محافظة جدة تعيد الكشف عن كل المدارس للتأكد من وسائل السلامة فيها

الدفاع المدني لـ «الشرق الأوسط»: الحادث عرضي ولا يرتبط بأي شبهة جنائية

مطالبات بتنظيم برامج تدريبية في مجال الأمن والسلامة والتعامل مع الحرائق لمنسوبات التعليم (تصوير: غازي مهدي)
TT

قررت محافظة جدة يوم أمس سرعة إعادة الكشف على كل مدارس محافظة جدة للتأكد من توفر اشتراطات ووسائل السلامة، وذلك عقب اندلاع حريق في مجمع «براعم الوطن» التعليمي أول من أمس الذي أسفر عن وقوع نحو 59 حالة ووفاة معلمتين إحداهما مختنقة والأخرى على خلفية قفزها من الطابق الثاني وتعرضها لنزف بعد إصابة في رأسها وإحدى ساقيها.

وكشف لـ«الشرق الأوسط» العميد عبد الله الجداوي، مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة، عن تلقي الإدارة توجيها من الأمير مشعل بن ماجد محافظ محافظة جدة يوم أمس بشأن تشكيل لجنة عاجلة لسرعة الكشف على مدارس المحافظة، والتأكد من تطبيقها لاشتراطات السلامة وتوفر وسائلها على أكمل وجه.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» ردا على مطالبات بعض الأهالي بتكثيف الجولات التفتيشية على المدارس: «من الضروري علينا إعادة النظر في الجولات التي يقوم بها الدفاع المدني»، مشيرا إلى أن اثنين من خبراء الحرائق التابعين للأمن العام السعودي وقفا يوم أمس على موقع الحادثة لرفع عينات من مخلفات الحريق وإخضاعها للتحليل والفحص والوصول إلى أسباب الحريق الحقيقية.

وأكد أن الإشكالية الرئيسية في حادثة «براعم الوطن» لم تكن في الحريق نفسه، وإنما نواتجه التي كانت بسبب احتراق كميات كبيرة من الألعاب البلاستيكية الموضوعة داخل الحجرة المخصصة للأطفال بجوار منطقة بداية الحريق، الأمر الذي أدى إلى انبعاث أبخرة الكربون.

وأضاف: «إن مساحة الحريق كانت محدودة جدا حيث إنها لم تتجاوز جزءا من القبو الذي تبلغ مساحته 64 مترا مربعا، غير أن الإشكالية كانت في ما نتج عنه، فضلا عن نشوبه بمنطقة واقعة أسفل السلم الممتد من القبو إلى السطح، خصوصا أنه كان شبيها بالمدخنة المفتوحة من القاعدة ويمر في الطوابق ليصل إلى قبة موجودة في أعلى المبنى، مما أدى إلى تشبع الطوابق بالدخان».

وفي ما يتعلق بالنتائج الأولية لحادثة المجمع التعليمي، أفاد مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة بأنه لا توجد نتائج أولية، وإنما هناك تقرير نهائي يتم إعداده يستغرق وقتا في ظل قيام اللجنة برفع المخلفات والعينات وفحصها وتحليلها.

يأتي ذلك في وقت باشرت فيه يوم أول من أمس ما يقارب 23 فرقة تابعة للدفاع المدني حادثة حريق مجمع «براعم الوطن» التعليمي الذي يحوي المراحل التعليمية (رياض الأطفال والابتدائية والمتوسطة)، من بينها 8 فرق مكافحة الحريق، و9 للإنقاذ، و6 أخرى للإسعاف، فضلا عن طائرتين تابعتين للطيران العمودي بالدفاع المدني، إلى جانب 12 فرقة إسعاف وطائرتين للإسعاف الأولي من وزارة الصحة.

في حين أكد اللواء عادل زمزمي مدير إدارة الدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة أن حريق مجمع «براعم الوطن» يعد عرضيا وطبيعيا ولا يتعلق بأي شبهة جنائية، لافتا إلى أن ذلك المجمع يحوي كل اشتراطات ووسائل السلامة، غير أن حالة الذعر التي أصابت المنسوبات والطالبات حالت دون استخدامها بالشكل السليم، بحسب قوله.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «منذ أكثر من 9 سنوات وعقب حادثة حريق إحدى مدارس البنات في مكة المكرمة، أصدر وزير الداخلية آنذاك توجيها بتشكيل لجنة من الدفاع المدني والأمانات ووزارة التربية والتعليم بعدم منح أي مدرسة حكومية كانت أم أهلية، تصريح تشغيلها إلا بعد التأكد من توفيرها لكل متطلبات السلامة والنواحي الإنشائية والبيئية وغيرها».

وبيّن أن حالة الخوف والهلع التي انتابت الأطفال والمعلمات أعاقت استفادتهن من مخارج الطوارئ الثلاثة الموجودة في المدرسة، مستشهدا على ذلك بحادثة قفز المعلمة التي قضت نحبها إثر سقوطها الخاطئ، قائلا: «إن الطالبات اللاتي كن في الحجرة نفسها تم إنقاذهن من قبل فرق الدفاع المدني».

وفي سياق متصل، صرح مصدر مسؤول في مستشفى الجدعاني الخاص لـ«الشرق الأوسط» بمغادرة مديرة مجمع «براعم الوطن» التعليمي يوم أمس من المستشفى، وكانت تعاني من انهيار عصبي دون تعرضها لإصابات جراء الحريق.

وقال المصدر المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «إن الوضع الآن مستقر في المستشفى، حيث تم تحويل أكثر الحالات إلى المستشفيات الأخرى، بينما بقيت 9 حالات لدى المستشفى، منها حالتا حروق وأخرى في العناية المركزة، إلا أن وضعها مستقر بعد تجاوزها مرحلة الخطر».

من جهته، أوضح الدكتور سامي باداود مدير الشؤون الصحية في محافظة جدة الذي قام يوم أمس بزيارة المصابين في كل من مستشفى الجدعاني الخاص والملك فهد والملك عبد العزيز، أن إجمالي عدد إصابات حريق «براعم الوطن» وصل إلى 59 حالة، غادر الكثير منها بعد تلقي العلاج، مشيرا إلى وجود 3 حالات في العناية المركزة غادر منها طفل عقب تحسن حالته الصحية.

واستطرد في القول: «ترقد في مستشفى الملك فهد العام نحو 7 حالات، و3 أخرى بمستشفى الملك عبد العزيز، وحالتان في مستشفى الملك سعود بجدة، عدا حالة واحدة بمستشفى الملك فهد للقوات المسلحة (العسكري)، ومثلها في كل من المركز الطبي الدولي ومستشفى عرفان الخاص»، مؤكدا في الوقت نفسه أن كل الحالات الناتجة عن حريق المجمع التعليمي يتم علاجها على حساب وزارة الصحة.

الجدير بالذكر أن نورة الفايز، نائبة وزير التربية والتعليم، قامت بزيارة المصابات في مستشفى الجدعاني الخاص صباح يوم أمس، إلى جانب جولة بموقع مجمع «براعم الوطن» التعليمي، وذلك بهدف الاطلاع على الحادثة وتفاصيلها.

إلى ذلك، طالب محمد حسن يوسف، رئيس لجنة ملاك المدارس الأهلية للتعليم الأهلي والأجنبي للبنات في محافظة جدة، بضرورة أن يكون ما حدث في مجمع «براعم الوطن» درسا وصفه بـ«القاسي» لكل العاملين في المجال التعليمي، مضيفا: «يجب التشديد على وسائل السلامة في المنشآت التعليمية الخاصة لتضاهي مثيلتها الموجودة بالمدارس الحكومية».

وزاد: «تفيد الإحصائيات بأن عدد المدارس الأهلية والأجنبية في جدة تخطى حاجز الـ290 مدرسة، تضم ما يزيد على 90 ألف طالبة و10 آلاف معلمة وإدارية وكاتبة ومراقبة، الأمر الذي يحتم ضرورة الاهتمام بتلك الفئة؛ كونها تمثل شريحة عريضة من العاملات في القطاع التعليمي».