ناشطات سعوديات يتخوفن من إثارة موضوع صرف رواتب لـ«ربات البيوت»

توجسن من دوره في «التشجيع على عدم العمل».. وتساءلن عن فاعلية المقترح مع انتشار الخادمات

TT

لم يكن المقترح الذي تبناه ملتقى «المرأة السعودية ما لها وما عليها» الذي أقيم في الرياض أول من أمس، هو الأول من نوعه في المطالبة بصرف راتب شهري منتظم لربات البيوت في السعودية، حيث أعاد الملتقى إثارة هذه الفكرة التي رغم جاذبيتها للكثير من السيدات فإنها لقيت انتقادات عدة من ناشطات في شؤون المرأة، وجدن أنها قد تصيب حركة المرأة بالتقاعس في النواحي المهنية والعلمية.

وكانت «الشرق الأوسط» قد نقلت أمس تساؤل الدكتور مرزوق العسير، رئيس قسم الأنظمة بجامعة نجران، خلال الملتقى حول الأصل في حياة المرأة المسلمة بأن تكون ربة منزل، والاستثناء في ذلك، مناديا بضرورة تقديم رواتب مالية للنساء لبقائهن في المنزل، في حين نقلت وسائل إعلام أخرى بأن الملتقى أوصى بـ«باعتبار ربة المنزل امرأة عاملة، لما تقوم به من عمل جليل، للحفاظ على كيان الأسرة وصون أمن المجتمع».

أمام ذلك، اعتبرت الكاتبة السعودية الدكتورة ثريا العريض في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذا المقترح «يشجع على عدم عمل المرأة»، مضيفة بقولها: «سبق وأن طرحت الفكرة في ورشة عمل مغلقة بالرياض، بعيدا عن وسائل الإعلام، وضمت خبيرات ومتخصصات وسيدات أعمال ونساء من مختلف القطاعات، وكان التساؤل: هل نعطي المرأة راتبا شهريا وتبقى في البيت؟ وتم بحث الفكرة، وأنا شخصيا أرى فيها تشجيعا على عدم عمل المرأة».

وتابعت العريض حديثها بالقول: «إذا اعتبرنا هذا الراتب بديلا لما تتكبده المرأة العاملة عند جلوسها في البيت، فهنا تعطى الراتب الذي كانت تأخذه في عملها نظير حضانة الأطفال، بحيث تبقى وظيفتها لها وتعود إليها بعد سنتين مثلا، هنا تكون الفكرة جيدة، أما أن تعطى مكافأة مالية ثابتة لكل النساء ولكل امرأة تحمل وتلد وتجلس بالبيت فهذا فيه تشجيع على كثرة الإنجاب، ويدفعنا للتساؤل عن انتشار الخادمات داخل البيوت السعودية، فعلى أي أساس يتم إعطاء المرأة التي لديها خادمة؟».

وهنا ترى الدكتورة أميرة كشغري، وهي أكاديمية وإعلامية ناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة، أن الفكرة جيدة في حال «كان للمرأة أبناء وليس لديها خادمة أو طباخ ومن يقوم محلهما بالخدمة المنزلية»، وأضافت خلال حديثها الهاتفي لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «لا أرى بذلك إشكالية، لأني أعتقد عمل المرأة داخل الأسرة من أكثر الأعمال إنتاجية، لأن فيه تربية للأبناء واهتماما بالأسرة»، مشيرة إلى أن البعض قد يعترض على الفكرة بالنظر لكونها تكرس من اتكالية المرأة ودفعها لعدم العمل.

وتعود الدكتورة ثريا العريض للتحدث عن تجربة السويد والنرويج بهذا الجانب، قائلة: «هذه الدول الاشتراكية عندما أعطت المرأة بدلا ماليا نظير بقائها في البيت فترة الحضانة، فذلك بالنظر إلى أن معدلات الإنجاب لديهم قليلة جدا، مما يعني أن المرأة في تلك البلدان ستستحق هذه المكافأة مرتين - مثلا - في عمرها، وهذا ما لا يمكن مساواته بوضع الإنجاب في المجتمع السعودي».

وأكدت العريض على أن مقترح صرف مكافأة مالية ثابتة لربات البيوت السعوديات من شأنه كذلك أن ينعكس على الجانب الأسري، بقولها: «الرجل قد يتقاعس عن الصرف على الأسرة بسبب ذلك، وقد يرى في المبلغ الممنوح مصدرا لدعمه ماديا»، وشددت على أن هذا الموضوع له أبعاد أخرى تحتاج إلى الدراسة، على الرغم من جاذبية الفكرة للوهلة الأولى بالنسبة للنساء عموما.

من جهتها أبدت مريم العيد، وهي مديرة منتدى تواصل الثقافي النسائي بالقطيف، رأيا مخالفا في دعمها المطلق للمقترح، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إذ قالت: «أنا أؤيد ذلك ولا أرى فيه صرفا للمرأة عن العمل خارج المنزل، إلى جانب أن المرأة لها دور كبير داخل الأسرة، وربة المنزل لم تجلس في البيت إلا لظروف ربما منعتها عن العمل أو الدراسة».

وفي حين يرى البعض ضرورة وضع ضوابط تتضمن عمر ربة المنزل وعدد الأبناء ومدى وجود خادمة في البيت من عدمه، ترى العيد ضرورة «المساواة بين جميع ربات البيوت»، معتقدة أنه ليس من العدل أن يتم صرف مكافأة مالية ثابتة لإحداهن دون الأخرى، وأضافت: «جميع السيدات يقمن بذات الدور داخل المنزل، سواء التي لديها أطفال أو لا». يشار إلى وجود حملة إلكترونية أطلقها مطالبون بإعطاء رواتب لربات البيوت في السعودية، في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، عبر شبكات التواصل الاجتماعي («فيس بوك» و«تويتر»)، حيث يرى القائمون عليها ضرورة صرف مبلغ 2000 ريال كمكافأة شهرية لربات البيوت، وهو ما قالوا إنه يأتي «تقديرا للجهد الضخم الذي يمارسنه داخل بيوتهن، وحدا من ظاهرة الطلاق والمشكلات الأسرية التي تقع أحيانا بسبب القضايا المالية».