من لحقتهم الديون إلى مكة.. ملزمون باستئذان الدائنين قبل الدخول في الشعيرة

«سدد ثم احتج» تتحول إلى «سدد ثم حج»

TT

علق مواطنون ومقيمون إتمام مناسك حجهم بموافقة دائنيهم، استنادا إلى فتاوى شرعية ربطت شرعية الفريضة بالموافقة، مؤكدين أن تصريح الحج في حد ذاته ليس العقبة الوحيدة نحو إتمام الشعيرة.

ونشطت دوائر الفتوى فعليا قبيل الدخول الفعلي لمناسك الحج، حيث اتسعت دائرة الاستفتاءات ومشروعية تمام الفريضة من عدمه، خاصة لأولئك الذين لحقتهم الديون حتى مكة.

وظلت العبارة الشهيرة التي انتهجتها إمارة منطقة مكة المكرمة، وعنونتها بـ «لا حج بدون تصريح»، صنوا لعبارة «وجوب استئذان الدائن قبل الفريضة»، وهو ما بعثر كثيرا من نوايا قاصدي الحج لهذا العام الرسميين قبل المتسللين.

ولم تعد فريضة الحج في ظل الثورة المعلوماتية تنأى بالمستفتي عن مشروعية فتواه، أثناء صيرورة منهاجه في النسك ومساره في الحج، لتطل فتوى الاستئذان برأسها من جديد، محدثةً عملية مراجعة واسعة لقوائم مالية مختلفة المشارب، وفاتحة نافذة واسعة لإمكانية السداد وإيفاء الحقوق، ولتكون الفتوى موجبة لسداد الأموال المدانة حتى وإن بخس ثمنها.

ودأبت دوائر حكومية واسعة نحو الإطلال بعبارة «سدد ثم احتج»، كناية عن إلزامية سداد المبالغ المستحقة قبيل المطالبة والاحتجاج الرسمي في التعاملات المختلفة، وهو ما انسحب على فريضة الحج لتكون العبارة البديلة «سدد ثم حج»، وإن لم تجد إلى السداد سبيلا، فالاستئذان ساعتئذ هو المفتاح الواجب تملكه نحو تجديف قارب الحج تجاه «إحداثيات منى».

وعلى الأرجح أن فريضة الحج أدت إلى اختصار مساحات من مطالبة الدائنين لتكون وسيلة آمنة لاستيفاء الحقوق دون كلمة واحدة وعلاجا فاعلا لما يسمى بالمماطلة في السداد.

أحمد المورعي، أستاذ الكتاب والسنة في جامعة أم القرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قال إن من يرغب في الحج وعليه مبلغ من المال فالواجب عليه سداد المبلغ أولا ومن ثم التفكير بالحج، ولو حج بدون أن يسدد المبلغ الذي عليه فحجه فيه نظر.

وأفاد المورعي: «حقوق العباد مقدمة على حقوق الله سبحانه وتعالى، والشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين، وهو ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، أما لو كان لأحد ما دين عند البنك، أو قرض، ولديه القدرة في السداد، وآنية القرض لم تحل، ساعتئذ لا يعتبر مدينا، لأن لديه المبلغ الذي يكفل السداد، في وقتٍ أصبحت حياة الناس جميعا مقترنة بالقروض».

وأورد المورعي قوله بأنه لا يجب الاستئذان من البنوك والمؤسسات الحكومية في حال الحج، لأنه لا ينضوي على الحاج في حينه سمة المدين الواجب استئذانه، مؤكدا أن نفس المؤمن معلقة في عنقه حتى يقضى عليه، والرسول صلى الله عليه وسلم، ما كان يصلي على من عنده دين، وكان يقول نبي الرحمة صلوا على صاحبكم. من ناحيته، قال الشيخ عبد الله بن علي الركبان، أن الدين قد يكون حالا أو قد يكون مؤجلا وقد يكون دينا كبيرا وقد يكون دينا يسيرا، فالأصل أن يسدد الدين الحال الذي يستطيع الإنسان سداده ولكن بعض الأشخاص يكون عليه دين وخاصة بالنسبة للوافدين، والحج هنا قد تيسرت له أسبابه ولا يكلفه كثيرا، فمثل هذا يحج لأن هذه فرصة قد لا تتاح له في المستقبل إذا سدد دينه.

وأضاف الشيخ الركبان: «أهل هذه البلاد ومن كان الحج ميسرا له باعتباره من مواطنيها فإن هذا يقدم سداد الدين لأن الدين حق للآدميين وحقوق الآدميين مبنية على المشاحة بينما الحج حق لله عز وجل وحقوق الله مبنية على المسامحة وإن تيسر أن يستأذن صاحب الدين وأن يحج فذلك خير على خير، هذا بالنسبة للحج الفرض، موضحا فيما يتعلق بالنسبة لحج النافلة بأنه لا ينبغي أن يقدم سداد الدين عليه لأن سداد الدين واجب وحج النافلة ليس واجبا والواجب يتعين تقديمه.