«سماسرة الحج عن الغير».. مصطلح جديدة ظهر في الآونة الأخيرة، نتيجة عدم وجود كيان رسمي لتنظم عملية الحج عن الغير، وفق ضوابط وشروط تتم تحت مظلة وزارة الحج، التي تعتبر الجهة المخولة بتنظيم وإخراج تصاريح الحج.
وأخذ العاملون في مجال الحج عن العجزة والمتوفين على عاتقهم تنظيم كيانات غير رسمية، بل أخذوا يعلنون عن أنفسهم في بعض الوسائل الإلكترونية، واستغلوا بعض وسائل التواصل الاجتماعي، كالـ«فيس بوك»، للتعريف باستطاعتهم القيام بالحج عن الغير مقابل مبالغ متباينة.
الغريب في الأمر أن هناك الكثير ممن يبحثون عمن يقدم له تلك الخدمة بلهف، نتيجة عجز أو مرض منعه، أو عارض صحي حال دون قيامهم بتأدية هذه الفريضة، هذه الخدمة ليست متوفرة في السعودية فحسب، بل تجاوز الأمر حدودها وانتقلت إلى دولة عربية أخرى مثل مصر.
وبحسب أحد العارضين لخدمات «الحج عن الغير» عبر المواقع الإلكترونية، والذي فضل عدم ذكر اسمه واكتفى بكنية «أبو وليد»، أشار إلى أن فكرة الحج عن الغير طرأت عليه هو وزملائه الخمسة، إذا حدد سعر الحج عن الفرد بنحو 3 آلاف ريال دون الهدي، موضحا أن هذا العرض يطرح سنويا أمام الراغبين في أن يؤدي عنهم مناسك الحج.
وأضاف أبو وليد: «نقوم أنا وزملائي كل عام بالحج عن الغير»، مشيرا إلى أنهم يستطيعون، بطرق خاصة، الحج سنويا، متجاوزين الدولة التي لا تسمح إلا بتصريح كل خمسة أعوام.
وأضاف: «الحج عن الشخص سيكون بإذن الله في ذمتي، وسيتم تحويل المبلغ عن طريق الحساب، وإن شاء الله بعد الانتهاء من الحج سيتم إرسال رسالة للشخص لنخبره أننا انتهينا من فريضة الحج».
وبدد الشيخ عبد المحسن العبيكان، المستشار بالديوان الملكي، لـ«الشرق الأوسط»، وجود أنظمة لإيجاد طرق رسمية للحج عن الغير، واعتبرها قضايا شخصية، ولن تكون الأنظمة مجدية أو رادعة لها، لأنها تنبع من داخل الشخص الذي سيقوم بالحج عن الغير. ومع اقتراب موسم الحج كل عام، يبدأ بعض سماسرة الحج عن الغير، بطرق غير رسمية، في الحج عن العجزة والمتوفين، أما أن تكون بحثا عن لقمة العيش، أو طمعا في مبلغ ما، دون القيام بأداء الفريضة لكون أحد لا يعلم عن المؤدي شيئا. وبين العبيكان أنه يجوز للإنسان أن يكلف شخصا بالحج عنه، معتبرا ذلك أمرا طبيعيا، وأن يعطيه قيمة التكلف، لكنه طالب في الوقت نفسه من يريد أن يكلف شخصا للحج عنه بأن يبحث عمن يثق فيه.
وفي تسجيل سابق للشيخ عبد العزيز بن بار - رحمه الله - مفتي عام المملكة سابقا، نصح من يريد الحج عن الغير بقوله: «يجتهد في أداء الحق وأن ينصح في أداء الأمانة، يحج عن غيره كما يحج عن نفسه، على الطريقة التي حج عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبع السنة ويجتهد في أداء الحق الواجب، حتى يؤدي حجه على وجه شرعي؛ لأن أعماله حق، فالواجب عليه أن يجتهد حتى يحج كما حج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الذي استنابه في الحج والعمرة، ويحرص على براءة ذمته من جميع أعمال الحج».
واعتبر الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، مفتي عام المملكة، في تصريح سابق له، أن التحايل على التعليمات المنظمة للحج من جانب الدولة مخالف للشرع ولولي الأمر، مؤكدا أن من يفعل ذلك ارتكب محرما.
وأشار المفتي إلى أنه لا يجوز إدخال الحجاج إلى المشاعر المقدسة من دون تصريح، معللا ذلك بأنه مخالف لولي الأمر، وقال: «لا يجوز التحايل على الأنظمة والأوامر».
وطالب آل الشيخ، لدى حديثه عن الحملة الإعلامية لتوعية ضيوف الرحمن «الحج عبادة وسلوك حضاري»، التي أطلقها أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، بأن تكون برامج «الحملة» وأهدافها تحمل معاني شرعية وحضارية كبيرة تؤكد حرص المملكة على أن يؤدي كل حاج فريضته كما جاءت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم.