محلات اللانجري والتجميل في الهجر والقرى تسبق قرار تأنيثها بتغيير نشاطاتها

بسبب عدم إقبال بناتهن على العمل كبائعات

TT

استبقت محلات الملابس الداخلية (اللانجري) والتجميل في الهجر والقرى السعودية قرار وزارة العمل الذي ينص على تأنيث عمالتها بتغيير نشاطها التجاري، والاتجاه لبيع ملابس السهرات، والأطفال، بينما فضل البعض الاتجاه لنشاطات بعيدة عن المستلزمات النسائية.

ورصدت «الشرق الأوسط» بعض المحلات تعرض مواقعها للتقبيل، وأخرى قام أصحابها بتغيير لوحات محلاتهم المتخصصة في بيع اللانجري والتجميل، إلى نشاطات تجارية أخرى، كبيع الساعات، وتغليف الهدايا، والهواتف النقالة.

وتضاربت آراء متعاملين حول أسباب هذا التوجه، فمنهم من أرجع السبب في ذلك إلى صعوبة إيجاد عاملات في القرى والهجر، بينما وصف البعض تلك الأعذار بـ«غير الواقعية»، كونها تخدم المحلات التي تعمل بنظام مخالف كالتستر التجاري، إضافة إلى أن عمل المرأة في الهجر موجود حاليا، خاصة بالأسواق الشعبية والتاريخية.

واعتبر محمد أحمد حاكم، أحد المستثمرين في مجال بيع اللانجري والملابس النسائية والعضو في لجنة الأقمشة والملابس التابعة للغرفة التجارية الصناعية بجدة، تغيير نشاطات مستثمري التجميل والملابس الداخلية متوقعا، لصعوبة إيجاد موظفات في المناطق ذات الطابع القبلي، إضافة إلى استحالة توظيف عدد كبير من الموظفات خلال فترتين، وبرواتب لا تتجاوز 3 آلاف ريال لكل موظفة.

ونفى محمد حاكم في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» أن التستر التجاري والمستثمرين الأجانب الذين يعملون بأسماء سعوديين للتحايل على النظام هم السبب في إعاقة قرار توظيف الفتيات السعوديات، لافتا إلى أن تلك المحلات قادرة على توظيف فتيات، غير أنه من المستحيل التعاقد معهم في القرى والهجر، وهو ما اعتبره أمرا متصاعدا حتى في بعض المحافظات والمدن المتوسطة.

في المقابل، ذكر فهد الثقفي، أحد المتعاملين في بيع المستلزمات النسائية، أن تغيير نشاط المستثمرين في محلات اللانجري والتجميل يدل على أن تلك المحلات كانت تعمل بمخالفة أنظمة الدولة، والعمل على التستر التجاري، مبينا أن عملهم في أنشطة أخرى ليس في مصلحة أحد، سواء لاقتصاد البلد أو حتى المواطن الذي يبيع سجله التجاري، ويبقى المستفيد الوحيد هو الوافد المخالف.

وقال الثقفي لـ«الشرق الأوسط» إن «وزارة العمل حددت ضوابط واشتراطات تدعم عمل المرأة السعودية، دون المساس بالقيم الإسلامية، والعادات والتقاليد المحلية».

كانت وزارة العمل قد حددت يوم 11 من شهر صفر المقبل كآخر موعد لإحلال المواطنات محل العمالة الوافدة في محلات الملابس الداخلية (اللانجري) ومحلات التجميل، وهددت من يتقاعس عن التطبيق بوقف جميع تعاملاته مع الأجهزة الحكومية، مع تطبيق غرامات مالية رادعة.

وأشركت وزارة العمل في تطبيقها جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة، من بينها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحددت ضوابط ملزمة لجميع الشركات والمؤسسات، من خلال العقود المبرمة بينها وبين العاملات، إضافة إلى إلزامها ببنود وجوب وجودها للحصول على تصاريح لاعتمادها من قبل الجهات المصرحة أو إدارات المراكز التجارية، والأسواق المحلية.

وحسمت مشكلة الاختلاط في مشروع تأنيث محلات الملابس، باشتراط أن يتم توظيف 3 فتيات داخل أي محل أو مركز في الوردية الواحدة، وعلى صاحب العمل إذا كان المحل قائما بذاته أو كان واقعا في مركز تجاري مفتوح توفير حارس أمني أو نظام أمن إلكتروني في المحل.

يأتي ذلك في وقت قال فيه الدكتور فهد بن سليمان التخيفي، وكيل وزارة العمل المساعد للتطوير، لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق: إن هذا الإجراء مرتبط بالمحل أو المركز الذي يرغب صاحبه أن تكون منشأته مخصصة للعوائل، ويضم سلعا خاصة بالنساء والرجال، أما إذا كان مخصصا فقط للنساء فيتم عزل وحجب الرؤية عن المحل من الخارج ويصبح زواره فقط من النساء.

وتحرص الغرف التجارية في المناطق والمدن على دعم هذا التوجه للحد من البطالة؛ حيث تصل نسبة البطالة النسائية إلى 26% من نسبة خريجات المعاهد والكليات الجامعية.

ودعت الدكتورة لمى السليمان، نائبة رئيس مجلس الغرفة التجارية الصناعية في جدة، القطاع الخاص وأصحاب المنشآت المختلفة إلى تفعيل وتنفيذ هذا القرار ضمن الواجب الوطني تجاه هذه الشريحة المهمة من المجتمع.

وقالت السليمان: «إن تجارب عدد من الأسواق في كل من القصيم وأبها والباحة، التي يشترك في عمليات البيع فيها نساء بداخل الأسواق، جديرة بالاحترام. وتدل على أن التجارب ليست جديدة وهي موجودة بالهجر والمحافظات الصغيرة، فلماذا لا تطبق بالمدن الكبرى؟».

يُشار إلى أن دراسة ميدانية أعدتها غرفة جدة أثبتت أن 60% من الراغبات في العمل كان الهدف وراء قبولهن الوظيفة عائدا لأسباب ضغوط نفسية بسبب بقائهن كعاطلات بالمنازل لسنوات، بينما تنوعت النسب المتبقية بين تحسين الوضع المعيشي لأسرهن، وتحقيق عائد مادي، إضافة إلى الدخول في شراكات مع أصحاب محلات الملابس لتحقيق مشاريع مستقلة في تصميم وتسويق منتجاتهن، بينما بينت الدراسة أن الدوام لفترتين وتأخر خروجهن من العمل إلى الساعة 12 ليلا هما العائق الوحيد لعدم سماح أسرهن بالعمل كبائعات ملابس.