«السياحة» تؤهل درب كرا الحجري الأثري بطول 1700م

كان الرابط الوحيد بين الطائف ومكة المكرمة قبل 1000 عام

درب كرا الحجري كما بدا عقب تأهيله (واس)
TT

سيتمكن زوار وأهالي الطائف من معانقة الماضي والمشي عبر أقدم الطرق التي كانت تقل الجمالة، وأهالي منطقة الهدا السياحية إلى أسفل منطقة الكر، قبل أن تشق الطرق وتربط الطائف بمكة المكرمة؛ حيث أعلنت الهيئة العامة للسياحة والآثار اكتمال تنفيذ مشروع تهيئة درب كرا الحجري الأثري، الذي يتجاوز عمره 1000 عام، وكان قديما المسلك الجبلي الوحيد الرابط بين الطائف ومكة المكرمة، ويقصده الأهالي في التنقل ونقل البضائع والسلع والمنتجات الزراعية على ظهور الجمال.

ويتميز الطريق بمقاومته لعوامل الزمن طوال القرون الماضية، وشكله الهندسي المتعرج الذي يساعد المشاة والجمال على سلوكه بيسر وسهولة على الرغم من محدودية الإمكانات الفنية والتقنية وقت إنشائه.

ويمثل هذا الطريق الجبلي القديم إرثا حضاريا وإنسانيا ذا قيمة تاريخية عظيمة؛ حيث كان يستخدمه المشاة حتى عام 1380 قبل إنشاء طريق الكر المزدوج الرابط بين الطائف والعاصمة المقدسة.

وأوضح طارق بن محمود خان، المدير التنفيذي المكلف لفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بالطائف، أن مشروع تأهيل هذا الدرب الأثري يعد من المشاريع الاستراتيجية للهيئة، وبلغ طول الدرب الذي تم تأهيله 1700 متر بعرض يتراوح بين 3 و7 أمتار، كما تم توفير جلسات محاذية للدرب الأثري، وتنفيذ مظلات في بداية المشروع تمثل استراحات للزوار، وتهيئة «دكة» للجلوس، وبركة مائية، بالإضافة إلى توفير مواقف للسيارات مع وضع حاويات لجمع النفايات وتركيب لوحات تعريفية بهذا المعلم الأثري القديم.

ونوه طارق خان، المدير المكلف لهيئة السياحة بالطائف، بالدعم اللامحدود الذي وجده المشروع من الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، والمتابعة المستمرة من فهد بن عبد العزيز بن معمر، محافظ الطائف رئيس مجلس التنمية السياحية، مؤكدا أن هذا المشروع سيكون داعما للحركة السياحية النشطة في المحافظة.

من جهته، ذكر عيسى بن علوي القصير، المؤرخ والباحث، تاريخ إنشاء الدرب الحجري للمشاة بين الطائف ومكة المكرمة، قائلا: يعبر طريق الهدا جبل كرا (عقبة كرا - ثنية بين مكة والطائف)، وهي عقبة تمثل مسيرة يوم للطالع من مكة، ونصف يوم للهابط إلى مكة، عمرها حسين بن سلامة، وهو عبد نوبي لأبي الحسن بن زياد صاحب اليمن في حدود سنة 430هـ، هذه العقبة يمشي في عرضها ثلاثة جمال بأحمالها.

وأضاف أن هذه العقبة هي عقبة كرا، وقد خربت هذه العقبة خلال القرون الماضية بسبب السيول والأمطار والإهمال قديما، فقد تم تجديد عقبة كرا طريق الكر سنة 1228هـ، ثم جددت عمارتها سنة 1242هـ، كما تم إصلاح طريق جبل كرا سنة 1332هـ، وخلال فترات من القرن الماضي تم إصلاح طريق الكر وقد تم في عهد الملك عبد العزيز - يرحمه الله - تجديد وإصلاح الطريق بين الطائف ووادي محرم في عام 1352هـ 1933م.

كما تم إصلاح طريق الهدا الكر عام 1358هـ وعام 1359هـ، كما تم إصلاح طريق الكر عام 1368هـ، ثم أعيد ترميمه وإصلاحه عام 1369هـ، ثم دمر الطريق بسبب السيول والأمطار والإهمال خلال العقود الماضية، وأوضح القصير أن لجنة التنشيط السياحي قامت، خلال السنوات الماضية، بإعادة ترميم هذا الطريق مع إدارة التربية والتعليم بمساعدة الكشافة وإدارة الآثار بالتعليم بالطائف في صيف عام 1417هـ، وأصبح معلما أثريا يرتاده عدد من الزائرين والسياح، كما يمكن مشاهدته عبر الركوب بالتلفريك بالهدا، لمشاهدة هذا الطريق التاريخي، الذي قارب على إنشائه ألف عام، وما زال يُذكر هذا الخط إلى الآن كأمر حقيقي وواقع ملموس للعيان.

وأشار الباحث عيسى القصير إلى أنه خلال هذه العهود من تاريخ الدولة السعودية الثالثة مع بداية القرن الثالث عشر الهجري، عهد جلالة الملك عبد العزيز آل سعود - يرحمه الله - بداية عهد جديد في إعمار وتمهيد الطرق الرئيسية بين مدن المملكة، موضحا بداية فكرة مشروع إنشاء طريق يربط الطائف بالهدا فمكة المكرمة بعد أن كان الناس في ذلك الوقت ينزلون للمنحدر الجبلي من الطائف إلى مكة بما يعرف بالدرب الحجري أو الأثري أو درب الجمالة.

وأفاد القصير بأن طريق كرا الأثري يعتبر حاليا أحد روافد الاستثمار والسياحة في الاقتصاد الوطني لمدينة الطائف وعلى أصحاب رجال والأعمال المساهمة في تطوير هذا الموقع، ليكون ملائما للتنزه والاستجمام والراحة مثلما كان سابقا.