جلوس سيدة في المنصة خلال انتخابات «أدبي الباحة» يثير الخلاف بين الأعضاء

في حادثة هي الأولى من نوعها بالمنطقة

سعاد المانع على منصة اللجنة
TT

أثار وجود امرأة على منصة انتخابات مجلس إدارة النادي الأدبي في الباحة خلافا بين أعضاء الجمعية العمومية، في حادثة هي الأولى من نوعها في المنطقة، كادت تطيح بإجراء انتخاب مجلس إدارة جديد لإدارة نادي الباحة الأدبي؛ حيث اعترض بعض أعضاء الجمعية العمومية على وجود امرأة في منصة لجنة الانتخابات لتشكيل مجلس إدارة جديد.

وطالب المعترضون بنزول الدكتورة سعاد المانع من على المنصة أو «تغطية وجهها»؛ حيث كان يجلس بجوارها وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية رئيس لجنة الإشراف العام على الانتخابات، الدكتور ناصر الحجيلان، ومدير عام الأندية الأدبية عبد الله الكناني، ومندوب إمارة المنطقة محمد المانع، وممثل عن الشؤون القانونية.

وقد قام الكناني بشرح آلية الانتخاب بحسب اللائحة الجديدة ثم تم توزيع أجهزة على أعضاء الجمعية العمومية وعددهم 62 مثقفا و7 مثقفات للتصويت في 30 ثانية لكل عضو مرشح وعددهم 23 مثقفا و7 مثقفات، والتزم الجميع بالجلوس في مقاعدهم يفصلهم عن النساء حاجز.

وعند بداية نقل الإجراءات تلفزيونيا تعالت أصوات المعترضين بإصرارهم على أن وجود امرأة تمثل المثقفين أمر مرفوض، وتعالت الأصوات في قاعة الانتخابات حتى بدأت كلمة وكيل الوزارة، وما إن انتهى حتى زاد عدد المعارضين، وهم يؤكدون عدم قبول الدكتورة سعاد المانع في المنصة، وظلوا يطالبون وقوفا بأن يلبي مطلبهم وإلا سيتقدمون للجهات الرسمية بشكوى اعتراض على ما سموه الخروج عن «السنة» في عدم كشف المرأة لوجهها أمام الرجال، وإلا فإنهم سيقاطعون الانتخابات وبالتالي تفشل في اختيار مجلس جديد.

ووصف المعترضون بعض الموجودين بـ«العلمنة» وأنهم مسيرون لهذا الفعل، مبدين خشيتهم من أن تصبح الباحة طرفا في هدم كيان الوطن، كما حدث لدولة بني أمية، بمثل هذه التصرفات التي اعتبروها سابقة من اللجنة في الباحة كمنطقة لها خصوصية.

وقال أحد المعترضين: إن ما يحدث في الرياض وجدة وغيرهما لا يمكن تطبيقه في الباحة، وعندما بدأت المانع كلمتها ارتجالا وجههم أحد الأكاديميين سابقا بالخروج من القاعة وتسليم الأجهزة، وبالفعل خرج 17 عضوا كشفت أسماءهم أوراق التسجيل عند تسلمهم أجهزة التصويت بالأرقام التي جلسوا في القاعة بموجبها.

واستمر المعترضون في رفع أصواتهم في بهو القاعة بعد أن تدخل رجال الأمن لحفظ النظام داخل القاعة ومن ثم توجهوا لأمير المنطقة واستمر البرنامج الانتخابي بعد خروجهم كما كان قد خطط له، وبقيت المانع في مكانها؛ حيث انتهى التصويت بعد نصف ساعة.

وأعلنت النتائج بعد فوز 8 مثقفين، 4 منهم من أعضاء المجلس السابق، واثنان من خارج المجلس، ووصول امرأتين للعضوية، بعد ذلك تحدث الحجيلان مشيرا إلى نجاح الانتخابات في جميع الأندية بما فيها نادي الباحة.

وحول هذا الأمر تحدث الحجيلان لـ«الشرق الأوسط» بقوله: لقد أشعرت الأمير مشاري بن سعود، أمير المنطقة، بما حصل، وتم التفاهم حول الآلية التي قام عليها الانتخاب وفق اللائحة، وأبلغ بأن الأمور تسير في نصابها.

وأكد الحجيلان أنه يقدر مثل هذه التصرفات من البعض، واعتبرها ظاهرة، وإن كانت غير صحيحة إلا أنها تعطي بعدا آخرا للشفافية وقبول الرأي الآخر، إلا أن ذلك لم يؤثر على سير العملية الانتخابية وأن النتيجة قد أعلنت للصحف ولا يمكن الرجوع إلا بما يتفق واللائحة، في الوقت الذي نبههم فيه إلى أن لهم الحق في تقديم اعتراضهم بالطريقة الرسمية.

وأشار إلى أن الدكتورة المانع معينة من قبل وزير الثقافة والإعلام، وأنها قامة أكاديمية وفكرية لها مساهماتها المتميزة في أكثر من مجال.

من جهتها، عبرت المانع عن صدمتها من الموقف بقولها: هذا يحدث لي لأول مرة في حياتي، مشيرة إلى تقدير الدولة وقادتها للمرأة وما منحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله مؤخرا من تمكينها من الانخراط في مجالات خدمية عدة يحتاجها الوطن، وكذا العضوية في مجلس الشورى والمجالس البلدية معتبرة أن الباحة قد جعلتها في حرج أمام الجمهور، بمثل هذه التصرفات الفردية التي تقود أحيانا إلى خلق نوع من التضاد.

وأضافت: المرأة ليست عورة، ووجودها على منصة علم وثقافة وأدب لا يعتبر وصمة عار كما يراه المتشددون – بحسب وصفها - بل إنهم بمثل ذلك ينقصونها حقها في المشاركة ويثبطون هممها في خدمة الصالح العام، وقد تلقت اتصالا من أمير الباحة الذي وجه بتقديم جميع التسهيلات لترى الباحة وطبيعتها والتنمية العمرانية والسياحية فيها.

من جهته، أكد حسن الزهراني، رئيس النادي، أن ما حدث يشكل سابقة في وجه الثقافة في الباحة وأنه وزملاءه أصيبوا بخيبة أمل لمثل هذه الاعتراضات من البعض، خاصة أن النادي قد نظم ملتقيات عربية ومحلية كان للمرأة فيها دور بارز ولم تجد من الوسط الاجتماعي ولا الثقافي ولا الرسمي إلا كل تأييد وتشجيع، مستنيرا بمواقف الملك عبد الله وتوجيهات الوزارة بتمكين المرأة من أداء رسالتها الثقافية وفق العادات والتقاليد المتبعة، مما حدا بالنادي إلى بناء صالة مستقلة للمثقفات للمشاركة عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة كما هو سائد في الجامعات.

وأكد أن ما حصل لن يثني النادي عن أداء رسالته الثقافية لجميع الأطياف وللمرأة والرجل على حد سواء في ظل الضوابط المنظمة لذلك.

وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أكد أحمد العماري، عضو لجنة الانتخابات، أحد أبرز المعارضين، بقوله: إن لجنة الانتخاب صادرت آراء الناخبين الذين يقدر عددهم بأكثر من 20 رجلا، كما أن الاعتراض من هؤلاء الأعضاء المسجلين في الجمعية العمومية اعتراض شرعي وقانوني واجتماعي، أما الشرعي فيكمن في أنه لا يجوز للمرأة أن تقف متبرجة أمام الحاضرين على منصة تلقي عليهم ولا تنظر إليهم، وأما القانونية فالتعليمات الرسمية تمنع من اعتلاء المرأة المنصة أمام الرجال، وأما اجتماعيا فإن قيم مجتمعنا تحافظ على المرأة من دون اتهامها أو التقصير في حقها، والأمر الأخير أن اعتراضنا وضحناه بصراحة أمام أعضاء الجمعية العمومية وأمام لجنة الاقتراع بأن الأخت الفاضلة إما أن تتحجب وتدلي برأيها وإما أن ترجع إلى أخواتها المجاورات بجوار الرجال وليس لدينا اعتراض على مشاركتها للانتخابات.

واجتمع مدير عام الأندية بالأعضاء الجدد وتم اختيار الرئيس ونائبه والمدير الإداري والمدير المالي بواسطة الاقتراع السري؛ حيث اختير حسن الزهراني رئيسا للنادي، والدكتور عبد الله غريب نائبا له، ومحمد زياد مديرا للإدارة، ومسفر العدواني مديرا للمالية، وعضوية صالح سعيد مديس ومحمد عبد الله آل فرج وغالية جمعان القلطي وأريج حنش الزهراني والدكتور ناصر علي قمش وعبد الرحمن معيض سابي.