خبراء يحذرون من ضرر النظارات والعدسات المقلدة على العين

السعوديون يجهلون الاستثمارات الواعدة في قطاع البصريات

مختصو البصريات يطالبون بتقنين القطاع للحد من الفوضى والعشوائية («الشرق الأوسط»)
TT

دعا خبراء في سوق البصريات في السعودية إلى إيجاد تشريعات جديدة تحد من العشوائية التي يشهدها القطاع وضعف الرقابة على المحلات الصغيرة التي أصبحت تمارس المهنة من دون قيود أو متابعة من الجهات المختصة، الأمر الذي قد يلقي بالضرر على المستهلكين من الجانب الصحي، أو حتى على المستثمرين، في ظل تزايد النظارات والعدسات المقلدة التي يعد ضررها أكثر من نفعها. في حين يعتبر الكثير من المهتمين أن قطاع البصريات من القطاعات المجهولة التي لم يكتشفها بعض المستثمرين السعوديين حتى الآن.

وطالب مختصون في هذا المجال وزارة الصحة وهيئة التخصصات الطبية والبلديات بتقنين منح التصاريح، وعدم منحها إلا لمستثمرين مؤهلين، للحد من الفوضى والعشوائية، وإغلاق المحلات التي تمارس المهنة من دون ضوابط أو اشتراطات صحية والتي قدرها الخبراء بنحو 60 في المائة من المحلات العاملة في السوق، في حين تصل التصاريح الممنوحة لمحال البصريات النظامية والمؤهلة إلى نحو 1500 تصريح.

وفي هذا الصدد، قال قاسم الأسمري، المدير الإداري لقطاع البصريات في مجموعة «بقشان»، إن قطاع البصريات من القطاعات الاستثمارية المهمة التي يجب أن تحظى بالاهتمام والمتابعة والتي تشكل رافدا اقتصاديا جيدا. وقال إنه مع الأسف يهيمن المستثمرون الأجانب على سوق البصريات بنسبة كبيرة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من دون أي منافسة تذكر من المستثمرين السعوديين، مشيرا إلى أن الأنظمة والقيود التي تفرضها الجهات المعنية خلقت نوعا من العشوائية في هذا القطاع.

وتشير آخر دراسة لقطاع البصريات إلى أن حجم السوق يصل إلى أكثر من 2.6 مليار ريال (693.3 مليون دولار)، وهو ما يشكل نحو 35 في المائة من سوق دول مجلس التعاون الخليجي، فيما تشير تلك الدراسة إلى أن القطاع يشهد نموا متزايدا بنسبة 10 في المائة.

وأضاف الأسمري أن عدم وجود معاهد متخصصة للبصريات حد من وجود الكادر المطلوب من الفنيين والمتخصصين في هذا المجال، لا سيما بعد أن أغلقت وزارة الصحة بعض المعاهد الخاصة أو الأقسام التي تدرس دبلوم فني بصريات، مثل معهد البصريات في جدة والمعهد السعودي للتخصصات الصحية الذي يضم قسم بصريات وكذلك قسم البصريات في كلية المجتمع في مكة وقسم البصريات في جامعة الملك سعود.

وبين أن الوزارة اشترطت لاستمرار هذه المعاهد تدريس البكالوريوس أو إغلاقها، مع أن القطاع في حاجة لخريجي الدبلوم من الفنيين للعمل في ورش عيادات البصريات، مشيرا إلى أن أغلب خريجي هذه المعاهد قبل إغلاقها لم يفوا بالحاجة الفعلية لمحدودية الخريجين والذي يتجهون في الغالب إلى القطاع الصحي الحكومي، مطالبا بإعادة النظر لفتح مثل هذه المعاهد لدعم سوق البصريات بالحاجة الفعلية من الشباب السعودي، بدلا من الاعتماد على الكوادر الأجنبية التي حصرها أيضا على الأردن ومصر والفلبين من دون السماح أو الحصول على تأشيرات لفنيين من دول أخرى.

وبيّن أن وجود خريجين وعملهم في سوق البصريات يؤهلهم في ما بعد للدخول كمستثمرين أيضا وإحلالهم محل الأجانب، خاصة أن السوق غنية بالفرص الاستثمارية، في ظل محفزات النمو السكاني وظروف الطقس في السعودية والعدد المتزايد من الزائرين والمعتمرين والحجاج إلى السعودية، إضافة إلى وعي المواطن للاهتمام بأهمية الكشف على العين والوقاية من الأمراض، معتبرا تفرد الفنيين الأجانب في قطاع البصريات خلق جيل مستثمرين أجانب.

وبين الأسمري الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس لجنة البصريات في غرفة جدة أن نحو 60 في المائة من محلات سوق البصريات غير مرخصة، ويكتفي بعضها بالحصول على ترخيص نظارات شمسية من البلدية، ومن ثم يمارس مهنة بيع النظارات والعدسات في ظل ضعف الرقابة، مبينا أن المراقبين يكتفون في جولاتهم بالحصول على جدول المحلات المرخصة لديهم رسميا، في حين أن جدة على سبيل المثال تزخر بجراجات نظارات مقلدة من دون رقيب.

ونبه أن المشكلة تمتد أيضا إلى تقليد الماركات العالمية في ظل السوق المفتوحة وسهولة دخولها، حيث إن بعض المحلات التي تبيع ماركات مقلدة لا تكتفي بالتقليد بل أيضا تتمسك بسعر النظارات والعدسات ذات الماركات المعروفة كي لا ينفضح أمرها، وهذا مؤشر خطير وضرره على المستهلك كبير.

وحذر الأسمري من النظارات والعدسات الطبية المقلدة لأنها تمثل أحد أسباب أمراض «التراخوما». وأضاف أن قطاع البصريات أفضل القطاعات استثماريا، لكنه يحتاج إلى تعاون واهتمام الجهات الأخرى لوضع حد للفوضى والقضاء على السلبيات، وتحفيز المستثمرين السعوديين. وقال «نحتاج إلى توصيل صوتنا للمسؤولين، لكننا نجد الكثير من العوائق وبعض المشاكل مع الشؤون الصحية وهيئة التخصصات الصحية والهيئة العامة للغذاء والدواء والبلديات بعد أن أصبحت النظارات والعدسات تباع حتى في البقالات ومحلات الإكسسوارات، وقد طلبنا اجتماعات مع بعض المسؤولين ولكن لم نجد أي تجاوب حتى الآن».

وكشف الأسمري عن وجود سوق كبيرة في الخاسكية بجدة لمحلات الجملة التي تستخدم الشقق وبعض المحلات لبيع الماركات المقلدة بالجملة من دون أن يتصدى لها أحد، مشيرا إلى أن «بعض المستثمرين في جدة طرحوا اقتراحا لدعم الرقابة من البلديات والشؤون الصحية ووزارة التجارة ودعمهم بفنيين أكفاء ولكن لم نجد تجاوبا».

من جهتها، ركزت ربيعة تركستاني، مستثمرة في قطاع البصريات، على الجانب الصحي، محذرة من الانجراف إلى ارتداء نظارات مقلدة لما لها من أثر سلبي على صحة العين، خاصة في ما يتعلق بالأطفال، مؤكدة أن السوق تعج بالكثير من النظارات والعدسات اللاصقة المقلدة والتي يقبل عليها البعض لعدم الوعي بضررها، وكذلك لرخص سعرها، وهو ما قد يشكل ضررا ومضاعفات للعين. وحذرت الآباء والأمهات بضرورة التأكد من مطابقة النظارات التي يرتديها الأطفال من حيث الفريم والعدسات للمواصفات، لأن الطفل قد يكون عليه الضرر أكثر من الكبار عند استخدام هذه النظارات المقلدة، مشيرة إلى أن محلات البصريات المعروفة لديها عيادات مجهزة بأحدث الأجهزة للكشف على النظر وعلى جودة العدسات والنظارات، ولا بد للعميل أن يتأكد من النظارة التي يرتديها سواء الطبية أو الشمسية، لأن النظارات المقلدة تركها أفضل من ارتدائها، لأنه من الخطاء ارتداء نظارة ضعيفة الحماية.

وطالبت ربيعة تركستاني، التي تدير إحدى أكبر العيادات في جدة وتحمل شهادة الماجستير في التسويق، بإغلاق المحلات الشعبية، وإلزام أصحاب التراخيص الجديدة بميزانية كحد أدنى لفتح محل بصريات، على أن يضم عيادة وورشة مجهزة بأحدث التقنيات الحديثة في مجال البصريات من دون الترخيص لمحلات النظارات الشمسية التي يستغلها أصحابها في بيع العدسات الطبية التي تشكل خطرا على المستهلك.

وشددت على أهمية الرقابة على كل المحلات ومتابعة المحلات الشعبية بدلا من التركيز على المحلات المرخصة نظاميا، كما أهابت بالجهات المختصة القيام بدور توعوي لحماية الناس من ضرر النظارات المقلدة التي تعج بها السوق السعودية.