خبراء إسكان لـ«الشرق الأوسط»ـ: «مترو مكة» سينقل الأذرع الاقتصادية والإسكانية خارج المنطقة المركزية

دراسات لإنشاء مدن مصغرة متكاملة في الأطراف

TT

أكد خبراء إسكان في العاصمة المقدسة أن «مترو مكة» سيسهم في عملية التمدد الأفقي التجاري، وسينقل الأذرع الاقتصادية خارج المنطقة المركزية، مؤكدين أنه مؤشر لتلافي أزمة سكن محتملة وضخ رؤوس أموال لتفعيل تجاري أكبر، بغية إراحة المناطق المركزية داخل المدينة وحول الحرم.

واقترح اقتصاديون تكوين مدن مصغرة داخل العاصمة المقدسة تحوي جميع الخدمات لمختلف الوزارات والبنوك والأنشطة التجارية في جميع الاتجاهات الأربعة، حيث ستكفل انحسار تدافع المركبات والزحام حول مناطق الحرم والمناطق المركزية. وقال سعد الشريف، خبير المنطقة المركزية، لـ«لشرق الأوسط»، إن النزوح نحو القرى والهجر أمر مهم واستراتيجي، يدفع نحو تكوين حراك اجتماعي واسع بإمكانه أن يسهم في تعزيز البنى التجارية والاستثمارية ويقلص حضور المركبات داخل المناطق المركزية.

وأوضح أن تلك الاستراتيجيات التجارية الفاعلة ستفرز متطلبات اقتصادية توفرها تلك الرؤوس التجارية الكبرى بفتح أذرع اقتصادية كبيرة وناجعة، ستسهم بشكل مباشر في خلق اقتصاديات مشابهة لتلك التي تتمركز في مناطق الحج والعمرة لتلبية متطلبات السكان في تلك الأحياء، وبالتالي فقدومها إلى المستثمر سيساعد على تنمية الاقتصاد في تلك الأحياء وسيخلق أنماطا اقتصادية مشابهة في مكة بعد أن كانت تتمركز في منطقتين فقط هما العزيزية وشارع الستين.

ورجح خبير المنطقة المركزية أن تتوالد بيئات اقتصادية ناجحة، خاصة إذا شق «مترو مكة» جميع أحياء العاصمة المقدسة، خاصة في الجهة الشرقية من مكة المكرمة والتي تحوز منطقة حي الشرائع النصيب الأكبر منها، حيث تشهد توافد نسب كبيرة من الهجرة السكانية الأمر الذي تسبب في مضاعفة النمو السكاني في ذاك الجانب الشرقي، بالإضافة إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار العقار بعد أن كانت الأسعار تعد معقولة نسبيا نتيجة افتقارها إلى نمو سكاني حقيقي.

وأضاف الشريف أن من المؤشرات الإيجابية التي ستحملها مثل تلك الخطوة تسهيل عمليات التنقل والانخفاض العام للتلوث جراء توافد مركبات كبيرة جدا وشاحنات تقل ملايين من المعتمرين والحجاج، وسيسهم ذلك النزوح التجاري في إراحة البنية التحتية وتغيير كثير من المفاهيم الاقتصادية في العاصمة المقدسة، التي تحتاج إلى إنشاء خدمات واسعة تستوعب جميع المناشط التجارية، وتزيد من المساحات الاستيعابية التي ينبغي أن تكون عليها العاصمة المقدسة، مبينا أن بقاء جغرافية مكة على ما هي عليه الآن يضر بالعملية التجارية ويوهن من القوة الاقتصادية الفاعلة في مكة. إلى ذلك، قال عطا الله الحجاجي، خبير عقاري، وهو صاحب فكرة إنشاء مركز تجاري خارج المنطقة المركزية، لـ«الشرق الأوسط»، إنها ستشكل رافدا جذابا لإنعاش تلك الأحياء من خلال تشجيع رؤوس الأموال الصغيرة على الإقدام على الاستثمار في تلك الأحياء، الأمر الذي سيضيف توسعا في الآفاق الاقتصادية لتشمل مكة المكرمة كافة، مما سيعكس هنالك توازنا تجاريا المستفيد الأول والأخير منه هو المواطن الذي لن يجد العناء في الذهاب إلى وسط مكة لشراء مستلزمات احتياجية، بل إن تلك العلامات التجارية الكبرى قدمت إليه بنفسها وبنفس الجودة التي تباع في وسط مكة.

وأفاد الحجاجي «ستكون إضافة جديدة في عملية جذب الراغبين في السكن بتلك المناطق، حيث إن وجود هذه المحال التجارية سيسهم في تعزيز اتخاذ القرار من قبل الراغبين في السكن نتيجة توافر كل المستلزمات الحياتية التي يحتاجونها دون تكبد عناء الذهاب إلى أوساط مكة حيث تتمركز الأسواق الكبرى». وأبان الحجاجي «ستسهم هذه الخطوة في إنشاء الفنادق والدور السكنية للشقق نتيجة قدوم أعداد كبيرة من الكثافة السكانية إلى تلك المناطق، حيث إن هناك توقعات عقارية بأن يكون هناك توجه كبير من قبل بعثات الحج والعمرة إلى تلك المناطق لإسكان حجاجها ومعتمريها، وتوفير وسائل نقل تقلهم إلى المنطقة المركزية وإعادتهم إلى أطراف مكة، حيث تتوافر لهم كل الاحتياجات التي تجعلهم يفكرون مليا في إسكان بعثاتهم في هذه المناطق».

من جهته، أشار عضو لجنة تقدير العقارات في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة عبد الله سقاط، إلى أن هناك دراسات واستشارات فنية لاستدراك عدة نقاط، تختص بالتحول الاقتصادي والاستثماري على جوانب المدينة، فعلى سبيل المثال كان هناك نوع من المخالفات في التوسع بمناطق الخدمات مما يرتب على العاصمة المقدسة استهلاكيات كبيرة ومبالغ ضخمة، وبالتالي توجهنا إلى أن يكون هناك تمدد بشكل مدروس وفق المصالح الضرورية للنفع العام، وذكر اقتصاديا أن التوسع الكبير في الخدمات له سلبية على المواطن إذا تم تنفيذه بشكل عشوائي لا يرتقي إلى تخطيط المدن المتطورة، نتيجة تعويض المساحات المبالغ بمساحات خاصة بالسكن.

واستدرك سقاط «شهد البناء العديد من المخالفات، ويتم تنظيم آليات عالية المستوى للتعويض والهدم، إضافة لحملات الهدم تباعا خاصة في الأماكن غير الصحيحة إنشائيا، وهي التي جرى ويجري تعويض أصحابها من داخل المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد الحرام، إلى مناطق خارج أماكن التكتل، أما المخالفات القديمة فيمكن معالجتها، حسب العقود الموقعة مع الجهات ذات العلاقة». وحول الجدوى والفاعلية السوقية لنشر الاستثمارات التجارية خارج المنطقة المركزية، ذكر عضو لجنة تقدير العقارات أنه أمر يعمل وفق منظومة واحدة تختص بالتطوير العقاري ضمن الأراضي الخالية، لتسهيل نقل السكان إلى المحلات المراد تطويرها، ولأن التطوير العقاري تجربة فاعلة اقتصاديا نريد أن تكون ناجحة لذلك يجب معالجة كل المشاكل قبل طرح أي بقعة للتطوير العقاري، فالأولوية لمعالجة السكن العشوائي وأهمية نقل السكان بالتدريج إلى مساكن قريبة من الاستثمارات، لذلك سيكون البدء ببناء مساكن ومشاريع مالية واستثمارية كبيرة قريبة من سكن المواطنين، فهذا هو التصور الذي ينبغي أن يدرسه المجلس البلدي للعاصمة المقدسة، وعلى أساسه يجب أن يتم استقطاب شركات تطوير عقاري. وأفاد سقاط في حديثه «يجري العمل على تقييم كل الأماكن الاستراتيجية لاستثمارها من أجل خلق فرص عمل جديدة وتحسين الواقع الخدمي والاقتصادي، والتطوير العمراني وتطوير الأسواق، فالمواقع كثيرة ويتم تدريجيا سحب مراكز الثقل التجاري من قلب العاصمة المقدسة إلى الأطراف، والحاجة ماسة أكثر لفتح مولات ومراكز تجارية كبيرة، عبر التكتلات الاقتصادية التي ستقوم بعمليات تغيير جوهرية في مكة المكرمة».