حريق مدارس «براعم الوطن» يتحول إلى جنائي.. وتصديق أقوال الطالبات الخمس المتسببات

بانتظار توجيهات أمير منطقة مكة المكرمة

صورة خاصة بـ«الشرق الأوسط» للعميد عبد الله جداوي مدير إدارة الدفاع المدني خلال إعلانه نتائج تحقيق حريق «براعم الوطن»
TT

تنتظر السلطات المختصة في منطقة مكة المكرمة قرارا من السلطات العليا للبت في قضية المتسببين في حريق مدارس «براعم الوطن»، الذي أشار بيان صادر عن الدفاع المدني بأصابع الاتهام فيه إلى خمس طالبات من ذات المدرسة، كن يعبثن لاختبار جهاز إنذار الحريق في المدرسة.

وفي الوقت الذي حددت فيه إدارة الدفاع المدني أعمار الطالبات بين 13 و14، ذكرت مصادر في الإدارة العامة للأدلة الجنائية أن أعمارهن قد تتجاوز سن الـ15 سنة.

وتأتي أهمية تحديد أعمار الطالبات لما ستؤول إليه القضية في مقتبل الأيام من حيث التجريم والإحالة إلى الجهات المختصة شرعا.

وقال العميد عبد الله جداوي مدير إدارة الدفاع المدني بمحافظة جدة لـ«الشرق الأوسط» إنه وعقب صدور البيان الذي أشار إلى أن الطالبات اللاتي تراوحت أعمارهن بين سن 13 و14 سنة هن من تسببن في إضرام النار في المدرسة، ودونت الإقرارات والاعترافات في سجل التحقيق، بحضور أعضاء لجنة تقصي الحقائق في الحريق التي تكونت بإيعاز من أمير المنطقة، ومنسوبات المدرسة وأولياء أمور الطالبات المعنيات، تم رفع النتائج في برقية للأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة حيث ننتظر الآن ما يصدر من توجيهات من قبل إمارة المنطقة.

وبين جداوي أن الطالبات الخمس كن يختبرن جهاز الإنذار، بحسن نية في الحصة التاسعة، ولم تكن معهن معلمات للرقابة عليهن، ونتج عن ذلك قيام بعض طالبات المدرسة بإشعال الحريق في قبو المدرسة.

وأضاف مدير إدارة الدفاع المدني «إن تصديق أقوالهن كان بوجود قاض من المحكمة الشرعية في المدرسة ذاتها، حيث إن أي تحقيق لا بد أن يتم التصديق عليه، فكان وجود القاضي وأولياء أمور الطالبات للتصديق على أقوالهن لضمان عدم الضغط عليهن في أخذ أقوال مغلوطة، حيث كانت اعترافاتهن بوجود أولياء أمورهن».

وأضاف جداوي «إن اللجنة لا تزال في حالة انعقاد لاستكمال ما تبقى من إجراءات تحقيقية وغيرها».

من جهته، بين العميد عبد الله المسعد مساعد مدير الإدارة العامة للأدلة الجنائية، لـ«الشرق الأوسط»، أن الطالبات موجودات حاليا بين أسرهن، وتجاوزت أعمارهن سن 15 عاما ويدرسن في الصف الثالث متوسط، وفي هذه الحالة قد يتم تحويلهن للأحداث.

وقال إن هذا الأمر يرجع إلى الشرع للبت فيه، ولكن ما حصل ليس متعمدا جنائيا مع سبق الإصرار والترصد، فهن كن موجودات في الحدث، بحسب قوله.

وأضاف المسعد «بطبيعة الحال فإن الطالبات كان لديهن حب استطلاع وجهل منهن، لذلك قد يكون لها إجراءات معينة من قبل إمارة منطقة مكة المكرمة، فالطالبات لا يزلن طليقات بمعرفة أولياء أمورهن إلى حين ما يصدر من قبل أمير المنطقة».

وقال إنه تم استبعاد موقد الفحم و«المعسل» والمواد الكيميائية والماس أيضا، فقد تم أخذ عينة لفحصها تحت المجهر، وتبين أن الأسباب مستبعدة بأن تكون ماسا كهربائيا.

وزاد «غالبا في مثل هذه الحالات يتم التأهيل والتثقيف لتعديل سلوكهن ولا بد أن يكون هناك تنازل في مثل هذه الحالات، فالمسؤولية مشتركة بين المدرسة وولي الأمر، فنظام المدرسة كان جيدا مما قلل من كوارث الحريق».

على ذات الصعيد، علق مصدر مسؤول في جمعية حقوق الإنسان على القضية بقوله «هذه الحالة لها أحكام في الفقه الإسلامي، ولكن المسؤولية المدنية في الحق الخاص عليها آثار مترتبة وينبغي تعويض المتضررين، وأيضا هناك مسؤولية رقابية تقع على القائمين في المدرسة، وكذلك الاشتراطات النظامية المطلوب توافرها من قبل الجهات ذات العلاقة وينبغي على الجميع في هذه القضية أن يتحمل مسؤوليته».

وشدد المصدر الذي فضل حجب اسمه، على ضرورة التركيز جيدا من قبل إدارات المدارس ووزارة التربية والتعليم لوضع التأمين على المسؤولية بالنسبة للطلاب أو ما يتوافر في المدرسة من أدوات ومنشآت. وحول مجريات التحقيق أشار المصدر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قيام الطالبات باختبار جهاز الإنذار غلط فادح، فالجهاز ليس مسؤولية الطالبات للكشف عليه، وتساءل «أين وجود المعلمات من هذا الأمر؟!».

واستدرك بالقول «ولكن استنادا إلى البيان الصادر عن إدارة الدفاع المدني فإن الطالبات أحداث، وبالتالي قد لا يتعرضن للمساءلة جنائيا عن أفعالهن، وأن القضية تخضع لتقدير القاضي، ومدى بلوغهن السن القانونية من عدمه، وفي كل الأحوال الرقابة يجب أن تكون أكثر من ذلك». فيما رأى الدكتور محمد القحطاني أستاذ القانون في جامعة الملك عبد العزيز، أن «مجرد تصديق أقوال الطالبات غير كاف لإدانتهن، لأن الأقوال ممكن أن تتغير، لذلك يجب أن تتم إحالتهن إلى جهة تحقيق معتبرة، كهيئة التحقيق والادعاء العام، ويراعى سنهن، والضوابط النفسية والتربوية، لأن التعامل مع البنات الصغار الجميع يعلم أنهن لا يدركن ما يفعلن، فالجريمة يجب أن يتوافر فيها الركن المادي كالقيام بالعمل كالحرق نفسه، والركن المعنوي، مثل اتجاه الإرادة إلى القيام بالإضرار بالآخرين كالقتل ونحوه، فهل كانت تلك الأركان متوافرة في التحقيق؟!».

وأضاف القحطاني «يجب ضمان إجراء تحقيق نزيه، ولا نستطيع الحكم عليهن أبدا في الوقت الراهن، لضمان عدم الضغط عليهن في التحقيق، وما حصل الآن من تحقيق غير كاف على الإطلاق، فالدفاع المدني جهة ضبط إداري، وتمنع الحادث وقائيا، وبعد ذلك تتولى جهة مخولة نظاما مجريات التحقيق».