ملتقى نسوي يناقش «بطالة المبتعثين» ويطالب بقنوات رسمية للتوظيف

فتيات تنازلن عن «البكالوريوس» لعيون الوظيفة

غرفة الشرقية احتضنت الملتقى الأول من نوعه في البلاد («الشرق الأوسط»)
TT

تحول اللقاء النسوي الذي أقامته غرفة الشرقية مساء أول من أمس، بعنوان «الابتعاث وأثره في التنمية الوطنية»، إلى نقاش مفتوح عن «بطالة المبتعثين»، وقد أوصى اللقاء بإيجاد قنوات رسمية لتوظيف المبتعثين، وذلك بعد أن تحدثت مجموعة من الطالبات العائدات من الابتعاث عن معاناتهن في البحث عن فرص وظيفية، واصطفافهن في طوابير انتظار العمل مع نظيراتهن الخريجات من الجامعات المحلية.

وهو ما دعا الدكتورة ناهد الموسى، التي عملت سابقا كعميدة في المعهد العالي التقني للبنات بالمنطقة الشرقية، للقول: «أثناء عملي تفاجأت بأن الكثير من الجامعيات تخلين عن شهادة البكالوريوس واستبدلنها بدبلوم ما بعد الثانوي والدورات الوظيفية القصيرة، لإيجاد وظيفة، بدلا من انتظار فرص قطاع التعليم وغيرها».

وهنا تساءلت آمال الفايز، وهي مديرة إدارة الدراسات العليا في كلية الآداب بجامعة الدمام، بالقول: «إذا كانت الفتيات يتنازلن عن شهادة البكالوريوس لأجل الوظيفة، ونحن الآن نرسل ألوف الطلاب إلى الخارج كي يحصلوا على أعلى الشهادات، فكيف نوائم بين ذلك؟!». وهو ما ردت عليه حنان الوابل، مسؤولة قسم التوظيف في غرفة الشرقية، بالقول: «لماذا دائما ننتظر الوظائف؟ نحن في غرفة الشرقية كثيرا ما ننصح الشباب والفتيات بأن يصنعوا أعمالهم بأنفسهم، عن طريق المشاريع الخاصة».

وكشفت الوابل بأن إحصاءات غرفة الشرقية تظهر بأن المنطقة الشرقية أكثر منطقة يحمل أفرادها الشهادات العليا، لكنها الأقل من حيث حجم الطلب الوظيفي، معلقة على ذلك بالقول: «الشركات لدينا تعتمد على المعارف الشخصية في التوظيف، وهذا ما لمسته بنفسي، ومن ناحية أخرى فعندما نتكلم عن مدينة صناعية مثل الجبيل الصناعية، فهي لا تضم ولا امرأة عاملة، فممنوع دخول الفتيات للمدن الصناعية لا كمستثمرات ولا كطالبات عمل، وهذه ثروة مهدرة!».

من جهتها، أوضحت الدكتورة ملكة الطيار، وهي مساعدة المدير العام للتربية والتعليم بالمنطقة الشرقية للشؤون التعليمية، أن تواضع فرص توظيف الفتيات في قطاع التعليم مرتبط بعدة جهات حكومية ولا تقتصر مسؤوليته على وزارة التربية والتعليم فقط، مؤكدة أن التعليم ما زال القطاع الأكثر جاذبية لدى الفتيات السعوديات مقارنة بالقطاعات الأخرى.

وتحدثت نورة الهاشم، الحاصلة على ماجستير إدارة أعمال، وهي من المستفيدين من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي (الدفعة الثانية)، مؤكدة أنها تبحث عن فرص عمل منذ أكثر من سنة، قائلة «طرقت أبواب كل القطاعات الحكومية والخاصة ولم أجد من يوظفني!»، وتضيف: «كنت أعمل بوظيفة ممتازة وبراتب يتجاوز 8 آلاف ريال، لكني خسرت وظيفتي لأجل الابتعاث، وحين عدت لم أجد وظيفة ولو بنصف راتبي السابق».

وأكدت الهاشم أن «البرنامج كان جدا رائعا على المستوى الشخصي والمعرفي، لكن هناك حلقة فارغة في التوظيف»، مطالبة بإيجاد جهات تعمل على التنسيق بين طلاب العمل والمبتعثين العائدين إلى أرض الوطن، وهنا يشار إلى أن وزارة التعليم العالي كشفت مطلع هذا الأسبوع عن تشكيل لجنة وزارية تضم في عضويتها ممثلين من وزارت التعليم العالي والخدمة المدنية والعمل، إضافة إلى ممثلين من الغرف التجارية لبحث إيجاد وظائف للعائدين من الابتعاث.

من جهة أخرى، تناولت الدكتورة ناهد الموسى، وهي أستاذ مساعد بالإدارة التعليمية بجامعة الملك فيصل بالأحساء؛ دراسة سابقة عن تكلفة برنامج الابتعاث السعودي، بالقول: «تكلفة الرواتب الشهرية 42 مليار ريال، تكلفة رسوم الجامعات نحو 18 مليار ريال، وبذلك تكون التكلفة الإجمالية للابتعاث أكثر من 60 مليار ريال». وهو ما علقت عليه قائلة «إذا كان المأمول أن يصل عدد المبتعثين إلى 140 ألف مبتعث خلال 5 سنوات، فمعنى ذلك أن التكلفة ستتضاعف إلى أكثر من 120 مليار ريال سعودي».

فيما تساءلت بالقول: «هل المردود على قدر المبذول؟ هذا سؤال نترك إجابته لكافة أطياف المجتمع المراقبة لخطى تقدمه وتطوره». وتطرقت الموسى إلى أحدث تقارير اليونيسكو التي أكدت أن هناك علاقة إيجابية بين الاستثمار في التعليم والنمو الاقتصادي في جميع دول العالم، وأن التعليم يحقق عائدات أكثر أهمية للمجتمعات الإنسانية، موضحة أن «سنة واحدة إضافية في التعليم تحقق نموا في الناتج المحلي بنسبة 7%».

يذكر أن وزارة التعليم العالي السعودي كانت قد أوضحت أن أعداد المبتعثين لخارج المملكة العربية السعودية ارتفع إلى 70 ألف مبتعث مقابل 14 ألف قبل 4 سنوات، وبحسب نائب وزير التعليم العالي الدكتور علي العطية فإن تكلفة برنامج الابتعاث للسنوات الخمس الماضية وصلت إلى 15 مليار ريال، دون إضافة تكاليف إلحاق الزوجات والأبناء. كما أفادت وزارة التعليم العالي أنها ستزيد عدد المبتعثين في الخمس سنوات المقبلة ليصل عددهم إلى 140 ألف طالبة وطالب، على أن يستقطب 70% من الدفعة الأولى منهم عند تخرجهم للعمل في الجامعات الناشئة في السعودية. وشاركت في اللقاء الدكتورة ليلى باطوق، وهي وكيلة عمادة الدراسات العليا لشؤون الابتعاث والتدريب بجامعة الدمام، والتي قدمت عرضا تعريفيا عن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وقالت باطوق «بعيدا عن كون الابتعاث مهمة يقوم بها المبتعث من أجل تحقيق هدف علمي بحت، فهو تجربة إنسانية متكاملة يعيش فيها المبتعث حياة جديدة وبالتأكيد مختلفة من جميع النواحي البيئية، والنفسية، والشخصية، والاجتماعية، والوطنية، والعلمية».

وختمت باطوق حديثها بتناول إيجابيات الابتعاث، والتي رأتها تشمل: تحقيق التنمية الشاملة لجميع مناطق الوطن، المساهمة في البناء المعرفي والثقافي، الانفتاح والتعايش مع الآخر يحقق اكتساب الممارسات والقيم الجيدة، استحضار قيم احترام العمل وإتقانه، تشرب ثقافة العمل الطموح، تشرب ثقافة العمل التطوعي، السعي الدؤوب والتنافسية، تعميق العلاقات الثقافية والحضارية بين الشعوب، التعريف بالإنتاج الفكري والأدبي للشعوب، تعزيز جسور الحوار بين الحضارات.