جدة: التشديد على استكمال مشاريع تصريف السيول في المناطق الحرجة قبل موسم المطر

مراصد محلية وعالمية تبدأ مبكرا في تسجيل توقعاتها حول أمطار جدة القادمة

تسارع وتيرة العمل في مشاريع السيول في جدة استباقا لموسم المطر (تصوير: خضر الزهراني)
TT

شدد الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة على ضرورة استكمال المشاريع الجاري تنفيذها حاليا في المناطق الحرجة والمؤثرة قبل دخول موسم الأمطار المقبل، إضافة إلى تجهيز مراكز الإسناد الـ16 التي جرى تحديد مواقعها قبل ذلك الموعد بأية وسيلة.

جاء ذلك لدى ترؤسه أمس الأحد الاجتماع الحادي عشر للجنة التنفيذية لمعالجة أضرار السيول في محافظة جدة، في مقر إمارة المنقطة بجدة، حيث تناول الاجتماع موضوعات رئيسية قدمتها الجهات المشاركة في مشروع معالجة أضرار السيول والأمطار، شملت عروضا مرئية وتقارير مفصلة لما تم إنجازه من مراحل المشروع، وما هو قيد التنفيذ ولا تزال أعماله جارية، إلى جانب مناقشة توفير المعدات والآليات اللازمة لمواجهة الطوارئ.

وعرضت أمانة محافظة جدة سير العمل في مشروعي السامر وأم الخير، ومشاريع شرق جدة، مؤكدة أن أعمال الإزالة والحفر والإنشاء ومهمات التنسيق مع الجهات المقدمة للخدمات تسير وفق المخطط المحدد لها. في حين قدمت شركة المياه الوطنية تقريرا شاملا حول سير العمل في معالجة المياه السطحية والجوفية في مدينة جدة، موضحة أنه جرى تحديد 18 نقطة عاجلة تحتاج إلى شبكة تخفيض المياه الجوفية، إضافة إلى بدء إجراء الدراسات اللازمة لخفض منسوب المياه في أربعة أحياء حرجة، إلى جانب تواصل أعمال الشفط بواسطة الصهاريج في مختلف النقاط المحددة.

وأوضحت إدارة الدفاع المدني أنها في طور التجهيز لمراكز الإسناد الـ16 الموزعة على محافظة جدة، مؤكدة استعدادها الكامل حاليا لحالات الطوارئ، مستعينة بالإمكانات المادية والبشرية التي تخدم موسم الحج، حتى اكتمال تجهيز مراكز الإسناد واكتمال المعدات اللازمة لها.

وتطرق المجتمعون إلى سير العمل في مشروع مياه الأمطار وتصريف السيول، وتضمن الاجتماع عرضا مرئيا يوضح الأشواط التي قطعها المشروع والتحديات التي واجهته، والمراحل المستقبلية التي من المقرر أن يبلغها بحسب الجداول الزمنية المحددة.

كما ناقش المجتمعون تنظيم العلاقة بين الدراسة التي يقوم بها الاستشاري المكلف بالمشروع (ايكوم)، والمهمات الموكلة لشركة «جدة للخدمات والتطوير»، خصوصا في ما يتعلق بالمناطق العشوائية شرق الخط السريع، تفاديا للازدواجية في الدراسات.

وبدأت في جدة آليات شركة «نسما» القابضة العمل في كل المواقع الاثني عشر المقررة مشاريع عاجلة لإنهائها في الوقت المحدد وقبيل موسم الأمطار، الذي حدده خبراء الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة السعودية بالشهرين الأخيرين من العام الحالي ومنتصف شهر يناير (كانون الثاني) من العام القادم، وهي الأشهر التي يطلق عليها الأشهر المطيرة في المنطقة الغربية.

وبحسب مصادر مطلعة في الشركة لـ«الشرق الأوسط» فقد وصلت كل الآليات وتم توزيع العمال ولمعدات في المواقع وبدأ العمل بشكل جدي للوصول إلى الهدف المحدد، وهو إنهاء كل المشاريع وفق الخطة الموضوعة، مشيرا إلى المتابعة الحثيثة والدائمة من أمير المنطقة للمشاريع بشكل دوري.

وتوقعت مصادر مناخية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن يتجاوز حجم الأمطار هذا الموسم على المنطقة الغربية المعدلات العادية بنسبة ضئيلة، مستندا على المعلومات والخرائط التي أصدرتها المواقع العالمية، ومن أبرزها الموقع الأوروبي والموقع الروسي، بينما أكدت من جهتها الرئاسة العامة للأرصاد على لسان الدكتور سعد المحلفي وكيل الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة لـ«الشرق الأوسط» أنها ستصدر توقعها الرسمي في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) وأنها ستأخذ في الاعتبار كل المعلومات التي تصل إليها، وستعمل على إرسال تقارير دورية للجهات ذات الصلة.

وأصدرت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة تقريرها المناخي عن فصل الخريف متضمنا معلومات أرصادية تستند إلى سجل مناخي لأربعة عقود. وأشارت الرئاسة إلى بدء درجات الحرارة في الاعتدال النسبي مع دخول فصل الخريف الذي يبدأ من 23 سبتمبر (أيلول) حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، وأفادت المعلومات الأرصادية بأن الانخفاض الأبرز سيكون على مناطق شمال المملكة من 3 - 7 درجات، ويكون الانخفاض ملموسا أواخر الفترة على بقية المناطق، حيث يلاحظ تباين في درجات الحرارة بين يوم وآخر ومن منطقة إلى أخرى، بسبب تداخل تأثيرات الكتل الهوائية، مع تغير اتجاه الرياح على المناطق التي يغطيها، حيث تسجل معظم مناطق المملكة درجات حرارة عظمى ما بين 33 إلى 40 درجة مئوية خلال شهري أكتوبر ونوفمبر (تشرين الثاني)، وقد تسجل أعلى من ذلك في بعض الحالات.

وأشارت التقارير إلى أن مناطق غرب المملكة تتأثر في فصل الخريف بما يسمى بحزام منطقة عدم الاستقرار، وتحصل هذه الحالة في محيط المياه الدافئة لسواحل البحر الأحمر، وتظهر بوضوح الرياح النفاثة، ولذلك تأخذ هذه الظاهرة طابع الاستمرارية، كما هو الحال في الأمطار الغزيرة التي هطلت على مناطق غرب المملكة من الوجه إلى القنفذة عامي 2009 و2010 حيث بلغت كمية الهطول في محافظة جدة لمدة ساعتين 70 ملم في نوفمبر 2009 حسب قياس مرصد الرئاسة في مطار الملك عبد العزيز، في حين سجل مرصد جامعة الملك عبد العزيز 90 ملم، وسجلت محافظة جدة في نوفمبر 2010 معدل 66 ملم في مرصد الرئاسة في مطار الملك عبد العزيز، في حين سجل مرصد الجامعة ما يقارب 111 ملم، وتعتبر هذه الكمية غزيرة بالنسبة لهذه الفترة الزمنية، إلا أنه تظل حالة الهطول للأمطار الغزيرة التي تأثرت بها مناطق غرب المملكة في نوفمبر 1996 هي الأعلى من حيث الكمية وتكرار الهطول خلال عشرة أيام تقريبا على جدة، حيث بلغت 258 ملم، الطائف 243 ملم، مكة المكرمة 155 ملم.

وأوضحت الرئاسة أنه بمراجعة التقارير المناخية خلال العقود الأربعة الأخيرة اتضح أن أعلى درجة حرارة عظمى سجلت خلال فصل الخريف كانت في حفر الباطن 48 درجة في السادس عشر من نوفمبر من عام 1991، وبمكة المكرمة 47 درجة في أكتوبر من عام 1998، وينبع 47 درجة في ذات الشهر من عام 2004.

كما سجلت مناطق شمال المملكة أقل درجة حرارة على محافظة طريف ست درجات مئوية تحت الصفر في الثامن والعشرين من نوفمبر عام 1992، وتبوك ذات الدرجة في السابع والعشرين من نوفمبر عام 1977، وفي خميس مشيط ثلاث درجات يوم 27 أكتوبر عام 1977، كأدنى درجات حرارة صغرى. كما يتكون الصقيع خلال هذا الفصل، وكانت أشد موجة صقيع سجلت على المناطق الشمالية في نوفمبر 1992.

وأبان تقرير الأرصاد عن فصل الخريف أن معظم مناطق المملكة تتأثر بالأتربة المثارة أو بالعواصف الترابية، في حين تتأثر مناطق غرب المملكة برياح جنوبية تسمى «الأزيب أو الأزايب»، وهي رياح حارة ورطبة ومغبرة تبلغ سرعتها ما يقارب 50 كلم/س، كما يصحب ذلك أحيانا هطول أمطار بداية من مناطق شمال غربي المملكة، وتعرف هذه الأمطار في المناطق الشمالية بأمطار الوسم.

وبحسب الخبراء يقال إن أمطار هذه الفترة قليلة ولكن تكون غزيرة إذا أمطرت، وقد تكرر في الأعوام الماضية هطول الأمطار الرعدية الغزيرة على حفر الباطن 147 ملم نوفمبر عام 2000، والقيصومة 100 ملم في أكتوبر 1997، وفي رفحا 63 ملم، مع الملاحظ أن نهاية فصل الخريف في المناطق الشمالية الذي يوافق شهر ديسمبر يكون بداية لما يطلق عليه مربعانية الشتاء التي يشتد فيها البرد والرياح وتكثر الغيوم ويتكون الصقيع والضباب، التي وجد إشكالية كبيرة في تصريف الأمطار فيها وتشكل خطرا على المركبات والسير فيها. والمشروع الفكرة منه درء تلك الأخطار وحماية الـنفاق من أي خطر من الأمطار والسيول القادمة إليها.

وبالعودة إلى المشاريع في جدة أكدت المصادر أن هذه المشاريع العاجلة جزء من مشروع كبير للمشاريع الدائمة التي تحدث عنها الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، والهدف الأساسي من المشاريع الـ12 التي يتم تنفيذها حماية الأنفاق من الأمطار. وقال إن هناك 12 مشروعا في 12 موقعا، بعض المواقع تحتوي على نفق واحد والبعض الآخر به أكثر من ذلك. إن المشروع مقسم بحسب المواقع ويختلف عدد الأنفاق من موقع لآخر، ولكن في الإجمالي المشروع يتضمن خط تصريف المياه في تقاطع شارع الأمير ماجد مع شارع فلسطين، ومعالجة تجمع المياه في نفق طريق الملك عبد الله مع طريق المدينة، ومعالجة تجمع المياه في نفق طريق الملك فهد مع طريق الملك عبد الله، ومعالجة تجمع المياه في شارع حائل مع طريق الملك عبد الله، ومعالجة تجمع المياه في شارع خالد بن الوليد مع طريق الملك عبد الله، ومعالجة تجمع المياه في تقاطع شارع الأندلس مع طريق الملك عبد الله، ومعالجة تجمع المياه في تقاطع شارع الأندلس مع شارع الحمراء، ومعالجة تجمع المياه في نفق طريق الأمير ماجد مع شارع محمد بن عبد العزيز، ومعالجة تجمع المياه في نفق تقاطع طريق الملك فهد مع شارع الأمير محمد بن عبد العزيز، ومعالجة تجمع المياه في نفق طريق الأمير ماجد مع شارع الروضة، ومعالجة تجمع المياه في تقاطع طريق الأمير ماجد مع شارعي عبد الله السليمان وباخشب، ومعالجة تجمع المياه في نفق تقاطع شارع صاري مع طريق المدينة.

وكان الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة أعلن في السابع والعشرين من يوليو (تموز) شركة «نسما» كمنفذ المشاريع العاجلة بعقد بلغت قيمته 795.546 مليون ريال، على أن يتم الانتهاء من تلك المشاريع في غضون 110 أيام.

كما سمى الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة في منتصف جمادى الثانية الفائت شركة «المباني مقاولون عامون» شركة منفذة للمشروع، بنحو 265 مليون ريال، ومدة العمل 179 يوما.

تحظى المشاريع بمتابعه أمير منطقة مكة المكرمة الذي أكد خلال زيارته لحي أم الخير والسامر ومتابعة العمل في مشروع تصريف السيول والأمطار ومتابعة الأعمال الجارية، إن هذه المشاريع تسير سيرا حسنا حتى هذا اليوم، وإن المشاريع الدائمة أيضا تسير سيرا حسنا، وإن الشركة تقدم تقاريرها بشكل دوري سواء في الميدان من مدينة جدة أو من مكاتب الشركة في أميركا في الدراسات وجمع المعلومات واستخلاص الأفكار الجديدة لمعالجة مشكلة السيول.

وأضاف أمير منطقة مكة المكرمة أنه يتم مراقبة ومتابعة كل أعمال المشاريع، ليس باليوم، بل بالساعة، وقال إن التقارير الواردة من أمانة جدة والمهندسين القائمين على المشاريع تؤكد أن الأعمال تسير حسب البرنامج المعد، وأن العمل مستمر على مدار الـ24 ساعة، وهذه أمور تسر الخاطر.

وأكد الفيصل أن أوامر خادم الحرمين الشريفين تنفذ وتعليماته تتابع بكل اهتمام ومسؤولية وجدية، منوها بمتابعة الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الذي يتابع هذا المشروع كل أسبوع وكل شهر، حيث ترفع تقارير عن سير الأعمال، لافتا إلى أن الجميع يتلقى التوجيهات والتعليمات والاستفسارات عن سير العمل، مطمئنا المواطنين أن الأعمال تسير سيرا حسنا، وفي نوفمبر القادم ستكون جميع الأعمال منتهية.

وطمأن الجميع بأن المشاريع الدائمة تسير بشكل حسن والشركة تقدم تقاريرها للإدارة في أرض المشروع سواء كانت على الميدان في جدة أو في مكاتب الشركة في أميركا في الدراسات واستخلاص الأفكار الجديدة لمعالجة هذا المشروع الخاص بمشكلات السيول في جدة. وقال إن جميع البرامج الخاصة بالمشاريع على موعدها، مؤملا أن يكون التنفيذ على هذا المستوى من السرعة والدقة.

وتوقع مسؤولون في مشاريع تصريف مياه الأمطار والسيول بأحياء السامر وأم الخير اكتمال العمل قبل موعده في نهاية فبراير (شباط) المقبل، في ظل وجود أكثر الشركات كفاءة وقدرة في الإنجاز، مع تواصل العمل على مدار الساعة، ونتيجة للدعم الكبير والإشراف المباشر من الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة المكرمة، والأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز، وزير الشؤون البلدية والقروية، مشيرين إلى أن المشروع تجاوز كل المخاطر التي واجهتهم.

وقال أمين جدة المهندس هاني أبو راس إن تعاون الجهات الحكومية «الكهرباء - الاتصالات – المياه» ممتاز جدا، ساهم في تسريع وتيرة الأعمال الميدانية في مشروع أم الخير والسامر، وقلل من أيام الانتظار للمشروع، لافتا إلى أن تسليم المشروع سيكون خلال وقت قياسي بكل الاحتمالات.

وأوضح الدكتور هاني أبو راس أمين جدة أنه «بمجرد أن كلفت أمانة جدة بالمشروع تم تشكيل إدارة له زودت بالكوادر وبدأ العمل ليل نهار، ابتدأنا بالإزالة واستطعنا أن ننتهي منها وتم الحفر والنزول إلى مستوى التصميم لحوض التجميع، وسيتم البدء قريبا في بناء السد، وبناء وتبطين القناة»، مشيرا إلى أنه وبالنسبة لحي السامر «استطاع الفريق العامل من أمانة جدة والمكلف بالموضوع الانتهاء من عملية تسلم المواقع وانتهت أعمال الإزالة في المنطقة الشرقية من مسار سد السامر، وبدأنا في العينة الأولى من التبطين». وأضاف أن ساعات العمل في هذه المشاريع تبلغ 175 ألف ساعة تقريبا إلى حين الانتهاء منها تماما.

ومن جهته قال المهندس عبد المجيد البطاطي، مدير عام مشروعي تصريف مياه الأمطار والسيول بالسامر وأم الخير، إن المشروع الذي يجري تنفيذه حاليا سيكون لاستيعاب السيول، حيث تم تحديد المسار عن طريق هيئة المساحة الجيولوجية، ويتضمن تنفيذ مجرى السيل في السامر، ومجرى السيل وحوض التجميع في مخطط أم الخير.

ولفت إلى أن حوض التجميع يستوعب أكثر من 2.3 مليون متر مكعب من المياه، ويتصل الحوض بقناة مفتوحة بطول 780 مترا وعرض أكثر من 30 مترا وعمق 3.5 متر، تتصل هي الأخرى بالعبارة في غرب مخطط أم الخير.

وأشار إلى أن معدات المشروع تعمل ليل نهار، ويسير حجم الإنجاز بصورة أكبر مما كان متوقعا وبطريقة تبشر بالخير وترفع التوقعات بافتتاحه في موعده. وأضاف: «إن نسبة الإنجاز في مشروع أم الخير والسامر وصلت إلى مستويات قوية جدا بمعدل 70% بسبب العمل فيها على مدار الساعة بمعدل الـ24 ساعة يوميا، إضافة إلى عمل الكثير من الفرق الميدانية المشكلة من جميع الجهات الحكومية، التي ساهمت بشكل واضح في تسريع الأعمال الميدانية في المشروع»، لافتا إلى أنه في 30 نوفمبر «سيتم الانتهاء من هذا المشروع، والآن وصلنا إلى القاع بالنسبة للسد، والمتوقع الانتهاء من هذه الأعمال خلال وقت قياسي»، وقال: «نحن نتقدم في المشروع وفي بعض المواقع وصلنا إلى 90%، وهذه نسبة ممتازة وغير مسبوقة في أي مشروع على الإطلاق.