جدة: لجنة الكشف عن المدارس تضبط مخالفة «تزوير» شهادة الدفاع المدني للسلامة

كشفت جملة من المخالفات.. وأنهت أعمالها يوم أمس

معلمات قضين ضحية لحريق مدرسة «البراعم» في جدة
TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن لجنة الكشف عن المدارس المشكلة بأمر من الأمير مشعل بن ماجد، محافظ محافظة جدة، التي أنهت أعمالها يوم أمس، رصدت عدة مخالفات؛ من ضمنها تزوير إحدى المدارس لشهادة السلامة الممنوحة من قبل إدارة الدفاع المدني، التي ليس لها أي ملف رسمي هناك، في حين لم يعلن جهاز الدفاع المدني بعد عن نتائج أعمال تلك اللجنة.

وكانت محافظة جدة، قد قررت في الـ20 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي سرعة إعادة الكشف على كل مدارس محافظة جدة للتأكد من توفر اشتراطات ووسائل السلامة، وذلك عقب اندلاع حريق في مجمع «براعم الوطن» التعليمي، الذي أسفر عن وقوع نحو 59 حالة إصابة، ووفاة 3 معلمات، إحداهن مختنقة، والثانية على خلفية قفزها من الطابق الثاني وتعرضها لنزف بعد إصابة في رأسها وإحدى ساقيها، بينما لفظت الثالثة أنفاسها الأخيرة بعد أن مكثت نحو أسبوع في العناية المركزة.

وكشف آنذاك لـ«الشرق الأوسط» العميد عبد الله الجداوي، مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة، عن تلقي الإدارة توجيها من الأمير مشعل بن ماجد، محافظ محافظة جدة، يوم أمس، بشأن تشكيل لجنة عاجلة لسرعة الكشف على مدارس المحافظة، والتأكد من تطبيقها لاشتراطات السلامة وتوفر وسائلها على أكمل وجه.

وقال في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» ردا على مطالبات بعض الأهالي بتكثيف الجولات التفتيشية على المدارس: «من الضروري علينا إعادة النظر في الجولات التي يقوم بها الدفاع المدني».

حريق مجمع «براعم الوطن» التعليمي الذي شهدته محافظة جدة في الـ19 من الشهر الماضي، كان سببا في تغيير الأهالي ووسائل الإعلام اتجاه بوصلة اهتمامهم لرصد أي حريق مندلع، عدا عن «فوبيا» الماسات الكهربائية التي باتت تعيشها بقية المدارس.

وفي هذا الشأن، أكد لـ«الشرق الأوسط» العميد عبد الله الجداوي، انخفاض معدل الحرائق في جدة الشهر الماضي بواقع 335 حادثة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مشيرا إلى أن عددها بلغ لهذا العام نحو 590 حادثة، في حين وصلت خلال شهر نوفمبر للعام الماضي إلى 828 حادثة.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «إن تركيز الناس ووسائل الإعلام على حوادث الحرائق بعد حادثة (براعم الوطن) خلق انطباعا لدى الجميع حول ارتفاع معدلات تلك الحوادث، غير أن الأرقام الموجودة لدينا لا تكذب»، على حد قوله.

ولفت إلى عدم وجود أي ارتفاع في معدلات الحرائق مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، غير أن بلاغات المدارس عن حوادث الماسات الكهربائية أصبحت كثيرة، مرجعا ذلك إلى الخوف من تكرار ما حدث في مجمع «براعم الوطن».

الجدير بالذكر، أن مصدرا مسؤولا في الدفاع المدني، كان قد توقع خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن يتجاوز عدد البلاغات للفترة المقبلة من العام الحالي 100 بلاغ من قبل المدارس، في حين اعتبره حالة من الخوف والهلع (الفوبيا) التي انتابت الكثير من أفراد المجتمع المحلي على خلفية حريق ذلك المجمع التعليمي.

يأتي ذلك في وقت كشف فيه عبد السلام يمني، نائب الرئيس للشؤون العامة في الشركة السعودية للكهرباء في اتصال هاتفي سابق مع «الشرق الأوسط»، أن الشركة السعودية بدأت تعاونها مع وزارة التربية والتعليم منذ أن كانت تسمى بـ«وزارة المعارف»، وهناك لجنة مشتركة، تقوم بإصدار بيان سنوي في ما يخص المباني المستأجرة.

وقال يمني، آنذاك، في رسالة وجهها للمباني المستأجرة: «إنه لا ينبغي زيادة أعداد الأحمال إلا بعد التنسيق مع الشركة السعودية للكهرباء، وإنها لا ينبغي أن تزيد من قاعاتها وصفوفها وأروقتها إلا بعد التنسيق المباشر والمتواصل مع الشركة السعودية للكهرباء».

وضرب نائب الرئيس للشؤون العامة في الشركة السعودية للكهرباء مثلا في ما يتعلق بشراء منزل ومن ثم استئجاره وتحويل المبنى في ما بعد لمبنى حكومي في شكل مدرسة، وهو تحويل غير موفق في حال رفع الأحمال دونما الرجوع لشركة الكهرباء، بسبب ما سماه بالمشاكل التي قد تنبثق جراء ذلك.

ووضح يمني أن بعض المنازل لها تصاميم معينة ولا تصلح أن تكون مدارس، وهذا التحول هو الذي يصاحبه كثير من المشاكل الفنية، كونها بالأساس أحمالا ذات طبيعة معينة، وتحولت في ما بعد لمدرسة لها طبيعتها المختلفة، رغم حاجتها إلى إعادة رسم فني من جديد وتأهيل معماري، وإيجاد مخارج طوارئ وكهرباء ووسائل سلامة لتكون مدرسة آمنة في هذا السياق.

وكانت الشركة السعودية للكهرباء قد دعت إدارات المدارس للتنسيق معها قبل العمل على زيادة الأحمال الكهربائية داخل المدارس، مؤكدة اهتمامها بتوفير الخدمات الكهربائية المستقرة لمختلف المدارس في مختلف البلاد انطلاقا من حرصها على انسياب العملية التربوية وضمان السلامة العامة.

وأكدت الشركة أهمية التنسيق المسبق مع الشركة قبل زيادة الأحمال داخل المدارس، خصوصا أن ذلك من شأنه أن يسهم في تلافي حدوث الانقطاعات التي قد تحدث، مشددة على استعدادها، الذي وصفته بـ«التام»، لاستبدال عدادات المدارس المستأجرة وزيادة سعتها لكي تتواءم مع الأحمال الفعلية لها.

وهنا، ذكر نائب الرئيس للشؤون العامة في الشركة السعودية للكهرباء أنه تم الاتفاق بين وزارة التربية والتعليم والشركة على اتباع آلية محددة للتعامل بسرعة مع طلبات تقوية العدادات الخاصة بالمدارس المستأجرة بسعات أكبر، إضافة إلى التأكيد على وجوب قيام الوزارة بالتأكد من صلاحية التمديدات الكهربائية الداخلية والخطوات الواجب اتخاذها قبل وبعد استئجار تلك المدارس.

وبالعودة إلى العميد عبد الله الجداوي، فقد أشار إلى أن الدفاع المدني خلال الأشهر الـ3 الماضية باشر نحو 1801 حالة حريق في جدة، حيث بلغت حوادث الحريق في شهر شوال ما يقارب 720 حادثة، بينما وصل عدد الحرائق في شهر ذي القعدة إلى 491 حريقا، إلى جانب 590 أخرى باشرتها فرق الدفاع المدني الشهر الماضي.

وأفاد بأن حرائق المخلفات والنفايات شكلت النسبة الأكبر من إجمالي عدد الحوادث التي تمت مباشرتها خلال شهر الحج، إذ بلغ عددها نحو 270 حادثة وبنسبة وصلت إلى 45.76 في المائة، في حين بلغ عدد حرائق المنازل 107 بنسبة 18.14 في المائة.

وأضاف: «باشرنا أيضا خلال الشهر الماضي حالة حريق واحدة في إحدى الشقق المفروشة ومثلها في عيادة طبية، فضلا عن 31 حادثة حريق بمحلات تجارية شكلت ما نسبته 5.25 في المائة، وحريقين في منشآت تعليمية، ومثلهما داخل محطات وقود، و66 حادثة حريق في سيارات، التي بلغت نسبتها 11.19 في المائة».

ومما لا شك فيه أن ملفات تلك الحرائق تتم إحالتها إلى الشرطة في حال التأكد من وجود شبهات جنائية وراء أي حريق منها، إلا أن الدفاع المدني أكد عدم وجود إحصائية دقيقة حول عدد الحوادث ذات العلاقة بأي شبهة جنائية.

من جهته، أكد الملازم أول نواف البوق، المتحدث الرسمي المكلف في شرطة جدة، أن الحرائق العرضية تعد أكثر الحوادث حضورا، التي تتضمن انهيار مبنى قديم أو عداد كهربائي أو سلك متهالك، نافيا في الوقت نفسه كثرة الحرائق ذات الشبهات الجنائية في ظل بقائها ضمن المعدلات الطبيعية التي لم يفصح عنها.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة حرائق جنائية باشرتها فرق الدفاع المدني وتمت إحالتها إلى الشرطة، التي تتخذ فيها بدورها الإجراءات اللازمة، غير أنها تعد محدودة جدا وأشبه ما تكون بـ(عنق الزجاجة)»، لافتا إلى أنه في حال توفر القصد الجنائي، فإن رجال التحقيق التابعين للشرطة يشرعون في معرفة أسباب الحادثة وفق نظام الإجراءات واللوائح المتفق عليها.

واعتبر أن الحرائق الجنائية في السعودية «نادرة جدا» والمتمثلة في إحراق سيارة أو مبنى أو مدرسة أو منزل، مبينا أن أغلب الحرائق التي تتم إحالتها من قبل الدفاع المدني عادة ما تكون بسبب ماس كهربائي أو حادث كيميائي، وهي ما تسمى بـ«الحوادث العرضية».

هذا العام، لم تستقبل محافظة جدة موسم الشتاء بالأمطار مثل كل سنة، وإنما استقبلته بحريق شهده مستشفى سليمان فقيه خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذي على أثره فتحت السلطات الأمنية تحقيقا جديا فيه، حيث نشب في إحدى حجرات الطابق الرابع، ليتم إخلاء جميع المرضى الراقدين في الجناح والبالغ عددهم 19 مريضا، ونقلهم إلى مبنى مجاور تابع للمستشفى.

وتعود تفاصيل الحريق لاشتعال كنبة مجاورة للسرير الواقع في الحجرة رقم 4044 بالطابق الرابع، التي كان يرقد فيها أحد المرضى النفسيين، غير أنه خرج من المستشفى قبل نشوب الحريق بساعات.

وهنا، علق مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة قائلا: «لم تكن في الحريق أي شبهة جنائية، وإنما هو عبثي نتج عن دخول أحد المرضى النفسيين، على اعتبار أن الجناح مخصص للأمراض النفسية، إلى تلك الحجرة الفارغة وأشعل سيجارة ليتسبب في نشوب الحريق».

وقبل تلك الحادثة بيومين، باشرت فرق الدفاع المدني حريقا اندلع في مكتب تابع لدار الرعاية الاجتماعية للأيتام الواقع في حي النزهة، غير أنه لم يتم فتح ملف التحقيق فيه باعتبار أن أسبابه واضحة.

وبحسب ما أبان الجداوي، فإن سبب الحريق كان نتيجة ماس كهربائي في المكيف داخل المكتب، الذي على أثره تم إخلاء نحو 26 سيدة ونقلهن إلى مبنى آخر تابع لدار الرعاية الاجتماعية.

وأكد في ذلك الوقت أن معدلات الحرائق في محافظة جدة انخفضت كثيرا، وذلك بالتزامن مع انتهاء موسم الصيف، مضيفا: «إن هذه الفترة تعد هادئة جدا من حيث نشوب الحرائق».

وخلال شهر نوفمبر الماضي، سجلت محافظة جدة عدة حرائق، كان أولها حريقا مفاجئا لحافلة على طريق الحرمين (شرق جدة) أثناء توجهها من مطار الملك عبد العزيز الدولي إلى مكة المكرمة، حيث أسفر عن وفاة حاج بريطاني وزوجته، ووفقا للعميد عبد الله القرني الذي أكد أن فرق الدفاع المدني تحركت فور تلقيها البلاغ وتمكنت من إطفاء النيران وتم اكتشاف جثتين متفحمتين تبين لاحقا أنهما لرجل وزوجته في العقد الخامس من عمرهما.

بينما لقيت فتاة بالغة من العمر 13 عاما حتفها في الـ25 من نوفمبر الماضي وأصيب رجل وامرأتان في حريق شب بمنزل شعبي مكون من طابقين في حي غليل جنوب محافظة جدة، وأكد المقدم العمري أن الفتاة احتجزت في الطابق العلوي وعلى الفور هرعت للموقع 4 فرق إطفاء وإنقاذ وقامت بإخلاء المنزل من السكان.

الـ28 من نوفمبر، سجل اندلاع حريق في شقة سكنية بجدة نتج عنه وفاة امرأة وطفليها وإصابة أشخاص آخرين، ووفقا للمقدم عبد الله العمري، الناطق الإعلامي في إدارة الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة، فإن عمليات الدفاع المدني في جدة تلقت بلاغا حول نشوب حريق في شقة سكنية بالطابق الثالث لإحدى العمائر السكنية في حي الفيصلية توفي خلاله امرأة وطفلاها وإصابة بعض الأشخاص باختناق إثر انتشار الدخان الكربوني.

وفي الـ30 من نوفمبر الماضي أيضا، تسبب حريق مستودع في انقطاع التيار الكهربائي عن عدد من أحياء جدة، حيث أدى الحريق الذي اندلع بأحد المستودعات المكشوفة الواقعة في حي قويزة إلى انقطاع التيار الكهربائي عن عدد من الأحياء السكنية نظرا لارتفاع ألسنة اللهب في السماء مما تسبب في اشتعال تمديدات الكهرباء الهوائية دون أي خسائر بشرية.

ولعل حريق مدارس «براعم الوطن» كان الأبرز على الإطلاق خلال الفترة الماضية، لا سيما أنه اندلع في مجمع يحوي ما لا يقل عن 900 طالبة ومعلمة ومنسوبة، عدا عن وقوع نحو 59 حالة مصابة و3 وفيات، إلى جانب مشاعر الذعر التي انتابتهن لتخلق مشاهد مروعة أمام المتجمهرين والمتمثلة في الإلقاء بأنفسهن من الطوابق العليا للمبنى.

وفي هذا الشأن، كانت إدارة الدفاع المدني قد أصدرت بيانا أوضحت فيه حقائق وملابسات حادث حريق مدرسة «براعم الوطن» الأهلية في محافظة جدة. وقالت إن البلاغ بحدوث الحريق ورد إلى غرفة عمليات الدفاع المدني من إحدى معلمات المدرسة عند الساعة الثانية عشرة والدقيقة السابعة والخمسين من ظهر يوم السبت الموافق 19 من نوفمبر، بينما كانت إحدى محطات الإذاعات تستشهد بمعلمة ذكرت أنها اتصلت على الرقم 999، وهو ليس رقم الدفاع المدني، وأبلغت عن الحادث، وحينما ورد البلاغ من غرفة عمليات الدوريات الأمنية كانت هناك مجموعة من البلاغات التي وردت قد سبقت ذلك، وكانت فرق الدفاع المدني قد وصل البعض منها لموقع الحادث والآخر كان قريبا منه.

وأشار بيان المديرية إلى أن الادعاء بأن فرق الدفاع المدني قد تأخرت عن مباشرة الحادث هو ادعاء مرفوض، ومردود على كل من أورده، وأردف: «نحن مجندون للعمل على مدار الساعة، ومهنتنا التي أدينا القسم عليها أمام ولاة الأمر تحتم علينا سرعة التجاوب، وليست لنا أي مصلحة في التأخر». وواصل: «ثم إن هناك أجهزة تسجيل توثق كل ما يجري وما يدور منذ لحظة تلقي البلاغ وحتى الانتهاء من الحدث مرورا بكل تفاصيل العمليات وما يجري على أرض الواقع، وهذه الأجهزة لا يمكن لأحد كائنا من كان أن يتدخل في عملها بالتعديل أو الحذف أو الإضافة، وفيها ما يثبت سرعة التجاوب والمباشرة للحدث».

وجاء في البيان أن فرق الدفاع المدني وصلت، ومن أكثر من اتجاه، لموقع الحادث بعدد 23 فرقة إطفاء وإنقاذ وإسعاف وسيارتا سلالم و3 طائرات عمودية، وأعلنت في اللحظات الأولى للحادث حالة «بلاغ طبي أحمر»، وهذا الإعلان يعني الإدراك التام لأهمية الحادث وخطورته، وهو يعني مشاركة أكثر من جهة في التعامل معه.

وبينت الإدارة أن الجهات المشاركة تمثلت في الشؤون الصحية التي شاركت بعدد كبير من سيارات الإسعاف والفرق الطبية الميدانية التي تقدم الإسعافات الأولية في الموقع مباشرة، كما قامت بإعلان حالة الاستنفار العام لمستشفيات المحافظة لاستقبال الحالات المصابة، وهيئة الهلال الأحمر السعودي شاركت بما يزيد على 20 سيارة إسعاف، وفرق طبية ميدانية، تقوم بتقديم الإسعافات الأولية في موقع الحدث، إضافة إلى طائرتي إسعاف جوي، كما شاركت جهات أخرى مساندة.

وقالت إن كل هذا الأمر وهذه المشاركات تمت بناء على ما سبق إعداده وتنظيمه ضمن خطط مواجهة الحالات الطارئة التي يعدها الدفاع المدني مسبقا، مفيدة بأنه من الطبيعي جدا أن تكون هناك عمليات إخلاء وإنقاذ ومحاولات سيطرة على الحريق في اللحظات الأولى لوقوع الحدث من قبل الموجودين بالموقع والمحيطين به لحين وصول فرق الدفاع المدني، وهذا الأمر لم يحدث في حادث المدرسة فقط، بل وفي كل المواقع التي تتعرض للحوادث في كل أنحاء العالم، سواء حوادث المدارس أو المنازل أو المركبات أو غيرها.

وأضاف البيان أن «الحريق كان في مجمله في مساحة لا تتجاوز 8×6 أمتار في قبو المدرسة، ولم يصل إلى الطوابق العلوية إطلاقا، بل ولم يصل إلى مرافق أخرى تقع ضمن القبو ومجاورة له، ومما يؤكد صحة ما ذهبنا إليه أننا لم نستخدم سوى فرقة إطفاء واحدة للسيطرة على الحريق من أصل 8 فرق تقف على أهبة الاستعداد خارج أسوار المدرسة».

وقال: «لقد غابت عن الكثيرين معلومة مهمة، بل وعلى قدر كبير من الأهمية، أن الخطورة لا تكمن عادة في عملية الاحتراق، بل إن الخطورة الحقيقية في ما ينتج عن الحريق وما يعرف في مصطلحات علوم الحرائق بـ(نواتج الحريق)، وهي الأشد خطرا وضررا على المحيطين بها لاحتوائها على غازات سامة وخانقة، وأنها تسبب حالات إغماء ووفاة لمن يتعرض لها في غضون 3 إلى 5 دقائق فقط، وهذه الأدخنة والغازات هي أيضا ما يساعد على بث الذعر والهلع بين قاطني المنشأة لإعاقتها للرؤية وتغيير النمط السلوكي لمن يتعرض لها، وبالتالي تفقده القدرة على السيطرة والتركيز».

وأفادت الإدارة بأن معظم، إن لم يكن جميع، الحالات المصابة كانت قد نتجت عن السقوط أو التدافع، ولم تكن هناك أي حالة قد تعرضت للحرق المباشر، بل لفحات حرارية بسيطة نتيجة حالة الهلع التي سادت الموقع، مبينة أن المدرسة كانت تحوي لحظة وقوع الحادث ما يزيد على 600 طالبة من أصل 900 هن عدد الطالبات، وأعضاء هيئة التدريس بها والعاملات، وقد تم إخراجهن من خلال استخدام مخارج الطوارئ بالمبنى، والبعض الآخر تم إنقاذهن عبر النوافذ باستخدام السلالم، كما تم إنقاذ ما يزيد على 70 حالة من فوق سطح المبنى باستخدام الطائرات العمودية وسيارات السلالم.

وقالت إن اللجنة المشكلة بأمر أمير منطقة مكة المكرمة والمؤلفة في عضويتها من 5 جهات حكومية عملت على البحث والتحري وجمع المعلومات وصولا للأسباب الرئيسية والحقيقية للحادث، وخلصت إلى أن هناك بعضا من الطالبات، وعددهن 5 طالبات أعمارهن ما بين الثالثة عشرة والخامسة عشرة، هن من قمن بعملية الإشعال من خلال إقرارات موثقة شرعا وبحضور أولياء أمورهن جميعا ومن دون استثناء، وبعض من أعضاء هيئة التدريس، ولم تنته لجان التحقيق إلى ذلك فقط، بل ما زالت مستمرة في أعمالها لاستكمال إجراءات التحقيق.

ودعت مديرية الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة في ختام بيانها الجميع إلى تحري الدقة والمصداقية واستقاء المعلومات من مصادرها الصحيحة والموثوقة لتقديم معلومة مفيدة بدلا من الإثارة والتشويش، مشيرة إلى أنها ستعلن لاحقا ما ينتهي إليه التحقيق بشكل واسع ومفصل.

نتائج التحقيق في حريق «براعم الوطن» التي أظهرت تسبب نحو 5 فتيات في اندلاعه بعد أن كن يعبثن بهدف معرفة مدى فاعلية أجهزة الإنذار الموجودة في المدرسة، لم ترضِ بعضا من أفراد المجتمع كونهم يشككون في مدى مصداقيتها، معتبرين أنها مجرد حجة للتستر على المتورطين الحقيقيين. وهنا، استنكر مدير إدارة الدفاع المدني التشكيك في نتائج التحقيقات قائلا: «كثرت شائعات حول ذلك الأمر، غير أن التحقيق في الحادثة تم من قبل لجنة كاملة، إضافة إلى أن تلك اللجنة لم تتبع أي أساليب في الضغط على الطالبات أثناء لقائهن، خصوصا أن عملها لم يتعد أخذ إفاداتهن بحضور أولياء أمورهن»، مؤكدا وجود أكثر من جهة تتابع أعمال اللجنة في ظل صعوبة جمع المعلومات على مدى 4 أيام متتالية.

وفي ما يتعلق بمدى محاسبة هؤلاء الفتيات قانونيا، أوضح العميد عبد الله الجداوي أن ذلك الأمر لدى الحاكم الإداري وهو من يحدد إحالتهن إلى المحكمة من عدمه، ولكنه استدرك قائلا: «ثمة دور للأحداث التي تعمل على التهذيب والإصلاح، خصوصا أن الكثير من القاصرين يرتكبون الجرائم بدافع العبث أو التسلية أو لفت الانتباه وليس من منطلق إجرامي».