اللوز البجلي في الطائف.. مواجهة «مفتوحة» مع قردة البابون

الأهالي يطالبون بفرض «طوق» حماية وصون المنتج من الانحسار

تهديدات واسعة تطلقها القردة على مزارع اللوز («الشرق الأوسط»)
TT

طالب مواطنون في قرى جنوب الطائف بحماية أكبر مزارع اللوز «البجلي» والتي تشتهر فيه قرى ثقيف وبني مالك وميسان، مؤكدين أن صناعة اللوز الطائفي باتت عملية مهددة وخطرة في ظل انحسار حمايته من قبل «القردة» التي تقف له بالمرصاد.

ويعاني الأهالي من هجمات منظمة تستهدف حقول مزارع اللوز الذي يعتبر الأغلى والأندر على مستوى العالم بفضل تميزه بعدة خصائص لا تتوافر في اللوز «الإيراني»، حيث تحتفل المزارع الجبلية في الريف السعودي، بعلو اللوز وجماله.

ولأن مستقبل صناعة «اللوز البجلي» يكتنفها الغموض، فقد دقت جحافل القردة ناقوس الخطر بسبب افتقار تلك المزارع للدعم الحكومي والمتمثل بفرض «أطواق» حماية لتلك المجاميع الزراعية والتي تعاني من مواجهات مفتوحة مع القردة التي لم تدخر وسعا في المهاجمة وبطرق مختلفة.

ومع طليعة شهر فبراير (شباط) من كل عام تتضوع الأسر شوقا في البلاد الزراعية، نحو رؤية أشجار اللوز وهي تلتف بالأزهار، لتأخذ تموضع الزهور البيضاء المنسدلة على سفوح الجبال الخضراء في ثقيف وبني مالك وبالحارث (قرى ريفية جنوب الطائف)، معلنةً إشارة البدء لسباق ماراثوني يمتد فيه اللوز من فبراير غضا طريا وانتهاءً بشهر يوليو (تموز) حين تكون الثمرة قاسيةً مشتدا لبها.

ولأن المهمة شاقة، فإن أول الاهتمامات التي تتداعى لأذهانهم، هي تعيين خط دفاعي أول يقوم بحماية المنتج من العدو الأول في نظرهم، وهي «القردة» التي تتوثب لمهاجمة لوزهم متى ما تسنى لها ذلك، حيث تشرع السياجات الحديدية، وتسور المنطقة الزراعية بإحكام، فضلا عن اضطرار بعض الأسر في تلك الأماكن لاستخدام الأعيرة النارية وقتل القردة التي لا تهادن أبدا في الحصول على «القضيم» المعروف بـ«لب» اللوز.

يقول عيضة حسن المالكي، مدير فرع وزارة الزراعة في حداد بني مالك، لـ«الشرق الأوسط» إن اللوز البجلي شجرة معمرة تزرع بشكل واسع في جنوب الطائف، وخصوصا بني مالك وثقيف. وتكتسي أشجار اللوز بالأزهار البيضاء التي تنتج ثمار اللوز، حيث تكون غضة في بداياتها وتقسو تدريجيا حتى تكون صلبة وقت نضوج الثمرة والتي تسمى باللباب. ويقدم الناس على أكلها قبل نضوج كامل الثمرة وتسمى «قضيم»، وأما بعد اكتمال النضوج فيستخدم منها البذور (اللباب).

ويضيف: أما الأزهار فتتوزع في جميع أجزاء النبات وتظهر في بداية فصل الربيع بلونها الوردي المائل للأبيض، وثمار اللوز خضراء في بدايتها تميل إلى الرمادي مع الوقت، ومغطاة بشعر كثيف أملس، وعند النضج ينشق هذا الغلاف ويسقط ويبقى الجزء الداخلي للثمرة وهو عبارة عن مادة صلبة خشبية، وعند كسر اللوز، ويسمى «فق» في جنوب الطائف، يستعان بأشخاص يشتهرون بهذه العملية التي تتطلب وقتا وجهدا كبيرين، وهذا الجزء نجد داخله بذرة وأحيانا بذرتين بلون بني فاتح وذات طعم لذيذ، وهذا ما يسمى اللباب الذي تجاوز سعر الكيلو الواحد منه 150 ريالا. وهناك نوعان من اللوز البجلي نوع حلو وآخر مر.

وعملية جني ثمار اللوز بعد نضوجها - كما يقول المالكي - تحتاج لبعض الجهد والمشقة، حيث يقوم العاملون في هذا المجال بضرب ثمار اللوز بعصا بشكل خفيف حتى تتساقط الثمار على الأرض، ومن ثم يقومون بجمعها، ويوضع على سطح المنزل لمدة 15 يوما بالشمس.. بعد ذلك تبدأ عملية أخرى للحصول على اللباب وهي عملية تكسير ثمار اللوز المسماة «الغضاريف»، وهي عملية طويلة وتحتاج للصبر والعمل المتواصل لإنجازها، ويجمع اللباب ليباع في الأسواق فيما تخزن ثمار اللوز داخل أكياس لفترات طويلة دون أن تفقد فائدتها وطعمها، ويقدم بعض المزارعين على بيع ثمار اللوز دون استخراج اللباب منه، ويصل سعر كيس اللوز إلى 1000 ريال، حيث يقبل الأهالي في جنوب الطائف عليه بكثرة، حيث يقدم للضيوف ويعتبر من أساسيات الضيافة، فيما يعمد العديد من الأهالي بتقديم اللوز للضيف والقيام بتكسيرها واستخراج اللباب أمامه تعبيرا عن كرم الضيافة والمكانة الخاصة التي يحظى بها.

ويضيف حسين بن أحمد المالكي صاحب أحد المشاتل فيقول: يتميز اللباب البجلي بطعمه اللذيذ، وتكون حبة اللباب البجلي أصغر من اللباب المستورد، ويشهد إقبالا كبيرا من المواطنين في جميع أنحاء السعودية وخارجها، وقد تسبب الجفاف الذي ضرب المنطقة في قلة الإنتاج بشكل ملموس، مما أدى إلى رفع أسعار الكيلو منه بما يتجاوز 150 ريالا، ويتراوح سعر الكيس الخشب من 800 إلى 1000 ريال، ويتراوح سعر الشتلات من 25 إلى 30 ريالا حاليا بسبب قلة الأمطار والمياه ولكن يرتفع السعر عند هطول الأمطار ويقبل المزارعون على شراء الشتلات ويرتفع سعرها إلى 45 ريالا للشتلة.