«الشؤون الاجتماعية» لـ «الشرق الأوسط»: رفع معونات أجهزة ذوي الاحتياجات الخاصة إلى 20 ضعفا

في وقت تصاعدت فيه المطالب بسد احتياجاتهم الأساسية

توفير الأدوات والكراسي المتحركة أحد المطالب التي تتلقاها وزارة الشؤون الاجتماعية («الشرق الأوسط»)
TT

كشف مصدر مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية عن ارتفاع نسبة المعونات السنوية الخاصة بالأجهزة والكراسي المتحركة والسماعات الطبية وتعديل مقود السيارة، التي تصرف سنويا لذوي الاحتياجات الخاصة إلى 40 مليون ريال بعد أن كانت في السابق لا تزيد على مليوني ريال، مرجعا ذلك إلى زيادة الوعي والثقافة بهذه الفئة والاعتراف بوجودها وتلبية احتياجاتها.

وبين إبراهيم مجلي، وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية المساعد للرعاية الاجتماعية، لـ«الشرق الأوسط»، أن السيارات الخاصة بهذه الفئة ستكون جاهزة خلال الـ3 أيام المقبلة، شاملة تعديل المقود. ولفت إلى أن السيارات تصرف وفقا لشدة الإعاقة ووفقا للأولوية، وأرجع التأخير في تسليمها إلى تصنيعها خارج السعودية؛ حيث قال: «تصنع هذه السيارات خارج السعودية؛ لذلك تأخذ وقتا في توريدها للوزارة وتسليمها للمعاقين».

وأكد أن هناك أجهزة تصرف لهذه الفئة من قبل الدولة ويدفع عليها ملايين الريالات حتى تنعم بحياة كريمة كباقي أبناء الوطن، وقال لـ«لشرق الأوسط»: «أتمنى أن يستفيد ذوو الاحتياجات الخاصة من هذه الأجهزة وألا يكون الهدف هو الحصول على قيمتها».

جاء ذلك في وقت طالبت فيه مجموعة من ذوي الاحتياجات الخاصة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بحقوقهم التي من أبسطها أن يعيشوا حياة كريمة كباقي المواطنين من خلال سد احتياجاتهم الأساسية في الحياة كالتعليم والتوظيف وتوفير أدواتهم الأساسية.

وقال سفر الحقباني، من ذوي الاحتياجات الخاصة، لـ«الشرق الأوسط»: نريد من الشؤون الاجتماعية أن تكون عونا وداعما وتراعي حالتنا. وبيَّن أن المعاق إذا احتاج كرسيا متحركا لا بد أن يقدم طلبا للوزارة في الرياض، وبعد الموافقة عليه يقومون بتحديد موعد، وأسافر من جدة للرياض لإجراء الفحوصات التي تؤكد حاجتي لهذا الكرسي، ومن ثم يحدد موعد آخر بعد شهرين أو ثلاثة وأذهب للرياض لتسلم الكرسي من هناك.

وطلب من وزارة الشؤون الاجتماعية أن تراعي الوضع الصحي لهم وتوفر الأدوات والكراسي المتحركة في جميع المناطق، مبينا أنهم يتحملون عناء السفر من مختلف مناطق السعودية إلى مدينة الرياض حيث يوجد مكتب وزارة الشؤون الاجتماعية المسؤول عن صرف الكراسي المتحركة.

وردا على ذلك، بين مجلي أن المعونات التي تقدمها الشؤون الاجتماعية لذوي الاحتياجات الخاصة لا تتم بشكل فردي، بل تكون بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية المتمثلة في مراكز التأهيل الشامل ووفقا للكشوفات التي ترسل للوزارة من قبلهم.

وأوضح أن أغلب المعاقين يتذمرون من ذلك؛ كونهم يرغبون بالحصول على هذه المعونات بشكل فردي ومباشر اختصارا للوقت، الأمر الذي يربك عمل الوزارة وإجراءاتها التي تعمل وفقا لنظام المنافسات، فمتى ما توافرت الكمية المطلوبة بشكل كبير نرسلها للمراكز.

وبالعودة إلى الحقباني الذي أشار إلى أن شكواهم تكمن أيضا في عدم توافر وظائف حكومية، قال: «جميع ما نسمعه مجرد حبر على ورق؛ حيث إن أغلبنا يعمل في القطاعات الخاصة التي لا تراعي وضعنا كأصحاب إعاقة ويفرضون علينا أوقات دوام طويلة من السابعة صباحا وحتى الخامسة مساء، وفي حال اضطر أحدنا للغياب أو التأخير يتم فورا خصم ذلك اليوم، وقال: نحن لا نتذمر ولا نشتكي على الرغم من جلوسنا طوال هذه الفترة على كرسي متحرك فإننا نطالب الجهات والمنشآت بأن تراعي توفير طرق وممرات خاصة لنا ومواقف سيارات حتى نتمكن من الوصول إلى أعمالنا وقضاء حاجاتنا اليومية بسهولة ويسر».

واستطرد: «نعمل في القطاع الخاص برواتب متدنية تصل إلى 2000 ريال شهريا، وفي هذه الحالة يتم إيقاف المعونة المقدمة لنا من قبل الشؤون الاجتماعية، التي هي عبارة عن مبلغ 900 ريال شهريا؛ لذا أطالب بتوفير وظائف حكومية توفر لنا راتبا وبدلات جيدة أو أن ترفع شركات القطاع الخاص رواتبنا».

حول ذلك بيَّن وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية المساعد للرعاية الاجتماعية أن شركات القطاع الخاص تحرص على توظيف أفراد هذه الفئة، خاصة أن الشخص يحسب بـ4 أفراد وفقا لنظام السعودة؛ لذا فلا يوجد معاق بلا وظيفة. وأضاف: جميع الذين تدربوا على أعمال مهنية في مراكز التأهيل وحصلوا على شهادة تم توظيفهم بشكل فوري، لا سيما أن وزارة العمل تساعدنا في توظيف هذه الفئة من خلال مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع وزير العمل لتسهيل إجراءات توظيفهم.

واستطرد مجلي: بالنسبة للوظائف الحكومية فهذه تحكمها وزارة الخدمة المدنية وإجراءاتها؛ حيث تتعامل مع المعاق كباقي المواطنين من حيث التقديم على الوظائف، مبينا أن الشؤون الاجتماعية ليست لها صلاحية في توظيف المعاقين على المراتب الرسمية، لكن يكمن دورها في الشفاعة لهذا الشخص حال تقدمه للحصول على وظيفة.

وبيَّن أن الرواتب تخضع لنظام العمل والعمال، فلا تستطيع وزارة الشؤون الاجتماعية أن تفرض لائحة عليهم، مؤكدا أن هذا دور وزارة العمل في تقدير الرواتب والحد الأدنى للأجور، لكن لائحة الخدمة المدنية واضحة الأجور وأدنى الرواتب 3000 ريال وفقا للأمر الملكي الأخير.

ولفت مجلي إلى أن الشؤون الاجتماعية أنهت الإجراءات الخاصة بها حول إعفاء المعاقين من رسوم التأشيرات بالنسبة للسائق والخادمة، وقال: «أنهت الوزارة ما يخصها، وقمنا بتسجيل جميع الطلبات التي جاءت لمراكز التأهيل في جميع مناطق السعودية، وحصلوا على شهادة تثبت إعاقتهم، ومن ثم تم توجيههم لمكاتب العمل، إلا أن الإعفاء ليس من صلاحياتنا فقط، لكن هناك مؤسسات أخرى لم تنهِ بعدُ إجراءاتها؛ حيث إن مكتب العمل إلى الآن لم يتوصل مع مركز المعلومات الوطني إلى رد». وأضاف: «نحن تابعنا الموضوع مع وزارة العمل على الرغم من خروجه عن صلاحياتنا، وعلمنا أن نائب زير الداخلية المساعد، الأمير محمد بن فهد، وجه خطابا وحث المركز الوطني على سرعة الرد».

في السياق نفسه، طالب اختصاصيون في مجال الإعاقة بضرورة زرع الثقة لدى فئة «ذوي الاحتياجات الخاصة» من خلال الاستماع لمطالبهم وإعطائهم الفرصة لحضور المناسبات والفعاليات الخاصة بهم لإيصال أصواتهم للمسؤولين شخصيا بدلا من وضع من يمثلهم ويتحدث نيابة عنهم في هذه المناسبات. وأوضحت الدكتورة منيرة العكاس، المشرفة العامة على مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بمنطقة مكة المكرمة، خلال احتفال مركز التأهيل الشامل للإناث بجدة باليوم العالمي «لذوي الاحتياجات الخاصة» الذي أقيم في 11 ديسمبر (كانون الأول) بفندق هيلتون جدة، أن غياب «ذوي الاحتياجات الخاصة» عن حضور الفعاليات والمناسبات الخاصة بهم يجعلهم يفقدون الثقة بأنفسهم.

وقالت العكاس لـ«الشرق الأوسط»: «كان من المفترض أن تحضر هذه الفئة المناسبات والاجتماعات الخاصة بها ويطالبوا ويتحدثوا عن معاناتهم، ولا نقوم بإحضار إنسان سوي ونسأله عن معاناتهم ومطالبهم؛ لأنه لن يستطيع توصيلها بالشكل الصحيح».

كما طالبت العكاس بضرورة وجود من يمثل هذه الفئة في جميع الوزارات كالصحة والتعليم وغيرهما حتى يقوم بإيصال صوتهم للمسؤولين، وقالت: نحن كمجتمع نفقد الثقة بذوي الاحتياجات الخاصة وبإمكاناتهم وقدراتهم، الأمر الذي يعمل على زيادة إعاقتهم»، وتمنت مشرفة مركز الحوار الوطني لو أن هذه المناسبة كانت داعمة لهذه الفئة ومستثمرة لطاقاتهم، كما تمنت لو اختتمت بمبادرات ومشاريع تبناها رجال أعمال كإنشاء نادٍ خاص بهم ويديره المعاقون بتفكيرهم ورؤيتهم، خاصة أن هناك حضورا كبيرا من قبلهم لمثل هذه المناسبات. وبين عبد الله آل طاوي، مدير عام الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة، أن الهدف من الاحتفال باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة تفاعل فئات المجتمع معهم، مشيرا إلى وجود الكثير من المعاقين الذين حققوا إنجازات عجز عنها الأسوياء. بينما أكدت إلهام الفالح، مديرة الإشراف الاجتماعي بمنطقة مكة المكرمة، أن هذه الفئة لها حقوق ومطالب في التعليم والأنشطة الرياضية والتوظيف والحصول على خدمات علاجية بجانب الخدمات المساندة حتى نصل إلى الارتقاء بهم في كل مناحي الحياة.