التربية والتعليم لـ «الشرق الأوسط»: أجهزة التصحيح الإلكترونية فاعلة وبفضلها تميزت أسئلة المعلمين

1000 مدرسة في السعودية حولت التصحيح من أيام طوال لثوان معدودات

الدقة في التصحيح القاسم المشترك لأوراق الطلبة والطالبات (تصوير: أحمد حشاد)
TT

اعتبرت وزارة التربية والتعليم انتهاج معظم المدارس في السعودية لأجهزة الاختبارات الإلكترونية انعكاسا لتقديم ما وصفته بـ«الاختبارات المتميزة»، التي دأب على وضعها المعلمون، واصفة أنهم باتوا على دراية وإدراك بالماهية المثلى لوضع الأسئلة التقويمية.

وقال فهد المهيزع، مدير عام الاختبارات في وزارة التربية والتعليم في السعودية لـ«الشرق الأوسط»، إن القدرة على إعداد الأسئلة بشكل صحيح وعلمي تحولت للأفضل، مبينا أن أجهزة التصحيح الإلكتروني ليست جديدة بقدر ما أضحت عليه أسئلة المعلمين أقرب للكمالية.

ووصف الأجهزة الإلكترونية بالفاعلة التي ساهمت في عمليات التصحيح على نطاق أوسع، مفضلا أن يطرح سؤال حول ماهية الأسئلة وقدرتها على قياس مهارات الطلاب بشكل أكبر عوضا عن الإسهاب في القدرات التصحيحية التقنية لهذه الأجهزة. وقال مدير عام الاختبارات بأن وزارة التربية والتعليم مطمئنة لمستويات الأسئلة وأنها باتت تراعي جميع المهارات الأساسية المكتسبة لدى الطلاب والطالبات، واصفا أن وضع الأسئلة الموضوعية هو أمر أصعب من وضع الأسئلة المقالية، ويحتاج إلى مهارات خاصة، معتبرا أن تلك الأجهزة الإلكترونية هي أجهزة قارئة بصريا.

وحول وضع استراتيجية فاعلة تقوم على معالجة الأسئلة المقالية لقياس مهارتها، قال المهيزع: «يمكن للمعلمين فرد جانب لها بآخر الورقة، ويتفق عليها المصححون، بحيث يؤخذ متوسط الدرجة بين المصححين، ثم ترصد في هذه الأوراق، استنادا إلى تجربة الدول الريادية في معرفة الجوانب التي تحتاج إلى إجابات مقالية».

واختتم المهيزع بأن ما يهم وزارة التربية والتعليم هو أهمية وضع الأسئلة بشكل علمي ومدروس يراعي جميع المهارات الأساسية للتعلم بغض النظر عن الطرق الكفيلة بتصحيح تلك الأوراق طالما أنها كانت عادلة ومنصفة، مرحبا بفكرة قيام كثير من المعلمين بخطوات جادة وقوية نحو التصحيح الإلكتروني.

وعمدت كثير من المدارس في السعودية نحو القيام بمبادرات داخلية لشراء أجهزة التصحيح الإلكترونية والتي تكون كفيلة باختصار الساعات الطويلة والأيام المتعاقبة وتحويلها إلى ثوانٍ قليلة بطريقة نسبة الخطأ فيها صفر في المائة، وهو ما يعني أن كوادر المعلمين والمعلمات سيتفرغون إلى أعمال المراقبة على لجان الاختبارات بشكل أشمل وأدق. وقامت تلك المدارس بتطبيق تجربة رائدة تسمى «مشروع للتصحيح الإلكتروني» في عدد من المدارس في مختلف المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية وقد استفادت منها المدارس بشكل كبير سواء على مستوى إدارة المدرسة أو المعلمين والطلاب وأولياء الأمور وقد استغرق العمل في هذا المشروع أكثر من ثلاث سنوات تم فيها تصميم البرامج الإلكترونية وأوراق الإجابة وطرق التدريس المناسبة لها والبرنامج الإداري.

سعيد الزهراني، مدير إحدى مدارس المرحلة الثانوية بالعاصمة المقدسة، قال: «توحيد آلية التصحيح للاختبارات ووضع معايير لها بحيث تكون هناك نماذج اختبارات مقننة تقيس مستوى تحصيل الطلاب وتصحح إلكترونيا وتلغي طريقة التصحيح اليدوي الفردي أو الجماعي بالمدرسة التي يوجد بها كثير من العيوب سواء كان في التصحيح أو المراجعة أو التدقيق ورصد للدرجات حتى ولو كان المعلمون من ذوي الخبرة أو الكفاءة العالية. واستطرد في الحديث: «هذه الآلية الجديدة تعتمد على التصحيح الإلكتروني الدقيق لضمان العدالة في التصحيح ودقة المراجعة والتدقيق للأسئلة وذلك باستخدام التقنيات الحديثة في موضوع الاختبارات بشكل عام سواء كانت هذه الاختبارات موضوعية أو مقالية معدة باستخدام برنامج حاسوبي من بنك الأسئلة وتصحيحها بشكل إلكتروني بحيث يساعد في اختصار الوقت وجهد المعلمين وتسريع إظهار النتائج وخلافه وهي عملية تواكب الجديد في عالم التكنولوجيا».

من جهتها قالت ريم الأنصاري، معلمة فيزياء، يعتمد المشروع على بناء اختبارات مقننة ومبنية بطريقة علمية تقيس الخبرات والتجارب المكتسبة في الميدان التربوي وتهدف إلى توحيد استراتيجية لإدارات الاختبارات ودراسة المعوقات ومعالجة المشكلات والجوانب والفنية التي تطرأ نتيجة لإجراء وتطبيق هذه الاختبارات وطرح الحلول المناسبة لها والوقوف على الصعوبات والتحديات التي تواجه أعمال الاختبارات وتسهيل مهمة نجاحها وتحقيق معدلات ومستويات التحصيل الدراسي الحقيقية التي نصبو إليها.

وأضافت بالقول: «يتم تطبيق نماذج الاختبارات في نهاية كل فصل دراسي لجميع المواد التحريرية للصفوف في جميع المراحل التعليمية تطبق فعليا على جميع المدارس الحكومية والأهلية في جميع مراكز الإشراف في المنطقة أو المحافظة ويتم تصحيح أوراق الإجابة للطلاب إلكترونيا بواسطة القارئات البصرية وإصدار التقارير اللازمة لها حيث يقوم الطالب بالإجابة على ورقة إجابة واختيار الإجابات الصحيحة بالتأشير عليها سواء بالصح أو الخطأ أو عن طريق الاختيار من متعدد أو المزاوجة ويتم التصحيح عن طريق إدخال ورقة الإجابة في ماكينة التصحيح الإلكتروني الإسكانر وتحليل الإجابات واحتساب العلامات بحسب الإجابات الصحيحة». وزادت: «ومن خلال نتائج الاختبارات يمكن التعرف على مدى تحقيقها للأهداف التي ترسمها وزارة التربية والتعليم، خاصة أن تحليل نتائج الاختبارات مهم جدا، فمن خلالها تقدم صورة دقيقة عن واقع التحصيل الدراسي في الميدان التربوي».

وأضاف فيصل الحكمي، مشرف تربوي، أنه بعد إلغاء مركزية التصحيح للاختبارات في الوزارة لخريجي المرحلة الثانوية العامة للبنين والبنات بحيث تحقق مبدأ العدالة في القياس والتقويم من خلال وضع دليل إجرائي موحد يحتوي على جميع الإجراءات والاستراتجيات الفعالة لتطبيق عملية التصحيح في المدارس في ظل تصور واضح وخطة موحدة ومجموعة من الضوابط يعمل عليها جميع المعنيين في المجال التربوي.

وأفاد الحكمي: «هذا المشروع سوف يسهم في الإشراف على وضع اللبنات الأولى في تصحيح أسئلة الاختبارات في المدارس في حالة تطبيق الأسئلة عن طريق الحاسب الآلي، والتصحيح الإلكتروني ويساعد في زيادة جهد المعلمين في تنفيذ العمليات الأولية للتدريس للارتقاء بمستوى التعليم ويساعد في تحقيق تطبيق تجربة توحيد أسئلة وجداول الاختبارات في بعض المدارس الحكومية على مستوى المناطق أو المحافظات وذلك من خلال وضع اختبارات مقننة معتمدة على طرق جديدة ومطورة لقياس المستوى التحصيلي يسهم في وضع الحلول لمعالجة الجمود الموجود في المناهج ويضع حدا لأسباب تسرب الطلاب الطالبات وعدم وجود الدافعية لإكمال التعليم الأكاديمي ووضع طرق جادة لتغيير أساليب التعليم وطرق توصيلها».

جاسر الفهد معلم في أحد المجمعات التعليمية الكبيرة قال إن عملية التصحيح الإلكتروني ساعدت في زيادة عدد الأسئلة في نماذج الاختبارات ولذلك وضعنا تعميما داخليا في الإدارة بأن المدارس التي تصحح إلكترونيا لا يقل عدد الأسئلة عن (30 - 45) سؤالا في المواد العلمية وعدد (45 - 60) في الأدبية وهذا ساعد في تغطية جميع مواضيع المقرر الدراسي موضوع الاختبار.

وأشار بالقول: «أعطي الطالب الفرصة على أن يجيب عن الأسئلة في عدد المواضيع أو الوحدات الدراسية التي استذكرها وهذا ساعد في تحقيق العدالة والارتياح بين الطلاب ولذلك لا تجد نسبة رسوب عالية في هذه المدارس، أيضا ساعد التصحيح الإلكتروني المعلمين على جمع الأسئلة ووضعها وفق الأهداف وبالتالي أصبح لكل معلم مخزونه الخاص من الأسئلة خاصة أنه يستطيع أن يحدثها ويعرف أيا منها جيدا وأيا منها غير صالح للتطبيق».

وأشار الفهد بالقول: «تم عمل دورة تدريبية للمعلمين والوكلاء الفنيين في كيفية قراءة المعلومات الإحصائية واكتشاف عيوب الاختبار من خلال التقارير الناتجة من عملية التصحيح، ونطبق عملية التصحيح في جميع أنواع الأسئلة الموضوعية والمقالية بكل أنواعها».

آراء المعارضين للتصحيح الإلكتروني تفاوتت في قسوتها في حين اعتبر بعضهم بداية أنه كان لا بد من نشر ثقافة التصحيح الإلكتروني بين أفراد الميدان التربوي للتعرف عليه عن كثب والوقوف بالتالي على إيجابياته وتعزيزها وسلبياته وتقويمها ومن ثم يتم تطبيقه فعليا إذا ما ثبتت جدواه فنحن مع التقنية ولكن لا بد أن نسير بخطى صحيحة تفاديا لما سموها عملية «التخبط»، وآخرون رأوا في التصحيح الإلكتروني نوعا من أنواع التطوير الزائف والاهتمام بالشكليات والمظاهر على حساب الجوهر والمضمون فقط حتى يُقال إننا متقدمون وأول بلد طبق التصحيح الإلكتروني تفوقنا على أميركا في ذلك أمّا مخرجات التعليم فلا أحد يكترث لها نطالب بالتطوير في المنهج في طرق التدريس في مكملات العملية التعليمية المساعدة على تطوير الأداء نريد أن نتقدم على أميركا بالتعليم بالإنتاج لا بالتصحيح.