الدوادمي: 3500 مزرعة مهددة بانهيار أنظمة الري لارتفاع مناسيب المياه المالحة

تأثيرات تسونامي عمان «جونو» تظهر بعد سنوات بمزارع «ساجر»

منتجات مزارع «ساجر» تغذي مناطق السعودية وعددا من دول الخليج
TT

حذرت مصادر أكاديمية وزراعية من خطورة غمر عدد من المزارع المنتجة في منطقة ساجر التابعة لمحافظة الدوادمي (وسط السعودية) بالمياه المالحة، وذلك عقب ارتفاع منسوبها إلى مستوى سطح الأرض في المنطقة التي تعد إحدى سلال الغذاء المهمة في السعودية.

وكشف أكاديمي سعودي عن ارتفاع منسوب المياه بملوحة بمزارع متاخمة لساجر إحدى أهم المناطق الزراعية بوسط بالمملكة، إثر زيادة منسوب الماء على مستوى سطح الأرض، بشكل حاد أسهم في أضرار مادية بالغة على المزارعين، وخاصة التي تقع بالقرب من قنوات السر.

وتتجاوز قنوات السر الأثرية ألفي عام، وكانت تشكل ضمن قنوات أخرى سلسلة أنظمة للري التقليدي، اندثر معظمها ولم يتبق منها سوى قناة السر، وذلك عقب تجريف قنوات العلاء، إثر حريق شب بنخيل مجاورة، وتحويل قنوات الأفلاج لمكب لمخلفات مصنع شيد بجواره.

وأرجع الدكتور على بن محمد المشوح، أستاذ التاريخ القديم بجامعة الملك خالد، سبب ارتفاع منسوب المياه إلى التسونامي «جونو» الذي تعرضت له سلطنة عمان عام 2007 م، وأحدث أضرارا بالغة في وقتها.

وأشار الدكتور المشوح، الذي كان قد قاد فريقا بحثيا لنظام الري في عيون السر، والتي شهدت ارتفاع منسوب المياه، إلى أن المشاريع الزراعية وتستخدم الري بواسطة أجهزة الري المحورية، قد تكون سببا إضافيا بعد رصد مواد كيمائية تستخدم كأسمدة في مواقع ترتفع فيها مناسيب المياه.

وتعد ساجر إحدى أهم المناطق الزراعية في السعودية، حيث تضم أكثر من 3500 مزرعة، وتشتهر بزراعة البطيخ والطماطم والبطاطس، وتشكل إحدى أهم سلال الغذاء محليا، حيث تصدر منتجاتها إلى جميع مناطق المملكة ودول الخليج، وتعمل حاليا وزارة الزراعة على معالجة ارتفاع منسوب المياه - بحسب مزارعين التقتهم «الشرق الأوسط» بعد زيارة مدير فرع وزارة الزراعة بمنطقة الرياض مؤخرا وتحديده لبرنامج لمتابعة ارتفاع المياه ومعالجته.

ويطالب المزارعون بحلول عاجله تخوفا من أن يرتفع الماء بشكل أكبر مما سيفرض هجرة قسرية لهم عن مزارعهم.

وقال الدكتور خالد المشوح هو من أوائل من قام ببحوث وكشوفات أثرية على قنوات وأنظمة الري القديم في المملكة بدعم من الأمير متعب بن عبد الله، مساعد رئيس الحرس الوطني للشؤون العسكرية، إن ارتفاع منسوب المياه يعود لعام 2008، وخاصة في المناطق المتاخمة لقنوات السر، عبر خروج الماء من فوهات القنوات. وتعمل القنوات بنظامين قصير لمسافة كيلومترين، وطويل تمتد لمسافة تتجاوز 17 كيلومترا، عبر أنفاق عميقة وتكون فوهاتها كبيرة، حيث كان قديما يدخلها الفارس ممتطيا صهوة جواده، إلا أنها طمرت حاليا بالكامل، وهي تحتوي على بعض النقوش الأثرية التي تعود للعصر العباسي. وبين الدكتور المشوح أن الطريقة المستخدمة في هذه القنوات تشبه نظام الري في بلاد فارس عمان، وتشابه أيضا قنوات العلاء والأفلاج، وتتلخص طريقة عملها بجر المياه بواسطة أنفاق تحت سطح الأرض، أو عبر أفلاج ظاهرة على السطح تحفر بشكل أفقي، حتى ينساب الماء عبرها إلى المناطق الأقل انخفاضا.

وتتباين أطوال تلك المجاري بحسب جيولوجية الأرض والمناطق التي تمر بها وانحدار سطوحها، وتعلو الإنفاق آبار رأسية للتهوية والإضاءة وإخراج مخلفات الحفر والصيانة لاحقا.

ودعا الدكتور خالد المشوح، الهيئة العامة للسياحة والآثار بالمحافظة على هذا الإرث التاريخي المهم، المتمثل في قنوات السر، عبر إجراء دراسات وحفريات اللازمة كون دراستها توفر إسهاما أثريا وعلميا مهما لتحديد أنماط الاستيطان في أماكن وجود أنظمة الري بتلك المنطقة ومجتمعاتها المستقرة.

واعتبر أن هذه الآثار تعد موارد التراثية في البلاد، مع عمل سياج كامل على حتى لا يتم العبث بها وتخريبها كما حدث بمثيلتها في العلاء بعد أن تم تجريفها إثر حريق حدث في مزرعة نخيل قريبة منها، وخسرنا أثرا تاريخيا مهما.

وفي المقابل تم تحويل الأثر الآخر في الأفلاج لمكب للنفايات الصناعية بعد أن تم بناء مصنع للمواد الكيماوية بجوارها.

وطالب أيضا بتضافر الجهود الحكومية لحماية المزارعين بساجر من الأضرار التي لحقت بهم جراء ارتفاع منسوب المياه وزيادة نسبة الأملاح فيها والذي يتعذر معه الزراعة مما تسبب مبدئيا بتوقف مناطق محدودة عن الزراعة يتخوف أن ينتشر رقعة هذه الأملاح لتشمل عددا آخر من المزارعين.