أجواء مرتفعات عسير تنعش السياحة الشتوية في المناطق الساحلية

نزوح لأكثر من 10 آلاف مواطن لتهامات عسير في مشهد يشابه الهجرة الموسمية للطيور

بوصلة السياحة السعودية تتجه جنوبا بسبب الأجواء الشتوية الفريدة (واس)
TT

عشرات الآلاف من المواطنين ينزحون كل نهاية أسبوع من مرتفعات عسير إلى المناطق الساحلية بحثا عن الدفء، خاصة في ظل الأجواء الغائمة الباردة حاليا في مدينة أبها والمحافظات والمراكز المحيطة بها، حيث تقل الحرارة على المنحدرات الغربية لسلسلة جبال عسير، خصوصا أن المنطقة تطل على واجهة بحرية بشريط ساحلي يبلغ طوله تقريبا 140 كلم، فنجد أن الرحلات والتخطيط للتنزه في المناطق الساحلية أصبح الشغل الشاغل للمواطنين والمقيمين على مرتفعات عسير، فتنتشر المركبات بمختلف أحجامها وأنواعها على مساحات شاسعة تكاد تعلن عن حالة موسمية تشابه الهجرة الموسمية للطيور من بلد إلى بلد، ولكن بصورة أخرى تنفرد بها عسير، فتجد أن أغلب النزوح يكون عائليا وجماعيا يسبقه اتفاق مبرم بين الأصدقاء والأقرباء، فالسياحة في عسير لا تحددها الأجواء أو الأماكن، فالمشهد يتكرر مرتين في كل عام مع اختلاف الزمن والمناخ، حيث إن طريق السودة في موسم الصيف يشهد ازدحاما يشل الحركة المرورية، في حين أن كلا من عقبة ضلع وشعار، وهي الطرق الرابطة والرئيسية بين مدينة أبها والمناطق الساحلية، تعكس صورة مطابقة لما يحدث صيفا في سودة عسير.

كان لـ«الشرق الأوسط» نزهة ساحلية شملت مركز الشقيق، وهو المركز الأقرب لمدينة أبها، حيث إنه يعتبر موقعا ساحليا يقصده الكثير للاستمتاع بالأجواء الدافئة والمنظر الجميل لشواطئ البحر الأحمر البكر.

ونحن في طريقنا نحو البحر مرورا بمركز (الدرب) الذي يسبق مركز الشقيق، استوقفتنا مشاهد النيران المشتعلة بجانب المركبات المحاطة بمجموعة إما من الأصدقاء أو الأقرباء ربما قد نزحوا إلى هناك منذ وقت مبكر.

اقتربنا من أسرة جاءت من محافظة أحد رفيدة لنستفسر عن اختيارهم ذلك المكان بدلا من الجلوس على شواطئ البحر، فأجاب رب الأسرة عايض القحطاني (عسكري متقاعد): نحن نبحث عن الدفء قبل الموقع، فلا فرق بين الجلوس في المخططات أو الشواطئ سوى المنظر، فصباح يوم غد سيكون البحر وجهتنا للاستمتاع بمنظر البحر وللقاء بعض الأقرباء.

من جانب آخر أبدى البعض امتعاضه من تأخر بعض المشاريع الاستثمارية التي سبق أن أعلن عنها لتنمية وتطوير المناطق الساحلية، حيث قال مرزن اليوسف: «الأجواء في تهامة عسير رائعة إلا أن المناطق تفتقر إلى البناء المعماري الاستثماري الحديث، بالإضافة إلى مرافق ترفيهية مطورة واسعة تخدم الزوار والمصطافين لتلك المناطق، وهذا قد يشكل عقبة رئيسية لكل سائح يقصد المناطق الساحلية من جانب توفر أماكن يقضي فيها هو وأسرته اليومين المقصودين للإجازة».

وفي الطرف الآخر تساءلت مي العايض (موظفة حكومية) عن سبب قلة دور الإسكان وتهالك بعضها وعدم نظافة أغلبها في المناطق الساحلية على الرغم من أهمية تلك المناطق، فمشكلة الاستئجار تقلق القاصد لتلك الأماكن، والبحث المضني عن شقق نظيفة ترهق السائح، هذا إلى جانب سوء نظافة بعض المطاعم مما يجبر الأغلبية على أخذ عدة الطهي والرحلات معهم لضمان نظافة الأكل.

يقول مسعود الفيفي: «كل تلك الإشكاليات لم تؤثر على أهمية تلك المناطق، فالسائح قادر على إيجاد الحلول لنفسه، حتى وإن كانت تلك الحلول مؤقتة، إلا أن رغبة التنزه في الأجواء الدافئة تتملك روح السائح ليخلق لنفسه جوا سياحيا، قد يعتمد في الأغلب على إمكانياته الذاتية المتواضعة، ويوفر لنفسه الأدوات اللازمة ليعوض بها النقص في تلك المناطق».

وفي وقت سابق أكد أمين منطقة عسير، المهندس إبراهيم الخليل، أن الواجهة البحرية لمنطقة عسير ستتغير خلال السنتين المقبلتين، حيث ستضاهي الواجهات البحرية في المناطق الأخرى بالمملكة. وأوضح بعد إحدى زياراته مؤخرا لعدد من البلديات على شاطئ منطقة عسير أن هناك مشاريع استثمارية تنتظر الساحل، إضافة إلى مشروع تطوير الساحل الذي ستتم ترسيته قريبا بقيمة 70 مليون ريال.

يأتي ذلك بعد توجيهات الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز أمير منطقة عسير رئيس مجلس التنمية السياحية، التي من خلالها يحرص المسؤولون في محافظات رجال ألمع ومحايل عسير والمجاردة ومراكز الحريضة والقحمة والبرك والشعبين، على توفير كل الخدمات للزوار ليتمكنوا من قضاء أوقات أسرية سعيدة دون أن يعكر صوفهم أي شيء، حيث أكد في تصريح سابق له أن منطقة عسير أصبحت مهيأة للسياحة طوال العام ولم تعد تقتصر على فصل الصيف فقط.