«السياحة والآثار» تستعيد 14 ألف قطعة أثرية نقلت إلى الخارج بطرق غير نظامية

ستتم المشاركة بها في مهرجان الجنادرية للعام القادم

يسدل الستار يوم غد عن فعاليات مهرجان «جدة غير 32» الصيفي بعد أن استمر لمدة 70 يوما متواصلة
TT

كشفت الهيئة العامة للسياحة والآثار أمس عن استعادتها مؤخرا لنحو 14 ألف قطعة أثرية من خارج السعودية، وذلك من خلال اللجنة الدائمة لاستعادة الآثار الوطنية التابعة للهيئة، لافتة إلى أن تلك القطع كانت قد نقلت من المملكة بطرق غير نظامية، من بينها قطع تم إخراجها بواسطة فرق وأفراد عملوا سابقا في السعودية، وأخرى مضى على اختفائها أكثر من 50 عاما.

وأعلنت عن تسلمها لما يقارب 523 كسرة فخارية مختلفة في الأحجام والأشكال تمت استعادتها من بريطانيا، تعود إلى موقع قرية الأثري في تبوك، تم نقلها إلى الخارج من أجل الدراسة عقب أعمال مسح شهدها الموقع عام 1968.

وأوضحت الهيئة العامة للسياحة والآثار أن هذه القطع تتضمن كسرا من الفخار لأجزاء من أبدان وفوهات وقواعد مختلفة الأحجام والأشكال من نوع الفخار المديني المزخرف بالحزوز والألوان، مشيرة إلى أن تسلّمها جاء في الوقت الذي تواصل فيه الهيئة مراحل التحضير لمعرض الآثار الوطنية المستعادة ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) للعام القادم.

جاء ذلك بالتزامن مع تقرير صادر عن المجلس الدولي للسياحة والسفر ذكر أن التوقعات المبدئية تشير إلى احتمالية بلوغ حجم العائد الإجمالي للسياحة في السعودية نحو 6 مليارات ريال، متوقعا في الوقت نفسه احتلال المملكة للمرتبة الـ23 عالميا من حيث الناتج المحلي للاقتصاد والسياحة بحلول عام 2019.

إلى ذلك، تشهد يوم غد مدينة جدة إسدال الستار على فعاليات مهرجانها الصيفي «جدة غير 32»، الذي تضمن أشكالا كثيرة من التنويع والتغيير في فعالياته عن النمط المتخذ في سنوات المهرجان الماضية طيلة 70 يوما جعلت منه أطول فعاليات مهرجان سياحي على مستوى الشرق الأوسط.

مهرجان «جدة غير» في دورته الثانية والثلاثين الذي انطلق منذ نحو ثلاثة أشهر، انتشرت فعالياته البالغ عددها 100 فعالية في أنحاء مختلفة من عروس البحر بتعاون ما يزيد عن 50 جهة حكومية، من ضمنها الغرفة التجارية الصناعية في جدة والهيئة العامة للسياحة والآثار وأمانة محافظة جدة والرعاة والمشاركون في تقديم أكثر من 200 فعالية رئيسية وثانوية فيه.

وأبان الأمير عبد الله بن سعود بن محمد رئيس اللجنة السياحية التابعة للغرفة التجارية الصناعية في جدة بأن عدد زوار مهرجان جدة الصيفي تخطى حاجز الـ4 ملايين سائح من داخل وخارج السعودية، الأمر الذي أعطى لهذا الحدث بُعدا لصناعة السياحة في المملكة، مبينا أن وتيرة المهرجان سارت وفق التطلعات والآمال في التعبير عن السياحة الداخلية وما تتسم به من مميزات جعلتها ذات مورد تنموي استثماري وطني.

وأضاف: «شهد مهرجان (جدة غير 32) خلال فعالياته حركة سياحية نشطة في مناطق ومواقع مختلف من جدة سواء في الأسواق أو المتنزهات أو المدن الترفيهية بشكل يؤكد تصدر القطاع السياحي في منطقة مكة المكرمة مقارنة ببقية مناطق السعودية»، لافتا إلى أن منطقة مكة المكرمة تشهد إقبالا متزايدا عاما بعد عام لتسجل بذلك أعلى نسبة من الزوار خلال صيف جدة لهذا العام.

وأكد على حضور الهيئة العامة للسياحة والآثار الذي وصفه بـ«المشرّف»، والذي أسهم في تزيين ثوب العروس منذ انطلاقة المهرجان وحتى وصوله إلى المرحلة الأخيرة المتمثلة في احتفالات العيد، مما جعل جدة تظهر بأنصع الألوان وأبهى الحلل إلى جانب تضافر بقية جهود ومساعي الجهات الأخرى المشاركة في هذه التظاهرة السياحية.

واستطرد في القول: «حقق المهرجان هذا العالم الشهرة والرسوخ على مستوى الأحداث السياحية في المنطقة منذ انطلاقته قبل نحو 12 عاما وتربعه على عرش الفعاليات السياحية في السعودية، وذلك بهوية وطنية عالمية انطلقت من جدة لتصبح واجهة سياحية عالمية».

واعتبر رئيس اللجنة السياحية في الغرفة التجارية الصناعية بجدة مشاركة الجهات المختلفة في المهرجان وتكتف جهودها والارتقاء بمستويات الأداء التنظيمي والتشغيلي له، نقلة نوعية متميزة في الحراك السياحي والترفيهي بالمملكة، مع مراعاة التنويع في تقديم وتنظيم الفعاليات والبرامج المصاحبة له التي كانت متوافقة ومكملة لأهداف وبرامج الخطط الاستراتيجية لمنطقة مكة المكرمة ومحافظة جدة على وجه الخصوص.

مازن بترجي نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة، أشار إلى أن المهرجانات والفعاليات السياحية من شأنها أن تعزز من وجود المنتج السياحي السعودي بشكل عام، عدا عن تحفيز أصحاب الأعمال على المشاركة وتوحيد المساعي لتطوير السياحة الداخلية بالتعاون مع الجهات المعنية.

وأكد على أن القطاع الاقتصادي بما فيه السياحي يعد أكبر المستفيدين من تلك المهرجانات، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة الاهتمام بإبراز المشروعات السياحية، ولا سيما تلك التي تحمل الطابع الترفيهي والثقافي وتهتم بالمقومات السياحية في السعودية وجدة على وجه الخصوص.

وزاد: «يعتبر مهرجان جدة تنشيطا للحركة الاقتصادية في جدة وإبرازا لمقوماتها الواعدة، إضافة إلى أن إدارة غرفة جدة لهذا الحدث بمشاركة مختلف الجهات والقطاعات أعطت دفعة قوية للحركة الاقتصادية، كونها بيت التجار والممثل الرئيسي للقطاع الخاص في جدة، ما يجعلها الأكثر دراية باحتياجات القطاع الخاص من غيرها».

وكان الأمير عبد الله بن سعود رئيس اللجنة السياحية في الغرفة التجارية الصناعية بجدة رئيس اللجنة التنفيذية لمهرجان «جدة غير» قد توقع أن تبلغ نسبة زيادة العائد السنوي الذي يتم تحقيقه من خلال مهرجان صيف جدة هذا العام 50 في المائة مقارنة بالعام الماضي.

وقال في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط»: «يقدر العائد المادي السنوي من مهرجان صيف جدة بمليارات الريالات، خصوصا أن هذا المهرجان يعد نشاطا سياحيا متعلقا بجميع أوجه الحياة التي تتميز بحجم إنفاق كبير جدا»، لافتا إلى أن التركيز على هذه الجوانب في المهرجانات من شأنه أن يضاعف دخلها المادي.

من جهته أفاد عدنان مندورة أمين عام الغرفة التجارية الصناعية في جدة بأن مهرجان «جدة غير 32» حقق تميزا ملحوظا من خلال التعاون الكبير بين الجهات المعنية والمنفذة للفعاليات، الأمر الذي أعطى دلالة واضحة على نجاحه في نسخته لهذا العام، مضيفا: «يعد ذلك إنجازا حقيقيا، كون المهرجان غطى بفعاليته معظم أنحاء ومناطق عروس البحر الأحمر، وهو ما جعله مختلفا عن بقية المهرجانات من ناحية الاهتمام والفعاليات والأنشطة التي تعتبر هي الأقوى والأكثر من السنوات الماضية».

وبالعودة إلى نائب رئيس الغرفة التجارية الصناعية في جدة، فقد أوضح أن مهرجان جدة الصيفي أتاح فرصة انفتاح جديد على آفاق أرحب للسياحة في السعودية، مفيدا بأن السياحة تعد أهم القطاعات الداعمة للاقتصاد الوطني.

وتوقّع مازن بترجي أن يصبح قطاع السياحة في السعودية من أهم الموارد الاقتصادية مستقبلا، في ظل تجاوز إيراداته 40 مليار ريال، فضلا عن السياحة السعودية بالنمو السريع، حيث تشير التوقعات إلى توفير ذلك القطاع لأكثر من 90 ألف وظيفة إضافية بحلول عام 2014. وقال: «إن القطاع السياحي يشهد في معظم أنحاء العالم وفي السعودية تحديدا ازدهارا كبيرا، ولا سيما في ظل التشريعات والقوانين التي سمحت بدخول الشركات الخاصة إلى هذا القطاع لتدخل مرحلة جديدة يشتد فيها التنافس من حيث أنواع الخدمات التي تقدم للسائح والمسافرين».

ولفت نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة النظر إلى أن المملكة وفي إطار جهودها الرامية لتعزيز حضور الكوادر السعودية في هذا القطاع قد نجحت في رفع نسبة توطين كوادرها، وذلك بإعداد معايير مهنية للسياحة والسفر بالتعاون مع مختلف الجهات ذات العلاقة، في إطار الحرص على أن تسير صناعة السياحة في الاتجاه السليم عبر فتح المجال التنافسي في مناطق الجذب السياحي.

وأكد على أن مستقبل الاستثمار في القطاع السياحي بالسعودية يدعو للتفاؤل في ظل الاهتمام الذي توليه الدولة لهذا القطاع الحيوي، إلى جانب أن القطاع الاقتصادي بما فيه السياحي يعد المستفيد الأكبر من مثل هذه المهرجانات نتيجة عوائدها الاستثمارية الكبيرة، مبينا أن جدة باتت من أكثر المدن السعودية احتضانا لمرافق ومنشآت سياحية متطورة كالفنادق والشقق المفروشة والمنتجعات، إضافة إلى المطاعم والمراكز الترفيهية والمتاحف الأثرية والعملية والتاريخية ومتاحف التراث ومختلف صنوف الفعاليات السياحية والترفيهية.

وكان سعيد عسيري، نائب رئيس اللجنة السياحية في الغرفة التجارية الصناعية بجدة قد كشف في وقت سابق عن ارتفاع متوسط الإنفاق اليومي للسائح داخل السعودية للعام الماضي بمعدل 59.1 في المائة مقارنة بعام 2009، ليصل إلى 268 بعد أن كان لا يتجاوز 168 ريالا.

وقال آنذاك لـ«الشرق الأوسط»: «بلغ متوسط الإقامة في الفنادق نحو 5.1 ليلة في 2010 مقارنة مع 6.2 ليلة عام 2009، حيث تعتمد صناعة السياحة في السعودية بشكل عام، وجدة على وجه الخصوص، على السعوديين والعرب من دول مجلس دول الخليج».

ولفت إلى أن الإحصاءات الأخيرة تدل على أن السياحة أسهمت في السعودية بنسبة 7.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي خلال 2010، ولا سيما أنها تمثل عنصرا رئيسيا في الخطط التي تستهدف تقليل الاعتماد على النفط وتوفير فرص عمل للسعوديين.

وأفاد بأن السياحة أسهمت في توفير أكثر من 490 ألف وظيفة مباشرة في 2010، التي شغل السعوديون نحو 120 ألف وظيفة منها، وذلك بحسب معلومات الهيئة العامة للسياحة والآثار، مؤكدا أن استمرار مهرجان جدة في نسخته لهذا العام على مدار 70 يوما يعتبر انفتاحا جديدا على آفاق أرحب للسياحة في السعودية.

الجدير بالذكر أن ميزانية مهرجان «جدة غير» الصيفي كانت قد تم رفعها هذا العام من 20 إلى 30 مليون ريال، وسط تأكيدات رسمية على أن أسباب تراجع المهرجان في السنوات الأخيرة تعود إلى عدم تنوع الفعاليات.

كما شهد المهرجان انتقادات خلال السنوات الماضية جرّاء تنقل تنظيمه بين أكثر من شركة خلال الفترة الماضية، مما كان سببا في انخفاض نسب نجاحه، خصوصا في السنوات الثلاث الماضية، وذلك بحسب ما ذكره لـ«الشرق الأوسط» مصدر مسؤول في الغرفة التجارية الصناعية بجدة قبيل انطلاق المهرجان هذا العام.

وأضاف المصدر المسؤول الذي فضل عدم ذكره اسمه: «من أهم أسباب عدم نجاح مهرجان جدة خلال الفترة الماضية غياب الفعاليات، فيما عدا الافتتاح وحفلين غنائيين فقط، حيث إنه كان يخلو من الفعاليات المتنوعة الأخرى للأسرة والأطفال والشباب، خصوصا أنه كان عبارة عن حملة إعلانية فقط»، مفيدا بأن هذا العام سيكون مختلفا تماما، في ظل وجود الكثير من الفعاليات الرئيسية والمتنوعة لكل شرائح المجتمع.

وأبان بأن الفعاليات الأخرى التي شهدها مهرجان جدة في تلك الفترة كانت لا تتعدى الجهود الفردية من قبل بعض الجهات، كالمطاعم والمنتجعات والأسواق وغيرها، إضافة إلى غياب المظاهر التي تدل على وجود مهرجان بهذا الحجم، الأمر الذي أفقده تفاعل المجتمع.

وفي ما يتعلق بسبب تقليص عدد الحفلات الغنائية خلال السنوات الثلاث الماضية لمهرجان جدة، أكد المصدر المسؤول في غرفة جدة على أن ذلك لا علاقة له إطلاقا بالأنظمة، إلا أن السبب الأساسي جاء بهدف تقليص الجهة المنظمة لمصاريفها، لكنه استدرك قائلا: «إن القنوات التلفزيونية أيضا لم تعد تدفع مبالغ كافية للجهة المنظمة من أجل دعم هذه الحفلات الغنائية، وهو ما يجعل المنظم يعتمد فقط على دخل التذاكر، مما يتسبب في إرهاق كبير له، كونه مسؤولا عن تكاليف الفنانين وارتفاع أجورهم والفرق الموسيقية والتجهيزات التقنية المتعلقة بالصوت والإضاءة والديكورات».

تزامن مهرجان «جدة غير 32» مع دخول شهر رمضان المبارك والإجازة الصيفية، جعلت منه مظلة جيدة لإطلاق الكثير من المهرجانات الرمضانية خلال الشهر الفضيل، التي أسهمت في محاربة البطالة، وذلك بتوفير المهن الموسمية، أو دعم الأسر المنتجة كرقم فاعل في معادلة اقتصاديات تلك المهرجانات.

وعلى غير العادة وبشكل جديد قدمت الأسر المنتجة في جدة نفسها ضمن الفعاليات المهمة في مهرجان «جدة غير 32» لهذا العام، بداية من مهرجان التمور، ومرورا بالقرية التراثية ومهرجان بساط الريح وبازار الأيدي الذهبية، وانتهاء بعدد من البازارات التي شهدتها مجمعات تجارية مختلفة في جدة.

وتمكنت الأسر المنتجة من ترسيخ شعار الإبداع والابتكار في جميع تلك الفعاليات، وذلك عن طريق تقديمها لأحدث إبداعاتها بأناملها، كي تجسد فنون الأعمال الحرفية والمشغولات التراثية.

ووسط أجواء أيام زمان من المسحراتي والحكواتي في ليالي رمضان بحضور عدد كبير من الزوار والمصطافين، تحولت الأنظار بشكل أكبر إلى ما تنسجه وما تقوم بصنعه أيادي الأسر المنتجة.

كما شكل مهرجان «جدة غير 32»، على الجانب الآخر، فرصة للشباب السعودي لتقديم نفسه في مجال المهرجانات السياحية، إذ كشفت اللجنة المنظمة للمهرجان عن مشاركة 6 آلاف شاب وفتاة في تنظيم الفعاليات لهذا العام.

دراسة متخصصة توقعت ارتفاع إيرادات السياحة الكلية في السعودية إلى 118 بليون ريال في عام 2015، ونحو 232 بليون ريال في عام 2020. وأوضحت الدراسة الصادرة عن مركز الدراسات والبحوث في غرفة الشرقية أن الإيرادات السياحية بلغت نحو 40 بليون ريال خلال عام 2008 وتقدر خلال عام 2010 بنحو 66 مليار ريال، بنسبة نمو تصل إلى 4.7 في المائة عن عام 2009.

ووفقا لمؤسسة النقد العربي السعودي فقد تجاوزت قيمة الناتج المحلي الإجمالي لقطاع السياحة في السعودية 50.2 مليار ريال خلال عام 2009، وبمعدل نمو بلغ 6.8 في المائة مقارنة بعام 2008، في حين أسهم القطاع بنحو 3.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السعودي، ونحو 6.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي خلال 2009.

وتشير التقديرات إلى ارتفاع إيرادات النقل لتصل إلى 30 بليون ريال عام 2010 بنسبة زيادة 8 في المائة عن عام 2009، بينما زادت إيرادات المطاعم والمقاهي وفقا للتقديرات الأولية إلى 36 مليار ريال خلال العام الماضي، وذلك بنسبة نمو مقدارها 9 في المائة عن عام 2009.

وفي المقابل بلغت قيمة الإنفاق السياحي الداخلي خلال عام 2009 نحو 65.4 مليار ريال، وبمعدل انخفاض بلغ نحو 12 في المائة مقارنة بعام 2008، وذلك بحسب ما أوردته الهيئة العامة للسياحة والآثار.