وزير التعليم العالي: 4 وزارات تعمل على تحديد تخصصات سوق العمل لطلاب الابتعاث

في المؤتمر الرابع لإعداد المعلم.. حضرت الشخصيات التعليمية وغاب المعلم

TT

قطعت رداءة الدائرة التلفزيونية المخولة بنقل صوت الدكتورة هيا العواد، وكيلة وزارة التربية والتعليم لشؤون البنات، من مقرها في الزاهر بمكة، الطريق دون إيصال صوتها للصالة المعدة لاستقبال كبار الشخصيات التعليمية، وسط خلو المقاعد في صالة الملك عبد العزيز التاريخية بجامعة أم القرى من حضور كبير للمعلمين.

وشهدت الجلسات الأولى قبل أمس، للمؤتمر الذي افتتحه وزير التعليم العالي، حضورا شحيحا للمعلمين في يوم إعدادهم، وسط وجود شخصيات تعليمية بارزة كان على رأسها وزير التعليم العالي، الذي برر أهمية انعقاد المؤتمر لما وسم فيه المعلم بأنه صلب العملية التعليمية، في مؤتمر تطرح فيه العديد من الأبحاث القيمة من أجله.

وذكر العنقري أن إنشاء جامعات خاصة للبنات في مناطق ومحافظات السعودية متوقف على نتائج قياس تجربة إنشاء جامعة الأميرة نورة في منطقة الرياض، وفي ضوء النتائج التي سيتم التوصل إليها سيتم اتخاذ القرار المناسب. وأوضح وزير التعليم العالي أن لجنة من وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي ستتابع تنفيذ التوصيات التي ستتمخض عن فعاليات المؤتمر الرابع لإعداد المعلم التي تهدف إلى إيجاد الآلية المناسبة لكيفية إعداد وتأهيل المعلم.

وكشف الدكتور خالد العنقري عن وجود خارطة عمل بين وزارته ووزارة التربية والتعليم، تحدد الأساليب والطرق التي تستطيع من خلالها الوزارتان تحقيق التطوير المنشود للتعليم، معتبرا أن برنامج الابتعاث مستمر وفق خطة تم إعدادها بالتنسيق بين وزارات الاقتصاد والتخطيط والمالية والخدمة المدنية لتحديد الاحتياج من الوظائف والتخصصات المطلوبة.

إلى ذلك، برر الدكتور زايد الحارثي، عميد كلية التربية بجامعة أم القرى، انعقاد المؤتمر في الظروف الراهنة والمستجدات الطارئة على المعلم بالمسؤوليات الجسام، وأعباء المعلم الإضافية، سواء كان ذلك في التعليم العام أو التعليم العالي، وأصبح لزاما على الجامعات والمؤسسات التربوية أن تتعامل مع هذه الظروف بواقعية وحيادية، وإعداد جيد يتناسب مع تلك المتغيرات.

وذكر الحارثي أنه بحكم الريادة والمسؤولية والرسالة فإن الجامعة تولي مسؤولية المعلم وإعداده وتكوينه من جميع الجوانب جل عنايتها، وتخصه بالكثير من برامجها وأطروحاتها الأكاديمية ومؤتمراتها العلمية؛ باعتباره حجر الأساس في العملية التعليمية، وبناء المجتمع الصالح، في خضم ظروف ومستجدات داخلية ودولية، ووسط تطورات شتى، ومتغيرات مختلفة، تتطلب منا الوقوف عندها مليا، وإخضاعها لمزيد من الدراسة والأبحاث والمناقشات من كل أوجهها وجوانبها، في ضوء خصوصية المكان وطوارئ الزمان.

وأفاد بأن اختيار اللجنة التحضيرية لأن يكون عنوان هذا المؤتمر هو «أدوار ومسؤوليات المعلم في التعليم العام والعالي تجاه ظاهرة العنف والتطرف في ضوء متغيرات العصر ومطالب المواطنة» جاء نظرا لما لهذا الموضوع من أهمية كبرى، فهو مخصص لمعالجة مسؤولية المعلم ودوره في الحفاظ على نسيج المجتمع، وتكاتف أفراده، وضمان سلامته من ظواهر العنف والتطرف والانحراف الفكري، في المجتمع التعليمي بصفة خاصة، والمجتمع العام بصفة عامة، كما أنه مرتبط أيضا بجوانب مختلفة ومتنوعة من رسالة المعلم، وتكوينه المهني، وبرامج إعداده، ووظيفته في المجتمع.

إلى ذلك، قال الدكتور بكر عساس، مدير جامعة أم القرى، إن «هذه الرعاية تعد دليلا واضحة على ما يوليه العاهل السعودي للعلم ورجالاته، وحرصه - يحفظه الله - على الرقي بمستوى أداء المعلم في مراحل التعليم العام والجامعي للسمو بمخرجات التعليم والنهوض بالحركة التعليمية في بلادنا المباركة، كما أنها تجسد حقيقة الاهتمام الكبير من قبل القيادة الرشيدة نحو تعزيز مكانة المعلمين والارتقاء بها».

وأكد عساس أن «جامعة أم القرى دأبت منذ إنشائها حتى الآن على إقامة المؤتمرات والندوات واللقاءات العلمية، المحلية والدولية، في كافة قضايا العلم والمعرفة؛ إيمانا منها برسالتها في خدمة الأمة والوطن والمجتمع، بحكم أن الحديث عن المعلم ومكانته ودوره ليس جديدا، لكنني أجزم أنه يمكن أن يكون فيه جديد».

وتساءل عساس «لماذا إذا فقد المعلم نفسه حيل بين البلاد وبين شمس الحضارة والتقدم؟.. هذه هي (الفكرة المركزية) التي أظن أن مجال القول فيها لم ينضب بعد، وأنها منطقة بكر صالحة لكثير من التحليل والنظر والتفكير»، مضيفا أن المعلم الحق مزيج من خمسة عناصر: دين يعصمه، وعقل يكرمه، وعلم يلهمه، وأخلاق تقومه، ومهارة تقدمه، ويفقد المعلم من نفسه بمقدار ما يفقد من هذه العناصر، فإذا فقدها كلها فقد نفسه.

وأفاد عساس «من هنا كان التطرف من أعظم الأسباب التي تفقد المعلم نفسه سواء كان تطرفا لليمين بالغلو في الدين، أو كان تطرفا إلى اليسار بالانحلال والتفلت من الدين، مؤكدا أن التطرف عدوان على هذه العناصر كلها، فالتطرف عدوان على الدين لأنه مخالفة لأوامره ونواهيه، وعدوان على العقل لأنه جنوح عن الصواب، وعدوان على العلم لأنه قفز فوق النصوص الشرعية وكلام الأئمة، وعدوان على الأخلاق لأنه يفضي إلى امتهان حقوق الآخرين، وعدوان على المهارة لأنه يجعل صاحبه يطوع براعته في اجتراح ذلك العدوان.

من جانب آخر، ذكر الدكتور أحمد بن سعد آل مفرح، رئيس اللجنة التعليمية بمجلس الشورى، في محاضرة بعنوان التعليم على قاطرة التمهين، الدور الكبير للمدرسة في تنشئة الفرد وتربيته وتعليمه، مبينا أنه نتيجة للتغير الكبير الذي شهدته مهنة التعليم وتحولها من كونها رسالة، فإنها غدت اليوم في كثير من الأحيان وظيفة يتسابق لها طالبو التوظيف من خريجي وخريجات الجامعات والكليات، لافتا النظر إلى أن ما يؤرق المجتمع والجهة المعنية بالتربية والتعليم هو تحول بعض المنتمين للتعليم عن رسالة التعليم الأساسية وغايتها السامية ومسؤوليتها العظيمة؛ المتمثلة في تربية وإعداد الناشئة، إلى وظيفة فحسب، مما دعا الكثير من المهتمين بالتربية والتعليم إلى المطالبة بتمهين التعليم حرصا على رسالتها من جهة، وسعيا لمساعدة المنتمين لها للتطوير المهني والفني المستدام من جهة أخرى، شأنها في ذلك شأن سائر المهن الأخرى.

وأشار الدكتور آل مفرح إلى أنه تبعا لذلك ظهرت على السطح الحاجة إلى الترخيص للمعلمين - بحسب آل مفرح - وضرورة أهمية اختيار وفحص الكفاءات لمزاولة التعليم والكفاءات عالية التأهيل ذات الحس التربوي، الملتزمة بتطوير ذاتها، والحريصة على نمو الناشئة فكرا وسلوكا ومعرفة ومهارة، مضيفا أن التعليم يرتبط ارتباطا وثيقا بالبناء الروحي والفكري والعقلي والنفسي للناشئة والعناية بها؛ وتسعى الدول إلى تحسين مخرجات التعليم علميا وفكريا وسلوكيا؛ وتحاول أن تتفاعل إيجابيا مع النقلة الهائلة التي تشهدها أوعية المعرفة وأساليب الحصول عليها، والمسؤولية المناطة بالمعلم كبيرة في تحقيق الأهداف التربوية والتنموية؛ مؤكدا أن صلاح المعلم هو الصلاح الحقيقي للمؤسسة التعليمية ومتانة مخرجاتها؛ فالمعلم المؤهل يستطيع التعامل مع النظام التعليمي وتحقيق أهدافه وغاياته وتنفيذ برامجه.

وقال رئيس اللجنة التعليمية في «الشورى»، إن الحاجة اليوم أصبحت جلية أكثر من أي وقت مضى للرقي بمستوى المعلم ومهنته، مبينا أن طالب اليوم اختلف جذريا عن طالب الأمس الذي كان يتلقى جل المعارف من المدرسة فقط، وأصبحت المعارف اليوم مشاعة ومتاحة في العديد من الأوعية، مشيرا إلى التحدي الكبير الذي يواجه المعلم ويتمثل في إعداد وتوجيه الطالب لاختيار الأمثل والمفيد بأسلوب عصري يحترم العقول الناشئة، الأمر الذي يحتم أن يكون المعلم معدا إعدادا جيدا من النواحي الأكاديمية والمهنية والهوية الثقافية، فضلا عن أن يكون قادرا على تنمية وتجديد وتحديث معارفه بصورة مستمرة، وفي ظل كل هذه المعطيات تتزايد المطالبة بتمهين التعليم وإعادة صياغة برامجه لتحقق مطالب واحتياجات الأجيال القادمة، ومدى الحاجة لتمهين التعليم ومتطلباته.

وأكد آل مفرح أن السعودية تخصص 26 في المائة سنويا من موازنتها العامة للتعليم، وكذلك الموافقة الكريمة على انطلاق مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام، الذي وفرت له الدولة نحو 9 مليارات ريال، على مدى ست سنوات. والمعلم هو ركيزة العملية التعليمية ومحورها ويحظى بدعم كبير من الدولة كذلك، فقد صدر له كادر وظيفي خاص به، ويزيد ما يصرف للمعلم على غيره من الموظفين الحاصلين على المؤهل ذاته نحو 30 في المائة من الراتب الشهري، ضمن مشروع الملك عبد الله.

وذكر عضو مجلس الشورى أن نسبة السعوديين في المرحلة الابتدائية وصلت إلى 98.9 في المائة، وفي المرحلة المتوسطة 92.2 في المائة، وفي المرحلة الثانوية 87.2 في المائة بالنسبة لتعليم البنين، وبلغت النسبة في المرحلة الابتدائية 100 في المائة، وفي المرحلة المتوسطة 99 في المائة، وفي المرحلة الثانوية 98 في المائة بالنسبة لتعليم البنات، ويتم تطوير اختبارات مهنية وربطها بإجراءات التعيين والترقية، والتقويم، والتدريب، وإعطاء المزيد من الاهتمام بالتدريب أثناء الخدمة، إضافة إلى توفير الصلاحيات النظامية والإدارية للوزارة لإبعاد المعلم الذي يثبت عدم صلاحيته للتعليم.

وذهب آل مفرح إلى أهمية دور المعلم للنهوض بمخرجات التعليم، ومن ثم الإسهام في التنمية الوطنية الشاملة، وكذلك الحاجة لزيادة الاطمئنان على مخرجات التعليم علميا وسلوكيا ومهاريا، ووجود نظام وطني لمزاولة المهن الصحية، وأن التعليم لا يقل أهمية عن الصحة، وهو تجربة وطنية رائدة وفاعلة، مشيرا إلى جهود ومحاولات وزارة التربية والتعليم لضبط وتقنين عملية اختيار المعلمين وتوظيفهم وتقويمهم، علاوة التغيير الذي طرأ على دور المعلم (إثر الانفتاح المعرفي والتقني)، حيث كان بالأمس هو مصدر ومزود المعرفة الوحيد، بينما أصبح اليوم هو ميسر الحصول على المعرفة ومعزز عمليات التعليم والتعلم.

إلى ذلك، تطرقت الدكتورة هيا بنت عبد العزيز العواد، وكيلة وزارة التربية والتعليم للبنات للشؤون التعليمية، في ورقة عملها المقدمة بعنوان «جهود وزارة التربية والتعليم في مساعدة معلم التعليم العام للقيام بأدواره ومسؤولياته تجاه ظاهرة العنف والتطرف»، إلى المعلم ودوره في العملية التعليمية والتربوية، متطرقة كذلك إلى مفاهيم العنف والتطرف والتحديات التي تواجه معلم التعليم العام في مكافحة العنف والتطرف، إلى جانب أدوار المعلم بصفة عامة والمجالات التي تُستمد منها هذه الأدوار من خلال ما توصلت إليه الدراسات العلمية العربية والأجنبية، والأدوار الأكثر تأثيرا في ظاهرة العنف والتطرف، والمسؤوليات الملقاة على عاتق المعلم من خلال هذه الأدوار.