اتهامات لتجار ملابس مخالفين بإعاقة قرارات توظيف الفتيات

متعاملون في التوظيف يصفون تحذيراتهم بغير المنطقية

TT

اتهم خبراء توظيف ومستثمرون في بيع الملابس النسائية، متعاملين لهم مصالح مع مقيمين عاملين في القطاع بالتستر التجاري، بمحاولات إعاقة قرار توطين المهن وتأنيثها بعمالة سعودية، وذلك بمسايرة موجة «درء المفاسد» المصاحبة للقرار كـ«الاختلاط»، رغم ما أكدته وزارة العمل من مصاحبة القرار لضوابط وتشريعات تضمن الحشمة ومراعاتها للدين الإسلامي وللعادات والتقاليد.

جاء ذلك خلال تصاعد احتجاجات في الغرف السعودية في بعض المناطق أثناء مقابلات مع مسؤولي وزارة العمل، للتوعية بأهمية توظيف النساء في الفترة المقررة لبدء التنفيذ باستبدال سعوديات بالعمالة الوافدة في محلات الملابس الداخلية (اللانجري) ومحلات التجميل، والتي تم تحديدها بالشهر الثاني من العام المقبل.

وتضمنت الاحتجاجات الجدل المتعلق بمسألة «الاختلاط»، وخاصة في المراكز المفتوحة التي تبيع في الغالب، معظم سلع الملابس والزينة للنساء والرجال، باشتراط توظيف 3 فتيات داخل أي محل أو مركز في الوردية الواحدة، بينما تركت الخيار للمستثمرين أن يكون المحل مفتوحا أو مغلقا ومخصصا للنساء فقط للمحلات الخاصة بالملابس. وأوضحت فاطمة حسن على، المستثمرة في مجال الملابس والعضو في غرفة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن المعترضين على القرار، معروفون بأنهم لا ينتمون إلى النشاط، حيث استغلوا أسماءهم وسجلاتهم التجارية في بيعها لمستثمرين من الباطن، وهذا القرار سينظم النشاط ويحد من التستر التجاري المتفشي. واعتبرت فاطمة آراء المعترضين غير منطقية، على اعتبار أن هناك مهنا شغلتها الفتيات كالكاشيرات، والمحاسبة، في «متجر السلع الغذائية» رغم أن هذه المهن في الغالب مخصصة بالدرجة الأولى للرجال، فلماذا يعترضون على مهن مخصصة للنساء، فالسعودية هي الدولة الوحيدة التي تبيع أدوات التجميل والملابس الداخلية من الرجال، وجاء هذا القرار ليتيح آلاف الفرص للفتيات العاطلات عن العمل في هذه المهنة.

من جهته، وصف عبد العزيز الحارثي، الخبير في شؤون التوظيف، الاحتجاجات بالتحدي لقرارات الدولة، وخاصة أن القرار صادر من أعلى سلطة في البلاد، ويجب أن يتم احترام هذا التوجه. وقال الحارثي إن «وزارة العمل لم تغفل في عقودها الجانب الشرعي، وكانت حازمة وفي صف المرأة والحفاظ على خصوصيتها، لدرجة أن العقد وضح اشتراطات خاصة ملزمة أثناء توظيف النساء، كمراعاة الحشمة، ووجود دورة مياه خاصة للنساء، ولكن تلك الاحتجاجات صادرة عن أشخاص منتفعين بمخالفة الأنظمة والقوانين، يقف وراءها وافدون، وللأسف استفاد منها الاقتصاد الوطني، حيث ترحل تلك الأموال والأرباح مع الاستفادة بالحوافز الاستثمارية المقدمة للموطنين، ورفض الدخول في الاستثمار الأجنبي». وكانت وزارة العمل قد حظرت على صاحب المنشأة توظيف عاملين وعاملات معا في محل واحد، يستثنى من ذلك المحلات المتعددة الأقسام التي يجوز لها توظيف العاملين، والعاملات متى كانوا في أقسام مختلفة، وبألا يقل في هذه الحالة عدد البائعات في المحل عن ثلاث عاملات في الوردية الواحدة. ورغم حسمها في بعض المناطق السعودية، بادرت غرفة جدة ممثلة في لجنة الملابس الجاهزة بتصويت للسعوديين وعبر «فيس بوك» لاختيار عباءة غير تقليدية أو ما يسمى بـ«البالطو» المحتشم والذي لا يخدش الحياء لتسهيل الحركة، وعدم إعاقة عمل المرأة داخل المحلات النسائية. وواجهت وزارة العمل اتهامات خلال لقائها مستثمري الملابس، بأن الوزارة «ألغت العباءة»، رغم ما تنص علية من ضرورة التزام العاملة في محلات بيع المستلزمات النسائية، في زيها بالحشمة أثناء عملها بما في ذلك التزامها بضوابط الحجاب الشرعي، سواء كانت ترتدي الزي المتعارف عليه (العباءة وغطاء الرأس)، أو الزي الرسمي لجهة العمل، والذي يجب في جميع الأحوال أن يكون محتشما وساترا وغير شفاف.

بينما رفض الدكتور فهد التخيفي، وكيل وزارة العمل المساعد للتطوير بوزارة العمل السعودية، في حينها الاتهامات بمحاولة «إلغاء العباءة»، منوها بأن هذه مجرد بنود تنظيمية ستلحقها لائحة مفسرة لكافة موادها.

ويواجه 90 في المائة من المستثمرين في قطاع الملابس أزمة حقيقة، بعد التطورات الجديدة التي أطلت عقب قرار إلزام محلات الملابس بتوظيف سعوديات بدلا من العمالة الوافدة. وأرجع متعاملون أن المشاريع تعمل بطريق غير نظامية في معظمها، وهو ما يعرف بـ«التستر التجاري»، وهو ما يجعلهم أمام خيارين، إما توظيف سعودية كبائعة، وإما الإعداد لتكتلات بين مستثمرين لجمع رأسمال قدره 30 مليونا للسماح لهم بالدخول كمستثمرين نظاميين، في نظام الاستثمار الأجنبي لتأسيس شركة.

ويشرع عدد من رجال الأعمال الوافدين الذين يعملون بنظام التستر، بالإعداد لتأسيس شركات، بين شركاء في مجال الملابس، وتنظيم نشاطهم التجاري بطرق نظامية، حيث تشترط هيئة الاستثمار الأجنبي أن يكون رأس المال للنشاط التجاري 30 مليون ريال، بهدف توفير المبالغ التي يمنحونها لسعوديين سمحوا بالعمل بأسمائهم التجارية، ودفعها كمرتبات للعاملات السعوديات، لضمان الاستمرار في الوجود بالسعودية. وكانت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني قد أعلنت عن استعدادها لتدريب 989 متقدمة من قبل 6 مناطق سعودية من بينها الرياض وجدة والمنطقة الشرقية والقصيم، للعمل بالبيع في المحال النسائية عقب انتهاء البرنامج التدريبي الذي قام عليه صندوق الموارد البشرية ضمن تعاقدات مع القطاع الخاص وإشراف مباشر من قبل مؤسسة التدريب المهني عقب خضوعهن لمقابلات شخصية مع 10 شركات توظيف معتمدة.

يذكر أن الوزارة حددت يوم 11 من شهر صفر المقبل كآخر موعد لإحلال المواطنات محل العمالة الوافدة في محلات الملابس الداخلية «اللانجري» ومحلات التجميل، وهددت من يتقاعس عن التطبيق بوقف جميع تعاملاته مع الأجهزة الحكومية، مع تطبيق غرامات مالية رادعة.