خبراء يؤكدون أن الأنشطة السياحية في السعودية تسهم في الحد من الهجرة للمدن الرئيسية

الفعاليات السياحية والمشاريع التراثية وفرت عائدا ماليا تعتمد عليه الأسر في الأرياف

الفعاليات التراثية في المناطق توفر دخلا ماديا لأصحابها («الشرق الأوسط»)
TT

أجمع خبراء في السياحة والآثار على أن الأنشطة والمشاريع السياحية في السعودية أسهمت بشكل ملحوظ في الحد من الهجرة إلى المدن الكبيرة، وذلك من خلال توطين الوظائف وإنشاء فرص استثمارية في القطاع من خلال دعم المناطق الريفية وتحقيق عوائد جيدة عبر تلك الأنشطة.

وأكد مسؤولون تابعون للهيئة العليا للسياحة والآثار لـ«الشرق الأوسط» أن إقامة الأنشطة السياحية في المناطق الريفية وإعادة تأهيل مواقع تراثية في عدد من المناطق خلال هذا العام والعام الماضي، أدى إلى بقاء كثير من الأسر في مناطقها للاستفادة مما توفره هذه الأنشطة والمواقع من عوائد مالية. وأوضح عبد الله الجهني، نائب الرئيس للسياحة بالهيئة العامة للسياحة والآثار، أن المناطق البعيدة عن محاور التنمية وخصوصا المناطق الريفية، أصبحت في حاجة إلى استخدام السياحة كمحور جديد للتنمية، خصوصا مع استعداد السكان وترحيبهم بهذا النشاط الذي بدأت تستفيد فعليا منه، لا سيما مع ازدياد الهجرة في تلك المناطق نحو المناطق الأكثر نموا، وتسرب الكوادر البشرية إلى المدن الرئيسية جراء الافتقار إلى فرص اقتصادية.

وأشار إلى أن الفعاليات السياحية وهي أحد الأنشطة السياحية، ضخت العام الماضي أكثر من 7 مليارات ريال لاقتصاديات المناطق حسب الإحصائية الأخيرة لمركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس)، وتم بسببها توفير عشرات الآلاف من الوظائف المؤقتة والدائمة والفرص التجارية للسكان المحليين، مما عزز حضور القطاع السياحي كموظف للأيدي العاملة الوطنية ونموذجا حقيقيا لما يمكن أن يكون عليه القطاع السياحي إذا ما تم احتضانه من قبل الدولة، وتوفير الدعم التنظيمي والمالي له أسوة بالقطاعات والصناعات الأخرى الناشئة التي تم احتضانها في بداياتها.

كما أن السياحة تتميز بقدرتها على استيعاب شرائح عريضة من الموارد البشرية باختلاف تأهيلها العلمي وتوزعها الجغرافي، وإسهامها في تحسين مستوى المعيشة للأفراد والمجتمعات على امتداد مناطق المملكة، وخصوصا تلك التي تبتعد عن المحاور الرئيسية للتنمية في المملكة, من حيث انتشارها في المناطق والقرى والمحافظات وعدم اعتمادها على مدن صناعية أو اقتصادية، وعلى جميع المستويات العمودية التعليمية والتدريبية، وهذا هو الفرق عندما تذهب فرص العمل إلى المواطن وليس أن يأتي المواطن ويبحث عن فرص العمل، ومن أكبر الخلل الذي نعمل على معالجته مع انتشار الجامعات والكليات هو انتقال المواطنين من قراهم وبيئتهم إلى بيئات جديدة.

من جهته أكد الدكتور مشاري النعيم، المشرف العام على المركز الوطني للتراث العمراني، أن مشاريع التراث العمراني التي تنفذها الهيئة بالتعاون مع شركائها في المناطق تعد المشاريع الهامة لتنمية المناطق اقتصاديا، حيث أصبحت القرى والبلدات التراثية محاور تنمية اقتصادية، وأوعية لنشوء حراك اقتصادي، تنتج عنه فرص وظيفية حقيقية لأبناء تلك المناطق على اختلاف مستوياتهم السنية والتعليمية، من خلال ما يقام فيها من فعاليات تراثية وسياحية وما تتيحه من تسويق للمنتجات التراثية, إضافة إلى مشاريع الأسواق الشعبية ومراكز أواسط المدن التاريخية.

وأضاف: «هناك الكثير من المواقع التراثية التي غادرها أهلها في السابق والآن عادوا إليها بعد أن تم تأهيلها من جديد وتحويلها إلى مناطق جذب سياحي واستثمار اقتصادي».

وعد حمد آل الشيخ، نائب الرئيس المساعد للتسويق في الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن توزيع المهرجانات السياحية على مدار العام والمناطق، إضافة إلى تخصيص مهرجانات للمنتجات مثل مهرجان الزيتون في الجوف, والعسل في بلجرشي ورجال ألمع, والحريد في جازان, والتمور في القصيم, والورد في الطائف, وغيرها، كل ذلك ساهم في استقرار الكثير من المواطنين في مناطقهم والاستفادة المادية من منتجاتهم وزيادة هذه المنتجات وتطويرها, وأشار إلى أن الهيئة تعمل أيضا على تنمية السياحة الزراعية في المناطق الريفية باعتبارها محورا اقتصاديا مهما، وتوفر الكثير من الفرص الاستثمارية للمزارعين لتحسين أوضاعهم الاقتصادية، إضافة إلى مساهمتها في توليد فرص عمل للمواطنين.

وقال آل الشيح إن الهيئة تستهدف مع شركائها في المرحلة الأولى تطوير وتهيئة 100 مزرعة على الأقل بنهاية العام الحالي 2011، في مختلف مناطق المملكة لتكون مزارع نموذجية ورائدة يستفيد منها المزارعون الآخرون في تطوير مزارعهم وقدراتهم والانضمام للسياحة الزراعية.

وأضاف أن برنامج السياحية الزراعية يستهدف بنهاية السنة الخامسة أن ينضم إليه 5 آلاف مزرعة، مشيرا إلى أن السياحة الزراعية هي أحد المنتجات السياحية التي توضح إمكانية الاستفادة من السياحة وتوظيفها لخدمة المجتمع وتحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية. وشدد على أن السياحة الزراعية ستساهم في بقاء المزارعين في مزارعهم وتطويرها كمصدر دخل جيد، وستكون من الأنشطة التي توفر فرص عمل جديدة للموطنين، سواء للعمل في مزارعهم أو تقديم خدمات للسياح.