محلات نسائية تضرب بقرار توظيف النساء عرض الحائط.. وتبدأ أول أيام التنفيذ بـ«الرجال»

بعد انتهاء المدة الزمنية لتأنيث محلات المستلزمات النسائية

العديد من الموظفات اعتبرن القرار أفضل قرار تصدره وزارة العمل حتى الآن («الشرق الأوسط»)
TT

ضربت محلات لبيع المستلزمات النسائية في عدد من المدن السعودية، أمس، بقرار «تأنيث» المحلات المتخصصة في بيع مستلزمات المرأة عرض الحائط، بادئة أول أيام التنفيذ بتشغيل الرجال.

وبالأمس انتهت المدة الزمنية التي أقرتها وزارة العمل لتأنيث محلات بيع الملابس النسائية، في جميع المراكز، إلا أن هناك تذمرا من قبل أصحاب المحلات الأمر الذي جعلهم لا يقدمون على تنفيذ القرار على الرغم من انتهاء المدة، ولديهم أسبابهم، ومنها أن الموظفات لم يتحملن ضغط العمل الأمر الذي اضطرهم إلى توظيف الشباب حتى إيجاد البديل، إلا أن الموظفات يجبن عن ذلك بأن أصحاب المحلات يقومون بالضغط عليهن حتى يخرجن من العمل.

«الشرق الأوسط» خلال جولتها أمس في بعض محلات بيع الملابس النسائية وجدت الكثير من المحلات التي وظفت فتيات إلا أن بعضها لم يعمل بالقرار ولديه أسبابه، خالد «م» أحد الموظفين في محل بيع المستلزمات النسائية ولا يزال يعمل بالمحل على الرغم من القرار، إلا أنه قال «اضطررت إلى أن أداوم حتى اليوم بالمحل لأننا لم نجد موظفة تتحمل ضغط العمل ونحن الآن نعمل على توظيف أكثر من فتاة وبعد أن تنتهي فترة التدريب سأترك العمل».

إيمان محمد موظفة في أحد محلات بيع الملابس النسائية العالمية بينت أنها تعمل في هذا المجال منذ خمس سنوات ولكن في المحل المغلق والخاص بالسيدات ولكنها اضطرت منذ أسبوعين إلى الانتقال إلى محل مفتوح وخاص بالعوائل يختص أيضا ببيع الملابس النسائية بسبب القرار حيث استغنت الشركة عن خدمات الموظف وتم توظيفها مكانه.

وبينت أنها تعمل الآن على تدريب الموظفات الجديدات وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن الموظفات لا يخضعن لدورة تدريبية خارجية فأنا أقوم بتدريبهن على البيع والشراء وغير ذلك لمدة أسبوعين وبعد ذلك أقوم بتقييم عملهن وأقدم تقريرا حول ما إذا كان يمكنهن الاستمرار بالعمل أم لا.

من جهة أخرى، بينت السيدات ارتياحهن للقرار وتطبيقه إلا أن هناك بعض المآخذ على العاملات في المحلات، حيث قالت جواهر عبد الله، إحدى السيدات اللاتي يترددن على محل عالمي يبيع الملابس النسائية، لـ«الشرق الأوسط»: «قرار التأنيث ممتاز وكنا ننتظره منذ زمن لأننا بالفعل نشعر بالحرج من التعامل مع الرجال»، وأضافت «إلا أن الموظفات ينقصهن الخبرة في التعامل مع الزبائن، إضافة إلى أنهن يفتقدن للسرعة في المحاسبة ويرتبكن كثيرا وأتمنى من أصحاب المحلات أن يعملوا على تدريبهن حول كيفية التعامل مع زبائن المحل، لا سيما أنهن يمثلن واجهة المحلات العالمية».

وتوافقها الرأي أحلام محمد، إحدى زبونات محلات «اللانغري»، وقالت: «إن قرار التأنيث قرار صائب ولكن الموظفات ليس لديهن الخبرة الكافية للتعامل مع الزبائن من حيث الاستقبال والترحيب، أعتقد أنهن بحاجة لتدريب أكثر على هذه الأمور، وخاصة أنهن يمثلن واجهة لماركات عالمية لها اسمها وسمعتها في العالم كـ(نعومي) و(لاسنزا) وغيرهما من الماركات الشهيرة». إلا أن وفاء التركي تقول «للأسف لا أفهم السبب الرئيسي وراء تأنيث محلات بيع الملابس النسائية، فالمحلات مفتوحة ويمكن للرجل أن يدخل ويشتري من المرأة، أي إنه سيكون زبائن المرأة من الرجال أيضا، فماذا فعلت وزارة العمل؟!»، وأضافت «أتمنى أن تراجع الوزارة هذا القرار ولا تجعل المحل مفتوحا أمام الزبائن بل تخصصه للنساء».

وأضافت أن قرار التأنيث قرار صائب ولكن آلية تنفيذه خاطئة لأنه يفتح المجال للاختلاط، وقالت: «هل نعالج مشكلة بمشكلة أخرى؟».

ماجدة عبد العزيز موظفة في محل «لانغري» تعمل في هذا المجال منذ أكثر من عشر سنوات، ترى أن هذا القرار أفضل قرار تم اتخاذه من قبل وزارة العمل، حيث إنه سيوفر وظائف للنساء والخريجات.

وقالت عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: «كان من الصعب أن تأخذ السيدة راحتها وكانت النساء يأتين للشراء من عندي على الرغم من إعجابهن ببضاعة في المحلات الأخرى لكنهن يحرجن من التعامل مع الرجال»، وأضافت «الحمد لله تم إقرار التأنيث وستكون الفرص أوسع أمام النساء من حيث الخيارات المتعددة في الشراء، إضافة إلى توفير الوظيفة للاتي يبحثن عنها».

نجاة عرب، إحدى الزبائن، ترى أن هذا أفضل قرار تم اتخاذه لأنه يوفر على المرأة الكثير من المعاناة والإحراج الذي كانت تتعرض له خلال التعامل مع البائعين، إضافة إلى أننا لا نأخذ راحتنا خلال تجولنا بالمحل، وأضافت «أتوقع أن ينجح القرار ولكن نحتاج إلى كثير من الصبر كما أتمنى أن نعطي فرصة للفتيات ليثبتن جدارتهن، وألا نحكم عليهن بالفشل فالنساء لديهن القدرة على العمل في كل شيء الآن». إلا أن بعض الموظفات لديهن وجهة نظر أخرى حول تطبيق القرار، حيث قالت أسماء أحمد لـ«الشرق الأوسط»: «أنا أعمل في المحل منذ سنة تقريبا وللأسف القرار جيد ولكن تطبيقه خاطئ، حيث إن وزارة العمل كان لا بد أن تحدد سن الفتيات ولا تقوم بتوظيف أقل من 25 عاما لأن ذلك سيجلب الكثير من المشاكل».

واستطردت: «خلال هذه السنة جاء الكثير من الفتيات أعمارهن لا تتجاوز الـ20 عاما وأعتقد أن الفتيات في هذا العمر لا يمكن أن يتحملن مسؤولية وأكثر الفتيات اللاتي جئن للعمل لم يستمررن لأنهن يعتقدن أن العمل حرية وانفتاح وخروج من المنزل وماكياج وغير ذلك، وبالفعل حدثت مشاكل كثيرة بسبب اختلاطهن مع الشباب في المحلات الأخرى، وأنا لا ألومهن لكونهن مراهقات بعد. لذا أقترح على (العمل) أن تعيد النظر في أعمار الموظفات حتى ينجح القرار، فلا يمكن أن نضع النار بجانب البنزين دون أن تشتعل».

وحول الصعوبات والمشاكل أضافت أسماء: «لا بد من وجود مديرة أو مسؤولة عن الموظفات لأن الرجل ليس لديه القدرة الكافية للتعامل مع الموظفات وضبطهن، كما أن الفتيات ليس لديهن القدرة على التعامل مع أجهزة الكاشير، الأمر الذي يسبب لنا الكثير من المتاعب».

وبينت هيفاء خالد أن أصحاب المحلات غالبا ما يتعمدون مضايقتهن والضغط عليهن بالعمل حتى يتركن الوظيفة فهم لا يريدون لهذا القرار أن ينجح، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «في حال أردنا الاعتراض على شيء أو إبداء رأينا في شيء معين يقول لنا صاحب المحل (إذا لم يناسبكم الوضع اخرجوا فهذا الموجود لدينا)»، وأضافت هبة محمد موظفة في نفس المحل، أن صاحب المحل دائما يقول لهن إنهن يكلفنه ضعف ثمن موظف وإنه لولا القرار لما وظفهن لأنه لا يؤمن بعمل المرأة.

وقالت بيان جابر، إحدى الموظفات أيضا، لـ«الشرق الأوسط»، إن صاحب المحل غالبا ما يظهر لهن استياءه من وجود موظفات، إلا أنهن مضطرات إلى أن يسمعن كلامه ولا يجاوبنه رغبة في الحفاظ على الوظيفة، وقالت «دائما ما يردد صاحب المحل على مسامعنا أن مشاكل البنات كثيرة ومطالبهن كثيرة ولو القرار بيدي لما وظفتهن»، وأضافت أن أصحاب المحلات يرفضون الاستماع لمطالبنا أو حتى مناقشتنا.

وحول مطالباتهن قالت بيان أتمنى أن يتحملنا أصحاب المحلات ويعطونا فرصة لنثبت أنفسنا ونتعلم، فنحن لأول مرة ننزل إلى سوق العمل، ونريد أن يوفروا لنا أماكن للاستراحة لأننا نعمل فترة متواصلة منذ الساعة العاشرة وحتى السادسة مساء، كما أننا نطالب بوجود دورات مياه داخل المحلات وغرف قياس للزبائن.

كما طالبت الموظفات بإخضاعهن لدورات تدريبية بين فترة وأخرى لأن أغلبهن تم إرسالهن لسوق العمل دون تدريب، الأمر الذي سبب لهن مشاكل كثيرة.

الجدير بالذكر أن نحو 90 في المائة من المستثمرين في قطاع الملابس يواجهون أزمة حقيقية بعد التطورات الجديدة التي أطلت عقب قرار إلزام محلات الملابس بتوظيف سعوديات بدلا من العمالة الوافدة، حيث ذكر متعاملون في وقت سابق أن المشاريع تعمل بطرق غير نظامية في معظمها، وهو ما يعرف بـ«التستر التجاري»، مما يجعلهم أمام خيارين، إما توظيف سعودية كبائعة وإما الإعداد لتكتلات بين المستثمرين بهدف جمع رأس مال قدره 30 مليون ريال للسماح لهم بالدخول كمستثمرين نظاميين في نظام الاستثمار الأجنبي لتأسيس شركة.

ويشرع عدد من رجال الأعمال الوافدين الذين يعملون بنظام التستر، في الإعداد لتأسيس شركات بين شركاء في مجال الملابس، وتنظيم نشاطهم التجاري بطرق نظامية، حيث تشترط هيئة الاستثمار الأجنبي أن يكون رأس المال للنشاط التجاري 30 مليون ريال، بهدف توفير المبالغ التي يمنحونها لسعوديين سمحوا بالعمل بأسمائهم التجارية ودفعها كمرتبات للعاملات السعوديات لضمان الاستمرار في الوجود بالمملكة.

وكانت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني قد أعلنت عن استعدادها لتدريب 989 متقدمة من قبل 6 مناطق سعودية منها الرياض وجدة والمنطقة الشرقية والقصيم، لخوض مجال البيع في المحلات النسائية عقب انتهاء البرنامج التدريبي الذي قام عليه صندوق تنمية الموارد البشرية ضمن تعاقدات مع القطاع الخاص وإشراف مباشر من قبل مؤسسة التدريب المهني عقب خضوعهن لمقابلات شخصية مع 10 شركات توظيف معتمدة.

الغرفة التجارية الصناعية بجدة، كانت قد أنهت تصويتا جماعيا عبر الـ«فيس بوك»، لاختيار تصميم خاص لعباءة مخصصة ترتديها العاملة داخل المحلات النسائية، وقد روعي في ذلك التصميم شكلها وسهولة الحركة والحشمة حسب العادات والتقاليد السعودية.

كما رفعت لجنة الملابس التابعة لغرفة جدة بمقترحات تتضمن برنامجا زمنيا لتأنيث محلات الملابس بمختلف النشاطات، إذ أوضح في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» محمد سلطان علي الشهري رئيس اللجنة، أن البرنامج أطلق عليه اسم «كساء»، هو يتمثل في برنامج وطني أعد من قبل خبراء ومتعاملين في بيع المحلات النسائية والموارد البشرية، لافتا إلى أنه قد رفع لوزارة العمل بهدف اعتماده.

واستطرد في القول: «يهدف ذلك البرنامج بالدرجة الأولى إلى تأهيل وتوظيف الفتيات بطرق تضمن نجاح التوطين من دون أن يتسبب في خسائر للشركات، خاصة خلال مراحله الأولى من التطبيق».

وأشار آنذاك رئيس لجنة الأقمشة والملابس في الغرفة التجارية الصناعية إلى أن قرار خادم الحرمين الشريفين المتعلق بسرعة توظيف وإيجاد فرص وظيفية للفتيات العاطلات عن العمل لتوطينهن بدلا من العمالة الوافدة، يعد بمثابة بطاقة الدخول جديا في تنفيذ قرار التوطين بعد أن صاحبه توقف في سنوات سابقة من قبل بعض الجهات ذات العلاقة.

يشار إلى أن دراسة ميدانية أعدتها الغرفة التجارية الصناعية في جدة، أثبتت أن نحو 60 في المائة من الراغبات في العمل كان الهدف وراء قبولهن للبيع في محلات المستلزمات النسائية عائدا إلى أسباب ضغوط نفسية بسبب بقائهن كعاطلات في المنازل لسنوات.

بينما تنوعت النسب المتبقية المذكورة في الدراسة بين تحسين الوضع المعيشي لأسرهن، وتحقيق عائد مادي، إلى جانب الدخول في شراكات مع أصحاب محلات الملابس وتحقيق مشاريع مستقلة في تصميم وتسويق منتجاتهن.

في حين خلصت دراسة الغرفة التجارية الصناعية في جدة، التي قامت بها مؤخرا، إلى أن دوام البائعات على فترتي عمل وتأخر خروجهن حتى الساعة الـ12 ليلا هما العائق الوحيد الذي يدفع بأسرهن إلى منعهن من العمل في هذا المجال.