جدة: 300 مدرسة تتحول إلى مدارس «حس بيئي» ابتداء من الأسبوع المقبل

ضمن اتفاقية بين «البيئة» و«التربية والتعليم» تستهدف 21 ألف طالب وطالبة

مدارس الحس البيئي تدعم الكثير من البرامج المتضمنة ترشيد استهلاك الطاقة والمياه والتخلص من النفايات وبرنامج إعادة التدوير في المدرسة («الشرق الأوسط»)
TT

تنتظر نحو 300 مدرسة في السعودية الأسبوع المقبل بدء تطبيق معايير ومفاهيم مدارس الحس البيئي، باعتباره إحدى الأدوات التنفيذية للبرنامج الوطني للتوعية البيئية والتنمية المستديمة الذي يحمل شعار «بيئتي - علم أخضر وطن أخضر»، وذلك عقب توقيع اتفاقية بين كل من وزارة التربية والتعليم وجمعية البيئة السعودية، التي تنص على تدريب ما يقارب 21 ألف طالب وطالبة و10 آلاف معلم ومعلمة.

وكشفت لـ«الشرق الأوسط» مصادر مطلعة في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة عن انطلاق ورش عمل تدريبية تنظمها جمعية البيئة السعودية في 60 مدرسة بجدة الأسبوع المقبل، والتي تستهدف نحو 120 معلما ومعلمة بفصول رياض الأطفال والمرحلتين الابتدائية والمتوسطة طيلة 21 يوما لتدريبهم على هذا البرنامج، وذلك تمهيدا لتفعيله في 5 مدن سعودية أخرى.

ولفتت المصادر المطلعة إلى أنه تم اختيار جدة كأول مدينة يطبق فيها البرنامج، وستقوم جمعية البيئة السعودية بتنظيم هذه الدورات التدريبية بعد ذلك في خمس مدن سعودية، مضيفة: «يشرف على هذه الدورات التدريبية الكثير من الخبراء والباحثين والأكاديميين في هذا المجال، إلى جانب منظمات دولية بيئية بالتعاون مع الكوادر الوطنية في وزارة التربية والتعليم».

وفي هذا الصدد، شدد الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة رئيس جمعية البيئة السعودية، على أهمية تضافر الجهود لبدء المرحلة التأسيسية من مشروع مدراس الحس البيئي ودعم هذا المشروع الذي سيحقق نتائج إيجابية في الحفاظ على البيئة من التدهور وحماية الأجيال القادمة، باعتباره إحدى أدوات البرنامج الوطني للتوعية البيئية والتنمية المستديمة (بيئتي - علم أخضر وطن أخضر». وأفاد بأن جمعية البيئة السعودية تعد الجهة المشرفة على هذا البرنامج بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وذلك في إطار الاتجاه الاستراتيجي الخاص بالتوعية والتثقيف، مشيرا إلى أن كلا من الأرصاد وحماية البيئة ووزارة التربية والتعليم تعملان على دعم برامج ومبادرات حول التعليم البيئي من أجل تنمية مستديمة. وأكد أن البرنامج الذي بدأ منذ نحو عامين يسعى إلى أن تتبنى كافة مدارس المملكة مفهوم مدرسة الحس البيئي، والمتمثل في تنفيذ سياسات الإدارة البيئية داخل وخارج محيط المدرسة بالتعاون مع المجتمع المحلي.

واستطرد في القول: «إن وجود مدارس للحس البيئي من شأنه أن يدعم الكثير من البرامج المتضمنة ترشيد استهلاك الطاقة والمياه والتخلص من النفايات وبرنامج إعادة التدوير في المدرسة إلى جانب تعزيز التعليم من أجل تنمية مستديمة عبر تبني الرؤية والتفكير المستقبلي والتنظيمي والنقدي البناء، فضلا عن المشاركة الفعالة وبناء شراكات لإيجاد قاعدة مشتركة مع الجهات ذات العلاقة».

إلى ذلك، تحولت أمس إحدى قاعات فندق بارك حياة بجدة، التي تحتضن حاليا المنتدى الدولي للبنية التحتية وتأثيرها على البيئة، إلى لوحة تهنئة كبيرة جسدها نحو 50 طفلا وطفلة ضمن أوبريت غنائي قدموا من خلاله تهنئتهم إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بمناسبة منحه وسام الأبوة العربية من قبل 1.8 مليون طفل عربي نظير أعماله في المجال الإنساني والاهتمام بالأطفال في كل مكان بالعالم.

جاء ذلك خلال افتتاح فعاليات المنتدى الدولي للبنية التحتية وتأثيرها على البيئة تحت شعار «عرض البناء الأخضر ومشاريع البنية التحتية والنقل في دول مجلس التعاون الخليجي»، وذلك برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وإشراف الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، حيث افتتح المنتدى يوم أمس الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز ليستمر 3 أيام متتالية.

وبحضور نحو 3 آلاف خبير ومهتم وباحث من المملكة ودول الخليج والمنظمات البيئية في العالم، يشهد المنتدى مناقشة كل ما يتعلق بالبيئة والبنية التحتية، إلى جانب بدء تنفيذ البرنامج الوطني للبيئة والتنمية المستديمة (بيئتي - وطن أخضر علم أخضر) بحضور الأمير نواف بن ناصر بن عبد العزيز المدير التنفيذي لجمعية البيئة السعودية، والدكتورة ماجدة أبو رأس نائبة المدير التنفيذي للجمعية المكلف.

الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز، أكد خلال كلمة ألقاها في حفل الافتتاح أن حضور المتحدثين والمتخصصين والمهتمين والباحثين المحليين والدوليين والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية المتخصصة في مجال البنية التحتية والبناء الأخضر وأثرها على البيئة لهو دليل واضح على حرص الجميع على حماية البيئة ومواردها الطبيعية من الأخطار المحدقة بها.

وشدد على أن التكامل والتنسيق والتعاون بين الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة ووزارة النقل ووزارة الشؤون البلدية والقروية والأمناء ورؤساء البلديات في مناطق المملكة المختلفة وجمعية البيئة السعودية هدفه الأساسي هو الحد من التدهور البيئي للوصول إلى بيئة نظيفة ومتجددة، مطالبا بضرورة امتداد مثل هذه الشراكات الاستراتيجية إلى جميع الوزارات والقطاعات ذات العلاقة، مضيفا: «سيتم الإعلان عن اختيار وتحديد المنطقة والمدينة المستضيفة لإقامة هذا المنتدى العام المقبل بعد التشاور مع المشاركين».

من جهته، أشار الأمير نواف بن ناصر إلى أن جمعية البيئة السعودية نجحت في بناء شراكة استراتيجية مهمة بينها وبين وزارة الشؤون البلدية والقروية ممثلة في الأمانات من مختلف مناطق المملكة لتنفيذ الفعاليات والبرامج والأنشطة والحملات الخاصة بالبرنامج الوطني للتوعية البيئية والتنمية المستديمة «بيئتي - علم أخضر وطن أخضر». وبين أن تلك الشراكات تأتي من منطلق التعاون المشترك بين القطاعات الحكومية وجمعيات المجتمع المدني في دعم جهود هذه الجمعيات وخاصة المعنية بشؤون المحافظة على البيئة، وتحقيقا لأهداف القطاع الحكومي في خلق شراكات استراتيجية مع مؤسسات المجتمع المدني في جميع المجالات وفق إطار من التعاون الأمثل الذي يحقق أهداف القطاعين.

وزاد: «إن الجمعية قامت بتوقيع أول اتفاقية بينها وبين أمانة محافظة جدة عام 2010، فضلا عن إكمال المسيرة الآن وذلك من خلال توقيع 14 اتفاقية جديدة مع كافة أمانات المنطقة الشرقية والعاصمة المقدسة والمدينة المنورة والطائف والقصيم وجازان ونجران والحدود الشمالية وعسير وتبوك والباحة وحائل والجوف».

الدكتور جبارة الصريصري وزير النقل، أكد في كلمة ألقاها حرص وزارته على بذل كافة الوسائل المتاحة للحفاظ على البيئة والحد من تلوثها، مما يحتم تجنب التصميم عبور المحميات الطبيعية وأماكن الرعي، وإن كان ولا بد من عبورها فإن ذلك يكون بالتنسيق مع الهيئة السعودية للحياة الفطرية بما يضمن التوازن في طبيعة المنطقة ويكفل الحماية التامة لهذه المحمية. وأعلن عن قيام وزارة النقل بإنجاز ما يزيد على 58 ألف كيلومتر من شبكات الطرق السريعة والمزدوجة والمفردة والزراعية خلال العقود الثلاثة الماضية، والتي تبلغ ميزانياتها مليارات الريالات.

ولكنه استدرك قائلا «إن هذه الشبكة الطويلة من الطرق البرية والسكك الحديدية وانتشارها الواسع على خريطة المملكة تضعنا أمام تحد كبير يتمثل في كيفية تحقيق التوازن المطلوب بين إيجاد هذه البنية التحتية اللازمة للتنمية المستديمة وبين سلامة البيئة».

وأفاد بأن وزارة النقل تقيم المعابر العلوية والسفلية لضمان اتصال المنطقة التي يمر عبرها الطريق، وتضع شروطا واضحة ومواصفات محددة للمقاولين المنفذين لمشاريع الطرق تلزمهم ببناء طرق صديقة للبيئة، ومراعاة حماية المناطق ذات الميلان الحرج من تعدي البنية التحتية للطرق عليها عند إنشائها.

وبين أن الوزارة تراعي أيضا مجاري السيول والأمطار باعتبار أن المساس بها يؤدي إلى تجمع المياه بما تحمله من رواسب في غير مكانها الطبيعي مما يؤثر على طبيعة البيئة في ذلك الموقع، مشيرا إلى أن الوزارة عمدت إلى استخدام مقاطع عرضية للطرق في المناطق الصحراوية ذات ميول وانحدارات مناسبة لجوانب الطريق على أن تنفذ عمليات القطع والردم بطريقة تحافظ على طبيعة المواقع ما أمكن ذلك. وأبان الدكتور جبارة الصريصري أنه يتم تفادي المناطق البيئية الحساسة التي تتأثر بالقطع أو التكسير أو التفجير أو جرف التربة، وهو ما دفع الوزارة إلى اللجوء لعمل أنفاق تخترق بعض الجبال رغم تكلفتها العالية وصيانتها المكلفة حفاظا على الغابات التي تعتلي تلك الجبال وبذل كافة الجهود لحماية المدرجات والأراضي الزراعية التي يصعب تعويضها في حال لو شق الطريق وسطها، إضافة إلى الدمار الذي سيلحق بهذه الغابات البكر جراء وصول الإنسان لها بطريقة سهلة. وفيما يتعلق بالشروط التي وضعتها وزارة النقل تماشيا مع سياسة المحافظة على البيئة، أوضح وزير النقل أن تلك الشروط تعد «صارمة» يتم وضعها على مقاولي التنفيذ للمحافظة على البيئة في المناطق التي يعملون فيها، إذ تؤكد عدم إحداث أي حفر أو تجريف للتربة الطبيعية، إلا أنه إذا لزم الأمر لغرض الإنشاء فإن تلك الحفر تعاد لوضعها الطبيعي.

وبالنسبة للنقل البحري، ذكر أن المؤسسة العامة للموانئ تراعي بكل دقة عند حفر وبناء الموانئ التوازن البيئي، وذلك بتجنب تدمير الشعب المرجانية ومراعاة اتجاه تحرك الرمال لضمان عدم تأثر الشواطئ وتغير بيئتها الطبيعية.

وتابع: «تشدد المؤسسة بشدة على شركات نقل البترول على التخلص من مياه التوازن في ناقلات النفط بطريقة لا تلوث مياه البحر، إذ يجري التنسيق في هذا الموضوع مع شركة (أرامكو) التي أنشأت الكثير من مرافق استقبال مياه التوازن في موانئ شحن النفط، إلى جانب إلزام جميع شركات الشحن سواء شحن المواد البترولية أو أي مواد أخرى قابلة للتسرب بضرورة ملاحظة أي تسرب والإبلاغ فورا عن أي حوادث قد تحصل، وذلك لمعالجة الأمر حسب ما يقتضيه الموقف».