جدة: جهات معنية تبرر غيابها عن 16 مركز إسناد بانتشارها الدائم في الشوارع

اعتبرت وجودها مبكرا غير ضروري وأكدت وجود خطط تفعلها عند هطول الأمطار

وجود فرق الدفاع المدني في التقاطعات الرئيسية سيحد من استغلال العمالة للعالقين في الأمطار ومساعدتهم مقابل مبالغ مالية كبيرة («الشرق الأوسط»)
TT

برر مصدر مسؤول في شرطة جدة عدم وجود الفرق التابعة لهم في مراكز الإسناد الـ16 المحددة من قبل الدفاع المدني ضمن خطط مواجهة الأمطار، إلى انتشار تلك الفرق إجمالا في الشوارع والمربعات المكلفة بها على مدار الساعة، رافضا في الوقت نفسه الإفصاح عن عدد تلك الفرق المكلفة بتطبيق خطط مواجهة الأمطار بالمحافظة.

وقال الملازم أول نواف البوق، المتحدث الرسمي باسم الشرطة المكلف، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن خطط مواجهة الأمطار موجودة ويتم تفعيلها بمجرد إعلان هطول الأمطار، ولا سيما أن فرق الشرطة والمرور وأمن المهمات موجودة بشكل أو بآخر في معظم الشوارع والطرقات، بينما تخرج الجهات الأخرى من مواقعها في حال حدوث طارئ يستدعي ذلك».

يأتي ذلك في وقت أفاد فيه العميد عبد الله الجداوي، مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة، بأن جهازه يرفع يوميا تقارير حول العمل اليومي ووجود الجهات المعنية بتنفيذ خطط مواجهة الأمطار في مراكز الإسناد إلى مديرية المنطقة، مبينا غياب بعض الجهات حتى الآن دون إبداء أي مبررات لذلك.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «بحكم مسؤولية الدفاع المدني عن تلك المراكز من حيث إدارتها ووجود الجهات المشاركة بها، فإننا نقوم برفع تقارير يومية حول الحالة، غير أن الإجراءات المتخذة بشأن الجهات الغائبة لا نعلم بها»، ولكنه استدرك قائلا: «قد تكون لدى تلك الجهات وجهة نظر بشأن عدم وجودهم إلا أننا لم نتلق أي تبريرات منها».

من جهتها، بثت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة يوم أمس تقريرها حول حالة الطقس لليوم، وتوقعت فيه ظهور تشكيلات من السحب المنخفضة والمتوسطة على أجزاء من شمال وشرق ووسط السعودية، مع فرصة لهطول أمطار خفيفة ومتفرقة تشمل العاصمة الرياض.

كما توقعت أن تتكون السحب الركامية في فترة الظهيرة على مرتفعات عسير والباحة، تمتد حتى مرتفعات الطائف، مع انخفاض في درجات الحرارة على أجزاء من مناطق شمال شرقي ووسط المملكة، ونشاط في الرياح السطحية التي من شأنها أن تحد من مدى الرؤية الأفقية، فضلا عن ازدياد نسبة الرطوبة على المرتفعات الجنوبية الغربية والغربية، مع فرصة لتكون الضباب في ساعات الليل والصباح الباكر.

وفي ما يخص البحر الأحمر، تكون الرياح السطحية شمالية غربية على الجزأين الشمالي والأوسط بسرعة ما بين 15 و42 كيلومترا في الساعة، وجنوبية غربية إلى جنوبية على الجزء الجنوبي، مع ارتفاع الموج من متر إلى متر ونصف يصل إلى مترين فترة الظهيرة، بينما حالـة البحر خفيفة إلى متوسطة الموج، في حين تكون الرياح السطحية على الخليج العربي شمالية غربية بسرعة تتراوح بين 15 و38 كيلومترا في الساعة، إلى جانب ارتفاع الموج ما بين نصف متر ومتر ونصف لتكون حالة البحر نفسها في البحر الأحمر.

وفي ظل الهدوء النسبي في الأحوال الجوية حتى الآن على محافظة جدة، وبحسب تصريحات سابقة من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بشأن انتهاء موسم الأمطار بنهاية شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، فإن الدفاع المدني يدرس مدى إمكانية الاستفادة من مراكز الإسناد على مدار العام.

وبالعودة إلى العميد عبد الله الجداوي، فقد أبان أن تلك المراكز ستكون موسمية ومخصصة لمواسم الأمطار كل عام، وذلك أسوة بما يطبق من خطط أثناء مواسم الحج، لافتا إلى أن هذه المواقع تعد حكومية لها إجراءاتها الخاصة من حيث الإبقاء عليها طيلة أيام العام.

وأضاف: «ندرس حاليا الاستفادة من بعض مواقع الإسناد على مدار السنة، بحيث تعتبر فرق إنقاذ وإسعاف إضافية، وذلك بهدف الحد من اتهامات البعض بشأن تأخر وصول الدفاع المدني إلى مواقع الحوادث».

وحول الميزانية المرصودة لتلك المراكز، أكد مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة عدم معرفة المبالغ المدفوعة، خصوصا أن هناك مقاولا متخصصا يتم تزويده باحتياجات ومتطلبات مراكز الإسناد ومن ثم تجهيزها مباشرة.

وفي ما يتعلق بوجود عوائق مترتبة على أحداث كارثتي جدة، التي من شأنها أن تعيق عمل الجهات المعنية خلال مواجهة الأمطار في الموسم الحالي، علق العميد عبد الله الجداوي قائلا: «ثمة دروس مستفادة من الكارثتين السابقتين، تتضمن الوجود في التقاطعات الرئيسية بعد حصرها مع كل من المرور وأمانة جدة، والبالغ عددها 25 موقعا تم إعداد خطة مستقلة لها».

واستطرد في القول: «تتمثل هذه الخطة في وجود الدفاع المدني والمرور والدوريات والجهات المساندة من الجيش والحرس الوطني بآلياته ومعداته فور هطول الأمطار، غير أن فرق الدفاع المدني ستكون في 15 موقعا منها فقط، بينما تغطي الجهات الأخرى ما تبقى منها».

وأرجع سبب وضع هذه الخطة إلى نشاط استغلال العمالة الوافدة لهذه الظروف خلال الكارثتين الأولى والثانية، وذلك من خلال تقديم مساعداتهم للمتعطلين في المياه مقابل مبالغ مالية كبيرة، مضيفا: «لا داعي للسماح بذلك في ظل وجود المعدات التابعة للجهات الحكومية المشاركة في الخطط».

الجدير بالذكر، أنه للمرة الأولى في تاريخ كارثة جدة بنسختيها الأولى والثانية، تعلن الجهات المعنية استعداداتها المبكرة لموسم أمطار هذا العام، وذلك بتقسيم الدفاع المدني للمنطقة إلى 16 مربعا يحوي كل واحد منها مركز إسناد مجهزا، وباشرت أعمالها منذ بداية الشهر الماضي، إلى جانب اعتماد خطط الأمطار من قبل الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة قبل أكثر من 10 أيام.

وذكر مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة آنذاك، أن تقسيم المنطقة إلى مربعات جاء نتيجة دروس وصفها بـ«المستفادة» من الكارثتين السابقتين، تتعلق بصعوبة وصول فرق الدفاع المدني إلى بعض المناطق أثناء الأمطار.

وقال في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط»: «توجد مراكز الإسناد الآن في كل مربع من المربعات التي من ضمنها مخطط الفهد الواقع خلف هيئة المساحة الجيولوجية، وأبرق الرغامة، والحرازات، والمنتزهات، والإسكان الجنوبي، إلى جانب منطقة كيلو 14»، معتبرا تلك المواقع تعد حرجة يصعب الوصول إليها أثناء الأمطار.

وأشار حينها إلى أنه تم تحديد نحو 25 تقاطعا ومحورا رئيسيا في جدة، وذلك بالتعاون مع كل من إدارة المرور وأمانة محافظة جدة، خصوصا أن تلك التقاطعات كانت تشهد إشكاليات كبيرة خلال الأمطار العامين الماضيين تتمثل في تعطل المركبات بها إثر دخول المياه إليها، ومن ثم توقف الحركة المرورية بالكامل فيها.

إلى ذلك، أعلنت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة يوم أمس عن أن المادة السوداء الظاهرة بتلال محافظة بدر وجبل دف علي لا علاقة لها بالتلوث، كونها لا تشكل أي خطورة باعتبار أن مصدرها طبيعي، في حين كانت تلك المادة قد تسببت في تخوف الأهالي بعد مشاهدتهم جزيئات سوداء دقيقة ذات لون أسود متطايرة في الهواء، تبين أنها من الجبال ذات اللون الأسود. وذكر محمد الصحافي، مدير إدارة جودة الهواء في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أن الأعمال الإنشائية وحركة السيارات والمعدات ضمن مشروع تنفيذ طريق المدينة السريع، أسهمت في تناثر دقائق التراب الأسود ووصوله إلى جبل دف علي، لافتا إلى أن تركيبها عبارة عن أكاسيد حديد ومغنسيوم.

واعتبر تلك المواد ظاهرة طبيعية في ظل قيام الرئاسة بإجراء التحاليل عن طريق مختبر بيئي من خلال جمع عينات وتحليلها، حيث كانت النتائج متطابقة مع نتائج اللجنة التي تم تشكيلها من الجهات المعنية، لتثبت عدم احتوائها على مواد كربونية.

وأشار خلال الاجتماع الموسع الذي تناول تلك الظاهرة، إلى أن كلا من الأرصاد ومحافظة بدر ووزارة البترول والثروة المعدنية والصحة والكهرباء والهيئة الملكية للجبيل وينبع، والهيئة السعودية للمساحة الجيولوجية وشركة «أرامكو» السعودية والشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك»، عملوا على دراسة الملاحظة التي تم رصدها بواسطة فريق من جامعة الملك عبد العزيز، والمتمثلة في وجود رمال سوداء على الكثبان الرملية بجبل دف علي في محافظة بدر.

وزاد: «ناقش الاجتماع نتائج الدراسة التي قامت بها الهيئة الملكية والخالصة إلى أن مستوى جودة الهواء في محافظة بدر ومركز الرايس مطمئن على الرغم من وجود قراءات لحظية مرتفعة، غير أنه لم تسجل أي تجاوزات في الملوثات المقيسة خلال إجراء الدراسة عدا في غاز الأوزون».

وأبان أن مستوى بعض الملوثات، بشكل عام، في المحافظة أعلى منه في مركز الرايس، إلا أنه ما زال في حدود المقاييس المسموح بها، إلى جانب وجود تأثير طفيف نتيجة الانبعاث من مدينة ينبع الصناعية ومحطة الطاقة ومحطة تحلية المدينة على مستوى الملوثات بفعل الرياح السائدة، مرجعا سبب الإحساس ببعض الروائح في محافظة بدر ومركز الرايس إلى بعض الغازات الكبريتية النفاذة التي تحملها الرياح، وخصوصا أن تلك المركبات يمكن شمها عند مستويات منخفضة جدا.

وبين محمد الصحافي أن النتائج والتوصيات المقترحة أسفرت عن اتفاق أعضاء اللجنة على عدم وجود خطورة للأوضاع البيئية بمحافظة بدر بناء على دراسة الهيئة الملكية وهيئة المساحة الجيولوجية و«أرامكو»، إذ أوصت بأن تقوم الرئاسة بتركيب محطة متكاملة لمراقبة جودة الهواء بالمحافظة، وتنفيذ برنامج توعية بيئية مكثف برعاية الهيئة و«سابك» و«أرامكو»، وقيام محطة تحلية المدينة وشركة «مرافق» بتركيب أنظمة التحكم في الغازات لخفض الانبعاث، ودعم احتياجات محطات الطاقة بالمنطقة بالوقود الغازي (وفق الأولوية الاقتصادية) أثناء الفترة الانتقالية التي تسبق تركيب أنظمة التحكم في الغازات المنبعثة، فضلا عن الصناعات في مدينة ينبع الصناعية بتسريع إنجاز الجداول الزمنية المتفق عليها مع الهيئة الملكية.

وبالنسبة لمياه الآبار، علق مدير إدارة جودة الهواء في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بالقول: «إن نتائج تحليل مياه الآبار خلصت إلى وجود عسرة بالمياه وتركيزات عالية في الكالسيوم والمغنسيوم تتجاوز مقاييس الهيئة الملكية لمياه الشرب، إلا أنها صالحة لزراعة الكثير من النباتات والأشجار في التربة الرملية، مثل الليمون، والبرتقال، والمانجو»، مؤكدا أنها ليست جيدة لبعض الخضروات الحساسة للملوحة.