احتفاليات اليوم الوطني تنتقل من الطرقات العامة إلى قاعات الأعراس السعودية

تتسم أجواؤها بالحماس وتخترقها زفات بأغان وطنية

أصحاب قاعات الأفراح يعتبرون هذا اليوم الوطني من أيام المواسم (تصوير: محمد علي)
TT

لم تعد الشوارع والطرقات والأماكن العامة تتسع للتعبير عن وطنية السعوديين في احتفاليات اليوم الوطني، بل اقتحمت تلك المشاعر قاعات الأفراح لتصبغ زفات العروسين بلونيها الأبيض والأخضر، وسط أهازيج يطلقها الحضور وتنفجر بها جدران تلك القاعات، مفادها «يا دار لا هنتي ولا هان راعيك».

ولأنه عادة ما يصاحب اليوم الوطني إجازة رسمية في كافة قطاعات الدولة، فإن إحياء ليلته بالاحتفال والابتهاج بات أمرا ينتظره المواطنون على اختلاف أعمارهم وأجناسهم من العام إلى العام، فمنهم من يستغله في توثيق ذكرى حفل زفافه وربطه بفرحة ليلة عمره، وآخرون يحتفلون فيه بوطنية وسط أجواء شبيهة بالأعراس من حيث التجهيزات وغيرها.

رأفت إسماعيل مجلد، أحد المستثمرين في قاعة «ليلة عمر» بجدة، أفاد بأنه تم حجز القاعة لمناسبة عرس في اليوم الوطني قبل نحو شهرين من الآن، لافتا إلى أن الكثير من أصحاب القاعات يعتبرون هذا اليوم من أيام المواسم ليستغلوه في رفع سعر الإيجار.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يوافق اليوم الوطني لهذا العام يوم الجمعة الذي عادة ما يتم احتساب إيجاره كأحد أيام منتصف الأسبوع، وهو ما يجعل الكثيرين يستغلونه في إقامة حفلات أعراسهم، ولا سيما أنه عادة ما يكون اليوم الذي يليه إجازة رسمية».

وأشار إلى أن أسعار إيجارات قاعات الأفراح تختلف في منتصف الأسبوع عن نهايته، حيث تقل بمعدل 4 إلى 5 آلاف ريال عن يومي الأربعاء والخميس والإجازات الصيفية، غير أنه استدرك قائلا: «لم يخطر ببالي رفع سعر إيجار القاعة في اليوم الوطني باعتباره موسما، مما جعلني أقوم بتأجيرها وفق أسعار منتصف الأسبوع».

احتفالات اليوم الوطني طالت حتى زفات الأعراس بحسب طلب المواطنين أنفسهم، حيث أكدت مسؤولة قاعة «ليالي الشرق» في جدة، فضلت عدم ذكر اسمها، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن القاعة تقوم بالتجهيز المسبق لهذه الزفات كل عام.

وأضافت: «إذا كانت حفلة العرس يتم إحياؤها بـ(دي جي)، فإننا نقوم بتجهيز أغان وطنية يتم تشغيلها بناء على طلب المعازيم وأصحاب الحفل، في حين يتم إدخال تلك الأغاني بين الوصلات الغنائية التي تؤديها المطربة في الحفل».

بينما أوضحت إيمان سعد، مسؤولة قاعة الاحتفالات في فندق موفنبيك بجدة، أن معظم الذين يرتبون لإحياء حفلات أعراسهم في اليوم الوطني يقومون بإرفاق زفات وطنية وفقرات تشتمل على توزيع أعلام السعودية في جو يعكس حبهم للوطن.

وقالت في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «تقوم بعض النساء بارتداء اللونين الأبيض والأخضر أثناء العرس، إلى جانب جلب فرق نسائية متخصصة لأداء الرقصات الفلكلورية السعودية ضمن فقرات تتخلل الحفل، واللاتي عادة ما يرتدين الثياب النسائية الشعبية أو حتى الزي السعودي الرجالي وتأدية رقصاتهن بالسيوف».

ومن منطلق عشقها لتراب الوطن، تعمل سلوى السريحي، المرشدة الطلابية في مدارس الطفل المثالي للبنات بجدة، في الوقت الحالي على التجهيز لحفلة عرسها التي لم تتمكن من التوقيت لها مع اليوم الوطني، غير أنها لم تتردد مطلقا في صبغ جو حفلها بأجواء وطنية تعبيرا منها عن فرحتها بهذه المناسبة.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «يتضمن حفل زفافي عرض سينما للعديد من صوري التي التقطتها بعد ارتدائي للونين الأبيض والأخضر واتشاحي بعلم السعودية، إضافة إلى تأدية رقصة السامري، إذ إن حبي للوطن جعلني أربط بين فرحتي بليلة عمري وابتهاج المملكة باليوم الوطني»، مشيرة إلى أن جميع من حولها يؤيدها في ذلك.

وذكرت أنها كانت تحضر العديد من حفلات الأعراس التي شاهدت فيها أفكارا مختلفة من ضمنها تشغيل أغان وطنية وتأدية رقصات شعبية وتخصيص زفة لتوزيع أعلام السعودية على الحضور.

وأضافت: «عادة ما يقابل المعازيم تلك الفقرات بالحماس الكبير والتفاعل الشديد، خصوصا أن الأغاني الوطنية تضفي أجواء مختلفة كثيرا عن بقية الاحتفاليات في قاعات الأعراس»، مفيدة بأن احتفال كافة أفراد المجتمع باليوم الوطني نابع من عشقهم لوطنهم.

وامتدادا لاحتفالات اليوم الوطني، فقد اعتادت مجموعة من السيدات والفتيات باختلاف فئاتهن العمرية تجميع مبالغ مالية وتأجير قاعة أعراس يخصصنها فقط من أجل الاحتفال باليوم الوطني، إذ أبانت تهاني الغامدي أنها وصديقاتها في العمل عادة ما يقمن بذلك كل عام.

وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «سمعنا عن مثل هذه التجمعات من قبل، إلا أننا بدأنا فيها منذ نحو عامين، إذ في مرة من المرات استأجرنا استراحة مخصصة للحفلات واقتصر حفلنا على فتيات العائلة، غير أنه في العام الماضي اتسعت دائرة الحضور لتشمل صديقاتنا وصديقاتهن أيضا، مما دفع بنا إلى استئجار قاعة أفراح وجلب مطربة لإحياء الحفل».

وأفادت بأنها وشقيقاتها الثلاث قد قمن بتفصيل عباءات مخصصة لليوم الوطني والتي تجمع بين اللونين الأبيض والأخضر، إلى جانب تزيينها بصورة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وذلك بهدف ارتدائها في الحفل وتأدية رقصات شعبية فيها.

واستطردت في القول: «بالنسبة لهذا العام، اتفقنا على استئجار قاعة أعراس وطبع بطاقات دعوة للحضور، غير أننا سنحيي الحفل بـ(دي جي) وطني تتخلله بعض الأغنيات العادية، فضلا عن تنظيم مسابقة مقتصرة على الحاضرات والتي تتضمن اختيار أجمل زي نسائي يعكس روح الوطنية».