أهالي جدة يلوثون البحر الأحمر.. وأصابع الاتهام تشير إلى الفنادق والمطاعم

هيئة المحافظة على بيئته لـ «الشرق الأوسط» : ضعف الميزانية يقيد القوانين الرادعة لجرم «التلوث»

فرق شبابية تطوعية تبادر بالعمل على نظافة البحر الأحمر («الشرق الأوسط»)
TT

اتهمت مصادر مأذونة في هيئة المحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، سكان محافظة جدة بالعمل على تلوث بيئة البحر الأحمر، مشيرة بأصابع الاتهام على قطاع المطاعم والفنادق، واعتبرت عدم وجود ميزانية كافية لإنشاء جهاز رقابي، السبب الرئيسي في عدم تطبيق القوانين والتشريعات التي تساعد في المحافظة على الثروة السمكية ومياه البحر الأحمر من التلوث.

وأوضح طلال أبو شوشة، المدير العام لمركز أبحاث الثروة السمكية بجدة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الملوثات الموجودة في البحر الأحمر هي عبارة عن ملوثات محلية مصدرها سكان وزوار المنطقة، مشيرا إلى أن البحر الأحمر نظيف، ولا تأتيه ملوثات من تيارات بحرية أو أنهار، وبين أن نظافة البحر الأحمر تتضح بمجرد الابتعاد لمسافة 100 كيلومتر، شمالا أو جنوبا، الأمر الذي يعني أن المنطقة المأهولة هي فقط الملوثة.

وتحدث شوشة للصحيفة على هامش فعاليات ورشة العمل الإقليمية حول إدارة مصايد الأسماك في دول البحر الأحمر وخليج عدن التي أقيمت في مقر الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن وتختتم فعاليتها اليوم (الأربعاء)، مبينا تناول الورشة لآلية عمل هيئة إقليمية لإدارة مصائد البحر الأحمر وخليج عدن على غرار هيئة (رُبى) الموجودة في الخليج العربي، ويعملون على وضع التنظيم الخاص بإدارة الهيئة المقترحة والمعوقات التي تواجهها، إضافة إلى تحديد الأجهزة التي ستدعمها، مؤكدا أنها ستحتاج لدعم مادي كبير من قبل الجهات المعنية كالبنك الدولي أو المنظمة أو الدولة.

وقال إن «موضوع الدعم سيتضح لاحقا عند الانتهاء من المقترح ورفعه للجهات المعنية»، وحول مقر الهيئة بين مدير عام مركز أبحاث الثروة السمكية، أنه «من المتوقع أن يكون مقرها مدينة جدة إلا أنه لم يتحدد حتى الآن».

وأشار إلى أنه من الممكن تلافي تلوث مياه البحر الأحمر بالوعي، مستدركا «إلا أنه مفقود للأسف لدى سكان مدينة جدة، وخصوصا أصحاب الشركات الكبرى والمطاعم والفنادق».

وأردف «من خلال الصور التي نلتقطها لأعماق البحار نجد كميات كبيرة من مخلفات المطاعم والفنادق وغيرها، ولكن لعدم وجود جهاز رقابي لدينا لا يمكننا أن نخالف أيا منها لأنه لا يوجد دليل». واعتبر وجود نفايات وملوثات داخل البحر جريمة، وقد يتمادى مرتكبوها في تفاقمها. ولفت إلى قوة التشريعات والقوانين الموجودة لديهم، إلا أن تطبيق هذه التشريعات غير ممكن، حيث قال «لدينا تشريعات وقوانين قوية مثل منع صيد أسماك الزينة ومنع صيد أسماك القرش وخيل البحر وغير ذلك، إلا أن المشكلة تكمن في تطبيق هذه التشريعات ومراقبتها وفرض العقوبات ومتابعة تنفيذها التي هي بحاجة لميزانية تدعم تشغيل جهاز المراقبة وتفرض العقوبات على المخالفين».

وطالب أبو شوشة بإنشاء جهاز رقابي خاص بالثروة السمكية وحماية البيئة من التلوث، وعدم الاعتماد على حرس الحدود، الذي تكمن مهمته في حفظ الأمن، وليس الحفاظ على البيئة، حيث طالب بإنشاء جهاز رقابي يتكون من فنيين وموظفين ومراقبين، إضافة إلى قوارب خاصة.

وبين أن ذلك المقترح وخطته موجودة لديهم، إلا أن ما يحول دون تنفيذها هو عدم وجود ميزانية كافية لتوفير كل هذه الاحتياجات وتطبيقها على أرض الواقع، بدلا من وجودها على الورق فقط.

ولفت إلى أهمية الأعمال التطوعية التي يقوم بها الشباب، حيث وصفهم بالأمل في الحفاظ على الثروة السمكية ونظافة البحر للمستقبل، حيث قال «الأعمال التطوعية التي يقوم بها الشباب هي بارقة الأمل الموجودة لو تم دعمهم للاستفادة منهم بشكل صحيح». وأضاف: «يأتيني كثير من الشباب الذين يرغبون في عمل حملات تطوعية لتنظيف البحر وأقوم بتقديم التسهيلات لهم، ولكن أتمنى أن يكون هناك جهاز ينظمهم، وألا تكون الجهود والأعمال فردية».

ورشة العمل التي تنظمها الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن بدعم من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، بحثت ترتيبات تأسيس آلية إقليمية للتنسيق والتعاون بين دول الإقليم في إدارة المصايد البحرية والاستزراع البحري، بهدف حماية الموارد السمكية من مخاطر الاستنزاف في الإقليم.

وشارك في ورشة العمل ممثلون عن الجهات الوطنية المعنية بإدارة المصايد في الدول الأعضاء بالهيئة، والتي تشمل السعودية والأردن وجيبوتي ومصر والصومال والسودان واليمن، إضافة إلى وفد من الأمم المتحدة للأغذية والزراعة يضم عددا من الخبراء الدوليين ومديري البرامج الدولية من المقر الرئيسي للمنظمة في روما بجانب خبراء الهيئة الإقليمية التي تستضيف الورشة في مقرها الرئيسي بجدة.

وبين الدكتور زياد أبو غرارة، أمين عام الهيئة، أن المصايد البحرية في الكثير من بحار العالم تعاني من الصيد المفرط أو الصيد غير القانوني وما يترتب على ذلك من مخاطر الاستنزاف للثروة السمكية، الأمر الذي يؤدي إلى انحسار كثير من مخزونات الأسماك وتدهور الإنتاج في كميات المصايد وأحجام الأسماك.

وأضاف أن التوسع المطرد في الاستزراع البحري لسد النقص في الإنتاجية ومواجهة الطلب المتزايد يواجه أيضا مخاطر التأثيرات البيئية، وعدم توفر الأنظمة والتشريعات والسياسات الإدارية الفعالة الخاصة بتنظيمها وتطويرها على نحو مستديم.

واستعرضت الورشة تجارب الأقاليم الأخرى في إدارة المصائد الأمر الذي سيسهم في توفير المعرفة والخبرة الكافية لإيجاد آلية إقليمية لإدارة المصايد من شأنها تفعيل التنسيق الإقليمي في تبني وتنفيذ الاستراتيجيات والسياسات الإدارية والتشريعية الخاصة بتنظيم وتطوير المصايد والاستزراع البحري، إضافة إلى تعزيز التعاون الإقليمي في مجالات رصد المخزون السمكي وإعداد البحوث وتبادل المعلومات الإحصائية وتطبيق مبادئ الصيد الرشيد وسبل استدامة الموارد والتشريعات الدولية والإقليمية في هذا المجال.