فرق مكاتب العمل تفاجئ محلات التجميل واللانجيري وتحصر الفرص الوظيفية في الفتيات

في حين يشهد قرار تأنيث باعة الملابس جدلا حول إمكانية تطبيقه أو تأجيله 10 سنوات

حصر العمل في محلات اللانجري على الفتيات فقط («الشرق الأوسط»)
TT

مع بداية العد التنازلي لقرار تأنيث محلات الملابس الداخلية والتجميل، فاجأت مكاتب العمل الموزعة في المدن السعودية، الأسواق والمولات التجارية بهدف زيارة محلات التجميل والملابس الداخلية (اللانجيري) لحصر الوظائف المناسبة لتوظيف الفتيات السعوديات، وهو ما اعتبره متعاملون خطوة جيدة، وتدل على جدية الجهات الحكومية ذات العلاقة في التطبيق.

وأوضحت المصادر أن وزارة العمل قررت الوظائف المتاحة في المحلات ميدانيا، والتنسيق مع صندوق الموارد البشرية ومكاتب التوظيف الخاصة المعتمدة، لكي تكون جاهزة في الترشيح لأصحاب المحلات لإجراء مقابلات، وتنفيذ عقود رسمية للمرشحات في الوظائف.

وأشارت إلى أن الجولات ستثبت مدى احتياج كل محل سواء رغب صاحبه في تخصيص المحل للنساء فقط، أو أن يكون مفتوحا للعائلات، أو المحلات المركبة التي تحتوي على سلع تضم جميع المستلزمات النسائية بما فيها التجميل والملابس الجاهزة، وهذا يلزم توظيف على الأقل 3 فتيات في القسمين، بينما بإمكانه توظيف الرجال في بقية الأقسام للسلع النسائية الأخرى، لتأجيل قرار التأنيث فيها للأعوام المقبلة.

فرق مكاتب العمل حرصت خلال جولاتها على توعية أصحاب المحلات والباعة الموجودين من الرجال على أهمية تطبيق النظام، وأن يكون تطبيقه لا ينافي القيم الإسلامية، ولا للعادات والتقاليد.

يأتي ذلك، في وقت يشهد فيه قرار تأنيث المحلات جدلا كبيرا في الأوساط السعودية وسط تشكيك في تنفيذه، والالتزام به بناء على قرارات سابقة لوزارة العمل فشلت فيها في توطين الوظائف وحصرها في السعوديين في 4 نشاطات طوال 15 عاما مضت، التي صدرت من وزيرين، وهي محلات الذهب، وسيارات الأجرة، ومحلات الخضراوات والفواكه، ومهنة صيد السمك، بينما تأجل قرار توظيف تأنيث محلات الملابس الداخلية لمدة 10 سنوات، وهو ما يشكل تحديا أمام المهندس عادل فقيه وزير العمل من إمكانية تطبيقه.

وعلق عبد الله باداود عضو لجنة الأقمشة والملابس الجاهزة في غرفة جدة على هذا التوجه بأنه يدل على جدية وزارة العمل في تنظيم عملها، والاستعداد لتنفيذه وإلزام أصحاب المحلات بالتطبيق، مع توفير مرشحات من الفتيات للعمل، وهذه أهم النقاط التي يحتاجها أرباب العمل، حتى لا يتسبب ذلك في الحيلولة دون تطبيقه وتعثره.

وقال باداود لـ«الشرق الأوسط» إن حصر الوظائف مهم جدا وقد يساهم في فتح مزيد من القرارات المتعلقة بتأنيث المحلات في حال عدم وجود إقبال من المواطنات بالسماح لهن بالبيع في محلات الملابس المفرق والسهرات والإكسسوارات النسائية، وحصرها في النساء.

وأشاد عبد العزيز الحارثي خبير التوظيف والموارد البشرية باستباق تطبيق قرار وزارة العمل بتأنيث المحلات، بالقيام بجولات ميدانية تمثل دراسة لواقع السوق ميدانيا دون الخوض في توقعات لا يوجد فيها مؤشرات واقعية، الأمر الذي يؤثر على بناء وصناعة القرارات. وقال الحارثي لـ«الشرق الأوسط»: «ليس أمام المحلات المستهدفة عذر في تطبيق النظام، خاصة أنه صادر من مجلس الوزراء، للحد من البطالة بين صفوف الفتيات، خاصة من خريجات الكليات والجامعات».

وكان خبراء توظيف ومستثمرون في بيع الملابس النسائية، قد اتهموا متعاملين لهم مصالح مع مقيمين عاملين في القطاع بالتستر التجاري، بمحاولات إعاقة قرار توطين المهن وتأنيثها بعمالة سعودية، وذلك بمسايرة موجة «درء المفاسد» المصاحبة للقرار مثل «الاختلاط»، رغم ما أكدته وزارة العمل من مصاحبة القرار لضوابط وتشريعات تضمن الحشمة ومراعاتها للدين الإسلامي وللعادات والتقاليد.

ويواجه 90 في المائة من المستثمرين في قطاع الملابس أزمة حقيقة، بعد التطورات الجديدة التي أطلت عقب قرار إلزام محلات الملابس بتوظيف سعوديات بدلا من العمالة الوافدة. ورأى متعاملون أن المشاريع تعمل بطرق غير نظامية في معظمها، وهو ما يعرف بـ«التستر التجاري»، وهو ما يجعلهم أمام خيارين، إما توظيف سعودية بائعة، وإما الإعداد لتكتلات بين مستثمرين لجمع رأسمال قدره 30 مليونا للسماح لهم بالدخول كمستثمرين نظاميين، في نظام الاستثمار الأجنبي لتأسيس شركة.

ويشرع عدد من رجال الأعمال الوافدين الذين يعملون بنظام التستر، في الإعداد لتأسيس شركات، بين شركاء في مجال الملابس، وتنظيم نشاطهم التجاري بطرق نظامية، حيث تشترط هيئة الاستثمار الأجنبي أن يكون رأس المال للنشاط التجاري 30 مليون ريال، بهدف توفير المبالغ التي يمنحونها لسعوديين سمحوا بالعمل بأسمائهم التجارية، ودفعها مرتبات للعاملات السعوديات، لضمان الاستمرار في الوجود بالسعودية. وكانت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني قد أعلنت عن استعدادها لتدريب 989 متقدمة من 6 مناطق سعودية من بينها الرياض وجدة والمنطقة الشرقية والقصيم، للعمل بالبيع في المحال النسائية عقب انتهاء البرنامج التدريبي الذي قام عليه صندوق الموارد البشرية ضمن تعاقدات مع القطاع الخاص وإشراف مباشر من قبل مؤسسة التدريب المهني عقب خضوعهن لمقابلات شخصية مع 10 شركات توظيف معتمدة.

يذكر أن الوزارة حددت يوم 11 من شهر صفر المقبل آخر موعد لإحلال المواطنات محل العمالة الوافدة في محلات الملابس الداخلية (اللانجيري) ومحلات التجميل، وهددت من يتقاعس عن التطبيق بوقف جميع تعاملاته مع الأجهزة الحكومية، مع تطبيق غرامات مالية رادعة.