مكة المكرمة: شركات السفر والسياحة تسجل زيادة في طلب السفر إلى خارج السعودية

المكيون بين مطرقة «خروج الحج» وسندان «الازدحامات»

تفضل الأسر المكية السفر للخارج هربا من الازدحام في موسم الحج
TT

سجلت حركة الحجوزات في شركات السفر والسياحة انتعاشا كبيرا في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب تدفق المئات من أهالي مكة المكرمة للحجز لقضاء العيد خارج السعودية والهروب من ازدحام مكة خلال موسم الحج والعيد الذي أصبح يقتصر على الوجود داخل البيوت بسبب صعوبة التنقل في ظل زيادة عدد الحجاج سنويا فوق المعدلات المتوقعة.

ويشرع أهالي مكة كل عام في موسم الحج في البحث خارجها عن الهدوء إما عن طريق السياحة الخارجية أو الداخلية رغبة منهم في ذلك أو مجبرين على هجرة مساكنهم لتأجيرها للحجيج.

وأوضح عبد الله العتيبي، صاحب مكتب سفريات، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك حركة سفر ملحوظة خلال هذه الأيام إضافة إلى الحجوزات، وأن أغلب الأهالي حجزوا لدول شرق آسيا خلاف المعتاد في هذه الفترة، مشيرا إلى أن الأحداث التي تشهدها المناطق العربية من تقلبات سياسية وثورات أثرت على رغبة الأفراد للسفر إليها، مؤكدا أن ظاهرة سفر المواطنين أصبحت تعتمد عليها شركات السفريات وتستعد لها بالعروض المنافسة التي تكثر خلال عيد الأضحى الذي يتزامن مع عدم وجود مسكن لبعض الأهالي في مكة.

في حين طالب عدد من أهالي مكة بدراسة وسائل إسكان الحجاج والمعتمرين بمكة المكرمة، والاعتبارات المتغيرة الخاصة بهم، والبدائل المختلفة لزيادة الطاقة الاستيعابية للإسكان، خاصة بالمناطق القريبة من المشاعر المقدسة من خلال التوسع والاستفادة من سفوح الجبال، ووضع معايير خاصة بها، تتناسب مع ظروف الحج والعمرة.

وأشار البعض إلى أن فكرة الخروج من مكة والسكن في مناطق مجاورة أصبحت واردة خاصة مع ارتفاع أسعار العقارات وظهور نظام جديد في الإيجار يكفل لصاحب العقار طرد المستأجرين خلال فترة الحج، وأوضحوا أن بعض المحافظات المجاورة لمكة تفتقر لوجود الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن والتي لا بد من توفيرها، مرجحين أن هذا ما يؤخر الهجرة لها.

من جهته، قال حسين الصاعدي، صاحب عقار، إن موسم الحج يعتبر الدخل الرئيسي له خلال العام في استثمار عقاراته لحملات الحج الداخلية والخارجية، مضيفا أنه مهتم بالمساهمة في حل أزمة السكن بمكة، ولكن ضمن شروط يحددها تكفل له خروج المستأجرين خلال فترة الحج، معتبرا أن دخل شهر واحد خلال موسم الحج قد يتعدى حاصل الدخل خلال العام كله، وهو ما لا يمكن الاستغناء عنه، ففي تأجير العقار لحملات الحج يكون الدخل أكثر من 600 ألف ريال للعقار الواحد، وهذا ما يصعب عليه أن يتخلى عنه هو وباقي الملاك.

عمر مغربي (36 عاما) موظف في أحد البنوك، من أهالي مكة المكرمة وهو مستأجر بنظام «إيجار حج»، طالب بدراسة البدائل المختلفة لتحقيق استقرار الأهالي دون الإضرار بالحجاج والمعتمرين، معتبر أن الخروج من مكة في هذه المواسم يعد مؤشرا لزيادة المشكلات المختلفة التي قد يتعرضون لها، وأشار مغربي إلى أن الأحوال الاقتصادية لأغلب المستأجرين لا تكفل لهم إيجاد سكن آخر في هذه الفترة، وهذا ما يدفعهم أحيانا إلى تعليب العوائل داخل غرف مستأجرة مؤقتا ضمن حدودهم المادية، وطالب مغربي بالبحث عن السبل والوسائل المختلفة لمنع الأخطار قبل وقوعها، أو الحد من الأضرار التي قد تنجم عنها في حال وقوعها، كالسرقات التي تستهدف المستودعات التي يضع المستأجرون فيها أثاثهم وأغراضهم الضرورية، موضحا أن معدلات تلك الجرائم في ازدياد واضح خاصة في هذا التوقيت.

أما سعيد العطاس، فقد وصف الاستمرارية في استغلال حاجة المستأجرين من قبل أصحاب العقار في ظل نظام تحكم واحد غير خاضع لقوانين تحمي المستأجر، ما هو إلا مشكلة أخرى تضاف إلى باقي المشكلات التي تقع على عاتق المواطن في الفترة الأخيرة، منوها بأنه يجب وضع قوانين واضحة تحمي المستأجر من جشع الملاك، مشيرا إلى أنه يسكن في بناء تغير شكله العام خلال أربع سنوات من طابقين إلى خمسة طوابق، وأن العملية في ازدياد، مما جعل المنطقة تعتبر فندقية تجارية بحتة، وأضاف العطاس: «تتغير ملامح البناء والعقار بما يخدم زيادة الأرباح، متجاهلين الصورة العامة لعمار مكة، وهو دليل كبير على عدم وجود رقابة صارمة على البناء والالتزام بالمخططات الأصلية».

يذكر أن مدينة مكة المكرمة تعرضت في العقود الماضية لديناميكية عمرانية سريعة، تطورت على أثرها الحركة التنموية، داعمة الاقتصاد الوطني بصورة قوية وإدارة تنموية واعية، مما أدى إلى التوسع في العمران خارج حدود الحرم وتوفير الخدمات بمختلف أنشطتها الوظيفية والاستثمارية، وهذا التطور السريع داخل مكة أفرز تجارب عديدة وخبرات اقتصادية يجب فحصها وتحليلها والاستفادة من نتائجها لبلورة الجيد منها وتجنب الأخطاء السابقة بما يضمن الاستقرار الداخلي للمواطن والرفاهية للحاج معا.