اختصاصيون: 90% من الأحلام التي تفسر عبر القنوات الفضائية غير صحيحة التعبير

عضو في مجلس الشورى: نأسف لوجود من يستغل تأويل الأحلام بهدف جمع الأموال

انتشرت المواقع الإلكترونية التي تعمل في مجال تفسير الأحلام في ظل غياب كبير للرقابة عليها
TT

انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تفسير الأحلام عبر المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية ورسائل الـ«sms»، إضافة إلى كثرة وجود مفسري الأحلام والرؤى، الأمر الذي جعلها تبدو كوسيلة لكسب العيش ومصدر رزق لبعض العاملين فيها، لا سيما أن الأمر لا يتوقف عند تفسير الحلم، بل تطرق إلى قيام البعض بعمل دورات لتجعل من الشخص العادي «مفسرا للأحلام».

وأرجع مفسر الأحلام، الدكتور الشيخ فهد العصيمي، كثرة وجود مفسري الأحلام في هذه الأيام وزيادة الاهتمام بها، إلى أن الوقت الحالي هو وقت تفجر المعلومات والتخصصات الجديدة. وأضاف «علم تفسير الأحلام كسائر العلوم، فليس من الغريب أن يكثر المفسرون والسائلون».

وبين أن أكثر الناس بحثا عن تفسير الأحلام هم الفئة البائسة الفقيرة جدا، والفئة الغنية المرفهة جدا. وقال «الإنسان البائس الفقير المعدوم دائما ما يرى أحلاما ويسعى لتفسيرها، إضافة إلى الأغنياء جدا، خاصة طبقة الأمراء والملوك، غالبا ما يسعون إلى تفسير أحلامهم»، مشيرا إلى ملك مصر الذي اشتهر بحبه لتأويل الأحلام وقدرة النبي يوسف، عليه السلام، على تعبير رؤيته من خلال ما وهبه الله عز وجل من علم تفسير الأحلام.

بينما يرى مفسر الأحلام، الشيخ خالد عمر سليمان، أن النساء يقدمن على تفسير الأحلام بنسبة 95 في المائة في الوقت الذي لا تلقى (الأحلام) اهتماما كبيرا من الرجال، مستنكرا إهمال بعض الرجال للتفسير والرؤى على الرغم مما تحمله من بعض الرسائل.

وكون هذا الزمن زمن التكنولوجيا وتقنية المعلومات، فهناك بعض المعبرين الذين يقدمون خدمة تفسير الأحلام من خلال رسائل الـ«sms» مقابل عشرة ريالات لتفسير الحلم الواحد، بينما يختلف السعر في حال تم تفسير الحلم عبر المواقع الإلكترونية أو الإيميل، إذ يصل سعر تفسير الحلم الواحد إلى خمسة دولارات. إلى ذلك، أبدى الشيخ الدكتور عبد المحسن العبيكان، عضو مجلس الشورى، أسفه لوجود من يستغل تأويل الأحلام بهدف جمع الأموال عن طريق الرسائل المبالغ في قيمتها مقابل تفسير الحلم، إضافة إلى أن بعضهم يفسر الحلم تفسيرا بعيدا عن معنى الرؤية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لاحظت في القنوات الفضائية بعض المفسرين الذين يقومون بتفسير الأحلام تفسيرا بعيدا عن الواقع، كما أن بعض المعبرين يعمدون إلى تفسير الأحلام والرؤى الخاصة، والتي لا يجوز تفسيرها عبر وسائل الإعلام، كونها أمورا سرية، ولا يجوز أن تقال أمام المشاهدين والمستمعين، ولكن هناك من يصر على شرحها وتفسيرها بهدف السمعة والشهرة وهذا خطأ».

وتعتبر قضية تفسير الأحلام من القضايا الحساسة، ولا يجوز أن يتحدث فيها إلا أصحاب الاختصاص الذين ألهمهم الله هذه القدرة، وفي ذلك يقول الإمام محمد بن عبد الوهاب: «علم التعبير علم صحيح، يمن الله به على من يشاء من عباده، إلا أن هناك من يعمدون إلى تفسير الأحلام دون أن يكونوا على دراية ومعرفة بذلك العلم».

وحول ذلك وهل بإمكان أي شخص أن يكون مفسرا للأحلام، أكد الدكتور فهد العصيمي، أنه «ليس بإمكان كل إنسان أن يكون معبرا». وقال «الأنبياء يعبرون عن طريق الوحي، وهناك من يعبر عن طريق الفراسة، والبعض قد يعبر عن طريق الإلهام الذي يعطيه الله لعباده الصالحين، وهناك أشخاص يمكنهم تفسير الأحلام من خلال الخبرة ومجالسة المعبرين».

وأشار العصيمي إلى إمكانية تعلم تفسير الأحلام من خلال دورات متخصصة في تعبير الرؤيا مدتها من شهر إلى ثلاثة أشهر تمكن الشخص الراغب في أن يكون معبرا من تعلم كيفية تأويل وتفسير الأحلام، مشترطا ضرورة إلمام ومعرفة الشخص المتعلم باللغة العربية ومشتقاتها، إضافة إلى معرفته بمعاني آيات القرآن والأحاديث النبوية.

في حين يؤكد الدكتور العبيكان ضرورة وجود «ملكة» وقدرة لدى الإنسان حتى يستطيع أن ينميها من خلال التعلم. وقال إن «تأويل الأحلام يتطلب معرفة النصوص القرآنية والأحاديث، إضافة إلى القدرة التي يضعها الله في شخصية المعبر، بحيث يستطيع التعبير»، مشيرا إلى مقدرة النبي يوسف، عليه السلام، على تفسير الأحلام دون غيره من الأنبياء، كما امتاز بعض السلف الصالح بقوة تعبيرهم على الرغم من وجود من هم أعلم منهم بالشرع، ولكن ليست لديهم القدرة على التفسير، أي أنه ليس كل عالم بالفقه والحديث وتفسير القرآن يمكن أن يكون معبرا. ويرى السليمان أن الشخص إذا كان لديه استعداد داخلي لتعلم تفسير الأحلام يستطيع أن يكون معبرا، ولكن يحتاج لفترة طويلة حتى يتمكن من إتقان علم تأويل الرؤى، مشيرا إلى أنه يعمل على تفسير الأحلام منذ ما يقارب 25 عاما وقد عمل على تنمية موهبته في التعبير والتفسير من خلال الاطلاع على كتب المفسرين القدامى أمثال ابن سيرين والنابلسي وغيرهما.

وأكد السليمان على ضرورة أن يكون مفسر الأحلام ملما بحال الشخص المفسر له بشكل عام، مستنكرا من يقوم بالتفسير عبر المواقع الإلكترونية ورسائل الجوال. وقال «هم يفسرون على وهم؛ لأنهم غير متصلين بالأشخاص المفسر لهم الحلم»، مؤكدا عدم صحة تفسير الأحلام التي تفسر بهذا الشكل، خاصة التي تفسر عبر رسائل الـ«sms» والإنترنت، مشيرا إلى أن نسبة 90 في المائة من الأحلام التي تفسر عبر القنوات الفضائية غير صحيحة التعبير. وقال إن عملية تفسير الأحلام عبر القنوات الفضائية ما هي إلا كسب وتجارة، إلا ما قل منها.

ومن جهة أخرى، بين الدكتور العصيمي أنه من الخطأ أن يفسر الشخص حلمه عن طريق كتب تفسير الأحلام، كون هذه الكتب تفيد المعبرين. وقال «هذه الكتب يستفيد منها المعبرون والمفسرون فقط، كون هذه الكتب تبين بعض الرموز والمعاني التي لا يستطيع القارئ ترجمتها وفهمها دون معرفته بعلم تفسير الأحلام»، مشيرا إلى أن الرموز يختلف تأويلها من شخص لآخر، فالضوء والجمر والنار يختلف تأويلها بالنسبة للموظف والعاطل والمتزوج والعازب. وقال «هناك فروق دقيقة لا يترجمها إلا العالم بأمور تفسير الرؤى».

وفي السياق ذاته، بين السليمان عدم صحة ما هو متعارف عليه من تفسير بعض الرموز، كالثعلب والفأر والقطة، وقال «دائما ما يفسر الثعلب بالشخص المحتال، والفأر بالمرأة الفاسقة، والكلب والقطة السوداء بالجن، وهذا التفسير غير صحيح مطلقا، كونه يختلف من شخص لآخر. وبين أن الرؤيا دائما تأتي على وجهين، إما على وجه إنذار وإما على وجه بشارة، والمفسر الذي يستطيع معرفة ذلك.

وحول وقت الرؤيا وصحة ما يقال إن أصدق وقت لها هو بعد صلاة الفجر، يقول العصيمي، إن هذه المعلومة المنتشرة بين الناس لا صحة لها، معللا أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان يرى الرؤيا في الليل وفي النهار وفي الضحى. وأشار إلى أنه في «صحيح البخاري» يوجد باب لرؤى الليل وباب رؤى النهار.