3 قضاة ينظرون اليوم أولى جلسات الاتهام ضد «مغتصب القاصرات» في جدة

هيئة حقوق الإنسان لـ «الشرق الأوسط» : تابعنا سير التحقيقات.. وأهالي الضحايا فضلوا الترافع بأنفسهم

TT

تبدأ المحكمة العامة في جدة، اليوم، أولى جلسات النظر في التهم الموجهة ضد مواطن باغتصاب 8 فتيات قاصرات في جدة، التي ينظرها 3 قضاة بعد أن وجهت هيئة التحقيق والادعاء العام 10 تهم من بينها الاختطاف والاغتصاب وإجبار القاصرات على شرب المسكر ومشاهدة لقطات وصور مخلة، وتطلب الهيئة في صحيفة الدعوى الحكم بالقتل قصاصا.

ويتوقع أن يتوافد عدد كبير من أسر الضحايا إلى قاعات المحكمة بعد رفضهم قبول وكالات من محامين تطوعوا مجانا للترافع عنهم، ويرجع السبب في ذلك - حسب مصادر - إلى إحساسهم بالقهر، ومحاولة لأخذ حقهم بإسماع صوتهم للقضاء.

وتوقع قانونيون سعوديون لـ«الشرق الأوسط» أن يكون الحكم في حالة ثبوت القضية ضد المتهم رادعا وقويا قد يصل إلى القتل نسبة للتهم التي وجهتها له الأجهزة الحكومية المعنية، كأقسام الشرطة وهيئة التحقيق، إضافة إلى الأدلة كاعترافات القاصرات وشرائط الفيديو التي رصدت محاولات المتهم إجبار القصر على مرافقته.

كانت لجنة مشكلة تضم هيئة حقوق الإنسان قد شاركت في إجراءات التحقيق مع المتهم - بعد أن شغلت القضية الرأي العام - الذي أطلق عليه وحش جدة، بعد مسلسل خطف الفتيات من داخل الأسواق، والمراكز التجارية والمستشفيات، وتناولت المواقع الإلكترونية صور المتهم وهو يتحدث مع الضحايا، ويستدرجهن إلى سيارته الخاصة.

ويبلغ المتهم من العمر 42 عاما، وهو متزوج، وله 6 أبناء، وكانت شرطة جدة تواصل تسجيل شهادات الشهود، واعترافات الفتيات القصر، قبل استكمال ملف القضية وقبل إحالته لهيئة التحقيق والادعاء العام، وأقرت بعض الضحايا أن الجاني كان يستخدم أفعالا تشابهت مع شكوى الضحايا الأخريات اللاتي ظل يختطفهن طيلة 5 سنوات مضت، واعترفت آخر القاصرات، وتدعى ريما، أن المتهم بشرها بأنها ووالدتها حصلتا على جوائز كبرى في إحدى الأسواق والمراكز التجارية، وأن عليها الذهاب معه في السيارة للحصول على الجائزة.

وحول الرأي القانوني، قال المحامي ياسين خالد خياط، نائب رئيس لجنة المحامين في غرفة جدة، لـ«الشرق الأوسط»: إن تكييف القضية التي حددت بناء على التهم الكبيرة للمتهم جعل القضية ينظر فيها 3 قضاة، مما يرجع إلى التهم التي بينتها لائحة الدعوى القضائية من قبل هيئة الادعاء والتحقيق.

وشهدت القضية رفض الكثير من المحامين للترافع عن المتهم، أثناء حضوره لجلسات الحكم، وعلق المحامي خياط حول هذا الإجراء بأن الرفض من قبل المحامين أمر طبيعي لخشية المحامين أن ينعكس ترافعهم للمتهم بأمور عكسية تطال سمعتهم في قضية شغلت الرأي العام وتعاطف فيها المجتمع.

وقال خياط: «هذا لا يعني أن هناك محامين يسهمون في ضمان حقوق المتهم، وأن تكون مكفولة ضمن الأنظمة والقوانين التشريعية، والقضاء كفيل بالحصول على محاكمة عادلة».

وشارك خياط الرأي المحامي أحمد عبد العزيز زارع، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: القضية سببت ذعرا كبيرا في المجتمع، وهذا أمر قد ينعكس على بعض المحامين في حال قبول القضية، من أنها قضية مرفوضة أخلاقية وتمس بسمعة بشكل مباشر، على الرغم من أن النظام كفل الترافع للمتهم.

وأضاف أن التهم الموجهة للمتهم كبيرة جدا، ومنها قضيتان تصلان إلى حد القتل قصاصا في الحق العام، كالخطف والاغتصاب، وهو ما جعل المحكمة توكل 3 قضاة للنظر في القضية وإصدار أحكام حيالها بناء على طلب هيئة التحقيق والادعاء.

وفي الوقت الذي تعذر فيه الاتصال بالشيخ إبراهيم القني، رئيس المحكمة العامة في جدة، قال المحامي الدكتور عدنان الزهراني، الذي تطوع مجانا للترافع عن القاصرات: «لقد بادرت بالترافع عن القاصرات بعد طلب من أهاليهم توكيلي؛ حيث أعمل عضوا في جمعية الطفولة، وكان هذا العمل مبادرة كمبدأ إنساني لما لحق بتلك الفتيات وأسرهن من أضرار، إلا أن بعض الأسر فضلت الترافع بنفسها في المحكمة وحضور الجلسات، واحترمنا ذلك».

وحول عدم وضوح وجه المتهم في الأشرطة المصورة، وتشكيك بعض القاصرات في المتهم، قال الدكتور عدنان: «صحيح أن ذلك كان يتردد في محاضر التحقيق، لكن في مثل هذه الإجراءات يُكتفى بدليل واحد، وهو ما حدث فعلا عند الاعتراف عليه من بعض القاصرات، اللاتي أكدن أنه المتهم، وهذا كافٍ للحصول على أحكام قضائية».

وأرجع الزهراني عدم تعرف وتشكيك بعض القاصرات في المتهم لـ«طول فترة الاعتداء، ولأعمارهن الصغيرة، التي لا تتجاوز 8 سنوات».

كانت جهات في المجتمع المدني قد طالبت بضمان حقوق المتهم، وألا يؤثر الرأي العام على أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام، وأقسام الشرطة، وقال الدكتور عمر الخولي، العضو في هيئة حقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط»: إن الهيئة شاركت في لجنة مشكلة وتابعت طوال فترة التحقيق ضمان حقوق المتهم، كالسماح للمتهم بزيارة أسرته، وتوكيل محامين يرغب في توكيلهم والترافع عنهم، وضمان أن تكون إجراءات التحقيق وفق الأنظمة التشريعية التي كفلها النظام.

وتعتبر قضية مغتصب القاصرات إحدى القضايا التي شغلت الرأي العام السعودي، وطالب عدد كبير من الحقوقيين والمجتمعات المدنية بسرعة البت بالأحكام القضائية للمتهم، وأن تتعامل حيالها بوضع خاص؛ نظرا للبعد الإنساني لانتهاكات الطفولة لـ8 قاصرات أثبتتها محاضر التحقيق، بينما تنظر عدد من أقسام الشرطة تهما أخرى لم تربطها بتك القضية محاضر الضبط.

كانت هيئة التحقيق قد أكدت، في بيان نشر الأسبوع الماضي في وكالة الأنباء السعودية على لسان مصدر مسؤول بهيئة التحقيق والادعاء العام، أنه تم رفع الدعوى في قضية اختطاف عدد من الفتيات القاصرات وفعل الفاحشة بهن إلى المحكمة العامة بمحافظة جدة، وتم توجيه الاتهام في هذه القضية إلى مواطن سعودي يبلغ من العمر 42 عاما، وذلك بعد توافر الأدلة الكافية على قيامه خلال الفترة من عام 1429هـ وحتى تاريخ القبض عليه بتاريخ 30 - 6 - 1432هـ باستدراج 8 فتيات، تتراوح أعمارهن بين 6 و12 عاما، من أماكن مختلفة بمحافظة جدة وخطفهن وترويعهن وذويهن والاعتداء عليهن بالضرب وإدخالهن إلى منزله بالإكراه، وفعل الفاحشة بهن بالقوة وإرغام بعضهن على شرب المسكر، وإجبارهن على مشاهدة لقطات وصور إباحية على جهاز حاسبه، ومن ثم يخرجهن من منزله ويلقيهن في الشوارع العامة.

وشملت الأدلة التي توافرت، لتوجيه الاتهام في هذه القضية، تطابق الأنماط الوراثية (DNA) للعينات التي تم رفعها من ملابس إحدى القاصرات المجني عليهن مع الأنماط الوراثية للعينة القياسية المسحوبة من المتهم، وكذلك تطابق العينات الحيوية المرفوعة من شقة المتهم مع العينة القياسية للمجني عليها، بالإضافة إلى التقارير الطبية الخاصة بنتائج فحص المجني عليهن، وشهادات المجني عليهن، ونتائج مواجهتهن بالمتهم، ولقطات الفيديو الموثقة من نظام المراقبة التلفزيونية في بعض المواقع التي جرت فيها عمليات الخطف، واعترافات المتهم بشرب المسكر وحيازته مشاهد إباحية على جهاز الحاسب الآلي الخاص به.