اقتصاديون يطالبون بإنشاء سوق ضخمة تستوعب كل المنتجات والبضائع الإسلامية

قالوا إن مكة بلد يستطيع أن يسحب البساط تجاريا من كبريات المدن عالميا

TT

دفع اجتماع الأعداد المليونية على أراضي مكة المكرمة، إلى فكرة إنشاء سوق عالمية تحتضن كل الموروثات الإسلامية، والأزياء والتحف ويكون من شأنها تنويع الثراء التجاري والثقافي للحجاج والمعتمرين.

ودعا اقتصاديون في مكة المكرمة وحجاج، إلى تفعيل فكرة الشراكة الاقتصادية لتتزامن على أرض الواقع إبان شروع المسلمين في تأدية نسك الحج ومواسم العمرة، وذلك عن طريق إنشاء «مولات» تجارية عالمية، تعمل على نقل الموروث المكي للعالم الإسلامي وتكون السعودية البلد الحاضن لكل تلك الموروثات.

وعلى الرغم من أن العاصمة المقدسة، مكة المكرمة، اعتبرت منذ التاريخ شريانا اقتصاديا مهما، ورافدا تجاريا مميزا، فإن الحاجة تتطلب التوسع في ضخ مزيد من الاستثمارات، في زيادة أعداد المولات التجارية بما يتسق وتعدد الموروث التجاري الذي نهجه المكيون منذ بزوغ التاريخ، اتساقا مع الأهمية الاقتصادية والتجارية التي عرفت عن مكة المكرمة.

وباتت الحاجة أكثر إلحاحا إلى إنعاش اقتصادي يزيد من الجاذبية الإسكانية ويوفر على ساكني وقاطني مكة المكرمة وزوارها من حجاج ومعتمرين بحيث يتسنى تأدية الشعائر والتزود بالهدايا المصنعة في تلك البلدان الإسلامية للتبضع والتسوق.

وأضاف مراقبون أن الكثافة السكانية للحجاج والمعتمرين التي باتت عليها مكة المكرمة تمثل قوة شرائية كبيرة، بالإمكان بلورتها أيضا في خدمة اقتصادات الحج والعمرة، وأن الخطوات نحو ذلك والإجراءات الميسرة كفيلة لإقامة هذه المولات التجارية في جنبات العاصمة المقدسة، عن طريق تقديم تسهيلات في الأرض، واستخراج التصاريح اللازمة والشباك الأوحد، للمستثمرين الذين يرغبون في تنشيط وتفعيل الدور الريادي والتجاري لمكة المكرمة.

وأكد خالد اليوسف، أحد المستثمرين في التبادلات التجارية، أن إنشاء سوق متحدة ذات أذرع استثمارية كبيرة سيكون لها عوائد اقتصادية كبيرة جدا، وتشكل دوحة تلجأ إليها معظم الأسر في المناطق الحارة، بعد أن باتت حكرا على جدة دون غيرها، وظلت العاصمة المقدسة تفتقر إلى العديد من هذه المراكز المتميزة.

وزاد «تكتنف الأيام المقبلة حركة تجارية دؤوبة، من شأنها إقامة المولات الكبيرة في العاصمة المقدسة، بحجة أنها ستساعد على إضافة مساحة لاقتصادات الحج والعمرة، وفتح آفاق متجددة للتسوق، بما يلبي الاحتياجات الحياتية لسكان مكة المكرمة والحجاج والمعتمرين على اختلاف مشاربهم، عن طريق فتح بضائع متنوعة للمحلات التسويقية، لإبقاء العديد من الفئة المستهدفة داخل أسوار مكة».

وقال الخبير الاقتصادي المهندس سعد الغانم، إن القدرة الشرائية لأهالي مكة المكرمة، معززة بالقوة الشرائية للوافدين للحج والعمرة، كفيلة لإثراء الحركة الاقتصادية التجارية في العاصمة المقدسة، التي ستحفز لكل من يريد إنشاء مولات تجارية ذوات ماركات عالمية إسلامية، مبررا أن الكثير من الحجاج والمعتمرين يرغبون في شراء مثل تلك الماركات العالمية، بالإضافة إلى الطبقة الراقية من المعتمرين والحجاج، الذين لا يجدون حلا سوى جدة لقضاء احتياجاتهم منها.

وأضاف الخبير الاقتصادي أن المولات الكبيرة ذات الطابع الإسلامي الممزوج بالتنوع الثرائي التجاري، تتميز بعدة خواص، خصوصا إذا توافرت فيها الجوانب المكملة لهذه الخواص، فهي بالإضافة إلى أنها مواقع للشراء، فهي أيضا مكان للترفيه الأسري، فمثلا إقامة المهرجانات داخلها الجاذبة للأسر المكية، ستساعد الأسرة على تعدد خياراتها الترفيهية، وخصوصا إذا ما نظرنا إلى أن مكة تفتقر إلى الخيارات الترفيهية للأسرة، فمتى ما تعددت تلك المولات ذات الترفيه الأسري أصبح من الممكن أن تكون مثل تلك المشاريع ناجعة على أحدث مستوى.

وتابع الخبير الاقتصادي حديثه «ينبغي للجهات المسؤولة في البلدان الإسلامية ترغيب التجار، والمؤسسات التجارية نحو الشروع في بناء جسر ثقافية وتجارية مشتركة وكبيرة في مكة المكرمة، التي تعاني نقصا واضحا في التنوع التجاري المطلوب، ومن الضروري الحصول على حلول سريعة في ما يتعلق بإنشاء مولات ستكون مجرد بداية لمشاريع أكبر مستقبلا، خاصة أنها مدينة تستقبل أعدادا مليونية كل عام، وبإمكانها استقطاب جميع الجنسيات والطبقات الاجتماعية المختلفة، حيث يهرع الكثير من الحجاج والمعتمرين بعد انتهاء مناسكهم نحو الذهاب إلى جدة وبشكل متكرر، مما يفاقم الربكة المرورية للخطوط السريعة، والطرق داخل جدة نتيجة التكدسات المرورية التي يخلقها وجود المكيين في جدة لشراء مستلزماتهم».

وأبان الغانم أنه «لا شك أن كل مدينة لن تتطور وتصل إلى الأفضل إلا إذا توافرت فيها كل المتطلبات الضرورية ولكل الأجيال وليس لجيل أو لفرد دون آخر، ومكة المكرمة باتت مدينة فيها الكثير من السكان بسبب قدسيتها، ورغبة كثير من المسلمين في أنحاء المعمورة في السكنى بها، وخلق فرص المعيشة من جراء التوسع في المصادر الاقتصادية الكثيرة من موسمي الحج والعمرة، لهذا بات المطلب واضحا بضرورة العمل على افتتاح المولات الكبيرة وليس على محلات صغيرة، لأن المولات فيها كل ما تحتاجه الأسرة وأيضا تلبي رغبات كل الأذواق الاقتصادية، واعتقد أن العاصمة المقدسة ستكون قبلة الأنظار فيما لو تم تحقيق مثل هذا المتطلب».

ويحلم أبناء العاصمة المقدسة ببناء منظومة اقتصادية متمثلة في إنشاء مثل تلك المولات الكبيرة التي يشاهدونها في جدة، لأن ذلك يعني لهم اختصارا في الوقت، والجهد، وتنوع الخيارات الشرائية بالقرب منهم.

وقال الحاج مهدي مورعي، حاج كويتي، «أعتقد أنه كلما زادت الأسواق الكبيرة ساعد ذلك على إبقاء المعتمرين في مكة، بهدف الشراء والتسوق والتبضع، وليس التوجه إلى مدن أخرى، خصوصا أن الكل يريد التوجه إلى جدة لأجل الوصول إلى المولات الكبيرة، وهذا يدلل على مدى أهمية المحلات الكبيرة تلك، لهذا أنا أطالب الجهات ذات العلاقة في البلدان الإسلامية نحو العمل على المساهمة في ترغيب الشركات الكبرى لأجل العمل على فتح مولات إضافية خلال السنوات المقبلة، لأن ذلك سيكون له الأثر الإيجابي على كل أبناء المدينة».

من جهتها، قالت عائشة الصفدي، حاجة عراقية، «إقامة أي مول في العاصمة الإسلامية الكبرى، بات حلما لأي مسلم، العاصمة المقدسة مدينة جميلة ورائعة، وهي نواة التقاء جميع الثقافات الإسلامية، التي تجتمع في كل عام، لذا هي فرصة مواتية تستحق أن تشهد العديد من المشاريع الكبيرة، خصوصا أنها أصبحت وطنا يلم شتات المسلمين ويوحد كلمتهم».