جدة: فعاليات المهرجانات تحول «المنطقة التاريخية» إلى «قلب نابض»

استقطبت أكثر من 4 ملايين زائر خلال 6 أشهر متتالية

معظم فعاليات مهرجانات مدينة جدة تسعى إلى إحياء المنطقة التاريخية مجددا («الشرق الأوسط»)
TT

أعادت المهرجانات التي شهدتها مدينة جدة خلال العام الماضي، والمستمرة حتى هذا العام، الحياة مجددا إلى المنطقة التاريخية لتستعيد عافيتها مرة أخرى وتعود شبابا يجسد معنى وصف «قلب جدة النابض»، إذ إنها كانت قد برزت طيلة أيام مهرجان صيف جدة 2011 الذي امتد إلى نحو 70 يوما بدأت من شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2011، تزينت خلالها بمئات الفعاليات لتستقطب أكثر من 4 ملايين زائر في ذلك الوقت.

وفي غضون شهر كان بمثابة «استراحة محارب» لها، عادت المنطقة التاريخية أيضا بحلة جديدة ضمن ملتقى التراث العمراني الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والآثار، وحوى الكثير من الفعاليات التي أبرزت جمال مبانيها بشكل مختلف، في محاولة منها لتغيير صورة كئيبة كانت قد ارتسمت في أذهان البعض حيال عدم صلاحية هذه المنطقة لشيء سوى الوقوف على أطلالها وتذكر الماضي.

ولأن تلك المنطقة اعتادت على استقبال الملايين، أبت إلا أن تحتضن ما لا يقل عن مليون زائر خلال مهرجان جدة للتسوق الذي انطلق أمس تحت شعار «هيا جدة 2012»، حيث ارتدت أجمل حلة وأكملت كافة الترتيبات المتضمنة وضع الفوانيس والأتاريك القديمة وانتشار الدكاكين في الأزقة الضيقة التي تحكي الماضي بكل تفاصيله، إلى جانب توافد الفرق الشعبية الفلكلورية لأداء الألوان البحرية المشتهرة بها عروس البحر الأحمر.

وتطلق المنطقة التاريخية على مدار 30 يوما آلاف الحكايات التي تتمثل في العمدة والمراكز والأكلات الشعبية الحجازية، إضافة إلى الألعاب التقليدية القديمة، وذلك بين مبانيها وطرقاتها التي تعكس العبق الحجازي الأصيل، الأمر الذي يجعلها تتفوق حتى على جميع مشاهد الحداثة التي تعيشها مدينة جدة.

وفي هذا الشأن، أعدت أمانة محافظة جدة بالتعاون مع القائمين على المهرجان، جملة من البرامج والفعاليات التي تعد مصدر جذب للمنطقة التاريخية العتيقة، وخصوصا أن نشأتها تعود إلى ما يقارب 3 آلاف سنة على أيدي مجموعة من الصيادين كانوا يستقرون فيها بعد الانتهاء من رحلات الصيد.

الدكتور هاني أبو راس، أمين محافظة جدة، أكد أهمية إقامة فعاليات مهرجان جدة للتسوق عام 2012 م تحت شعار «هيا جدة» ليكون حدثا سنويا يسهم في جعل هذه المدينة كواجهة سياحية سعودية نحو العالم، مشيرا إلى أن جدة تملك الكثير من الخيارات التي من شأنها أن تجعلها نموذجية ومتفردة من حيث وجود مثل هذه الفعاليات التي ستعود بمردود اقتصادي.

وأضاف: «جاء إطلاق المهرجان ليضع اللبنة الأولى في صناعة المهرجانات المتميزة في المنطقة، ولا سيما أنه يعد نموذجا فريدا للمهرجانات الإقليمية والعالمية، إضافة إلى مساهمته في ترسيخ المكانة المتفردة لجدة كوجهة تسوق رائدة على مستوى مدن العالم، مما يشكل داعما قويا لاقتصادها في ظل جاذبيتها وقدرتها على استقطاب أعداد متزايدة من الزوار والسياح، سواء من داخل المملكة أو من خارجها».

وأفاد بأن أمانة محافظة جدة تعمل مع هيئة العامة للسياحة بشكل وصفه بـ«الحثيث» وبتوجيهات من الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة العليا لتطوير منطقة جدة التاريخية، والأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العليا للسياحة، على الالتزام بالمعايير المطلوبة ومراعاة الاشتراطات التي حددتها منظمة اليونيسكو والأسس الفنية الخاصة لضم المنطقة التاريخية إلى قائمة التراث العالمي.

وكانت آلاء الصفح، مديرة إدارة نظم المعلومات بالغرفة التجارية بجدة والمشرفة على موقع مهرجان جدة للتسوق وحملة المهرجان على شبكات التواصل الاجتماعي («فيس بوك»، «تويتر»، «يوتيوب»)، قد ذكرت في وقت سابق أن موقع مهرجان «هيا جدة» الإلكتروني يعد المرجع الرئيس لفعاليات وأنشطة المهرجان على شبكة الإنترنت، حيث يسهل الوصول لأي معلومات مطلوبة عن أنشطة المهرجان، حيث يقدم أحدث معلومات عن الفعاليات وقائمة بالمحلات المشاركة بالتخفيضات وآخر الأخبار، بالإضافة إلى كل ما يهم مجتمع جدة في ما يتعلق بالمراكز والمحلات التجارية والمطاعم والفنادق وغيرها.

في حين أبان آنذاك محمد عبد القادر حافظ، رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان، بأن اللجان المنظمة جهزت موقع «هيا جدة» بجميع المعلومات والأخبار والفعاليات المصاحبة للمهرجان، الأمر الذي سيسهم في توجيه الجمهور المستهدف إلى الاستفادة من التخفيضات ومعرفة أهم معالم مدينة جدة الحضارية والأثرية والتاريخية.

ولفت إلى أن فعاليات «هيا جدة» سيكون لها وجود دائم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر» بهدف التفاعل مع الجمهور وأخذ انطباعاتهم وآرائهم بشكل مستمر.

وبين أن مهرجان جدة للتسوق سيكون ملتقى للأسر السعودية والخليجية عبر احتضانه الكثير من الفعاليات التي ترتكز بشكل رئيس على ثلاثة عناصر رئيسة تتمثل في التسوق والترفيه والربح الوفير، مفيدا بأن المهرجان يتضمن مفاجآت للكثير من النشاطات والبرامج الترفيهية والترويجية الموجهة بشكل أساسي للعائلة والأطفال، إلى جانب عروض التسوق المغرية والربح.

الجدير بالذكر، أن نحو 70 مدينة ترفيهية و360 مركزا ومجمعا تجاريا في جدة بدأت أمس في تنفيذ أنشطة مكثفة خلال مهرجان جدة للتسوق، الذي ستستمر فعالياته حتى 18 فبراير (شباط) المقبل.

وقال صالح كامل، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة خلال تصريحات سابقة له: «ستدخل جدة منافسة مع مدن المنطقة بداية عام 2012، حيث تسعى من خلال مهرجان التسوق إلى تنمية مسيرتها الاقتصادية والسياحية ورفع مؤشرات الحركة التجارية».

وأوضح لؤي هشام ناظر، رئيس مركز جدة للتسويق، أن اللجنة المنظمة للمهرجان تسعى إلى مواكبته مع التطورات التي تشهدها عروس البحر الأحمر، عدا عن تعزيز سمعتها كمدينة رائدة في صناعة المهرجانات والفعاليات.

واستطرد في القول: «إن تنظيم مهرجان جدة للتسوق يضع الغرفة أمام مسؤولية لاختيار الفعاليات والأنشطة ذات المستوى والجودة العالية التي من شأنها أن تساهم في استقطاب الملايين من السياح والزوار من داخل وخارج المملكة».

ويشمل المهرجان، بحسب رئيس مركز جدة للتسويق، برامج تسويقية وسياحية وترفيهية وثقافية، تتضمن ألعاب الخداع البصري والبهلوان والخفة، وعروضا مسرحية تستهدف جميع أفراد العائلة دون الاضطرار إلى دفع رسوم عالية للدخول لمشاهدتها.

وأكد حينها في حديثه، أن المنظمين عملوا على إلغاء المعادلة الصعبة التي كانت سائدة في الأعوام السابقة والمتمثلة في الرسوم العالية لدخول الفعاليات، مع الحفاظ على جودة العروض ومستوى العارضين، إلى جانب إجراء التخفيضات على المشتريات التي تتجاوز في بعض الأحيان نحو 70 في المائة.

ونوه ناظر بالأيادي السعودية التي تدير المدن الترفيهية في جدة، حيث بلغت معدلات السعودة فيها نسبا عالية جدا، مضيفا: «المدن الترفيهية في ظل مهرجان (هيا جدة) تشهد منافسة فيما بينها في منح التخفيضات والمزايا للسياح».

وأهاب لؤي ناظر بالمستثمرين في القطاع السياحي التوسع في الاستثمار بقطاع التسويق والترفيه، لا سيما في ظل المؤشرات التي تؤكد زيادة كبيرة في الإقبال على جدة، حيث قدر الاستثمارات السياحية فيها حاليا بـ12 مليار ريال.

من جهته، قال محمد عبد القادر حافظ، رئيس اللجنة التنفيذية لمهرجان «هيا جدة» إن مركز التسويق والغرفة أكملا ترتيبات إطلاق الحملة التسويقية الخاصة بمهرجان جدة للتسوق 2012. ونوه بأن الإعلان المبكر عن المهرجان يأتي انسجاما مع الاستراتيجية الجديدة التي تنتهجها الغرفة لإطلاع شركائها والمعنيين بهذه الفعاليات، لكي يتسنى لهم التخطيط المسبق ووضع الترتيبات اللازمة. وأشار إلى أن تحديد تاريخ المهرجان وزع ليتناسب مع الإجازات في المملكة والمنطقة بهدف إتاحة الفرصة لأكبر عدد من السياح والعائلات لزيارة جدة.

وأكد حافظ أن ملامح الاستراتيجية الجديدة للمهرجان تولي القطاع الخاص الدور الأكبر في تنظيم فعاليات المهرجان، حيث سينفذ 70 في المائة على الأقل من الفعاليات الترفيهية المتنوعة، بينما سيقتصر دور القطاعات الأخرى على التخطيط والتسويق والترويج لتلك الفعاليات.