جدة: تشكيل فريق لتوفير 50 ألف فرصة عمل في منطقة مكة المكرمة

خبراء يدعون إلى تهيئة بيئة العمل لمنع التسرب من الوظائف

الهدف من استراتيجية توطين الوظائف هو تهيئة المناخ المناسب لتوفير فرص عمل متكافئة وجاذبة لجميع الباحثين عن العمل من الجنسين («الشرق الأوسط»)
TT

أعلن أمس في جدة عن تشكيل لجنة من عدة جهات، برئاسة نائب رئيس مجلس الغرفة التجارية الصناعية بجدة، بغرض توفير 50 ألف فرصة عمل جديدة في منطقة مكة المكرمة، بتنسيق وإشراف من وزارة العمل.

ويأتي تشكيل اللجنة الوليدة بناء على توصيات منتدى جدة للموارد البشرية والتي صدرت أمس، وأقرتها الأمانة العامة للمنتدى الذي كان قد اختتم أعماله قبل نحو شهر، وتضمنت العديد من الخطوات العملية التي من المتوقع أن تسهم في تنظيم سوق العمل السعودية، فضلا عن تحقيقها للأهداف المرجوة من المنتدى.

وأوصى المنتدى، الذي نظمته الغرفة التجارية الصناعية بجدة ومكتب الدكتور إيهاب بن حسن أبو ركبة، بشراكة استراتيجية مع وزارة العمل، بالتركيز على تصنيف الوظائف التي تشغلها العمالة الوافدة والعمل على تطويرها وإثرائها ليكون لها عمق معرفي ومسارات وظيفية واضحة، كما أكد المنتدى على أهمية تطبيق التدقيق بشأن تطبيقات الموارد البشرية لدى المنشآت، ليكون ذلك موازيا للمعمول به في مراجعة الحسابات قانونيا.

وأقر المنتدى آلية لدراسة القطاعات لتحسين الإنتاجية وتحويلها من منظمات تعتمد على العمالة إلى منظمات أقل اعتمادا، كما شدد على أهمية التركيز في رفع الوعي بدور اللجان العمالية في القطاع الخاص، وأثرها على تلك منشآت القطاع، وكذلك العمل على توعية المنشآت الصغيرة والمتوسطة بدور الموارد البشرية وتطبيقاتها.

إلى ذلك، أكد المهندس عادل بن محمد فقيه، وزير العمل، أن استراتيجية التوظيف السعودية تهدف إلى توفير فرص العمل المنتج للمواطنين وفق منظور استراتيجي متكامل تتضافر من خلاله كل الجهود لتطوير سوق العمل وتعزيز القدرة التنافسية لاقتصادنا الوطني. وأوضح أن الوزارة قامت بتطوير استراتيجية عمل شاملة تغطي مختلف جوانب عملها، والتي يشكل جانب «التوظيف والتعامل مع البطالة» أحد أهم وأبرز محاورها والمرتكز الرئيسي للاستراتيجية برمتها، مشيرا إلى أنه تم تحديد ثمانية عشر محورا استراتيجيا تغطي في مجموعها مجالات عمل الوزارة، ويندرج تحت كل محور هدف استراتيجي ومجموعة من المبادرات والبرامج العملية التنفيذية.

وأشار إلى أن استراتيجية وزارة العمل تتمثل في بناء القدرات والعلاقات الدولية والشراكة مع القطاع الخاص، والاستقدام والتوظيف والتدريب والمنشآت الصغيرة والعمالة المنزلية والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة والمرأة والدراسات ولجان العمل ورعاية العمالة الوافدة وتقنية المعلومات وخدمة العملاء والتفتيش وبيئة العمل الداخلية والتظلمات والشكاوى والهيئات العمالية.

وأبان الوزير أن الهدف من استراتيجية توطين الوظائف هو تهيئة المناخ المناسب لتوفير فرص عمل متكافئة وجذابة لجميع الباحثين عن العمل من الجنسين، ورفع مستوى التدريب وكفاءته ومستوى ملاءمته لاحتياجات السوق بما يجعله رافدا حقيقيا للاقتصاد الوطني، ودعم تنافسية المواطن إلى المستوى العالمي وبما يجعل المواطن هو الخيار الأول والأمثل لأصحاب العمل، والارتقاء ببيئة العمل بشكل عام لتكون بيئة جاذبة للمواطنين.

وكانت الإحصائيات أكدت العام الماضي أن 448 ألف مواطن ومواطنة عاطلون عن العمل، وأن هناك 8 ملايين عامل وافد (6 ملايين منهم في القطاع الخاص). كما كشفت إحصاءات مؤسسة النقد السعودي أن حوالات العمالة الوافدة 98 مليار ريال سنويا، وأن التكاليف غير المباشرة تقع على قطاعات المرافق والخدمات في المملكة، فيما أبان أن مؤشرات الأرقام الحالية تشير إلى تزايد الباحثين عن العمل بأرقام تفوق المعلن من مصلحة الإحصاءات العامة، وهذا كله في ظل الزيادة السنوية في أعداد الخريجين والباحثين عن العمل.

ودعا خبراء إلى تبني بناء بيئة عمل جاذبة ومحافظة على أصحاب الإنتاجية العالية، وتهيئة الوسائل الجاذبة للشباب إلى العمل، قبل إقرار الوظائف.

ويوضح الدكتور عبد الله باعشن، رئيس مجلس إدارة شركة «الفريق الأول» للاستشارات القانونية، أن الدراسات تشير إلى أن بيئة العمل الناجحة هي التي ترفع من مستوى أداء الشركة بنسبة زيادة 40 في المائة وتخفض مستوى التسرب الوظيفي في المنشأة بنسبة 87 في المائة. وأشار إلى أنه تم من خلال دراسة الرضا الوظيفي في المملكة تحديد عشرة عوامل هي الأكثر تأثيرا على مستويات الرضا الوظيفي في بيئة العمل السعودية.

واستعرض باعشن العوامل العشرة الأولى لبيئة العمل الجاذبة، وهي روح فريق العمل، والعدالة الداخلية للرواتب والأجور، والتوازن بين الحياة والعمل، والتطور الوظيفي، والعدالة في تطبيق السياسات، والتدرج الوظيفي، والعدالة في الترقيات، والتقدير، والإبداع، والاهتمام برأي الموظف، مشيرا إلى أن الدراسات والممارسات العالمية تشير إلى أن الوصول لبيئة عمل جاذبة يعتمد على أركان رئيسية وهي الرضا الوظيفي والرضا عن التطور الشخصي والرضا عن ثقافة المنشأة والرضا عن الرواتب والأجور.

من جانبه، يقول الدكتور أحمد وعرية، المدير الإقليمي لشركة «تاورز واتسون العالمية»، حول تطوير بيئة عمل لجذب الكفاءات والمواهب الوطنية واستبقائها ودور القوى العاملة في إضافة قيمة للمؤسسة، إن القوى العاملة تقوم على إدارة المؤسسة وتوجيهها نحو الاستجابة لمتغيرات السوق والابتكار والإبداع وقيادة التغيير وغيرها من الوظائف التي تقود إلى المنتج النهائي للمؤسسة.

وأضاف أن الشركات والمؤسسات التي تتأكد من انخراط موظفيها وتمكنهم بقوة تمتاز بتنافسية أكبر من تلك التي لا تقوم بذلك، مبينا أن الأبحاث والدراسات تشير إلى أن عملية انخراط الموظفين تعود بالفائدة على الأداء المالي للشركة أو المؤسسة، حيث أدت إلى زيادة بنسبة 5.75 في المائة في الأرباح التشغيلية وزيادة بنسبة 3.44 في المائة في مجمل الأرباح الصافية.

وأبان أن الأشخاص المنخرطين يشعرون بالتواصل مع الشركة وأدائها وإدارتها، كما يثقون في وجهة عمل الشركة المستقبلية، حيث يلعب انخراط الموظف دورا مهما في أي بيئة تجارية، لكنه يأخذ أهمية خاصة في أوقات التغيير السريع خاصة، بينما تعدل دول مجلس التعاون الخليجي سياساتها للقوى العاملة لإفساح المجال أمام المواهب المستقبلية، موضحا أن النظر لعملية انخراط الموظف يتم من خلال الأبعاد الثلاثة، أولها المنطقي وهو مدى فهم الموظفين لأدوارهم ومسؤولياتهم، والثاني المعنوي وهو مدى حبهم وشغفهم للمؤسسة والعمل لديها، والتحفيزي وهو مدى استعدادهم لبذل الجهد والعمل بجد من أجل المؤسسة ومصلحتها، مشيرا إلى أنه عندما تهتم وتحرص المؤسسة على انخراط موظفيها وتحفزهم وتمكنهم في شتى الوظائف فإن ذلك سيقود إلى رفع مستوى الأداء العام ويحسن من النتائج المالية.

وتظهر دراسة القوى العاملة لعام 2010 أن نسبة انخراط الموظفين ومستوى رضاهم حول مجموعة من الأبعاد المعلقة بحياتهم الوظيفية في الخليج أعلى من المتوسط العالمي، وترى أن نسبة عدم انخراط الموظفين في دول مجلس التعاون الخليجي أعلى من المتوسط العالمي، في حين تختلف نسبة انخراط الموظفين بين الشركات والمؤسسات.

ويبلغ معدل نسبة انخراط الموظفين في دول مجلس التعاون الخليجي 23 في المائة، بحيث إن موظفين من أصل كل 10 موظفين، ينخرطان بالكامل ويسهمان في نجاح الشركة، ويؤثر ذلك على تخطيط القوى العاملة حيث إن 67 في المائة من الموظفين الذين لا ينخرطون يبحثون بشكل جدي عن وظيفة أخرى أو يخططون لترك وظيفتهم الحالية، بالإضافة إلى ذلك فإن القوى العاملة اليوم هي أقل اهتماما بالبقاء في وظيفة واحدة مدى الحياة، حيث إن 53 في المائة من المستجيبين للدراسة في دول مجلس التعاون الخليجي يشيرون إلى أنهم سيتركون الشركة حالما تسنح فرصة أفضل.

ومن جانبه، شدد عبد الله حمد الفوزان، رئيس مجلس إدارة «كيه بي إم جي الفوزان والسدحان»، على أهمية أن يقوم فريق الشركات على مبدأ إرضاء الموظفين وعائلاتهم، والاستماع إلى مقترحاتهم، لبناء بيئة عمل أفضل من عام إلى عام. واستعرض أهمية التطور الوظيفي وإيجاد المسار الوظيفي الواضح لجميع الموظفين وربط مستويات المسار في كل مرحلة بالتدريب اللازم وتحديد مدة زمنية واضحة لكل مرحلة وفرص لا محدودة للموظف ليكون شريكا في الشركة.

وكان صالح بن عبد الله كامل، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة، حصر التفكير في الوظائف على مجالات محددة، مشيرا إلى أنه يجب الحديث عن إيجاد فرص عمل جديدة في جميع المجالات. وطالب كامل بعدم حصر الوظائف في مرتبات ثابتة، مؤكدا أنه لا بد من التفكير في إيجاد دخل إضافي لدعم رواتب الموظفين المتدنية في القطاعات المختلفة. ودعا العوائل السعودية إلى تغيير العادات والتقاليد السلبية التي تؤمن بها أو تطبقها ومن أهمها الإسراف، مؤكدا أن الشباب السعودي ملزم بعادات اجتماعية منعته من العمل في عدد من الوظائف التي كان يعمل بها أجداده قبل 50 عاما، وضرب مثال بسوق الخضراوات، حيث يبلغ متوسط دخل العامل 10 آلاف ريال شهريا.

وانتقد صالح امتناع السعوديين عن مزاولة أعمالهم لدى غير السعوديين، وذكر عدة أمثلة حول ذلك، مؤكدا أن الأجداد كانوا يعملون في كل المجالات. ودعا لمعالجة موضوع السعودة بعقلانية، فضلا عن البحث عن سبل لتمكين السعودي، وأن يكون مطلوبا للعمل على عكس أن يكون مفروضا عليه، داعيا للبحث في مجال الإبداع والابتكار بدلا من التقليد ومحاكاة الغير.

بينما نوه صالح بن علي التركي، رئيس مجلس إدارة شركة «نسما»، بتأثير العادات والسلوك في تقبل الشباب للوظائف، ودعا إلى فتح المجال أمام أبناء المجتمع كافة للمشاركة في بنائه. وأشار إلى أهمية زيادة دور المرأة في المجتمع، كما انتقد اعتماد الأسر على دخل شخص واحد يقوم بدور إعالة الأسرة كاملة من دون المشاركة في ذلك. واستعرض أهمية تعاون جميع الوزارات الأخرى في تفعيل جميع أفراد الأسرة والاستفادة من الإمكانات المعطلة لدى أبناء وبنات المجتمع السعودي.

وتحدث التركي عن أهمية زيادة الحوافز في قطاع التشغيل والصيانة للتقليل من اعتماده على العمالة الأجنبية، ودعا إلى نقل تراخيص إصدار الرخص من البلديات إلى وزارة التجارة لتحقيق رقابة أعلى ومتابعتها بشكل دوري.

ويعتبر المنتدى مبادرة للجمع بين وزارة العمل والقطاع الخاص لشرح آليات النظام الجديد وكيفية تطبيقها، حيث يركز من خلال جلساته وورش العمل المصاحبة له على تطوير بيئة العمل لتواكب التغيرات في مستقبل الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية بشكل أكبر، وتشترك في تنظم هذا المنتدى جامعة الملك عبد العزيز كشريك معرفي.

واستعرض المنتدى التوجهات الاستراتيجية لتنظيم سوق العمل السعودية، وتناول بالشرح آليات الاستفادة المثلى من المواهب المحلية، وناقش تطلعات أصحاب الأعمال في ظل تغيرات الأعمال، مع عرض التجارب الناجحة في تطوير تطبيقات الموارد البشرية.

واستهدف المنتدى أصحاب الأعمال ومديري العموم وأصحاب القرار ومديري الموارد البشرية في المنظمات ومديري التطوير والتدريب وطلاب الجامعات والمعاهد ومكاتب التوظيف ومديري التخطيط وخبراء ومستشاري الموارد البشرية، بهدف إبراز الريادة الإبداعية لبناء ثقافة عمل إيجابية وبناء بيئة عمل جاذبة والمحافظة على أصحاب الإنتاجية العالية من المواطنين، كما تناول الريادة الإبداعية لبناء ثقافة عمل إيجابية، وبناء بيئة عمل جاذبة، والمحافظة على أصحاب الإنتاجية العالية من المواطنين، فضلا عن بناء الشراكة الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص، لتفعيل الاستخدام الأمثل للكفاءات الوطنية وتطوير البيئة المناسبة لرفع التنافسية وزيادة الإنتاجية.

أما الجلسة الثالثة والأخيرة لليوم الأول من فعاليات المنتدى فكانت تحت عنوان «تحسين الإنتاجية في القطاع الخاص»، حيث تحدث خلالها تشارلز كركوف عن ارتفاع معدل البطالة بين المواطنين، وذلك بسبب نقص المهارات وكذلك عدم قدرة القطاع العام على استيعاب العاطلين عن العمل. وأشار إلى أن الإحصاءات تفيد بأن 15 في المائة من العاملين في القطاع الخاص فقط من المهرة، كما أوضح أن سوق العمل تعاني من عدم تقبل السعوديين لأي وظيفة، فضلا عن مشكلة تدني الإنتاجية في ظل الدعوة لتحقيق نسب عالية من السعودة.

واستعرض إعادة تصميم الوظائف وإثراءها بحيث ترفع إنتاجية الفرد وتسهم في استقطاب الشباب الطموح من جهة أخرى، كما تناول أهمية إعادة تصميم وظائف القطاع الخاص ذات الإنتاجية والقيمة المنخفضة، والفوائد التي ستعود على الشركات وعلى المجتمع من إعادة تصميم وظائف القطاع الخاص ذات القيمة والإنتاجية المنخفضة، مثل رفع الإنتاجية وتوطين الوظائف. واستعرض مبادرة إعادة تصميم الوظائف من منطلق الإثراء الوظيفي، وآليات التنسيق مع المؤسسات التعليمية للمساهمة في إعادة تصميم الوظائف في المنظمات.

أدارت الجلسة الدكتورة منال فقيه، المديرة التنفيذية للتخطيط الاستراتيجي بمستشفى سليمان فقيه، وشارك فيها كل من الدكتور عبد العزيز بن إسماعيل عبد العزيز مدير برنامج الشراكات الاستراتيجية بصندوق تنمية الموارد البشرية، والأستاذ أحمد العبد الكريم الرئيس التنفيذي لـ«كادر المدن الاقتصادية» وكيل المحافظ للتطوير الاستراتيجي بالهيئة العامة للاستثمار، والمهندس محمد أبو داود رئيس مجموعة «محمد حسن أبو داود» للتجارة.

ويعتبر هذا المنتدى مبادرة للجمع بين وزارة العمل والقطاع الخاص لشرح آليات النظام الجديد وكيفية تطبيقها، حيث يركز من خلال جلساته وورش العمل المصاحبة له على تطوير بيئة العمل لتواكب التغيرات في مستقبل الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية بشكل أكبر. وشاركت في تنظيم هذا المنتدى جامعة الملك عبد العزيز كشريك معرفي.