جدل ثقافي حول «الإصلاح والتطوير» في ظل تطلع لتحقيق رؤية شاملة

في مستهل انطلاق أعمال اللقاء الوطني للخطاب الثقافي الرابع بالعاصمة السعودية الرياض

جانب من اللقاء الوطني للخطاب الثقافي السعودي الرابع، الذي احتضنته الرياض على مدار اليومين الماضيين (تصوير: إقبال حسين)
TT

لم تكن الكلمات التي استهلها الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، أمام المشاركين في اللقاء الوطني للخطاب الثقافي السعودي الرابع، الذي احتضنته الرياض على مدار اليومين الماضيين، لتهدئ من عاصفة الانتقادات التي لقيها المحور الأول للملتقى، الذي كان يحمل عنوان «مفهوم الإصلاح والتطوير في المجتمع السعودي»، لكون العنوان في نظر الكثير من المتداخلين يمثل عنوانا فضفاضا يغلب عليه التعميم.

وكانت أولى المداخلات للدكتورة ثريا الشهري، التي أبدت اعتراضها على مسمى المحور الأول للقاء، مناشدة الجهة المنظمة تحديد العنوان، في حين وافقها الرأي الدكتور عبد الرحمن العناد، الذي رأى أن الربط بين مصطلحي الإصلاح والتطوير غير سليم، معتبرا أن الإصلاح ينسحب على عدد من مناحي الحياة ولا يقتصر على مجال دون غيره، ولافتا إلى أن الإصلاح يستلزم الكشف عن الأخطاء وإصلاحها، وألا تطول الفترة الزمنية للعملية الإصلاحية، لكونها مرحلة علاجية.

وكان فيصل بن عبد الرحمن بن معمر، الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، أكد على تطلعه أن يساهم اللقاء في تحقيق رؤية شاملة لموضوع الإصلاح والتطوير، وذلك خلال كلمته التي ألقاها في مستهل اللقاء الوطني للخطاب الثقافي السعودي الرابع، الذي بدأت فعالياته مساء أمس الثلاثاء، 29 نوفمبر (تشرين الثاني)، والذي ينظمه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني تحت عنوان «الإصلاح والتطوير».

وشدد بن معمر في كلمته على ضرورة الالتزام بضوابط الحوار، التي ينتهجها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، معددا إياها بكونها الالتزام بالموضوعية والحيادية، والبعد عن التعميم، واحترام الرأي الآخر، ونبذ التطرف والتعصب، سواء للآراء أو الأشخاص.

من جانبها، أشارت الدكتورة الجواهر آل الشيخ إلى ضرورة أن يخرج المجتمعون من دائرة التنظير إلى أرضية الواقع، مشيرة إلى أن الإطالة في التنظير هي أحد أسباب استفحال المشكلات وتأزم الأوضاع.

في حين رأى الشيخ محمد الدحيم أن عنوان الجلسة فضفاض، وشدد على أهمية تحديد الرؤية للإصلاح والخروج بمبادئ يتم الاتفاق عليها، محذرا من أن الفساد يقدم نفسه من باب الإصلاح في كثير من الأمور.

وفي جملة من التساؤلات التي طرحتها في مداخلتها كانت الدكتورة حسناء القنيعر تحاول تقديم تأطير لمفهوم الإصلاح وتحديد تعريف له وما المقصود به، وما هي مجالاته، معتبرة أن أهم مجالات تبدأ بمبادئه التي يستند إليها، لافتة إلى أن المساواة وتدوير المناصب القيادية العليا تعتبر من وجهة نظرها أحد منطلقات المطالبة بالإصلاح والتطوير محليا.

وتعد قضية الإصلاح من أكثر الأمور الشائكة في مسائل الطرح المحلي بالبلاد خلال فترات سابقة، إلا أن النهج الإصلاحي الذي أطلقته القيادة السياسية بالسعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز جعلت من تلك القضية مصدرا للحوار والنقاش بين أطياف المجتمع المحلي.

وذلك ما أكد عليه الدكتور عبد الله بن عمر نصيف، نائب رئيس اللجنة الرئاسية بالملتقى، في كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية، بقوله: «إن الإصلاح والتطوير هو نهج المملكة قيادة وشعبا، وهو ما يتفق مع تعاليم ديننا الحنيف الذي جاء لإصلاح البشرية»، مضيفا: «أن موضوع الإصلاح يحتاج إلى الكثير من المثابرة لتكمل مسيرة الإصلاح والتطوير التي يأملها المجتمع».

وكان الدكتور عبد الله دحلان أبدى استغرابه الشديد من ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في بلد تملك كل مقومات التقدم، وشدد في مداخلته بالملتقى على أن الإصلاح والتطوير هو تلبية لاحتياجات الشعب، لافتا إلى أهمية التركيز على تتبع أسباب تأخر الإصلاح على الرغم من تبني خادم الحرمين الشريفين له منذ فترة طويلة.

إلى ذلك فقد تمحورت توصيات المشاركين حول إصدار وثيقة وطنية للإصلاح والتطوير في المجتمع السعودي، مطالبين بتبني مركز الحوار للعمل على إصدارها.

يشار إلى أن مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني وجه دعواته لأكثر من 70 مثقفا ومثقفة سعودية، للمشاركة في اللقاء الرابع للخطاب الثقافي السعودي، ويسعى اللقاء إلى الخروج برؤية وطنية شاملة للدور المجتمعي لتحقيق الإصلاح والتطوير في المجتمع السعودي، وتحديد أوضح لمفهوم الإصلاح والتطوير في المجتمع السعودي.