وأضاف «ليس على الشركات عذر في ذلك، فصندوق الموارد البشرية يقدم دعما وحوافز مجزية للشركات التي تدرب موظفيها، تصل نسبها إلى 75 في المائة، وهو أمر سينعكس في النهاية على أداء الشركة ورضاء الجمهور والعميل».

وأشار سمير حسين، والذي أشرف على الكثير من الدراسات الميدانية لهذا النوع بالقطاع الخاص والحكومي، إلى أن زيارة الموظف تتم عن طريق مختصين بالموارد البشرية، وخدمة البيع المباشر للجمهور، في الغالب يتراوح عددهم ما بين 40 و60 موظفا، يقومون بزيارات متكررة للفروع والمراكز الرئيسية للشركات والمؤسسات الخاصة.

ويقدم صندوق الموارد البشرية دعما للمنشآت الخاصة، ودعما للقطاع الخاص من حيث تحمل جزء من دفع رسوم مؤسسات التدريب، ومكافآت للمتدربين، حيث يتم تدريبهم على رأس العمل في المنشأة لاكتساب المهارة اللازمة، ويتم اختيار المهنة للمتدرب بعد إجراء اختبارات الميول وللمنشأة الحق في توظيفه لديها أو العمل لدى غيرها، ويقوم الصندوق بصرف مكافأة قدرها 1500ريال للمتدرب ومبلغ 500 ريال للمنشأة التي تقوم بالتدريب، أجور تدريب.

من جهة أخرى، اعتبر المحامي عبد العزيز صالح النقلي، عضو لجنة المحامين في غرفة جدة، تصوير الموظفين وتسجيلهم تعديا على الحريات الشخصية، وأن ذلك مخالف ولا يمكن الأخذ بتلك الدراسات في عملية التقييم والترقيات لأن ذلك لا يعتبر من وسائل الإثبات.

وأضاف «ليس من حق المنشآت التصوير إلا بالحصول على إذن رسمي من الجهات المختصة، التي تشرع عمليات التصوير ووضع كاميرات للمراكز التجارية والبنوك، وهذا الأمر يكون في العلن عبر أماكن محددة وتشرف عليها شركات أمنية متخصصة، وليست كاميرات مخفية بغرض التصوير الشخصي».

وأضاف أن «التصوير المخفي قد يسوء استخدامه عند تداوله، وقد يكون الموظف الذي تتم الاستعانة به في عمليات التصوير غير مؤهل للجانب المهني ولا السلوكي، وقد تتم فبركته أو حتى وضعه في مواقع الإنترنت للتسلية».