«ابن أخي».. صوت الناخبين في صناديق المرشحين للمجالس البلدية

البعض دفعته الحمية القبلية.. ويحتل الجار عند البعض المقدمة قبل القريب

سعودي يدلي بصوته في ثاني انتخابات بلدية في عملية اقتراع حرة جرت أمس (تصوير: أحمد يسري)
TT

كان يوما حافلا بالممارسة الانتخابية عاشه السعوديون على مدى 9 ساعات من يوم أمس الخميس 29 سبتمبر (أيلول)، على خلفية يوم الاقتراع لعضوية المجالس البلدية بالبلاد. فمنذ ساعات الصباح الأولى فتحت المراكز الانتخابية أبوابها أمام الناخبين للمشاركة في تلك العملية الانتخابية، فيما شهدت بعض المراكز الانتخابية خاصة في العاصمة السعودية الرياض توافد كبار السن والمتقاعدين منهم قبل ساعة من بدء عملية الاقتراع، والتي حددت بالساعة 8 صباحا، واستمرت المراكز الانتخابية في استقبال الناخبين حتى الساعة 5 مساء.

وكانت ساعات ما بعد الظهر أقل الفترات إقبالا من قبل الناخبين الذين توافدوا بشكل أكثر كثافة في الفترة المسائية، وقبل ساعتين من إغلاق أبواب المراكز الانتخابية.

إلى ذلك، شهدت العديد من المراكز الانتخابية حضور مرشحين ووكلاء عنهم لمتابعة سير العملية الانتخابية بتلك المراكز، وأبدى عدد منهم سعادتهم وتقديرهم للسير المنظم والميسر أمام الناخبين. وقد عمدت اللجنة العامة للانتخابات لتجهيز 752 مركزا انتخابيا لاستقبال الناخبين في مختلف مناطق ومحافظات ومدن البلاد، فيما تقدر مصادر اللجنة العامة للانتخابات عدد من سجلوا في قوائم الناخبين في الدورة الثانية (الحالية) بما يزيد على مليون ناخب، لاختيار 816 ممثلا عنهم في 285 مجلسا بلديا.

وتستحوذ العاصمة السعودية الرياض على أكبر عدد من المراكز الانتخابية، حيث يبلغ عددها 74 مركزا، تتوزع على 7 دوائر انتخابية، ومن المتوقع أن تستقبل تلك الدوائر ما يقارب 84 ألف ناخب، لاختيار 7 ممثلين عنهم، يشكلون نصف عدد أعضاء المجلس البلدي لمدينة الرياض.

وفي حي السويدي (غرب الرياض) شوهد عدد من كبار السن ومن المتقاعدين يتوافدون قبل ساعة من بدء عملية الاقتراع في الفترة الصباحية، وعلل البعض منهم حضورهم المبكر بعدم وجود ما يشغل وقت الفراغ لديهم، واعتبر فهد العميري (67 سنة) متقاعد، أن يوم الاقتراع فرصة لإشغال الوقت بممارسة عمل انتخابي، بحسب وصفه، مشيرا إلى أنه قدم إلى المركز الانتخابي لممارسة حقه الانتخابي. وعند سؤالنا له عمن رشح أكد أنه رشح الشخص الأجدر من وجهة نظره.

بينما يرى عبد العزيز السعودي (66 سنة) متقاعد، أن ما دفعه للمشاركة هم أهل الحي الذي يسكنه، ولمح إلى أن أغلب ساكني الحي اتفقوا على المشاركة في هذه الانتخابات، من دون تحديد اسم مرشح معين.

من جانبه، أكد أبو عبد الرحمن، وهو رجل يقترب من العقد التاسع من العمر جاء سيرا على قدميه وبيده عصاه التي يتوكأ عليها للمركز الانتخابي، أن ما دفعه للمشاركة هو حبه لبلده، مؤكدا أنه على الرغم من عدم قدرته على القراءة والكتابة فإن المشرفين على المركز الانتخابي ساعدوه لتعبئة استمارة الاقتراع.

وكانت اللجنة العامة للانتخابات توفر لمن لا يجيدون القراءة والكتابة اثنين من الموظفين بالمركز الانتخابي يباشران مساعدة الناخب في تعبئة استمارات الاقتراع، لضمن نزاهة التصويت.

إلى ذلك، شهدت المراكز الانتخابية بشرق العاصمة الرياض توافد أعداد متوسطة من الناخبين للتصويت لمرشحيهم، واعتبر رؤساء تلك المراكز الانتخابية أن قلة الأعداد أمر متوقع لكون اليوم هو يوم إجازة في نهاية الأسبوع بالسعودية، معتبرين أن كثافة الأعداد ستكون في الفترة المسائية وبالأخص فترة ما بعد صلاة العصر.

وكان عدد من الناخبين في حي النسيم والنظيم (شرق الرياض) أفصحوا عن أن الدافع لمشاركتهم هو الوقوف بجوار قريبهم وابن قبيلتهم، وقال أحمد العنزي (48 سنة) موظف حكومي «أنا موجود هنا بالمركز الانتخابي للإدلاء بصوتي لـ(ابن أخي)»، وهو تعبير يطلقه السعوديون لوصف القريب من أبناء العشيرة. وعن سؤالنا له عن مدى معرفته بالبرنامج الانتخابي لمن صوت لصالحه اعترف بعدم معرفته ببرنامجه الانتخابي، لكن الحمية القبلية هي التي دفعته للتصويت بترشيح ابن قبيلته.

ولم يختلف عن العنزي موقف حمود الشمري، (56 سنة) موظف بالقطاع الخاص، بالتأكيد على أنه أعطى صوته لابن قبيلته، مفضلا إياه عمن سواه من المرشحين، وموضحا أنه تربطه بذلك المرشح معرفة وصلة دم وقرابة، بحسب وصفه.

بينما أكد الشاب سلطان العنزي، الذي شارك في يوم الاقتراع بالتصويت لشخص لا تربطه به أي صلة قرابة أو معرفة، على أنه قام بزيارة ذلك المرشح في مركزه الانتخابي والاطلاع على سيرته الذاتية والتعرف على برنامج الانتخابي، والذي يرى فيه سلطان أنه يحقق تطلعاته نحو تحسين الخدمات البلدية بحيه السكني. ولفت سلطان إلى تفضيله لمرشحه لكونه على درجة عالية من التعليم، ملمحا إلى أن الكثير ممن رشحوا أنفسهم لا يحملون شهادات علمية تؤهلهم لدخول المجلس البلدي.

فيما اعتبر عبد الله السعيد، (55 سنة) أعمال حرة، أن «الجار قبل القريب»، مؤكدا أنه أعطى صوته لجاره، الذي فضله على قريبه، بعد أن قام جاره المرشح في الدورة الحالية للانتخابات البلدية بمطالبة السعيد بأن يصوت له بحق ما يجمعهما من جوار في المسكن.

من جهته، أكد مدلول الشمري، (57 سنة) موظف حكومي، على أن مشاركته في الاقتراع الانتخابي تأتي في إطار ممارسته لحقه الانتخابي، والذي يرى فيه فرصة تستحق المشاركة هيأتها له القيادة السياسية، ولم يفصح الشمري عن اسم من صوت له بالترشيح، وقال ضاحكا «ليس ابن أخي».