أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران تنجز أكثر من 8 آلاف ساعة تدريب خلال 6 أشهر

الكابتن طلال عقيل لـ«الشرق الأوسط»: رخص الطيران وحدها لا تؤهل حاملها لقيادة الطائرات

الكابتن طلال عقيل في قمرة القيادة ويشرح لمراسلة «الشرق الأوسط» عن تفاصيلها (تصوير: غازي مهدي)
TT

أكد متحدث يشغل منصب رفيعا بأكاديمية تعنى بعلوم الطيران بالسعودية لـ«الشرق الأوسط»، أن الحصول على رخصة الطيران الخاص، لا تؤهل حاملها للعمل طيارا سواء كان ذلك في «الخطوط السعودية» أو غيرها من مؤسسات وشركات الطيران الحكومية والخاصة في مختلف دول العالم، ومعتبرا أن ما يتلقاه المتدرب خلال فترة دراسته يقتصر على تدريبه لشغل وظيفة مساعد طيار وليس قائدا للطائرة.

وأوضح الكابتن طلال بن حسين عقيل، رئيس الوحدة الاستراتيجية لأكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران، أن رخصة الطيران الخاص والطيران الآلي والطيران التجاري، يتم التعامل معها من قبل شركات الطيران على أساس حصول المتدرب على الرخص المطلوبة في علوم الطيران فقط، ويجب استيفاء بقية المتطلبات حسب أنظمة القبول الخاصة بشركات الطيران.

وذهب عقيل لتأكيد أن الحاصل على رخص الطيران، بعد استيفاء بقية شروط القبول بنجاح يتم تدريبه على وظيفة مساعد طيار، وليس طيارا، كاشفا عن أن مساعد قائد طائرة لن يصل إلى رتبة قائد طائرة إلا بعد أن يمضي أعواما عدة متدرجا كمساعد قائد طائرة على عدد من الطائرات.

جاء ذلك في لقاء أجرته «الشرق الأوسط» للوحدة الاستراتيجية لأكاديمية الأمير سلطان لتدريب علوم الطيران، الذي تم خلاله الاطلاع على كيفية تدريب الطيارين بصفة عامة والمضيفين والمضيفات (في ما يخص السلامة) وموظفي العمليات ومنسوبي بعض الشركات والمؤسسات المحلية والإقليمية إضافة للعالمية.

وشدد الكابتن عقيل على معلومة مهمة خلال طرحه لاختصاص أكاديميته بأن اختصاصها يتمثل في أن الطالب الذي درس الطيران على حسابه الخاص وجاء ليتقدم إلى أي شركة طيران ليعمل مساعد طيار، فهذه الشهادة لا تؤهله للطيران، مؤكدا ضرورة إكمال دراسته وتأهيله بدورات أخرى، لافتا إلى أنه بعد حصول المتقدم على الرخص المطلوبة ومنها رخصة الطيران الخاص ورخصة الطيران الآلي ورخصة الطيران التجاري، واستيفائه لبقية الشروط المطلوبة والمعدة من قبل شركة الطيران، يبدأ كمتدرب على وظيفة مساعد طيار من فئة (ب) أو (ج) في أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران.

وأشار عقيل إلى ما يحصل لدى بعض العامة والإعلام من الخلط بين ما تقدمه أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران فعليا وما يتصوره البعض عنها. وأوضح الكابتن عقيل أن أكاديمية الأمير سلطان لا تقوم بتدريس الطيران الأساسي، وإنما تقوم بالتدريب المتقدم، مبينا أن التدريب الأساسي يتم بالتدريب على الطائرات المروحية التي تعطي شهادة طيران خاص وطيران تجاري وطيران آلي، ويوضح كابتن عقيل أنه في التسعينات كانت توجد لدى الأكاديمية طائرات مروحية، وكانت تقوم بالتدريب الأساسي عليها.

وبين الكابتن عقيل أن دارس الطيران وبعد قبوله من شركة الطيران تحدد شركة الطيران نوع التدريب المطلوب وحسب الحاجة التشغيلية على طائرة من فئة (ب) أو (ج). بعدها يأتي دور أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران، حيث يتم إعطاؤه دورة لعلم الطيران النفاث بصفة عامة، الذي يعتبر حلقة وصل بين دراسة المتدرب وما سيتلقاه من دروس في المستقبل. وأوضح الكابتن عقيل أن الطائرات تقسم لأربع فئات (أ) و(ب) و(ج) و(د)، التي تختلف في ما بينها من ناحية الوزن وعدد الممرات بين المقاعد، وبصفة عامة يعتبر الوزن هو الفيصل الأول، والممرات هي الفيصل الثاني، فالطائرة (م د 90) و(الإمبراير) يوجد لديها ممر واحد لذلك هي من فئة (ب)، و(إيرباص 320 و321) أيضا لديها ممر واحد ولكنها تعتبر من فئة (ج) لأن وزنها أعلى، أما الطائرة ذات الممرين فتعتبر من الفئة (د) التي لها جسم عريض والتي يبلغ وزنها 380 طنا في الإقلاع، وهي الطائرات الكبيرة مثل (بوينغ 777 وبوينغ 747 وإيرباص 330 وإم دي 11).

وبين أن مساعد الطيار من بداية الدراسة الأرضية إلى أن يعين مساعد طيار على الفئة (ب) أو (ج) حسب احتياجات «الخطوط السعودية»، يتطلب مدة زمنية نحو الـ6 أشهر، ويبقى مساعد طيار على هذه الفئات حتى يكمل 1000 ساعة طيران التي تعادل سنة ونصف إلى سنتين، وبعد قضاء هذه الساعات يتحول إلى مساعد طيار على الفئة (د) حتى يكمل 4 آلاف ساعة طيران.

وقدر الكابتن عقيل أن المدة التي يبقى فيها مساعد طيار بنحو 7 سنوات تقريبا يتخللها العديد من التدريبات والتدرج الوظيفي، ثم بعد إنهاء عدد 5 آلاف ساعة المطلوبة كمساعد قائد طائرة يحول إلى قائد طائرة (طيار) على الفئة (ب) و(ج)، ويبقى قائد طائرة على هاتين الفئتين حتى ينهي 2500 ساعة كحد أدنى التي تقدر حسب الاحتياجات التشغيلية، ومن ثم ينتقل إلى قائد طائرة (د) ويكمل على هذه الطائرات حسب الاحتياجات التشغيلية.

وأوضح كابتن عقيل أن هذه المراحل ليست نهاية المطاف والابتعاد عن الأكاديمية ولكن هناك تدريبات سنوية مطلوبة، للطيار ولمساعد الطيار، مبينا تساويهم في التدريبات والمعلومات، ولا يفرق بينهم في الصفوف سوى الخبرة، معللا ذلك بوجود المعلومة التي لا بد أن تتوافر للمساعد وللطيار، فالاثنان يكونون في غرفة قيادة واحدة ولا يفرق بينهم سوى الخبرة، ولكن في الحالات الاضطرارية التي تحتم تعاملا منفردا يستطيع مساعد الطيار أن يتخذ الإجراء المناسب ويتصرف كما لو أنه طيار، لهذا السبب تكون التدريبات واحدة، ولكن الكلمة الأخيرة تكون للطيار بمقتضى النظام.

وحسب الأنظمة المحلية والعالمية، يتدرب الطيار ومساعد الطيار في الأكاديمية مرتين في العام، ليخضع للعديد من التدريبات والاختبارات، فيأتي يوما واحدا في العام ليؤدي اختبارا يسمى «مدى احترافية الطيار»، يؤديه على الجهاز التشبيهي المتحرك، والمرة الثانية في العام يكون لمدة خمسة أيام، يقضي ثلاثة أيام في الفصول الدراسية ويومين على الجهاز التشبيهي المتحرك، إضافة لاختبار سنوي في الطائرة يقيم من خلاله الطيار ومساعد الطيار داخل الطائرة، بالإضافة إلى اختبارات مفاجئة على الخط في الطائرة. وبين أنه لا بد من إجراء فحوصات طبية سنوية للطيار والمساعد الطيار، حيث يتم فحص طبي مرتين في العام من الدرجة الأولى للطيار، ومرة واحدة في العام لمساعد الطيار. وهذا هو الشيء الوحيد الذي يختلف فيه مساعد الطيار عن الطيار.

واعتبر رئيس الوحدة الاستراتيجية لأكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران أن الأكاديمية مسؤولة عن تقديم التدريب المتخصص لأعضاء طاقم القيادة وطاقم الخدمة الجوية وموظفي خدمات العمليات الجوية المتخصصين، وذلك في أنظمة وأداء وإجراءات الطائرة وتدريب سلامة الطيران من خلال الفصول الدراسية والأجهزة التشبيهية الثابتة والمتحركة.

وهناك وقت يتم فيه تدريب إدارة موارد طاقم الطائرة للنقل الجوي، وهو علم بحد ذاته وتفخر الأكاديمية بتقديمه للقوات الجوية الملكية السعودية إضافة لشركات طيران أخرى.

وكشف عقيل عن تقديم أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران التدريب لـلخطوط الجوية العربية السعودية، بالإضافة لعديد من الجهات مثل القوات الجوية الملكية السعودية، وشركات طيران أخرى مثل شركة «ناس» و«الوفير» و«آرأطلنطا» والخطوط الملكية البحرينية وغيرها.

وكانت أكاديمية الأمير سلطان حققت في النصف الأول لعام 2011 الحالي، ساعات تدريب للأرضي بلغت في ستة أشهر 8 آلاف و131 ساعة، وأعداد المتدربين الذين تم تدريبهم داخل أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران 7 آلاف 768 متدربا، وبلغت ساعات التدريب على الأجهزة التشبيهية 447 ساعة، ومن المتوقع أن تصل في نهاية العام إلى الضعف.

وبين عقيل سعي الأكاديمية للحصول على تراخيص عدة، تأتي في مقدمتها ترخيص (إيرباص)، موضحا أن الأكاديمية وخلال الثلاثة أشهر القادمة ستنضم لبرنامج «APT» من شركة (إيرباص) للتدريب في الشرق الأوسط وبقية العالم، لافتا إلى تطلع أكاديميته إلى أن تكون مركزا تدريبيا معترفا به عالميا من قبل شركة تصنيع الطائرات «إيرباص»، بالاستناد إلى تأسيس المستويات الضرورية لمعرفة مهارات ملاحي الطائرة وموظفي خطوط الطيران.

وأفصح عقيل عن أن أكاديمية الأمير سلطان تمتلك في الوقت الحالي 9 من أجهزة التدريب التشبيهية المتحركة، التي يستجيب المتدرب من خلال التدريب عليها بصورة مماثلة، كأنه في طيران حقيقي، موضحا أن الأجهزة التشبيهية المتحركة مصممة بصورة مطابقة لغرفة قيادة الطائرة مع مفاتيح وأضواء وأجهزة قياس، علاوة على المؤثرات السمعية والمرئية ومحاكاة الحركة، ويقوم المتدرب بتنسيق أنشطته مع أعضاء الطاقم الآخرين لضمان أن كل الطاقم يقوم بالأداء في تآزر متزامن. ولفت إلى أن تكلفة جهاز التدريب التشبيهي المتحرك الواحد تبلغ ما يقارب 34 مليون دولار، وهي مرخصة من هيئة الطيران المدني السعودي، بينما تضم الأكاديمية 5 أجهزة تدريب تشبيهي ثابت، واثنين من أجهزة تدريب إجراءات متكاملة، و3 أجهزة تدريب على أنظمة الملاحة الجوية، و12 جهازا للتدريب على الأبواب، وجهازين تدريب على الإخلاء في حالة الطوارئ بمقصورة الكبينة، وغرفا للتحضير قبل وبعد حصة التدريب على الجهاز التشبيهي المتحرك في كل نوع من أنواع الطائرة، ومكتبة طيران، وفصولا مجهزة، ومركز اختبار متقدما للغة الإنجليزية معتمدا من قبل الهيئة العامة للطيران المدني. وتعرف أكاديمية الأمير سلطان بأنها وحدة استراتيجية تابعة للخطوط الجوية العربية السعودية، ولها من الخبرة في مجال التدريب ما يزيد على 56 عام، مما مكن الأكاديمية من تقديم وتسويق برامج متكاملة عن تدريب العمليات الجوية محليا وخارجيا، وذلك بتوفير تدريب مهني نوعي للنقل الجوي، وجداول متابعة منظمة لمتابعة أداء المدربين والمتدربين.

وحول علاقة «الخطوط السعودية» بالوحدة الاستراتيجية لأكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران، أوضح الكابتن طلال بأن العلاقة بين «الخطوط السعودية» والأكاديمية تحكمها اتفاقيات مستوى خدمة متفق وموقع عليها تشرح ما الخدمات المطلوبة، وتتضمن أيضا قيمة التكلفة لكل خدمة وعليه تقوم الأكاديمية بتقديم الخدمة المتفق عليها، وذلك حسب أدلة الإجراءات الخاصة بالقطاعات أو الوحدات الاستراتيجية الأخرى التابعة للخطوط السعودية المستفيدة.

وعلى صعيد متصل، أكد عقيل أن الأكاديمية تحقق نسبة سعودة قدرها بـ73 في المائة من القوى العاملة، موضحا أنه يوجد 193 موظفا بالأكاديمية، 140 منهم سعوديون، مقابل 53 غير سعودي، ولافتا إلى ما يتطلبه علم الطيران من إجادة اللغة الإنجليزية، وذلك ما تركز عليه الأكاديمية خلال سعيها لاستقطاب الكفاءات الوطنية للعمل في برامجها التدريبية المختلفة.

وعن أنواع التدريب التي تقدمها الأكاديمية للطيارين، قال كابتن طلال عقيل «تقدم الأكاديمية العديد من التدريبات، التي منها التدريب الأساسي، والتدريب الأولي، والتدريب الانتقالي، والتدريب التخصصي، والتنشيطي، وتدريب الفوارق، وتدريب إعادة التأهيل، والعديد من برامج التدريب الأخرى».

وبين أن التدريب الذاتي يتم عن طريق الحاسب الآلي وهي طريقة حديثة للفصل التقليدي، ولدى الأكاديمية 20 فصلا تقليديا عالية التجهيز، بالإضافة لقاعة تضم 201 جهاز حاسب آلي للتدريب الذاتي. وفي أثناء فترة التدريب الأرضي يتدرب المتدرب أيضا على نظام أجهزة الملاحة الجوية ومن ثم أجهزة التدريب التشبيهية الثابتة وهي مكملة للتدريب الأرضي حتى يصل إلى أجهزة التدريب المتحركة، حيث تتيح للمتدرب التطبيق العملي لأنظمة للطائرة أثناء الظروف العادية الطارئة بوجود مدرب طيران.

ومن جهة أخرى، يرى عقيل أن وظيفة المضيفين والمضيفات ليست تقديم الطعام للركاب والعناية بهم فقط، وإنما من أهم أدوارهم الحفاظ على أمن وسلامة الركاب التي من أجلها يتم تدريبهم بشكل دوري على جمع السيناريوهات المحتملة للحوادث وكيفية التعامل معها بكل دقة وحكمة. هذا وتقوم أكاديمية الأمير سلطان بإعطاء تدريب السلامة الذي يشمل الطيارين والمضيفين، حيث خصصت مبنى كاملا لتدريبات السلامة مجهزا بالعديد من الأجهزة التشبيهية الثابتة.

وبحسب عقيل، يوجد في الأكاديمية 12 جهازا تدريبيا لفتح أبواب المقصورة، يقوم مدربو مقصورة الكابينة بتدريب الطاقم الجوي على التعامل مع أبواب الطائرة في الحالات العادية وحالات الطوارئ، والذي يجب على طاقم الطائرة أن تكون لديه القدرة على الوصول إلى تشغيل إقفال الأبواب بصورة فعالة.

كما يتم التدريب على أجهزة إخلاء الطوارئ لمقصورة الركاب، وخلال تدريب إخلاء الطوارئ يقوم المدربون بإعداد المقصورة والشرح للمسافرين (المفترضين) والتنسيق مع الملاحين ليجري المتدربون تدريبا حيا لإجراءات الطوارئ باستخدام المؤثرات الصوتية والضوئية والدخان التشبيهي والتدريب في المناطق اليابسة والبحار، والتدريب على الإسعافات الأولية، مع توافر أماكن للتدريب على كيفية إخماد الحرائق والحد من اشتعال النيران.

يشار إلى أن نشأة أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران كانت إبان عام 1959، حين تم إنشاء معهد تدريب الطيران للسعودية، الذي يعمل على تدريب الطيارين بموارد محدودة، وفي أوائل الستينات الميلادية تم تقديم المدرب الرابط ليوفر واقعا محدودا لطائرة، وكانت هذه التقنية متقدمة في حينه خاصة في تدريس الطيران، كما تم تقديم جهاز إجراءات كابينة القيادة على طائرة (الكونفير) عام 1966م، وفي عام 1975م تم إضافة أجهزة التدريب الذاتي لطائرات بوينغ 737. وفي عام 1979م، تغير المسمى إلى «مركز تدريب العمليات الجوية» لتدريب وتأهيل موظفي العمليات الجوية والخدمة الجوية، في الخطوط الجوية العربية السعودية. وفي 3 ديسمبر (كانون الأول) لعام 2004، دشن الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام ورئيس مجلس إدارة «الخطوط السعودية»، مبنى تدريب العمليات الجوية الجديد بمسمى أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران، وحتى حينه كانت الأكاديمية تابعة للعمليات الجوية في «الخطوط السعودية».

وتم مؤخرا البداية في مراحل التخصيص، التي انطلقت قبل عدة أعوام، مبنية على توصية من اللجنة العامة لمجلس الوزراء السعودي، وتم اتخاذ عدة إجراءات، منها تسجيل الأكاديمية لدى وزارة التجارة والصناعة بمدينة جدة بسجل تجاري بمسمى شركة أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران.