«العدل» تغيب أهم الفئات المستهدفة من مشروع العقوبات البديلة

مسؤول بالوزارة يؤكد: لم نمنع المداخلات النسائية.. ورؤساء الجلسات السبب

TT

استاء الحضور النسوي السعودي، مساء أمس في ملتقى الاتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة، نتيجة إقصائهن فعليا عن كل مجريات الملتقى الذي يختتم فعالياته اليوم، سواء عبر المشاركة بأوراق عمل وبحوث أسوة بالمشاركين من الرجال الذين تنوعت جنسياتهم العربية، أو بحجب كل المحاولات النسوية المشاركة بصوتها عبر المداخلات المباشرة.

ففي أكثر من 33 بحثا علميا تناولت جميعها ما هو مرتبط بالعقوبات البديلة سواء من المنظور الشرعي أو النفسي أو الأمني أو الاجتماعي، بملتقى وزارة العدل، لم تجد أي ورقة عمل نسوية موقعا لها للبحث من خلالها عن العقوبات البديلة، رغم اعتبار المرأة والأحداث ركنا مفصليا في إنجاح تطبيق العقوبات البديلة.

وتغيب بذلك كل الأقسام والإدارات النسوية الرسمية عن مؤتمر وزارة العدل، سواء للسجون أو وزارة الشؤون الاجتماعية أو وزارة الشؤون الإسلامية أو الجمعيات الخيرية النسوية ذات الإشراف على دور إيواء للفتيات، بما في ذلك تجاهل المرأة في دور مستشفيات الأمل.

الغياب والتهميش النسوي كان مصير المرأة السعودية في ملتقى وزارة العدل، واستمر على الوتيرة ذاتها طوال جلسات الملتقى التي امتدت ما بين الساعة 9 صباحا وحتى 2 من بعد الظهر طيلة الأيام الثلاثة، من دون السماح لها بالمشاركة بأي مداخلة صوتية على أي من الأوراق العلمية والبحثية، رغم الحضور النسوي المتنوع ومن قبل جهات مختلفة كوزارة الشؤون الإسلامية، ووزارة الشؤون الاجتماعية، ومسؤولات من دور إيواء الفتيات.

ففي يوم الأحد، ثاني أيام الملتقى، وعبر 4 رؤساء جلسات، لم تتمكن سوى الدكتورة موضي الزهراني، مديرة دور الإيواء في وزارة الشؤون الاجتماعية، من الفوز بقصب السبق والمشاركة الوحيدة من الجانب النسوي، وكان ذلك بالأمر وفق آلية محددة مسبقا.

الجهة المنظمة في الملتقى وعبر حديثها مع «الشرق الأوسط» أخلت مسؤوليتها عن عدم تمكن الحضور النسوي من الإثراء بمداخلاتهن، لتؤكد «المنظمة» المكلفة عن القسم النسوي على إيصال كل طلبات المشاركات النسوية إلى المنظمين. لتنتقل «الشرق الأوسط» بدورها إلى المنظمين بالضفة الأخرى للملتقى، في قسم الرجال، ليؤكد المدير المكلف بالتنظيم توصيله بنفسه طلب المداخلات النسوية لكل رؤساء الجلسات، بيد أن المحاولات باءت بالفشل، لتقبل مداخلة واحدة ضمن عشرات المداخلات الذكورية.

وفي وسيلة لتهدئة النفوس الغاضبة من قبل السيدات، وعد إبراهيم الطيار، مدير العلاقات العامة والإعلام، عبر اتصال هاتفي من قبل إحدى السيدات، بإعطاء الفرصة لهن في الجلسة التالية، إلا أن الأمر باء أيضا بالفشل من دون السماح بأي مشاركة نسوية.

وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» للوقوف على أسباب منع المشاركات النسوية في الملتقى، وما إن كان بتعليمات مسبقة من قبل وزارة العدل أم لا، أكد إبراهيم الطيار مدير العلاقات العامة بوزارة العدل حرص الوزارة على تفعيل مشاركة الحضور من الجنسين، منوها بأن عدم إتاحة المجال أمام المداخلات النسوية إنما هو عائد إلى مديري الجلسات وليس إلى وزارة العدل.

وفي ما يتعلق بغياب المرأة عن الأوراق العلمية، وعد الطيار بإعداد إجابة من قبل الشخص المعني في اللجنة العلمية المشرفة على المشاركين، إلا أننا وحتى كتابة المادة لم نتلق أي توضيحات بهذا الخصوص.

وفي غضون محادثتنا لمدير العلاقات العامة إبراهيم الطيار وتأكيده على حرصه على تسليم المداخلات النسوية في الجلسة الرابعة والأخيرة، فإن مساعيه أيضا وللجلسة الأخيرة باءت بالفشل في إعطاء صوت نسوي واحد، حتى عقب رفع الحجب رسميا عن صوتها وترشحها لمجالس البلدية وعضوية مجلس الشورى.

تجدر الإشارة إلى تأكيد الجهة المنظمة لملتقى الاتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة، وقوع ذات الصخب والغضب النسوي في المؤتمر الأخير لوزارة العدل، والذي أشرفت على تنظيمه قبل ثلاثة أشهر تحت عنوان «وزارة العدل والخدمة الاجتماعية»، جراء ضعف الإشراك النسوي عبر المداخلات.

حجب المشاركات والمداخلات النسوية شهد مبررات مختلفة وعلى مدى عقود، أبرزها كان عدم توافر الوقت الكافي لإشراك النساء بمداخلاتهن، إلا أنه في أكتوبر (تشرين الأول) 2010، وفي مؤتمر الجامعة الإسلامية الذي حمل عنوان «القضاء السعودي بين التطوير وأصالة المنهج»، اتخذ الإقصاء منحى مختلفا عبر قطع البث الصوتي المباشر من القاعة النسائية وإلى مسامع القاعة الرجالية قبيل مشاركة الأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز بمداخلة صوتية والإعلان عن خلل تقني عُجز عن إصلاحه.

وفي حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أكدت الأميرة بسمة أن «الدكتور محمد العيسى تعمد قطع الاتصال لكي لا يستمعوا لمداخلتي»، مفيدة بأن أبرز النقاط التي كانت تود طرحها موضوع إساءة معاملة المرأة والعنف، وإيداع النساء السجون مع المجرمات والمنحرفات، إلى جانب عضلهن عن الزواج، وقضية تفعيل دور حقوق الإنسان والجهات الرقابية في الوزارات كافة.