وزارة الثقافة والإعلام تتطلع إلى صياغة استراتيجية شاملة للثقافة تواكب النهضة

مع انطلاق ملتقى المثقفين الثاني.. وتشمل صناعة الكتاب واستثمار العلاقات الدولية والتبادل الثقافي بين الشعوب

د. ناصر الحجيلان و مركز الملك فهد الثقافي الذي سيحتضن الفعاليات يوم الاثنين المقبل
TT

تزمع وزارة الثقافة والإعلام السعودية صياغة استراتيجية شاملة للثقافة في السعودية، تواكب النهضة التي تعيشها البلاد في شتى الميادين، واستثمارها في العلاقات الدولية من أجل الانتفاع من التراكم المعرفي لدى الأمم وتسخير الانفتاح العالمي لخدمة الثقافة من جهة، ولتقديم صورة واقعية عن الثقافة السعودية أمام العالم من جهة أخرى.

وفي هذا الإطار، تستعد الوزارة لإطلاق فعاليات ملتقى المثقفين الثاني في رحاب مدينة الرياض بمركز الملك فهد الثقافي يوم الاثنين المقبل، حيث يستمر لمدة أربعة أيام لدراسة ومناقشة الأفكار والآراء التي تساعد الوزارة في صياغة هذه الاستراتيجية الثقافية.

من جهته، أكد الدكتور ناصر الحجيلان، وكيل الوزارة للشؤون الثقافية، أنه ستجري في هذا الملتقى مناقشات وحوارات مع المثقفين من خلال أوراق العمل التي تقدمها نخبة من المفكرين والأساتذة والمسؤولين وكذلك الخبراء من داخل المملكة وخارجها.

وتتناول أوراق الملتقى عددا من المجالات الثقافية التي تشمل صناعة الكتاب، ونشر الوعي الثقافي، واستثمار العلاقات الدولية والتبادل الثقافي بين الشعوب من أجل الانتفاع من التراكم المعرفي لدى الأمم، وتسخير الانفتاح العالمي لخدمة الثقافة من جهة، ولتقديم صورة واقعية عن الثقافة السعودية أمام العالم من جهة أخرى.

وتركز محاور الملتقى على الاستفادة من الخبرات العربية والدولية في التنمية الثقافية من أجل إعطاء العنصر الثقافي أهميته في كل عمل إنمائي، إلى جانب إجراء حوار ثقافي واسع بين الشعوب والأفراد يراعي احترام مقومات الهوية الثقافية، ومعتمدا على التنوع والتكامل بين الحضارات من منطلق وحدة القيم البشرية الجوهرية التي تجمع الناس.

كما يتناول الملتقى موضوعات حيوية عن تطوير المكتبات العامة وتكوين المراكز الثقافية، وإنشاء المهرجانات والأسواق الثقافية القديمة، والاستفادة من المعطيات المحلية لكل منطقة لإحياء دور المواقع والأحداث الثقافية ذات البعد التاريخي ومراعاة المستجدات التي تخدم العمل.

إضافة إلى ذلك، يتطرق الملتقى إلى البحث في السبل والوسائل الحديثة للنهوض بثقافة الطفل وجعلها في مكانة متقدمة ضمن اهتمامات الأسرة والمجتمع، وإيجاد البرامج والخطط لصقل مواهب الطفل وتنمية قدراته العقلية والفنية.

ويبحث الملتقى كيفية إبراز الفنون التشكيلية والأدائية والموسيقية والشعبية، ودراسة أساليب التشجيع والجوائز الأدبية التي من شأنها تقدير المنجز والتحفيز على العطاء. كما يعطي هذا الملتقى اهتماما للمرأة بتخصيص محور لها يناقش مختلف القضايا الثقافية التي تساعد الوزارة في تطوير العمل ورسم هيكل ذكي يستثمر الكفاءات والقدرات الوطنية ويبرز المنجز الثقافي بآليات وأدوات حديثة قادرة على التواصل مع الجميع.

وأوضح الحجيلان أن الثقافة معطى إنساني لا يعرف السكون ولا الجمود في مكان أو زمان معين، لكن المكان والزمان يعطيان أي ثقافة نكهة خاصة تضفي عليها السمات المحلية الجذابة، وتظل الثقافة في حركة دائمة وانتشار مستمر لأنها نتاج تفاعل وتمازج مجموعة من العوامل الذاتية والخارجية.

وأشار إلى أن الوزارة تضع هذه الخصائص في اعتبارها وتحاول استثمار الثقافة لأنها المدخل الأمثل لإحداث تغييرات إيجابية في أذهان الشعوب ونفوسهم وسلوكهم، ولا يحدث ذلك ما لم تكن هناك استراتيجية شاملة واضحة المعالم يساهم فيها الجميع لكي يكونوا شركاء في بناء التكوين الثقافي وفي التخطيط للعمل وفي اقتراح أدوات التطوير.

يأتي ذلك، في الوقت الذي تعنى فيه الوزارة بالشراكة مع القطاعات الأخرى ببناء الإنسان والارتقاء بالموارد البشرية، لتملس الحاجات الفعلية الواقعية التي يتطلبها العصر وإيجاد الحلول للتغلب على الثغرات وملء الفراغ لهذه المتطلبات خلال فترة زمنية محدودة وبمعدلات موضوعية يمكن قياسها والتحقق منها.

وأضاف الحجيلان أن «أي خطة عمل لا بد أن تضع في الاعتبار البيئة والإنسان والمادة الثقافية، وحينما تكون خطة ثقافية، فهذا يتطلب كذلك دخول مجموعة من العوامل المرتبطة بالهوية الثقافية التي تؤدي دورا أساسيا في ربط مكونات الأمة، وهذه العوامل أساسية في أي عمل ثقافي تتوافق عليه مؤسسات المجتمع وجماعاته وأفراده، بهدف ترسيخ الوجه الحقيقي للحياة والسلوك والمنجزات».

ومن ضمن اهتمامات الملتقى الاستفادة من العقول والخبرات للمشاركين والمتفاعلين والحاضرين للوصول إلى الأفكار والتصورات الهادفة إلى الكمال المطلوب عن طريق العلم لاستخلاص أحسن ما في الفكر الإنساني مما يؤدي إلى رقي البشرية وازدهار الحضارة.

إلى ذلك، وضعت وكالة الوزارة للشؤون الثقافية مجموعة لجان عاملة تابعة للملتقى للقيام ببلورة الأفكار عبر سلسلة من الإجراءات التنفيذية التي ستعرض ضمن توصيات الملتقى، ومن المؤمل أن يصل المجتمعون فيه إلى نقاط مشتركة تضع الثقافة محورا لعملية التنمية، وتجعل البعد الثقافي مكونا أساسيا في تطوير عملية النهضة في السعودية، مع مراعاة جانبين متداخلين؛ أحدهما مواصلة العناية بالتراث الثقافي المحلي، والثاني تعزيز البعد العالمي للثقافة.

كما يأمل الحجيلان أن تساعد طروحات الملتقى الوزارة على تحقيق أهدافها في تشجيع الإبداع وتوسيع دائرة المشاركة في الحياة الثقافية باقتراح استراتيجيات لدفع حركة الإبداع ورعاية المواهب الواعدة، والنظر في سبل ضمان المشاركة المتوازنة للمبدعين وفتح المجالات الثقافية لجميع شرائح المجتمع لتكون الثقافة الإيجابية ذات تنوع وثراء وتصبح أمرا مشتركا يعزز التلاقي وينمي الحوار ويزيد من قيمة التفاعل بين كافة أطياف المجتمع ويعمق، في الوقت نفسه، الثقافة العلمية القائمة على المنطق من خلال البحث والدراسة الدقيقة لأي جانب من جوانب الحياة.

يشار إلى أن طاقم مسرحية «الأجساد» كان قد أنهى استعداده للمشاركة في هذا الملتقى الذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين ويفتتحه وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجه بحضور 1000 مثقف من مختلف مناطق المملكة.

وتتناول المسرحية العلاقة بين الجماهير والنخب، مركزة على سلطة النخبوي إزاء الجماهيري، وذلك من خلال ثلاث شخصيات بلا ملامح سوى أن إحداها على شكل تمثال ذهبي، والثانية على شكل تمثال فضي، والثالثة على شكل تمثال نحاسي، وتتحرك هذه الشخصيات (التعبيرية) من خلال أقفاص زجاجية داخل متحف أثري.