السعوديات يواجهن عقبات «التأنيث» ويغلقن قنوات «التشكيك»

عجلة المحلات النسائية تدور بين شكوك المستثمر وضعف تدريب العاملات

أفنان وأشجان تنتهجان أساليب بيع عصرية (تصوير: أحمد حشاد)
TT

تحركت جهات رسمية في العاصمة المقدسة نحو إعداد دراسات متكاملة لتأنيث المحلات النسائية، يترتب عليها تدعيم ثقة المستثمرين في كوادر العاملات، ودراسة العقبات التي تواجه أسواق السعودية الشعبية لتجسير الهوة المعيقة لتنفيذها.

وتواصلت الخشية في ارتداد هذا القرار على عدد من مؤسسات وشركات الاستثمار في القطاعين التجاري والصناعي، التي ربما سيكون المستهلك هو الخاسر الأول، في ظل توقعات بارتفاع أسعار السلع لتوفير رواتب من ناحية، وتغطية الخسائر من جهة أخرى.

واختلفت الآراء حول مدى إمكانية تطبيق قرار التأنيث في الأسواق الشعبية، إذ لم تشجع رئيسة المجلس التنفيذي بالغرفة التجارية بالرياض ورئيسة الفرع النسائي، هدى الجريسي، وجود محلات نسائية وسط الأسواق الشعبية، على الرغم من تأييدها لبيع النساء منتجاتهم بأنفسهم، مشددة على ضرورة وجود أمن خاص لحمايتهم.

وحول معوقات تطبيق التأنيث قالت هدى الجريسي: «إن كل مشروع يتعرض لمعوقات، وعلينا حل كل المعوقات لنجاح الخطوة، ومن أهم المعوقات التي أراها هي المواصلات التي على وزارة العمل بالتعاون مع رجال الأعمال حلها، ثم تأتي المعوقات الأخرى التي يجب حلها بالتدريج»، مؤكدة في الوقت نفسه أن لكل سوق روادها الذين يحرصون على زيارتها، فللأسواق الشعبية عملاؤها، إضافة إلى نوعية معينة من المنتجات، وبالمثل في الأسواق التجارية الحديثة.

وعن إمكانية هروب البعض من تطبيق القرار أكدت هدى الجريسي أن القرار سيواجه تلاعبا من قبل بعض المستثمرين، إلا أن القرار سينفذ ولن يتمكن أحد من التهرب من تطبيقه.

في حين لم يستصعب أحد أعضاء حملة «كفاية إحراج»، الكاتب بسام فتيني، تطبيق قرار التأنيث على الأسواق الشعبية، متعجبا من تصعيب البعض للتطبيق، ومشبها الوضع بوضع المستشفيات: الطبيبات والممرضات اللاتي يمارسن مهنتهن وسط الجميع، مضيفا أن من يريد إضافة اجتهادات أخرى كتظليل المحل أو عزل القسم النسائي أو غيره فلا بأس، إلا أن القرار لم يطالب بالعزل والتظليل.

وأضاف أن المحلات النسائية ستوظف أربع سيدات في أربع وظائف، هي وظيفة مشرفة ووظيفة مديرة ووظيفة كاشيرة ووظيفة بائعة، وسيتم توزيع الأدوار بينهن والتنظيم لتقوم مديرة المعرض بكل بساطة بإغلاق المحل لأداء الصلاة بالداخل.

أما بخصوص الأسعار فقال بسام فتيني: «النساء يذهبن إلى الأسواق الشعبية لشراء ملابس بأسعار رخيصة وتناسب ميزانياتهن، والنساء هن النساء وهن يعرفن البضاعة جيدا، والحكاية نفسها بدل ما يبيع الرجل للمرأة تبيع المرأة للمرأة، وفي النهاية المملكة ليست فقط أسواقا شعبية».

وختم بسام حديثه بإحصائية تؤكد أن عدد النساء فاق عدد الرجال، وتلاعب التجار بالقرار سيزيد الأمر سوءا، لهذا عندما نقول تأنيث فلا يعني أن نبدأ بتأنيث البسطات الصغيرة، بل أن نبدأ بتأنيث الشركات الكبيرة.

يذكر أن هنالك إحصائية أخيرة تكشف بلوغ حجم تجارة الملابس النسائية بالسعودية 10 مليارات ريال في أربع سنوات مضت، ويشكل ما قيمته 17 في المائة منها للملابس النسائية الداخلية، وأن شريحة الملابس النسائية تعد أكبر نسبة شرائية في المملكة، حيث بلغت 54 في المائة من مجمل الشراء في سوق الملابس الجاهزة، وأن 5 في المائة من دخل المرأة ينفق على الملابس الخاصة.

إحدى البائعات في محل بسوق مكة الدولي، دافعت عن حق النساء في اعتلاء الوظائف الموكلة لهن، معتبرة ذلك فرصة حقيقية وسانحة لتدعم آلاف الفرص الوظيفية الضائعة في السوق السعودية، التي باتت تستغلها عمالة أجنبية كبدت السوق السعودية مشكلات اقتصادية متتالية.

وذكرت الفتاة السعودية أفنان، أنها باتت على علم بأبجديات البيع وما تتطلبه من مهارة خاصة في السوق، خاصة مع المنافسات القوية والتحديات الاقتصادية الكبيرة التي تتطلبها سوق السعودية، مشيرة إلى أن محلات تأنيث النساء أتت بلغة اقتصادية مغايرة لم تعتدها الأوساط الاقتصادية كثيرا، وكرست المفهوم بأن البائعات السعوديات دائما على الموعد متى ما تسنت لهن الفرصة في العمل.

وقالت زميلتها أشجان، إن التحدي الأكبر يكمن في المراهنة على صيرورة العمل ونجاحه، وهذا الأمر لا يتأتى إلا بكفاح ونضال ومشاركة معززة من الأطراف الداعمة، سواء كانت حكومية أو خاصة، فالمهم في نهاية المطاف ضمان الوصول بشكل احترافي وممنهج يكفل تحقيق جميع الأهداف الاستراتيجية الخاصة بتأمين مداخيل اقتصادية مرضية للنساء في السعودية.

وقالت أشجان، إن الثقة لا بد أن تمنح للفتاة السعودية، فهي بحاجة إلى أجواء مطمئنة تعزز من ثقة البائعة بنفسها، حيث ستخدم هذه الأطروحات التي تحتاجها الفتاة السعودية في مستقبل الأيام من أجل الحيلولة دون الرجوع للمربع الأول لمراحل التشكيك، التي مورست بشكل مدروس لقطع أرزاق السعوديات وممارسة دور الوصاية عليهن في ذلك، وإن هذا النهج من الممكن أن يجعل الاقتصاد السعودي أكثر نجاعة وقوة متى ما تم توظيف عنصر الإدارة بثقة متكاملة وصادقة.