الحاج أرمانيوس «شماس» الكنيسة السابق.. ومايكل أميركي من أم مسيحية وأب يهودي عازف للموسيقى

«الشرق الأوسط» في المخيم «34» للمسلمين الجدد

الشماس السابق: فوجئت بإسلام أمي قبلي ولكن في السر (تصوير: غازي مهدي)
TT

المخيم 34 لحجاج أوروبا وأميركا والمسلمين الجدد يزخر بعشرات القصص المتناثرة، تحملها معه عطر بلدان أوروبا وعبق وشموخ أميركا الشمالية والجنوبية.

«الشرق الأوسط» وصلت إلى مقر البعثة مع أذان صلاة المغرب حيث خيم الهدوء على المخيم وكأن أحدا لم يكن، على الرغم من وجود عشرات إلا أن إيمانهم بأن لا حديث يعلو على صوت الأذان ولا بد من سماعه وإيقاف الحديث عند سماعه تأسيا بما كان عليه المصطفى صلى الله عليه سلم في تأكيد لتمسك المسلمين الجدد بتطبيق الشريعة الإسلامية.

في مسجد المخيم جلس جمال زكريا (الشماس أرمانيوس) في كنيسة مريم العذراء بالقاهرة سابقا مع زوجته وابنه يطلبون الهداية إلى الإسلام لعائلتهم النصرانية بعد أن منّ الله عليهم بالإسلام وتمكنوا من أداء فريضة الحج لهذا العام.

جمال من مواليد محافظة المنيا عام 1956، ترعرع ونشأ في كنف أسرة نصرانية فكان جده أحد أشهر الكهنة وكان يحلم كغيره من أبناء عائلته أن يرتقي منزلة جدة وكان هدفه أن يكون قسا كبيرا في يوم من الأيام.

يقول جمال زكريا الذي التقته «الشرق الأوسط» في مخيم المسلمين الجدد: «منذ كنت في الثامنة كنت حريصا على دخول الكنيسة والتطوع فيها لأصبح قسيسا مكان جدي فبدأت كمساعد شماس، فالشماس هو خادم الكنيسة وهو من يقوم بمعاونة الكاهن في أداء الخدمات الدينية والصلوات الكنسية».

ويضيف زكريا: «أبلغوني في احد الأيام أنني مرشح أن أصبح قسا ولكي أنال درجة قس أو كاهن لا بد وأن أقوم بعمل بحث كبير يؤهلني لهذا المنصب، وقراءة عدد من الكتب السماوية وكان موضوع بحثي ما جاء به القرآن الكريم من متناقضات؛ كما يعتقدون، ولم يكونوا يعلمون أنه سيكون نقطة التحول لي فكنت أقرأ بشكل متواصل ولدي شغف كبير لمتابعة القراءة والغريب أنني في كل مرة كنت أفتح فيها المصحف ولثلاث مرات متواصلة أجده على قوله تعالى في سورة الأنعام (فمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجا» استغربت ذلك الأمر ففتحت أول سورة البقرة لأجد الرد لبحثي من أول صفحة في القرآن في مطلع سورة البقرة.. (ألم، ذلك الكتاب لا ريب فيه، هدى للمتقين) وكأنه يخبرني بعدم البحث إلا أنني قمت بقراءة القرآن إلى أن جاء موعد مناقشة البحث ليرد عليهم بقوله تعالى (ذلك الكتاب لا ريب فيه) وبدأت فعليا التفكير في دخول الإسلام وبدأ رجال الكنيسة يشعرون بذلك ويغلقون أمامي السبل فحاربوني في بيتي وأوقعوا علي التهم. فذهبت لأمي فأخبرتها أني أنوي الدخول في الإسلام وقلت لها وهي على فراش المرض يا أمي الحبيبة لقد أسلمت لله رب العالمين، ولا أريد أن أغضبك بهذا ولكني عرفت الحق فلا تغضبي مني وتفهمي موقفي». فتوقع منها موقفا عدائيا إلا أنه تفاجأ بردها بأنك تأخرت كثيرا، حيث أخبرته أنها على الإسلام منذ زمن بعيد سرا وكانت تشعر بأنه سيكون مسلما في يوم من الأيام فكلما ارتقى في مناصبه الكنسية تعلم يقينا أنه سيبحث ويبحث ويقرأ وحتما سيصل للحقيقة.

على الجانب الآخر من المخيم جلس الدكتور «مايكل جميس» مسعود ابن أحد الموسيقيين الأميركيين اليهود والابن من أم مسيحية والذي يعمل حاليا أستاذا بكلية العلوم والتكنولوجيا بجدة بشعره الأشقر ولحيته الشقراء وبنيته الأميركية الخالصة مع عدد من المسلمين الجدد يتباحثون أمور الحج ويتجاذبون أطراف الحوار حول المشقة والعناء في عهد الرسول صلى الله علية وسلم والإمكانات والخدمات التي وفرتها الحكومة السعودية.

ولفت مسعود الأنظار إليه بمعرفته بقصص الصحابة والخلفاء الراشدين وهو أكثر الجالسين ملامح غربية فتحدث لـ«الشرق الأوسط» أن تلك القصص كانت سببا في إسلام مسعود الذي درس ودرس التاريخ عرج في إحدى دراساته على العصر الإسلامي في وقت كان يعيش صراعا داخليا حول ديانته فأبوه يهودي وأمه مسيحية «وكل تلك الأديان فيها عدد من المتناقضات حول التوحيد ولكن في الإسلام الجميع يوحدون إلها واحدا لا شريك له غير أني أعجبت كثيرا بقصة خالد بن الوليد وسيرة الصحابة وقوتهم وصبرهم وإيمانهم بمبدأ لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى».

ويضيف مسعود: «تعرفت على فتاة يمنية عن طريق أختي المتزوجة من مصري، وكانت مسلمة وتزوجتها وأسلمت والآن أنا أعمل في السعودية».

وعن رحلة الحج ومشاعره، قال إنه في قمة السعادة ويتذكر أول عمرة قام بها وتصلبت قدماه عندما شاهد الكعبة لأول مرة وانهمرت الدموع من عينيه دون أن يعلم، مشيرا إلى أن شقيقته في طريقها إلى الإسلام.