القبض على300 متسول في جدة خلال رمضان.. ودراسة اجتماعية تؤكد تسولهم لزيادة الدخل

مكافحة التسول: إحالة ملفات بعضهم لوزارة العمل لتوظيفهم

المتسولون الأجانب شكلوا 98% من المقبوض عليهم («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت مصادر مطلعة في الشؤون الاجتماعية لـ«الشرق الأوسط» عن إحالة عدد من ملفات بعض المتسولين السعوديين الذين تم القبض عليهم ومن يستطيعون العمل إلى وزارة العمل لتوظيفهم في حين تمت إحالة ملفات البعض منهم إلى الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية.

وأوضح سعد الشهراني، مدير مكتب مكافحة التسول بجدة، أن الدراسات البحثية التي أجراها فريق البحث الاجتماعي في مكتب مكافحة التسول بينت أن عدد المتسولين الذين تم القبض عليهم لا يشكون من الفقر، وأن ما قاموا به لزيادة دخولهم خلال أيام الشهر الفضيل الذي يعتبر موسم إخراج الزكوات والصدقات عند السعوديين.

ويأتي ذلك في وقت أعلن فيه المكتب بجدة القبض على ثلاثمائة متسول ومتسولة خلال الفترة الماضية من شهر رمضان المبارك وخلال فترة عيد الفطر المبارك، وذلك من خلال الحملات الميدانية بالتنسيق مع كل من الجهات المعنية والمكونة من الشرطة والجوازات والمجاهدين والمرور وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقوه المهمات والقوة الميدانية والبحث والتحري.

وأوضح سعد الشهراني، مدير مكتب مكافحة التسول بجدة، أن المتسولين الأجانب شكلوا ما نسبته 98 في المائة من المقبوض عليهم وتمت إحالتهم إلى إدارة الوافدين في حين تمت إحالة السعوديين إلى الاختصاصين الاجتماعين التابعين للمكتب لدراسة حالاتهم، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه تتم دراسة أوضاعه وتحويل ملفات البعض منهم إلى الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية وإحالة ملفات من يستطيع العمل إلى وزارة العمل.

وأضاف الشهراني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن غياب الوعي عند المواطن هو السبب الرئيسي في زيادة هذه الظاهرة في البلاد. وأضاف أن وزارة الشؤون الاجتماعية لديها خططا تنفذها من خلال مكاتب التسول في المناطق للقبض على المتسولين السعوديين منهم والأجانب واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم وأن الحملات تركزت علي المراكز التجارية والمستشفيات والميادين والمساجد والشوارع العامة والميادين.

وكانت إفادات خبراء أمنيين في السعودية، ومهتمين بمكافحة ظاهرة التسول كشفت لـ«الشرق الأوسط» عن وجود علاقة تمويلية بين شبكات وعصابات التسول وبالأخص التي تنشط في شهر رمضان المبارك، وبين العمليات الإرهابية والإجرامية.

وصرحت فيه وزارة الشؤون الاجتماعية بوجود «عصابات تسول» في السعودية، ضمن إشارة إلى أن التسول شهد تحولا إلى حد وصوله للجريمة المنظمة. وأكد خبير أمني وجود شبكات للمتسولين ممن يمولون الإجرام والمخدرات والعمليات الإرهابية، واستخدام المبالغ التي يجمعونها في إخلال الأمن بالبلاد.

واعتبر الخبير الأمني اللواء المتقاعد يحيى الزايدي، مدير شرطة مكة المكرمة ومدير إدارة المرور سابقا، التسول إشكالية مستمرة منذ زمن طويل، حيث تفاقمت بشكل تراكمي مع مرور السنين، موضحا أن مكافحتها ليست بالأمر السهل في ظل وجود أعداد كبيرة من المتسولين داخل المملكة.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن معظم الأموال التي يحصل عليها المتسولون من المواطنين أنفسهم عادة ما يجمعونها لأشخاص آخرين ممن يستخدمونها بطرق غير نظامية أو شرعية، الأمر الذي يجعلنا لا نستبعد مطلقا دعم الإجرام عن طريقها».

يأتي ذلك في وقت أوقفت فيه السلطات المختصة السعودية خلال العام الماضي، أكثر من 20 ألف متسول، يشكل الوافدون منهم ما نسبته 82 في المائة، في حين أكد مسؤول محلي نمو أعداد المتسولين السعوديين بنسبة 5 في المائة مقارنة بالعام الذي قبله.

وكشف مصدر رفيع بوزارة الشؤون الاجتماعية السعودية في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» عن بلوغ عدد المتسولين الذين تم التعامل معهم خلال عام 1431هـ نحو 20433 متسولا في مختلف مدن البلاد، وبزيادة عن العام الذي قبله بمعدل 394 متسولا.

وأضاف المصدر أن ما نسبته 82 في المائة من عدد المتسولين من غير السعوديين البالغ عددهم 16755 متسولا، بينما وصل عدد المتسولين من الجنسية السعودية ما يقارب 3678 متسولا وبزيادة عن عام 1430هـ بما يعادل 5 في المائة.

وفي تصريحات سابقة أوضح الدكتور توفيق السديري، وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد، أن «ضبط المتسولين داخل المساجد مسؤولية جهات أخرى وليس مسؤولية وزارة الشؤون الإسلامية». وأكد أنه «تم إبلاغ الأئمة بمنع أي أمر يؤثر على خشوع المصلين وأداء عباداتهم، ومن ذلك منع التسول داخل المساجد ما استطاعوا لذلك سبيلا»، مبينا أن «هذا ما يقوم به أئمة المساجد في المناطق».

واعترف بأنه قد توجد حالات لا يستطيع الإمام السيطرة عليها إما لمعارضة المصلين أو غير ذلك، مبينا أن الإمام لا يملك سلطة تنفيذية، إنما يملك الأمر والنهي بلسانه، وما عدا ذلك فهو من اختصاص جهات أخرى.

ويرى الدكتور سعيد السالم، أستاذ علم الاجتماع، أن تعاطف المجتمع سبب رئيسي في زيادة أعداد المتسولين، واتخاذ التسول مهنة مربحة تدفعهم لأن يحيدوا بالتفكير تماما عن امتهانهم أي عمل بأجر، مبينا أن المبالغ المالية التي يحصلون عليها في اليوم الواحد بكل سهولة ويسر تعادل أجرة شهر كامل.

وطالب المجتمع بعدم التعاطف مع هذه الفئة بإعطائهم مبالغ مالية بنية الصدقة، مبينا أن هذه المبالغ من الأفضل أن تذهب للمحتاجين بالفعل والذين قد تصلهم من دون امتهانهم لمهنة الشحاذة.