السعودية: جمعية حقوق الإنسان تطلق حملة للحد من ارتفاع حالات العنف ضد الأطفال

طالبت بفتوى تجرم العنف وتقنين الأحكام التعزيرية

هناك دور محوري للمعلم في الكشف عن حالات العنف ضد الأطفال
TT

طالب مصدر مسؤول في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، بضرورة إصدار فتوى شرعية لتحريم وتجريم العنف، لا سيما «العنف ضد الأطفال»، من المجلس الأعلى للإفتاء والقضاء، ومجمع الفقه الإسلامي، إضافة إلى ضرورة تقنين الأحكام التعزيرية التي تتعلق بالعنف، داعيا إلى تفعيل المجالس العليا التي أمر بها المقام السامي، كالمجلس الأعلى للمرأة، والمجلس الأعلى للطفولة.

كما دعت الجوهرة العنقري، نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لشؤون الأسرة، بضرورة مراجعة مختلف الأنظمة التي قد تتعارض وخطط مواجهة ومناهضة العنف والتعامل الإيجابي معه، معللة ذلك بأن الأنظمة القديمة ليست «قرآنا وسنة»، رافضة جعل «الخصوصية» سببا للتغاضي عن العنف أن تكون مخالفة للشرع في حال تسببت فيه.

مؤكدة ضرورة المطالبة بالحق العام، حتى لو تنازل الأب أو الأم عن حقهما في قضايا العنف ضد أي منهما، أو حتى الطفل، منادية بالحاجة لشرطة أسرية أو مجتمعية تستقبل حالات العنف، وتتعامل معها وفق تخصص ديني واجتماعي نفسي وأمني.

وبينت العنقري أنه وفقا لإحصائيات الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان من عام 2004 وحتى عام 2008، بلغت حالات العنف الأسري 1284 حالة، من بينها حالات عنف ضد الأطفال، كما بلغ عدد حالات العنف التي استقبلتها الجمعية من عام 2009 وحتى عام 2010، 154 حالة، مشيرة إلى أن انخفاض عدد الحالات يعود إلى استحداث تصنيف خاص خلال السنتين الأخيرتين، بالعنف ضد الأطفال، مبينة أنه عن طريق البرنامج الأسري تم تسجيل ما يعادل 188 حالة عنف خلال ستة أشهر لعام 2009.

وشددت العنقري على ضرورة التخصص في مواجهة العنف الأسري، والعنف بشكل عام، وذلك من خلال توجيه مؤسسات التعليم العالي بتخريج كفاءات من كليات تحوي هذا التخصص وما يتعلق بالعمل فيه، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «التخصص العام في علم الاجتماع وعلم النفس لا يكفي للتعامل مع قضايا العنف، لذا فلا بد من وجود كليات تحوي هذا التخصص».

وأكدت نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لشؤون الأسرة، أنه بعد ظهور حالات من العنف ضد الأطفال، مما تعد مؤشرا خطيرا أثبتته عدة دراسات تؤكد ارتفاع نسبة العنف بصفة عامة، وضد الأطفال بشكل خاص، كان لا بد من تحرك مؤسسات المجتمع المدني للحد منه بكل وسائله الممكنة، لذا كان التوجيه لتنظيم «حملة غصون الرحمة».

إلى ذلك بينت العنقري أن فكرة حملة غصون بدأت قبل أكثر من سنتين في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، ثم ترجمت إلى خطة متكاملة بمراحلها وتكوين فريق عمل لها، وطالبنا من المجتمع رعايتها ودعمها، وقالت: «نظرا لأهمية مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في الحملة، قمنا بتوجيه دعوات لمختلف الجهات ذات العلاقة، عرضنا فيها الخطة المكتملة والتكلفة الإجمالية».

وحول اختيار اسم غصون للحملة على الرغم من تعدد أسماء الأطفال الذين قتلوا بسبب العنف الأسري، بينت العنقري أن غصون هي الطفلة التي قتلت في مكة المكرمة بسبب تعذيب والدها وزوجته، إضافة إلى ظهور عوامل أخرى، كعدم حمايتها، ومن ثم صدور الحكم بقتل الأب وزوجته كان له دور إيجابي في عملية الردع، الأمر الذي جعل من غصون نموذجا مختلفا.

مؤكدة أن أكثر الأسباب المؤدية للعنف في المجتمع السعودي، وفقا للدراسات التي قامت بها عدة جهات مختصة، كانت حالات الخلافات الزوجية، وحالات الطلاق، إضافة إلى جهل الوالدين أو أحدهما، كما أن تعرض أحد الآباء في صغره للعنف، وضعف تكوينه النفسي، من أهم الأسباب المؤدية للعنف، ونادت العنقري بالالتفات لوضع النساء والأطفال في القرى والهجر.

مشيرة إلى أن الوضع الاقتصادي للأسرة يعد من مسببات العنف، لذا طالبت العنقري بضرورة تحسين وضع الأسرة الفقيرة (محاربة الفقر والمرض)، إضافة إلى الاجتهاد في توفير الخدمات الأساسية للأطفال، ووضع حاجاتهم على أولويات اهتمام الدولة عند وضع الاستراتيجيات، وما يحققها من برامج ومشاريع.

وبينت أن «غصون الرحمة» تطمح إلى نشر الوعي والتوجيه من خلال الدليل الذي يبين كيفية اكتشاف العنف والتعامل معه، كل جهة بحسب اختصاصها ودورها في حياة الطفل.

وأشارت إلى أن هناك لجنة استشارية ومتخصصة، مكونة من اختصاصيين في العنف والحماية الأسرية وعلم النفس والاجتماع، إضافة إلى رجال الأمن والمعلمين وغيرهم، قامت بإعداد الدليل الذي صدر مع الحملة، لافتة إلى توزيع هذا الكتيب في المدارس والمولات وأماكن كثيرة، بهدف إيصاله لأكبر شريحة ممكنة في المجتمع، وحتى يعرف الطفل حقوقه، وتعرف كل فئات المجتمع كيفية اكتشاف الطفل المعنف، وماهية التعامل مع الحالة.

مبينة أن الخطوة الأساسية لحماية الطفل هي تمكينه من حماية نفسه برفضه للعنف، والتبليغ عنه، وقالت: «عند ذلك لا بد من وجود جهات قريبة من الطفل، الأمر الذي يسهل عليه طلب المساعدة في حال احتاجها»، مؤكدة على التركيز على دور المعلم في عملية اكتشاف الحالة وحمايتها، كما طالبت بوجود مراكز مختصة في أقسام الشرطة (الأسرية) في مراكز الأحياء.

وأكدت العنقري أن تعميم تدريس مادة تعنى بحقوق الإنسان وحقوق الطفل في المدارس، هو محور اهتمامهم، حيث إن هذا الأمر قد طرح في الجمعية، وأعدت له ورشة عمل، وتم التواصل مع الجهات المعنية، ونفذت خطوات منه في إعداد نماذج للمناهج، لافتة إلى أنه يتم حاليا تدريس مادة «حقوق الإنسان» في الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز.

ولفتت العنقري إلى أهمية تأهيل الشباب قبل الزواج في دورات تدريبية كشرط إلزامي لإتمام العقد، يركز على مفهوم أن الزواج مسؤولية، رحمة، ومودة، مؤيدة إنشاء مراكز معلومات وأبحاث في كل منطقة لرصد مختلف الظواهر الاجتماعية والسلبية وأسبابها، لوضع الحلول المناسبة.