مدير الأندية الأدبية لـ «الشرق الأوسط»: مخاوف بعض المرشحين دعاوى تنقصها البراهين

قال: راضون عن سير العملية الانتخابية ونتوقع نشاطا ثقافيا مضيئا

عبد الله الكناني مدير عام الأندية الأدبية في السعودية
TT

صاحب العملية الانتخابية التي جرت في بعض الأندية الأدبية في السعودية مؤخرا، الكثير من الصخب واللغط في أوساط مجالس الأدباء والمثقفين السعوديين من جهة، وبين هذه المجالس ووزارة الثقافة والإعلام من جهة أخرى، لاعتراض بعضهم على بعض بنود اللائحة الانتخابية المتعلقة بالشروط المطلوبة فيمن يحق له التصويت أو الترشيح، فضلا عن آلية الانتخاب نفسها، حيث طالب بعضهم باستخدام التصويت اليدوي بدلا من الإلكتروني، الأمر الذي علق الانتخابات في بعض الأندية لمدة تجاوزت الشهرين.

وفي هذا السياق، وصف عبد الله الكناني، مدير عام الأندية الأدبية في السعودية، عملية الانتخاب التي جرت في الأندية الأدبية حتى الآن بأنها سارت على نحو مرضٍ، بعد الاستجابة لكل الاقتراحات، بما فيها انتهاج أسلوب التصويت اليدوي بدلا عن الإلكتروني، إلا أنه أقر بأنها، أي العملية الانتخابية، تواجه بعض التحديات السلبية، منها ضعف التسجيل في الجمعيات العمومية. وأشار إلى اجتهاد إدارة الأندية في القيام ببعض المعالجات الخاصة بالشروط المحددة لاكتساب العضوية، عازما البحث عن سبل لاستعادة المبتعدين عنها، ودراسة ظروفهم التي اضطرتهم للابتعاد في هذه التجربة، مبينا أن وكالة الشؤون الثقافية تركت أمر اللائحة مفتوحا لتقييمها من قبل المثقفين والأدباء أنفسهم، وإضافة ما يرونه مناسبا عليها، بما يحقق الغاية من وضع لائحة تنظم العمل الثقافي ولا تحده أو تقعد به.

وقال الكناني في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» في الرياض: «إننا على يقين تام أن استقرار الأندية الأدبية مرهون باختيار إدارة فاعلة، وخاصة أن هذه الأندية تملك الآن ميزانيات كافية لتحقيق كل برامجها، ولهذا فنحن نتطلع إلى هذا الاستقرار ونتوقع نتاجا ونشاطا ثقافيا سيكون علامة مضيئة في مسيرة هذه الأندية».

وأما فيما يتعلق بواقعية قيادة المرأة السعودية لإدارة النادي في مرحلة من المراحل المقبلة، أوضح الكناني أن المرأة السعودية باتت مؤهلة لأداء دورها في أي مجال إداري، مؤكدا أن المجتمع السعودي أصبح مهيأ تماما لقبول هذا الأمر، مشيرا إلى موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على دخول المرأة لمجلس الشورى والمجالس البلدية، ويعضد ما ذهب إليه من ولادة قناعة راسخة في المجتمع السعودي لتقبل هذا الأمر.وفيما يلي حوار معه:

* ما تقييمك لسير العملية الانتخابية التي انتظمت عددا من الأندية الأدبية وسيرها؟ وما الجديد في تطويرها وإجراءاتها؟ وكيف يمكن تحقيق عملية انتخابية مثالية؟ وما تصورك لذلك؟

- وددت لو أن هذا السؤال تأخر قليلا حتى تكتمل عملية الانتخاب في كل الأندية الأدبية حسب المواعيد المعلنة والمتفق عليها بين لجنة الإشراف على الانتخابات ومجالس إدارات الأندية، واعتمدها الدكتور عبد العزيز محيي الدين خوجه، وزير الثقافة والإعلام.

ومهما يكن الأمر، فإني أستطيع التأكيد على أن عملية الانتخاب التي جرت في كل الأندية الأدبية - حتى الآن - سارت على نحو مرضٍ لنا، فقد تمت فيها الاستجابة لكل اقتراحات المشاركين فيها، خاصة فيما يتعلق بمطالبة البعض بانتهاج أسلوب التصويت اليدوي بديلا عن الإلكتروني، وعلى الرغم من تحفظنا على هذا الطلب، لانطوائه على شيء من عدم الموضوعية، فإننا استجبنا لذلك، وتركنا الحرية للجمعيات العمومية في اتخاذ ما تراه مناسبا ومحققا لقدر من الطمأنينة بالنسبة لقواعدها المنتخبة.

أما فيما يتعلق بالجزء الخاص بإمكانية «تحقيق عملية انتخابية مثالية»، فالحق أني لا أجد توصيفا ضابطا لمصطلح «انتخابات مثالية»، ولم أفهم المراد بذلك على وجه الدقة، أهو توصيف لانتخابات تخلو من أي اعتراض أو شكاوى، أم أن المقصود هو انتخابات تحقق القدر المأمول من مشاركة الجميع فيها في جو ديمقراطي وحر؟

فإن كانت الأولى، فإننا نرى أن الاعتراضات والشكاوى أمر مهم وحيوي في أي انتخابات، بل إنها دليل عافية ومؤشر إيجابي على نجاحها، ولهذا شرعت الانتخابات للتمحيص، ولن يكون ذلك ممكنا بغير وجهات نظر مختلفة، منظورة في مثل هذه الاعتراضات والشكاوى، التي نوليها آذانا صاغية، ومعالجة مستمرة وفق الحالات التي ترد إلينا. أما إن كانت الإشارة إلى انتخابات مثالية على أنها تلك التي تحقق القدر المأمول من مشاركة الجميع فيها في جو ديمقراطي وحر، فهذا ما نؤكده، ونرى أننا لمسناه واقعا، بما يزيد من قناعتنا بمضي هذه التجربة الوليدة نحو النجاح.

* ما التحديات والسلبيات التي ما زالت تواجه العملية الانتخابية بشكل عام؟ وما رؤيتكم لأسبابها وإمكانية تفاديها مستقبلا؟ وما أهم الإخفاقات التي وقعت فيها؟ وما تعليقكم عليها؟

- لا تواجه العملية الانتخابية حاليا أي نوع من التحديات السلبية، بل إنها على العكس من ذلك تماما تسير بسلاسة، لكن في الإطار العام نلحظ ضعف التسجيل في الجمعيات العمومية، وهو أمر لا نملك له في الوزارة أي حل، من قناعتنا أن الأبواب مفتوحة أمام المثقفين والأدباء للانضمام لهذه الجمعيات، وخيار العزوف عنها أو عدم التسجيل أمر شخصي لا علاقة لنا به، فلأي فرد الحق الكامل والحرية المطلقة في اتخاذ الموقف المناسب الذي يراه منسجما مع رؤيته. وإنما نحن معنيون فقط بسير هذه الجمعيات وفقا للشروط الموضوعة، ومدى تناسب هذه الشروط مع واقع الأدباء في المنطقة المعينة، بما يتيح أكبر قدر من المشاركة.

ومن خلال متابعتنا، وجدنا أن كل الشروط المحددة لاكتساب العضوية مقبولة ومقدرة، وعلى الرغم من ذلك قمنا ببعض المعالجات التي وردتنا في هذا الصدد. ونرى أن أي سلبيات تتعلق بعزوف البعض عن الانضمام إلى عضوية النادي، يمكن تلافيها مستقبلا إذا استطاعت الإدارات المنتخبة حاليا إيجاد سبل لاستعادة المبتعدين عنها، ودراسة ظروفهم التي اضطرتهم للابتعاد في هذه التجربة.

* ما مرئياتكم لكيفية تطوير العملية الانتخابية في الأندية الأدبية من حيث الإجراءات وآلية التنفيذ؟

- نحن الآن في وكالة الشؤون الثقافية معنيون بالدرجة الأولى بإكمال عقد الأندية الأدبية، راصدين، خلال هذه الفترة وما سيأتي بعدها، كل الملاحظات التي وردت إلينا، وما زالت ترد، وسنقوم مستقبلا بدراستها دراسة متأنية، وستجد هذه المقترحات مكانها من البحث والنقاش والدراسة العملية اللازمة.

وفي هذا الصدد، أشير إلى أننا تركنا أمر لائحة الأندية الأدبية مفتوحا، بحيث يتم تقييمها من قبل المثقفين والأدباء أنفسهم، وإضافة ما يرونه مناسبا عليها، بما يحقق الغاية من وضع لائحة تنظم العمل الثقافي ولا تحده أو تقعد به، فإننا لم نضع اللائحة لتكون سيفا مسلطا، بل وضعناها لتكون شكلا تنظيميا يمكن الحراك الثقافي من إثبات وجوده الفاعل في مشهدنا الأدبي والفكري والثقافي. وتخطط الوكالة لعقد اجتماعات موسعة مع ممثلين عن الجمعيات العمومية لدراسة تلك الملحوظات والنظر في إمكانية إجراء أي تعديلات مطلوبة على اللائحة بعد مرور فترة على تطبيقها.

* كثيرا ما يتخوف البعض من تأثير الشلليات والمجموعات المبنية على العلاقات الشخصية في سير ونتيجة الانتخابات.. ما تعليقك؟

- دعنا أولا نسلم بأن عملية الانتخاب سلوك فردي، يقوم به الشخص بكامل إرادته وحريته، فكل الإجراءات التي اتخذناها حرصنا فيها كل الحرص على أن توفر لكل ناخب ومرشح كامل الاستقلالية والحرية في ترشيح من يرغب، وانتخاب من يريد، وفقا للضوابط المتبعة. ومن المتوقع أن إقدام أي شخص للتصويت لآخر - في إطار نظري - يكون مبنيا على منطق ومسوغات معينة، منها معرفته المسبقة بهذا الشخص، واعتقاده بأنه يمثله خير تمثيل في مجلس الإدارة، هذه المعرفة المسبقة قد يفسرها البعض على أنها نوع من الشللية أو استثمار للعلاقة الشخصية، وهو أمر لا يمكن القطع به، ويصعب التثبت من صحته بصورة لا تقبل الجدل أو الشك، وإنما يبقى هذا التكهن كامنا في إطار التلميح، أو الانتقاد الذي يبرز في الساحة بين الفينة والأخرى.

ولا سبيل إلى تجاوز هذه العقبة (إن وجدت) إلا بمزيد من نشر الوعي، الذي نراه متوفرا لدى قاعدة المثقفين. والحقيقة أننا لو أننا نفينا عن هذه القاعدة قيمة «الوعي»، بما يوقعها فيما أشرت إليه من مخاوف، فإن المصيبة تكون كبيرة، لأن مثل هذه «المخاوف» إذا صاحبتها الشكوك، قد تنتقل من مجرد التكهنات إلى أن يتعامل معها البعض على أنها حقائق. ونحن وأنتم نعلم وندرك جيدا أن المثقفين والأدباء يقفون في أعلى سلم «الوعي» المجتمعي، وهم في المجتمع بمثابة الأدلة والنماذج المضيئة التي يعول عليها، لذا تجد سلوكهم موافقا لهذه المكانة.

* كيف يمكن توظيف دور الجمعية العمومية للنادي حتى تسهم في صناعة انتخابات ناجحة ومن ثم تكوين إدارة ناجحة؟

- الإجابة عن هذا السؤال ترتبط ارتباطا وثيقا بما أشرت إليه في إجابتي عن السؤال السابق، فالمطلوب من أي عضو في الجمعية العمومية لأي نادٍ، باعتباره صاحب حق في التصويت والترشيح أن يدرك أن صوته أمانة في عنقه، وليس مجرد رقم يضيفه إلى من يعرفه أو يمت إليه بصلة ما، فالمنشود أن يكون وعي الأعضاء أكبر بكثير من ذلك، وليعلم أنه حينما يقدم شخصا مسؤولا ذا قدرات إدارية فاعلة بالتصويت له، فإنه إنما يقدم خدمة لوطنه بانتخاب فرد قادر على تحمل المسؤولية، له رؤيته التطويرية، ومكانته في إدارة دفة الأندية الأدبية.

ليست الغاية من هذه الانتخابات أن تقدم لنا أفرادا عبر وسيلة ديمقراطية، وإنما الغاية الأسمى أن يكون المنتخبون من الكفاءات المشهود لها بالتميز والقدرة على العطاء، ذلك لأن هذه مسؤولية تقع أول ما تقع على عاتق كل أعضاء الجمعية العمومية، ومن المؤكد أن وعيهم كبير بهذا الدور، وهذا الذي ننشده ونسعى لأن يكون واقعا ملموسا في مسيرة الأندية الأدبية مستقبلا.

* ما زال هناك لغط وجدل حول الشرط الذي يطالب بتوفر كفاءة التخصص في الأدب أو اللغة العربية في حالة الذين يودون الانتماء لمجلس الإدارة أو جمعية النادي.. ما رؤيتكم لسلبيات وإيجابيات هذا المطلب وأثره وإمكانية تطبيقه؟

- تلزم الإشارة هنا إلى أن وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في وكالة الشؤون الثقافية قد تركت أمر تحديد شروط اكتساب العضوية في الجمعيات العمومية للأندية الأدبية نفسها، بحيث يحدد كل نادٍ الشروط حسب رؤيته، والفلسفة في ذلك قائمة على أننا لم نكن لنضع شروطا موحدة من عندنا، لقناعتنا أن لكل مجموعة من المجموعات الناشطة في هذه الأندية الأدبية مؤهلاتها الأكاديمية والإبداعية المتفاوتة، وهذا أمر تعلمه إدارات الأندية أكثر من الوزارة، من واقع أنها الأكثر التصاقا بهؤلاء المثقفين وبمعطيات المجتمع الثقافية والمعرفية وواقع المؤسسات والقطاعات الأخرى التي تهتم بالشأن الثقافي في كل منطقة ومدينة، ولهذا لم نتدخل مطلقا في تحديد هذه الشروط.

وعندما وقفنا عليها عند الأندية الأدبية بتفاوت محدداتها، لم نلمس فيها أمرا خارج المألوف، أو عسيرا على التحقيق؛ فليس شرط التخصص في الأدب أو اللغة العربية هو الوحيد المطروح، فثمة شروط أخرى بديلة كوجود مؤلف للراغب في الانضمام إلى عضوية النادي، أو ما إلى ذلك من شروط أخرى، فلو كان شرط التخصص هو الوحيد المحدد لقلنا إن في ذلك تعسفا، ولكن ثمة شروطا أخرى، ومن بينها «الاستثناء» أيضا، ونرى أنها تحقق الحد الأدنى من متطلبات أي شخص راغب في الانضمام لمؤسسة ثقافية وأدبية.

* يرى البعض أن التركيز على المطبوع الأدبي هو الأجدى والأنفع والأصدق لتسمية الأدباء وليس التخصص.. ما تعليقك؟

- كما قلت سابقا، شرط المطبوع الأدبي وارد في سياق الشروط الأخرى، فمن لم يتحقق له شرط التخصص في الأدب واللغة، فسيجد السعة في المطبوع الأدبي. والواقع أن هناك من يرى أن القول إن شرط المطبوع هو الأجدى والأنفع لتسمية الأدباء وليس التخصص فيه نوع من ممارسة الإقصاء أيضا، كونه يضع شرطا واحدا، إن لم يتحقق فلا سبيل إلى قبول عضوية من يفقده، وبناء على ذلك، سيكون ذوو التخصص في الأدب واللغة ممن ليس لهم مؤلف أدبي خارج العضوية، وعندها سينبري أصحاب التخصص مطالبين به شرطا وحيدا للقبول.

والحقيقة أن الدوران في الدائرة الإقصائية لن ينتهي طالما أن كل مجموعة ترى أحقيتها المطلقة بالعضوية وفق ما تحمله من شروط، ولن يتيسر لنا الخروج من هذه الدائرة إلا إذا أقررنا جميعا بأن تعدد شروط القبول هو النهج والسبيل إلى ضمان «تعايش» أدبي على مستوى راقٍ بعيدا عن أشكال التمييز غير المفيدة للساحة الأدبية.

* في رأيك؛ ممَّ يتخوف بعض المرشحين من الجمعية العمومية.. وما مبعث خوفهم؟

- على حد علمي، فإن مخاوف بعض المرشحين تمثلت فيما أشرنا إليه سابقا في بروز نوع من الشللية، والتصويت الإلكتروني، كأبرز عنصرين في هذا السياق، وأوضحت لك في ثنايا الإجابة السابقة، موقفنا من هذه المخاوف.

* يبدي البعض مخاوف جدية من أن تؤدي الانتخابات لهيمنة الرأي الواحد.. في رأيك، ما مبعث هذه المخاوف؟ وما المطلوب لدحض هذا الخوف؟

- السؤال المقابل لهذا السؤال: على أي شيء استند هؤلاء «البعض» في مخاوفهم هذه؟ إن كانت الجمعية العمومية هي التي انتخبت مجلس الإدارة، وهي التي جاءت بهم عبر انتخاب حر، فهل كل الأعضاء المنتخبين أصحاب رأي واحد؟

أعتقد أنها مخاوف مبينة على ظنون استباقية لا نجد له سندا معضدا، فليترك هؤلاء «البعض» الفرصة أمام المجلس المنتخب ليؤدي دوره، وليقوموا هم بدورهم في الاعتراض والانتقاد لاحقا عند بروز أي مظهر من مظاهر سيادة أي رأي على بقية الآراء. أما قبل ذلك فستبقى هذه «المخاوف» مجرد «دعاوى» تنقصها البراهين والأدلة الواقعية.

* يرهن البعض الفعل الثقافي في الأندية بالأدباء الحقيقيين الذين يحملون هم الأدب والثقافة وليس الطامعين في التسلط من خلال مجالس إدارات الأندية الأدبية.. كيف يمكن إفراز مثل هذا الواقع؟

- ليس من دور وكالة الشؤون الثقافية أن تحدد للأدباء والمثقفين من ينتخبون أو يرشحون لإدارة مجالس الأندية الأدبية، هذا دور معقود بأعضاء الجمعية العمومية، هم من يختارون وعليهم تحمل تبعات اختيارهم إيجابا أو سلبا. وأؤكد على أن دور الوزارة منحصر في الإشراف على هذه الأندية الأدبية وليس توجيه اختيارات أعضائها.

* إلى أي مدى يمكن أن تحدث انتخابات الأندية طفرة في النتاج الثقافي والأدبي للنادي محليا ودوليا؟

- إننا على يقين تام أن استقرار الأندية الأدبية مرهون باختيار إدارة فاعلة، ولهذا تركنا للساحة الأدبية حرية أن تختار ممثليها عبر الانتخاب، ونرى في حرية هذا الاختيار عاملا رئيسيا في الاستقرار المنشود الذي يمكن هذه الأندية الأدبية من تحقيق رسالة الأندية الأدبية، وخاصة أن هذه الأندية تملك الآن ميزانيات كافية لتحقيق كل برامجها، ولهذا فنحن نتطلع مع هذا الاستقرار ونتوقع نتاجا ونشاطا ثقافيا سيكون علامة مضيئة في مسيرة هذه الأندية.

* بعض المثقفين يعتقد أن الأندية الأدبية تقف عند طباعة كتب، أمسيات، وندوات ولكن لا تقدم خدمة ثقافية وأدبية تواكب مستجدات العصر.. ما تعليقك؟

- إذا استطاعت هذه الأندية الأدبية أن تقدم لنا مطبوعات قيمة، وكتبا مفيدة، وأمسيات مثمرة، وندوات ذات مردود إيجابي بتناولها للمواضيع التي تهم الساحة، فإنها عندئذ لن تكون قد خرجت من حدود «الخدمة الأدبية والثقافية التي تواكب مستجدات العصر»، فما هي مستجدات العصر التي يجب على الأندية أن تواكبها، فكل هذه الأنشطة المشار إليها تستطيع أن تكون مواكبة للعصر بالتوظيف الأمثل لها، فالمطبوعة يمكن أن تواكب العصر وتستثمر معطيات التقنية الحديثة بالتواصل والابتكار وتحقيق التفاعل الاجتماعي والتبادل الثقافي، والأمر نفسه مع الكتب والأمسيات والندوات، فكل هذه وسائل الغاية منها المواكبة وتقديم ما يفيد. وإذا كانت مواكبة العصر غير الذي أشرنا إليه، فمن المؤمل أن الأندية الأدبية قادرة على تحقيقه.

* ذكرت أن الأندية مستقلة مالية وإداريا وحرة في اختيارها لبرامجها ونشاطاتها.. كيف نفهم طبيعة علاقة الوزارة مع الأندية؟

- العلاقة بينهما علاقة تعاون، فدور الوزارة إشرافي بالمقام الأول، وقد وضعت الوزارة هذا الإطار الواسع في سياق تعاملها مع الأندية الأدبية، وليس فيه أي نوع من التنصل من المسؤولية ودحرجتها باتجاه إدارات الأندية الأدبية، بل إنه توجه نحو إتاحة كامل الحرية للمثقفين والأدباء بأن يتولوا شؤونهم الثقافية والأدبية بكامل الحرية، وأن يسهموا عبر هذا الدور في إشاعة ثقافة الوعي والتنوير.

* ذكرت أن وزارة الثقافة والإعلام لا تمانع من رئاسة المرأة لأي ناد أدبي عن طريق الانتخاب؛ هل تعتقد أن المرأة السعودية باتت مؤهلة لقيادة العمل في الأندية الأدبية؟ وهل المجتمع الثقافي السعودي أصبح مهيأ لتقبل مثل هذا الأمر؟ وما مؤشراتك على ذلك؟

- عدم ممانعة وزارة الثقافة والإعلام لتولي المرأة لرئاسة أي نادٍ أدبي أكدته بنود لائحة الأندية الأدبية، فهذه اللائحة لم تفرق بين رجل وامرأة ما دامت عملية الانتخاب هي التي تحدد من يرأس النادي. ولم يكن عدم التفريق في اللائحة نابعا من محاولة استرضاء للمرأة، بل كان لقناعة الوزارة بأن المرأة السعودية قادرة على تحقيق النجاح والتميز في أي عمل إداري في أي مكان كان، وهذه القناعة استقتها الوزارة من توجه قيادتنا الرشيدة في تعاملها مع المرأة، ولك في قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الأخير، القاضي بدخول المرأة لمجلس الشورى والمجالس البلدية، ما يعضد القناعة بأن المرأة السعودية باتت مؤهلة لأداء دورها في أي مجال إداري. وأجد أن المجتمع السعودي مهيأ تماما لقبول هذا الأمر، وما عليك إلا أن تنظر إلى كثير من المناصب والنشاطات التي تقوم بها المرأة السعودية الآن، لتقف على حقيقة هذا الأمر.

* وهل هناك من اللوائح الانتخابية ما يؤيد ما ذهبت إليه دستوريا؟

- لو اطلعت على لائحة الأندية الأدبية لوجدت ذلك مضمنا صراحة ودون لبس، فليس هناك ما يمنع تولي المرأة لقيادة النادي وفق لائحة الأندية الأدبية.

* الآن تشرف الانتخابات على مرحلتها الأخيرة.. ما هو ما تم إنجازه في سبيل معالجة لوائح الانتخابات ومسيرة العمل الثقافي بالانتخاب حاليا؟ وما رؤيتكم لنوع وطبيعة المعالجة مستقبلا؟

- معالجة لائحة الأندية الأدبية أمر لا يمكن أن يتم الآن بأي حال من الأحوال، فليس من المعقول أو المنطقي أن تقوم بتعديل لائحة لم يكتمل العمل بها في كل الأندية، وكما أشرت لك في إجابتي عن سؤال سابق؛ فإن هذا الأمر موضوع في أجندتنا، وسيكون هناك تقييم كامل لهذه التجربة، وتبعا لهذا التقييم سنعمل مع المثقفين والأدباء ممثلين في إدارات الأندية المنتخبة على مراجعة هذه اللائحة، وقراءتها قراءة متأنية، وسد أي ثغرات بها (إن وجدت) وفق مقترحات وطموحات المثقفين، فإنها لائحتهم، وهم من يمضي بها إلى حيث تحقق غاياتهم.