طلاب «عمارة البيئة» يساهمون في خفض استهلاك الكهرباء بتوسيع الغطاء الأخضر في جدة

عبر توزيع تصاميم مجانية وتنفيذ 90 حديقة

TT

بادر طلاب من قسم عمارة البيئة بتنفيذ تصاميم مجانية لزوار المعارض والمراكز التجارية، بهدف تشجيعهم على إنشاء مساحات خضراء، حيث نفذ الطلاب أكثر من 90 حديقة منزلية مجانا توفر ما يقارب 400 ألف ريال في حال تنفيذها لدى مكاتب متخصصة، لا سيما وأن تكلفة التصميم الواحد تتراوح بين 25 - 50 ألف ريال.

وأكد مهند الدويغري، طالب في جامعة الملك عبد العزيز قسم عمارة بيئية، أن مفهوم الحدائق المنزلية والمساحات الخضراء لم يعد مقتصرا على المنازل ذات المساحات الواسعة أو القصور والفيلات ومداخل المباني، بل انتشر ليصل إلى الشقق السكنية الصغيرة وأسطحها وحتى النوافذ.

وبيّن أن طلاب عمارة البيئة قرروا العمل على توعية المجتمع بكيفية استغلال الفراغات والمساحات الصغيرة سواءً داخل المنزل أو خارجة، مشددين على أن صغر المساحات لم يعد عائقا أمام وجود حديقة صغيرة أو ركن أخضر في إحدى زوايا المنزل.

وأشار الدويغري إلى ملاحظتهم، من خلال مشاركتهم في المعارض والمناسبات الاجتماعية، جهل كثير من الناس بأهمية وجود الحديقة المنزلية والمساحة الخضراء، لا سيما وأن صغر مساحة المنزل يجعل معظم الأسر يغفلون عن وضع تصميم خاص بالحديقة في مخططاتهم وتحديد أماكن زراعتها. وأوضح الدكتور أشرف التركي رئيس قسم عمارة البيئة بجامعة الملك عبد العزيز بجدة لـ«الشرق الأوسط» ضرورة أن يطالب الشخص بتصميم حديقة عند إنشاء أي مخطط سواء لمنزل أو فيلا أو حتى مجمع سكني، بشكل علمي مدروس يحدد من خلاله المواقع والمساحات والمسافات القصوى للمشي والوصول إلى الحديقة.

وبيّن رئيس قسم عمارة البيئة في جامعة الملك عبد العزيز أن وجود الحدائق المنزلية له دور كبير في تخليص المجتمع من معظم المشكلات التي يعاني منها، خصوصا الاجتماعية والثقافية وحتى العاطفية، وقال: «يعاني المجتمع الآن من مشكلات ثقافية وعاطفية وأسرية، الأمر الذي جعلنا في هذه الفترة الزمنية نبحث عن سبل العودة إلى الماضي وإلى بيئتنا الإنسانية الطبيعية التي يمكن أن نعيش فيها».

وأضاف: «نحن في العصر الحديث نؤمن جدا بالتكنولوجيا والتقنية والقوة الإنشائية في المباني والخرسانة والحديد، وأهملنا الناحية الجمالية والروحانية، لذلك أصبحنا نعاني من كل هذه المشكلات»، لافتا إلى ضرورة التوعية، لا سيما أن مفهوم الحديقة خرج من الجزيرة العربية ومن ثم انتقل إلى جميع أنحاء العالم»، متسائلا: «كيف أصبحت الآن مهملة ومتروكة في مجتمعنا؟».

واستطرد التركي: «لقد تعبنا من أنظمة البناء الحديث التي أبعدتنا عن بيئتنا الطبيعية وحياة آبائنا وأجدادنا الغنية بالفكر البيئي والمعماري المتميز الذي كان ولا يزال مادة غنية لكل الأبحاث المحلية والعالمية».

وحول فوائد هذه المساحات الخضراء بيّن أنها ذات تكلفة بسيطة ونتائج مفيدة، خصوصا في خفض الاستهلاك الكهربائي، موضحا أنه عند وجود حديقة حول المنزل أو على السطح والشبابيك تعمل على وجود عازل أو حاجز طبيعي من الحرارة، الأمر الذي يعني تخفيض الضغط على التكييف لأن الجو سيبدو معتدلا.

مشاركة الطلاب في المعرض ونزولهم لأماكن تجمع الناس تعتبر تجربة قيمة، لا سيما وأنها تمكنهم من التعرف على جهات عمل ومسؤولي الشركات والمعارض التي تعمل في نفس المجال، وقال التركي: «هذه المشاركات تعتبر قيمة للطلاب والمجتمع، حيث تعمل على توفير فرص عمل لهم من خلال تعرفهم أصحاب والشركات والمؤسسات والحدائق ذات الاهتمام بهذا المجال.

واستطرد التركي: «كما يقوم الطلاب من خلال مشاركاتهم بتعريف المجتمع بعمارة البيئة والمقاييس المختلفة التي يمكن أن يعمل فيها الطالب، بدءا من مرحلة التخطيط البيئي إلى مرحلة تصميم الموقع وإعداد الرسومات والمواصفات التي تؤهل المشروع إلى التنفيذ ومن ثم المرحلة الأخيرة والأهم، وهي صياغة برنامج إدارة المشروع وصيانته»، مشددا على أن هذه المرحلة مهمة جدا لأن معظم المشاريع تبدأ بعملية تخطيط وتصميم دون التطرق إلى عمل تصميم لبرنامج إدارة وصيانة وتشغيل المشروع، الأمر الذي يؤدي إلى تدهوره.

وحول تخصص عمارة البيئة أوضح التركي أن قسم عمارة البيئة في الماضي منذ أن تم إنشاؤه بجامعة الملك عبد العزيز عام 1976 كان يعاني من قلة إقبال الطلاب عليه نظرا لعدم معرفتهم بأهمية التخصص، وكان يتخرج منه ما يقارب 8 طلاب سنويا، وأضاف: «إلا أن الوضع الآن اختلف بعد أن انتشر التخصص في البيئة الجامعية وخارجها بشكل كبير، فأصبح عدد الخريجين أكثر من 30 طالبا سنويا»، لافتا إلى أن أكثر من عشرين طالبا لهذا العام كان اختيارهم الأول عمارة بيئة، وأغلبهم من الطلاب المتميزين والمتفوقين في السنة التأسيسية.

كما أشار التركي إلى علاقة عمارة البيئة بالهندسة المعمارية وأنهما تخصصان يكمل بعضهما بعضا، حيث قال: «خريجو قسم الهندسة المعمارية في الخارج بعد حصولهم على البكالوريوس يستكملون دراستهم في مجال عمارة البيئة من أجل صياغة سيناريوهات عمرانية سليمة وصحيحة من جميع النواحي».