رحلة بحث علمية تفتح كوة لترميم أقدم قرى منطقة نجد

«إشيقر» حصدت جائزة الأمير سلطان بن سلمان للتراث العمراني

السوق القديمة في إشيقر تعرض منتجات المجتمع المحلي (تصوير: ماجد المالكي)
TT

قادت بعثة طلابية زارت قرية «إشيقر» القديمة - وسط السعودية - قبل نحو عقد من الزمان، لإعادة إحياء القرية التراثية القديمة، وذلك، بعد أن طالب المسؤول الأكاديمي عن طلاب كلية العمارة والتخطيط بجامعة الملك سعود، بمخاطبة جهات حكومية عدة لإعادة ترميمها والمحافظة عليها.

وتعد القرية القديمة البلدة الطينية المتماسكة الوحيدة في منطقة نجد، التي تشابه في نمطها العمراني عددا من حواضرها، وكان لأهالي إشيقر الدور الأكبر في إعمار القرية القديمة، وذلك من خلال مشروع ترميم البلدة القديمة وأسوارها التاريخية بمساندة من الهيئة العليا للسياحة والآثار.

وبادر عدد من الأهالي إلى ترميم منازل أجدادهم، فطال الترميم بيوت الخراشي، والحميّد، والحسيني، والعبداللطيف، والحصيني، والعامر، كما جرى ترميم المدخل الرئيسي للبلدة والسوق التجارية القديمة، وطال الأسواق الست؛ وهي سوق المدينة، وسوق المهاصري، وسوق العصامية، وسوق العقدة، وسوق الصعيداء، وسوق المنيخ.

وقال عبد الله المغيرة، رئيس مركز إمارة إشيقر لـ«الشرق الأوسط» إن بداية العمل في القرية القديمة انطلق منذ خمس سنوات، بعد أن تم تشكيل لجنة لإعادة إعمار المباني القديمة، وكانت البداية بالأسواق والطرقات والمساجد.

وشدد المغيرة خلال لقائه بقافلة الإعلام السياحي الثانية عشرة، التي زارت المنطقة، على أن الأهالي قاموا بترميم منازلهم، كل على حدة، وقاد هذا العمل لجان محلية، مبينا أن عدد منازل القرية يتجاوز 600 منزل قديم، طال الترميم جزءا كبيرا منها، فيما يجري العمل لاستكمال باقيها.

وشدد رئيس مركز إشيقر على أن الدكتور فرحات طشقندي أستاذ العمارة بجامعة الملك سعود، هو من بادر بإحياء القرية القديمة، بعد رحلة بحث أكاديمية لقرية قديمة ومتماسكة ليعد عليها طلابه في الجامعة بحوثهم، ويقدم لهم شرحا عمليا عن نمط العمارة القديمة، وقادته للقرية القديمة في إشيقر، حيث وجد مبتغاه.

وقال إن الدكتور طاشقندي خاطب جامعة الملك سعود، معرفا بأهمية القرية، وضرورة المحافظة عليها، وقامت الجامعة بإرسال خطابات بذلك لجهات حكومية عدة؛ منها إمارة منطقة الرياض، وتم العمل على أساس ذلك، وقطع شوط كبير من العمل.

وبين أن الجهات الحكومية قامت بالعمل، كل حسب تخصصه؛ ومنها وزارة الشؤون الإسلامية، التي قامت بتهيئة المساجد على النمط العمراني القديم، مشيرا إلى أن الأعمال الخاصة بالقرية التراثية تم الانتهاء منها، وباقي البنى التحتية يجرى العمل بها حاليا من صرف صحي وكهرباء وماء.

وبين رئيس مركز إشيقر أن الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العامة للسياحة والآثار، وجه الشركات والمكاتب السياحية بإعداد برامج سياحية بهدف جذب السياح والزوار.

وقال إن القرية القديمة بشقراء كانت قد فازت بجائز الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العامة للسياحة والآثار للحفاظ على التراث العمراني، وذلك عن مشروع الترميم والإعمار للقرية التراثية، وجاء ذلك تتويجا للأعمال المنجزة.

وموقع إشيقر جنوب شقراء في وسط المملكة العربية السعودية، على نحو 2 كم، وتتبع إداريا محافظة شقراء التابعة إداريا لمنطقة الرياض، أما موقعها بالنسبة للرياض، فهي في الشمال الغربي منها على بعد نحو 210 كم.

وبحسب عجب العتيبي، مدير الآثار بمحافظة شقراء، فإن تسمية إشيقر بهذا الاسم تعود إلى جبل الأشقر، الذي يحدها من الشمال، ويمتد بشكل قوس من الشرق إلى الغرب مائلا إلى الشرق يسيرا، وهو معروف عند أهل البلدة بـ«جبل الجنينة» الملاصق للبلدة من جهة الشمال.

ومن المواقع السياحية بمركز إشيقر، مطل جبل الضلع، الذي شيد بدعم من رجال الأعمال وبلدية محافظة إشيقر، وغدا المطل علامة سياحية بارزة في المنطقة، ويحوي المطل 75 استراحة، مزودة بكل الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء ومواقف للسيارات وصالة للاحتفالات بكامل خدماتها تتسع لأكثر من 900 مقعد ومجهزة بمسرح متكامل.

وفي حال اكتمال الخدمات المطلوبة والعمل في قرية إشيقر القديمة، يتوقع أن تكون أحد أهم المزارات السياحية محليا، بعد أن دشن بعض الأهالي محلات في السوق القديمة، لبيع التذكارات القديمة ومنتجات المجتمع المحلي، تلبية لطلبات الزوار والسياح القادمين للبلدة.

ويأمل السكان المحلون أن يساهم ذلك في رفع الناتج المحلي بإشيقر وجذب الاستثمارات في القطاعات المرتبطة بالسياحة ومنها قطاع الإيواء للطلب المتزايد عليه.