الأمير خالد الفيصل: مشروع «ثقافة الضيافة الإسلامية» في المنطقة العام المقبل

انطلاق فعاليات سوق عكاظ ومقترح لإدراجه ضمن التراث العالمي

الأمير خالد الفيصل ثمن جهود الجهات الحكومية التي قدمت الكثير لسوق عكاظ
TT

انطلقت، أمس، في الطائف، فعاليات سوق عكاظ في نسختها الخامسة، بمشاركة عدد كبير من الأدباء والمثقفين والأكاديميين من داخل المملكة وخارجها، وعدد كبير من الحرفيين المشتغلين في الصناعات التراثية القديمة، وذلك بموقع السوق في منطقة العرفاء في شمال محافظة الطائف.

وأكد الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية، أن «سوق عكاظ سيواصل هذا العام أداء رسالته الإنسانية والحضارية والتنموية، التي تنطلق للعالم برؤية مستقبلية من أرض الحرمين ومهد الحضارتين العربية والإسلامية، ترعاه قيادة حكيمة رشيدة، آمنت بأن العلم والإيمان لا يختصمان إلا في النفوس المريضة، وتعهدت بالعمل بلا كلل ولا ملل، لصناعة الغد السعودي المشرق بالرفاه، المزدهر بالمحبة والتسامح، الفخور بعقيدته وإيمانه».

وأعلن الأمير خالد الفيصل، عن إطلاق مشروع «ثقافة الضيافة الإسلامية» في المنطقة العام المقبل، مشددا على وجوب أن تكون «صناعة الخدمة» أساس المشروع التنموي في المنطقة.

وأوضح أمير منطقة مكة المكرمة، خلال استقباله ضيوف سوق عكاظ من الأدباء والمثقفين والمفكرين والشعراء، في فندق «إنتركونتننتال الطائف»، أن إمارة المنطقة تدرس حاليا تنفيذ المشروع الهادف إلى الارتقاء بخدمة الحجاج والمعتمرين، والمواطنين والمقيمين، وزائري منطقة مكة المكرمة، ليحظوا بالتكريم منذ لحظة قدومهم إلى المنطقة وسكنهم فيها، وحتى مغادرتهم لها إلى ديارهم.

وأكد أن المشاريع المعتمدة، هذا العام، للتنفيذ في مدينتي مكة المكرمة وجدة، ستؤهلهما لتكونا من المدن التي يشار إليها بالبنان في تقديم أرقى الخدمات، والتي تعبر عن مفهوم «ثقافة الضيافة الإسلامية».

وقال الفيصل: «نحن في منطقة مكة المكرمة أقدم العاملين في مهنة السياحة في العالم بمنطلق ديني إسلامي، منذ عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام، ولذلك يجب أن نكون أرباب هذه المهنة، وأن تتميز المملكة عموما ومنطقة مكة المكرمة خصوصا في تقديمها».

وكشف الأمير خالد الفيصل عن أنه اعتبارا من العام المقبل، سيبدأ العمل على تنفيذ برنامج ثقافي تشارك فيه المؤسسات الحكومية والأهلية في المنطقة، لنشر مفهوم «ثقافة الضيافة الإسلامية»، وتقديمه بخصوصية ابن مكة المكرمة الذي اختصه الله عز وجل بجوار بيته العتيق، وشرفه وكرمه بهذا الجوار.

وأضاف: «إن هذا التشريف والتكريم تلازمه مسؤولية تقديم الخدمة لضيوف الرحمن، الذين يعدون مصدر الرزق لهذه البقعة المباركة، ولذلك فنحن أصحاب هذه المهنة، وفرسان الميدان، والسباقون لتقديم أجمل وأفضل خدمة للزائر والحاج والمعتمر».

وأكد الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ، أن السوق ما كانت لتكون لولا الضيوف المشاركون فيها، من الأدباء والمثقفين والمفكرين والشعراء.

وقال الأمير خالد الفيصل مخاطبا ضيوف سوق عكاظ خلال استقباله لهم، أمس، في فندق «إنتركونتننتال الطائف»: «أنتم سوق عكاظ، أنتم بدايته ونهايته، كلما زاد اهتمامكم به زاد رفعة، وكلما زادت مشاركاتكم وإسهاماتكم الثقافية فيه، زاد ثراء، فشكرا لكم من الأعماق على حضوركم وإسهاماتكم».

ووجه أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ، شكره وفخره واعتزازه بمشاركات الأمراء والوزراء أعضاء اللجنة الإشرافية، وكذلك بجهود وزاراتهم ومؤسساتهم الحكومية، مؤكدا أن هذه الوزارات والمؤسسات قدمت الكثير لسوق عكاظ، وعملت على تنفيذ الإنشاءات الموجودة فيه، مقدرا في الوقت نفسه جهود بقية الجهات الحكومية التي عملت وأسهمت في تنفيذ إنشاءات السوق.

وطالب الأمير خالد الفيصل بأن يخلو سوق عكاظ من توجيه الثناء للمسؤولين عنه، وقال: «نسمع في مثل هذه المحافل ثناء يزيد أحيانا عن المطلوب، وإذا كنا نفخر بتقديم أي خدمة للوطن أو المواطن أو المقيم أو الزائر، فذلك لأننا نعتز بهذه الخدمة، وما نقدمه شرف نعتز به ونضعه تاجا على رؤوسنا من خلال خدمة الدين، ثم الوطن والمواطن، لذلك أرجو اعتبارا من هذه اللحظة أن يخلو سوق عكاظ من الثناء على أي مسؤول».

وشكر الأمير خالد الفيصل، خلال كلمته في حفل الاستقبال، الضيوف من المثقفين والمثقفات على مقترحاتهم التي قدموها في مداخلاتهم، الهادفة إلى تطوير سوق عكاظ، والارتقاء به إلى المكانة المستحقة.

وأوضح أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ، أنه ابتداء من العام المقبل ستوجه الدعوة إلى الشركات والمؤسسات التجارية للمشاركة في سوق عكاظ، نظرا لكون النشاط التجاري أساس السوق، واستغله الأدباء والشعراء لعرض إبداعاتهم.

وأشار الفيصل إلى أن سوق عكاظ يشهد في هذا العام تقديم رؤية جديدة على أن السوق لا يهدف إلى محاكاة الماضي فقط، وإنما يسعى أيضا إلى استشراف المستقبل، ونقل المفاهيم والعلوم المستقبلية لرواد السوق، وخصوصا من المواطنين السعوديين، وتعريفهم بالمفهوم الجديد للعالم الجديد.

ونوه أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ بأن فكرة إنشاء مدينة سوق عكاظ، التي تبنت تنفيذها الهيئة العامة للسياحة والآثار، تهدف إلى تأمين الموارد المالية الكافية واللازمة لتشغيل السوق وتطويره، وقال: «بعد تنفيذ هذا المشروع لن يطلب من أي جهة أن تتبرع إلى السوق أو تقدم له الدعم على الإطلاق، وإنما سيطلب من رجال المال والأعمال استثمار أموالهم فيه ليفيدوا ويستفيدوا».

كما رحب الأمير خالد الفيصل بمقترح إدراج سوق عكاظ ضمن التراث العالمي، مؤكدا أنه سيعمل مع الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، على تنفيذ هذا المقترح.

وقال أمير منطقة مكة المكرمة مخاطبا الضيوف: «آسف أن أنزل بكم بعد أن حلقتم في سماء الشعر والإبداع والكلمة إلى أرض الواقع، لكن هذا الواقع لا يقل جمالا ولا إبداعا عن الشعر».

من جانبه، أكد الدكتور سعد بن محمد مارق، أمين اللجنة الإشرافية، أن سوق عكاظ يجسد تطلع سمو الأمير خالد الفيصل إلى أن يكون السوق لبنة أساسية في تنفيذ الخطة العشرية، واستراتيجية تطوير منطقة مكة المكرمة، المرتكزة على بناء الإنسان وتنمية المكان، وصولا إلى تحقيق الهدف المنشود ببلوغ المنطقة وإنسانها مكانتهما المستحقة في العالم الأول، في جميع مجالات التنمية البشرية والعمرانية.

وقال مارق: «لذلك، فإن سوق عكاظ لا يسعى فقط إلى أن يكون واحدا من أبرز المناسبات الثقافية والأدبية والتراثية السعودية، بل يتطلع إلى الأفقين العربي والعالمي، كما يسعى إلى التعبير الجلي عن التطور الذي تشهده بلادنا في هذه المرحلة، في الجوانب الاقتصادية والتجارية والصناعية والثقافية». مستطردا: «بدأ سوق عكاظ اليوم يستعيد دوره التاريخي كحاضنة للإبداع الثقافي والأدبي والشعري، وكذلك الإبداع الفني، بإقامة العروض المسرحية والمعارض الفنية، إلى جانب إحياء الموروث الوطني ودعمه وتشجيعه والمحافظة عليه، كما بدأ في مد جسوره للغد عبر برنامج (عكاظ المستقبل)، الذي يسعى إلى نقل المعارف الحديثة والعلوم التقنية إلى المتلقي العادي، والتعريف بإسهامات المملكة فيهما لزوار المهرجان والمهتمين بهما».

ونوه بأن السوق مشروع إنساني حضاري تنموي، يهتم بتنمية الإنسان والمكان، ويسهم في الارتقاء بالثقافة والأدب والتراث والفنون بأنواعها، وحتى بالنشاط التجاري، من خلال توفير فرص عمل للشباب، أو رعاية الحرفيين والأسر المنتجة والمزارعين، وغيرهم، وتشجيع وتنمية العمل التطوعي وتأصيله في المجتمع، مشددا على أن السوق يتطور مرحليا عاما بعد آخر، بتراكم الخبرات وبناء القدرات البشرية، واكتمال الإنشاءات المعمارية في موقع السوق، وتعزيز الإيجابيات ومعالجة السلبيات.

وأفاد بن مارق بأن سوق عكاظ سيقدم لزائريه في هذا العام برنامجا متكاملا يضم عناصر عدة، فكرية وأدبية وثقافية وعلمية وتراثية، تعبر عن رؤية سوق عكاظ وأهدافه، من خلال مد جسور بين الماضي والحاضر والمستقبل، مشيرا إلى تكاتف جهود وزارات وجهات حكومية عدة، من أجل إنجاح سوق عكاظ، عبر إشرافها على أعمال التنظيم وإعداد أنشطته وبرامجه المتنوعة، في مقدمتها إمارة منطقة مكة المكرمة، والهيئة العامة للسياحة والآثار، ووزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي، والثقافة والإعلام، إضافة إلى محافظة الطائف، مؤكدا حرص جميع هذه الجهات على تطوير القديم وتقديم الجديد كل عام، لإثراء الزائر، ومنحه الفائدة والمتعة في آن معا.

أوضح أمين مهرجان سوق عكاظ، أن البرامج الثقافية لسوق عكاظ في هذا العام، تشتمل على مجموعة من المحاضرات والندوات والأمسيات الثقافية والأدبية والعلمية، تستمر لثلاثة أيام، بمشاركة نخبة من المثقفين والأدباء والمفكرين والشعراء السعوديين والعرب.

وذكر أن برامج سوق عكاظ تتضمن برنامج «جادة سوق عكاظ»، الذي يشتمل على مجموعة من الأنشطة المتنوعة التي تحاكي سوق عكاظ التاريخي، إلى جانب نماذج من الأنشطة الاجتماعية والثقافية التي كانت تقام في السوق قديما، ولافتا إلى أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تتولى الإشراف على تقديم هذه الأنشطة.

وأفاد الدكتور مارق أن سوق عكاظ سيشهد «معرض الكتاب الإلكتروني»، وسيشارك فيه عدد من الناشرين ممن يقدمون خدمة النشر والبيع الإلكتروني، كما يستضيف عددا من المهتمين بالنشر الإلكتروني في العالم العربي، واتحاد الناشرين العرب، إلى جانب عقد ثلاث ندوات متخصصة في هذا المجال، تركز على مواضيع حقوق المؤلف والنشر الإلكتروني، وتقويم التجربة العربية في نشر الكتاب إلكترونيا، واستعراض تجارب دولية ناجحة في هذا المجال.

أما فيما يتعلق ببرنامج «الكتّاب»، فأوضح أمين مهرجان سوق عكاظ أن البرنامج المقام للسنة الثانية على التوالي، سيوفر الفرصة لعدد من المفكرين والكتّاب العرب، لعرض تجاربهم في مجال التأليف والكتابة، وتخصيص جناح لكل مفكر أو كاتب لعرض مؤلفاته، واستقبال الزوار الراغبين في اقتنائها.

ونوه الدكتور مارق بأن برنامج «عكاظ المستقبل» الذي سينفذ للمرة الأولى في هذا العام، يركز على استشراف مستقبل الإنسان، وتقديم الأفكار الثقافية والفنية والتقنية الحديثة، عبر مجموعة من الندوات والمعارض المتخصصة.

وأوضح أن برنامج «عكاظ المستقبل» يتضمن محاضرة عن نقل المملكة إلى مجتمع المعرفة عبر الخطة الوطنية للعلوم والتقنية، سيلقيها سمو الأمير تركي بن سعود بن محمد، نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، إضافة إلى ثلاث ندوات متخصصة، من بينها ندوة خاصة عن تقنية النانو وندوة أخرى بعنوان: «الإعلام وتحديات المستقبل»، في حين تتناول الندوة الثالثة موضوع «خطابنا الأدبي في عصر المعلوماتية».