رسائل الجوال الإعلانية تستغل تحديثات الشبكات الاجتماعية في نشر شائعات

«تويتر» و«فيس بوك» من أهم المصادر لخدماتها التفاعلية

TT

في عصر السرعة، من الطبيعي أن تصل الأخبار فور انبعاث أول شرارة تشعلها، عن طريق وسائط كثيرة من خلال الشبكات الاجتماعية، فمن الصور والفيديو داخل الحدث، إلى الأخبار العاجلة من خلال الـ«هاش تاغ» في «تويتر» ومجموعات «فيس بوك» وبرودكاست الـ«بلاك بيري»، فأصبحت تغطية بعض الأحداث مستنقعا يغذي الشائعات ومصادر الأخبار غير الموثقة، التي تنشر من خلال أرقام غير معروفة، على الجوالات كرسائل دعائية تهدف لتسويق الاشتراك بخدمات تفاعلية ليس لها مصدر موثوق لنشرها.

ظاهرة الرسائل الإعلانية للخدمات التفاعلية حديثة نسبيا، وفقا للنقلة الكبيرة في تسارع نشر الأخبار من خلال مصادرها من ملفات بعض المشاركين في الشبكات الاجتماعية إلى إرسالها على الأجهزة المحمولة والجوال؛ فالحدث الذي قديما كان ينتظر العامة صدوره بعد ساعات أصبح يصل على الجوال خلال دقائق من خلال انتشار مصادر الإعلام التفاعلي الحديث.

محمود الدميري، صحافي ومسؤول تحرير في خدمة «سعودي»، قال لـ«الشرق الأوسط» إن المواطن يشارك في العملية الصحافية، كما حدث في الثورة المصرية والعربية عموما؛ حيث يجد أن «تويتر» و«فيس بوك» كانا وسيلة فعالة جدا لنقل الأحداث من خلال خدمات الجوال التفاعلية التي هي أحد فروع الإعلام الحديث الذي أصبح كما لو كان وكالة أنباء يعمل بها جميع الناس؛ حيث أصبح الشخص ينقل الخبر أسرع من الإعلام المقروء. يؤيده في ذلك عضوان الأحمري، الكاتب الصحافي بجريدة «الوطن»؛ حيث يذكر، على خلفية مشاركاته في الشبكات الاجتماعية: «(تويتر) أصبح في الفترة الحالية مصدر أخبار، لكن هل هذه الأخبار صحيحة؟ قد يكون نعم وقد يكون لا، يبقى التأكد مسؤولية الشخص نفسه ويجب ألا ينشر ما يقرأه إلا بعد تأكده منه».

نشر الأخبار خلال وقت قصير وبتقنية حديثة هو سلاح ذو حدين؛ فهو وسيلة جيدة وسريعة للنشر، لكنها قد تعرض أصحابها لمخاطر نشر الشائعات والأخبار المكذوبة أو التي لا تحمل أدنى معايير المصداقية في نشر الخبر وعرضه، فكما يذكر عضوان: «الآن هناك ثورة معلوماتية وتقنية، ولم يعد أحد يستطيع السيطرة على مصادر الأخبار أيا ما كانت، فهناك ما يشبه حرب المصطلحات حاليا بين الإعلام (الجديد) والإعلام (التقليدي)، وأنا أرفض هذا المصطلح لسبب واحد، أن الإعلام (التقليدي)، مثل القنوات والصحف إن صحت التسمية، أصبحت لديه وسائط متعددة تجعله جزءا من الإعلام الجديد، بل تجعله مصدرا إخباريا مهما وموثوقا».

ويرى الدميري أنه لا يجد ما يمنع من نقل الأخبار إلى خدمات الجوالات، ما دام هناك فصل بين العام والخاص، أي الخبر نفسه ورأي ناشر الخبر؛ حيث تغيب المهنية كثيرا عند عرض بعض الأخبار بطريقة تفتقر إلى ميثاق الشرف الإعلامي وما يتطلبه من رقابة على نشر الأخبار بعيدا عن الشائعات والأكاذيب.

أضحت مؤخرا مثل هذه الرسائل الإعلانية مصدرا للإزعاج بالنسبة للأشخاص، كونها ترسل على الرقم من 5 - 10 رسائل يوميا، وتدعو للاشتراكات بخدماتها المتنوعة، بمقابل مادي يصل إلى 12 ريالا سعوديا شهريا للاشتراك بالخدمة الواحدة، وبعضها يفتقر إلى الدقة والمصداقية، فبعيدا عن رسائل الأخبار نجدها قد تفرغ محتوى دينيا غير دقيق المصدر، ومعلومات طبية وغذائية ليس لها بحث علمي مصدق تستند إليه.

وقد يواجه المشترك فيها خطورة عدم وجود طرق لإلغائها بعد التفعيل، وعلى غير المشترك عدم مقدرته على السيطرة على تكاثرها في صندوق الوارد من الرسائل، الذي يمتلئ بقدر كبير منها، دون أن تكون عليها رقابة من جهة رسمية بعد إصدارها لترخيص من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وبعضها يكون غير مرخص له فيستخدم وسائل إرسال الرسائل القصيرة من خلال قاعدة بيانات من مواقع إرسال الرسائل القصيرة المجانية، التي لا تكلف أصحابها إلا رسوما رمزية تدفع في كل سنة.

استغلال نشر الأخبار والمعلومات الطبية والدينية وغيرها لتحقيق المكاسب انتقل إلى ما هو أكثر إثارة للجدل وهو استغلال خاصية «ريتويت» أو إعادة نشر التغريدات في شبكة المغرد «تويتر»، فقد قام أصحاب تلك الجوالات باستخدام التحديثات الدورية بنسخها وإعادة نشرها بمقابل على الجوالات المشتركة بالخدمة، وكذلك تخصيص بعض الاشتراكات في الخدمات التفاعلية بنشر الوسائط المرئية من صور وفيديو مجانية المشاهدة من شبكتي «يوتيوب» و«فيس بوك»، بمقابل شهري.

يذكر الدميري، معقبا على هذه الخدمات: «كما أن هنالك صحافة صفراء فهناك خدمات تفاعلية على الجوال هدفها الإثارة وتجميع أكبر عدد من المشتركين دون أن تكون عليها رقابة من جهات رسمية في السعودية، ولعل ما أصدره وزير الثقافة والإعلام من ضوابط للنشر الإلكتروني قد جعل المواقع الإخبارية المنتشرة على صفحات الشبكات الاجتماعية تتفادى الوقوع في الأخطاء السابقة من عدم التأكد من المصادر أو كتابة الخبر بطريقة غير مهنية، وعلى ذلك فيجب حتى على مرسلي هذه الخدمات بعد أخذ تراخيصهم أن يخضعوا لرقابة وزارة الإعلام تفاديا لنشر الشائعات والبعد عن إثارة البلبلة في المجتمع».

وبالعودة إلى الأحمري، نجده يقول: «بالنسبة للخدمات التفاعلية التي تستغل ما يكتب في (تويتر) و(فيس بوك) لنشره على جوالات أخرى قد لا يكون أصحابها مستخدمين للشبكات الاجتماعية فأعتقد أنه خطر جدا، إذا كانت إعادة النشر مرتبطة بالأخبار، والسبب هو أنه لم يتم التأكد من صحتها، إن أرادت هذه الجوالات إعادة نشر الشعر والخواطر وسجالات الإعلاميين والمثقفين والحقوقيين وغيرهم كان بها، أما أن تصبح ناقلة لخبر كتبه فلان من الناس قد يثبت بعد ساعات عدم صحته فهنا الكارثة. وأعتقد أن ما تقوم به هذه الجوالات أيضا مخالف لحقوق الملكية الفكرية بأنها تقوم بالربح والمتاجرة بناء على ما كتبه الآخرون دون إذن مسبق منهم».