حجاج ليبيا يبكون قتلاهم.. ويدعون الله لمستقبلهم

صدفة تجمع بين حاج ليبي ومصري فرقتهما الثورات وجمعتهما منى

علم ليبيا الجديد من على جبل الرحمة في عرفات (تصوير: خضر الزهراني)
TT

افترشوا البساط الأخضر، وعلى ارتفاع أمتار بسيطة، تجد بالونات تحمل علم ليبيا الجديد، وعلى جنبات المكان تجد علم ليبيا الجديد متوشحا للمكان المقل لهم، وسجلت منى حضور العلم الليبي الجديد، بعدما سجلت العاصمة السعودية الرياض أوائل الشهر الماضي حضورا للعلم الجديد الذي رفع لأول مرة في أواخر فبراير (شباط) الماضي في ليبيا بعد بداية الثورة بتاريخ 17 من الشهر ذاته في ليبيا، والذي رفرف في عدد من السفارات خارج ليبيا بعد سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي ومقتله.

ومن وسط منى، يظهر علم ليبيا الجديد، مرتفعا بها، في وقت شهد حجاج ليبيا تزايدا في أعدادهم، نظرا لتحرير ليبيا مؤخرا.

ببساطة يتساءل حجاج ليبيا الجديدة، وهم يرفعون أكف الدعاء إلى الله بمستقبل باهر، ويقولون «خلونا نعرفكم في ليبيا الجديدة»، وهم في تسابق محموم، مع إظهار بعض القوة في تحمل فقد عزيز لهم في الثورة.

أحدهم ناشط في ثورة ليبيا، وهو يقوم بتوثيق هجمات الثوار على معاقل معمر القذافي، الرئيس السابق لليبيا، ويبعثها على مواقع التواصل الاجتماعي، وسرد إحدى القصص التي قام بتوثيقها، وهي لامرأة ليبية كانت تقطن في أحد التلال في صحراء ليبيا، وتحكي تلك القصة تحت عنوان واقع المرأة في ليبيا التي كانت في فقر مطبق، على عكس ما كان يحكي النظام السابق بأن المرأة الليبية مستوفية متطلباتها.

ويقول صلاح الشيبان، أحد حجاج ليبيا هذا العام، إن مشاعر العالم العربي والإسلامي تصلنا، وبالذات السعوديين، بينما أصر بشكل قاطع على شكر حكومة خادم الحرمين الشريفين على الخدمات المقدمة في حج هذا العام.

ولم يغفل الشيبان القول إن الثورة كلفتهم فقد أعزاء، وأقرباء عليهم، مع تعدد لأساليب الموت لهم، ولم ينس الحجاج الليبيون الدعاء لذويهم، في وقت تعدد الأساليب التي يعدون بها، ويعزون بها. حسين بن كورة، فقد ابن أخته، في أحداث ثورة ليبيا، أما جمعه فريشك، ففقد ابن أخيه. إلا أن فتحي الهادي، فله قصة متفردة، حيث قتل ابنه في أحداث ليبيا بطريقة وحشية، وهي عن طريق الحرق، وأثناء روايته القصة انتابته موجة حزن ظهرت في تعبيرات وجهه، قتل ابنه في طرابلس العاصمة، قبيل سقوط نظام معمر القذافي، عن طريق قواته المرابطة في طرابلس.

ويتابع الهادي: «احتجزوا ابنه ومجموعة من الثوار، وعددا يقدر بـ175 ليبيا، وعند تلقي قوات القذافي أوامر تفيد بقتل النشطاء، استحدثوا فكرة لقتلهم دونما إظهار لأصوات لطلق الرصاص، من أجل عدم لفت الأنظار». وحينها تم إلقاء ما قدره الحاج الهادي بـ7 قنابل من نوع رومانة، عليهم بما فيها ابنه، وبعدها وجد قوات القذافي أحياء وقد قطعت أجزاء كبيرة من أجسادهم، وتمكن أحدهم من الهروب من السجن، ليخبر أهل المقتولين بالقصة التي رواها، ومن أجل إخفاء معالم الجريمة دونما أدلة، تم إحراق المحتجزين.

وعند هذه المقولة «اطلبي السماح من أبويا وأمي» التي نقلها الفار من السجن للحاج الليبي الهادي أجهش بالبكاء مستندا على عمود ليستند به ألما وحسرة على فراق ابنه، إلا أنه أظهر في ذات الوقت رباطة جأش قوية، وتحمل، مع تكرار الدعاء لابنه. وصدقت المقولة «رب أخ لك لم تلده أمك»، جمعت تلك المقولة بين ليبي ومصري، على مدي 20 عاما في ليبيا، فرقتهما رياح الربيع العربي، وجمعتهما أرض المشاعر المقدسة، وتحديدا منى، فذات الحاج الذي قتل ابنه، بالصدفة، وعن طريق التواصل المستمر، اتصل بصديقه المصري في العمل في ليبيا آن ذاك، للاطمئنان عليه، كما هي عادته، وذلك من أحد هواتف الجوال السعودية، وحينها تأكد أنه وصديقه في حج هذا العام.

والحاج المهدي وصديقه عيد عبد العزيز مصري الجنسية، وهو من مدينه قنا، أصدقاء منذ 20 عاما، ومع انطلاق ثورات ليبيا، ومن قبلها مصر، غادر صديقه المقرب إلى مصر.